المفاوضات الروسية الأوكرانية: سلام زائف أم خطوة نحو المجهول؟

المفاوضات الروسية الأوكرانية: سلام زائف أم خطوة نحو المجهول؟

المفاوضات الروسية الأوكرانية: سلام زائف أم خطوة نحو المجهول؟

24\7\2025

سلط برنامج “الحصيلة” على قناة “MEDI1TV المغربية” الضوء على التعقيدات الجيوسياسية الراهنة والمواقف المتباينة للأطراف المعنية في الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث ناقش الجولة جديدة من المفاوضات بين روسيا و أوكرانيا في إسطنبول، متناولاً خلفيات هذه الجولة ودوافع الأطراف والسيناريوهات المحتملة للصراع، بالإضافة إلى تداعيات نشر القنابل النووية الأمريكية في بريطانيا على الاستراتيجية النووية للناتو وتصريحات المسؤولين الفرنسيين التي تؤكد على ضرورة أن تكون الدبلوماسية متوازنة مع المصالح الأوروبية.
شارك في النقاش:
الدكتور سعيد سلام، مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية من كييف؛ والدكتور آصف ملحم، مدير مركز جي آي سام للدراسات من موسكو.
يرى الدكتور سعيد سلّام أن الغالبية من المحللين السياسيين يرون أن مفاوضات إسطنبول لن تؤدي إلى نتائج ملموسة أو حل نهائي ووقف للحرب، إذ يسعى كل طرف إلى تثبيت نقاط معينة. الجانب الأوكراني أعلن أن المفاوضات ستكون فنية، تركز على تبادل الأسرى واستعادة الأطفال الاوكرانيين المرحّلين إلى روسيا، بالإضافة إلى احتمال مناقشة وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، دون التطرق للمفاصل السياسية الرئيسية. وأشار إلى أن الكرملين أعلن نقاش مذكرات التفاهم السابقة، لكنه يعترف بتعارضها التام. وذكّر بتصريحات مسؤولين روس، مثل نائب رئيس مجلس الامن الروسي دميتري مدفيديف، بأن الهدف من مفاوضات إسطنبول هو فرض الاستسلام على أوكرانيا وليس التوصل لسلام، مع شروط روسية غير مقبولة تشمل “شرعنة” احتلال الأراضي الأوكرانية، وإضعاف القدرات العسكرية الأوكرانية، والتدخل في التوجهات السياسية والاقتصادية. في المقابل، يصر الجانب الأوكراني على انسحاب القوات الروسية من جميع الأراضي المحتلة والعودة إلى حدود عام 1991 كشرط للسلام العادل والشامل.
فيما يخص نشر الولايات المتحدة الأسلحة النووية في بريطانيا لا يرى الدكتور سلام تحولاً كبيراً في المفهوم الغربي تجاه روسيا، حيث توجد قنابل نووية أمريكية بالفعل في أوروبا ضمن مظلة الناتو. ويعتبر أن التغييرات قد تكون في إطار استبدال وتحديث هذه القنابل والمعدات. وأشار ان هناك عدم اليقين الأوروبي بسبب السياسات الأمريكية تحت إدارة الرئيس ترامب وسعي أوروبا للخروج من الهيمنة الاستراتيجية الأمريكية وبناء قدراتها العسكرية الذاتية، مشيراً إلى امتلاك فرنسا وبريطانيا للسلاح النووي.
وأوضح الدكتور سلام أن تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، التي تؤكد على ضرورة أن تكون الدبلوماسية متوازنة مع المصالح الأوروبية، لا تشير إلى تحول في السياسة الأوروبية أو دعم الحلفاء لأوكرانيا. بل هي تأكيد على أن المفاوضات يجب ألا تكون منبراً لفرض التنازل السياسي أو التخلي عن الأراضي الأوكرانية كما ترغب روسيا. كما أنها ترسل رسالة واضحة بأن مسار المفاوضات يسير بالتوازي مع الدعم العسكري لأوكرانيا. وذكر أن فرنسا وأوكرانيا بدأتا العمل على تصنيع بعض أنواع الطائرات المسيرة الهجومية بعيدة ومتوسطة المدى، وذلك ضمن استراتيجية جديدة لدعم التصنيع العسكري الأوكراني من قبل الدول الحليفة ومنصة رامشتاين.
كذلك أكد أن حلف الناتو لن يخوض حرباً ضد روسيا دفاعاً عن أوكرانيا ولن يتدخل عسكرياً على الأرض، بل ستكتفي الدول الأوروبية بتقديم الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لأوكرانيا للدفاع عن نفسها.
وشدد على أن العقوبات الأوروبية والامريكية لها تأثير قوي على الاقتصاد الروسي، بدليل مطالبة روسيا في كل المفاوضات برفع العقوبات أو تخفيفها. ويستشهد بتقارير اقتصادية روسية تشير إلى عجز كبير في الميزانية الروسية.

ويتفق الدكتور آصف ملحم مع الرأي القائل بأنه لن يحدث خرق كبير في المفاوضات، وأن الموضوع سيقتصر على القضايا الإنسانية مثل تبادل الأسرى والجثث، وذكر إمكانية وقف إطلاق النار عند بعض قطاعات الجبهة لأغراض إنسانية، موضحاً صعوبة تحقيق وقف شامل لإطلاق النار بسهولة نظراً لطول الجبهة وطبيعة الاشتباكات.
فيما يخص نشر الأسلحة النووية في بريطانيا ومهلة ترامب أشار إلى أن معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية الاستراتيجية والتكتيكية ستنتهي، وأن روسيا علقت مشاركتها فيها. ويرى أن الولايات المتحدة لا تتوقف عن محاولة نشر الصواريخ متوسطة المدى. كذلك لا يعتقد أن روسيا ستخاف بسهولة من هذه التهديدات النووية، مشيراً إلى أن روسيا تمتلك منظومة نووية أكثر تطوراً من الموجودة في الولايات المتحدة. واعتبر أن مهلة ترامب الـ 50 يوماً “لا معنى لها”، وأن فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على روسيا وشركائها لن يؤثر بشكل كبير على روسيا، نظراً لحجم التبادل التجاري الضئيل بين روسيا والولايات المتحدة، واعتماد روسيا على شركاء تجاريين أساسيين مثل الصين والهند. وأكد أن التحالفات الاستراتيجية التي قادتها موسكو مع الصين والهند بعد العقوبات الأوروبية ساهمت في تمكين موسكو من الالتفاف على العقوبات. وذكر زيادة روسيا لأسطولها من ناقلات الظل وتطويرها للممر البحري الشمالي، مما يعكس إعادة صياغة لشبكة علاقاتها الاقتصادية. وإعترف بأن العقوبات تؤثر وتعيق التنمية وتسبب بعض المعاناة، لكن روسيا تعودت على التعامل مع هذا الأثر. وألمح إلى أن ترامب قد يسعى إلى عقد قمة ثلاثية مع الرئيس الصيني والرئيس بوتين في المستقبل لتخفيف التوتر التجاري مع الصين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *