بعد هنية والضيف.. هل تنهي سياسة الاغتيالات الإسرائيلية حرب غزة؟
أثارت عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في إيران، وإعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال القائد العسكري للحركة محمد الضيف، إثر غارة جوية على خان يونس الشهر الماضي، تساؤلات عدة بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة الفلسطينية ومسار الصراع في غزة، خصوصاً وأن هنية كان طرفاً رئيسياً في هذه المحادثات، كما أثيرت تساؤلات حول هدف إسرائيل من سياسة الاغتيالات.
واعتمدت إسرائيل عقب هجوم السابع من أكتوبر واندلاع الحرب في قطاع غزة، على استراتيجية تصفية القيادات، وكان أخرها وأكثرها خطورة، هو اغتيال هنية في طهران، الأربعاء، في حين جاءت هذه العملية بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر، بغارة جوية في الضاحية الجنوبية من بيروت.
بهذا الشأن، أفادت تقرير أمريكية، أن الاغتيالات السياسية الإسرائيلية ليست إستراتيجية لإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مضيفةً أن “العديد من المسؤولين الإسرائيليين اعترفوا في السابق، بأّن عمليات الاغتيال ليست أكثر من تكتيك يهدف إلى عرقلة خطط أعدائهم، وإثبات أّن الذراع الطويلة للموساد قادرة على الوصول إلى أعداء إسرائيل في أّي مكان”.
ويقول خبراء ومحللون أن مقتل سياسي بحجم إسماعيل هنية، قد يُعيد فرص التوصل لاتفاق بين الطرفين إلى نقطة الصفر، وهذا ما عبّر عنه رئيس وزراء دولة قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وهي الدولة المحورية في عملية التفاوض والمستضيفة لعدد من كبار قادة حماس، حيث شكّك في جدوى المفاوضات بين حماس وإسرائيل عقب اغتيال هنية.
حرب شاملة
ووفقاً للمحلل والباحث في العلاقات الدولية، مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد سلّام، فإنه “منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة على مدار 300 يوم، قامت “إسرائيل” باغتيال عدة قادة من حركة حماس وكتائب القسام، الذراع العسكري للحركة، بالإضافة إلى عدد من القادة العسكريين في الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وأيضاً قادة عسكريين في حزب الله اللبناني”، مؤكداً أن “اغتيال هنية في طهران، تعتبر أكبر عملية اغتيال نفذتها إسرائيل منذ اندلاع هجوم السابع من أكتوبر”.
وأضاف الدكتور سلّام لـ”24″، أن “تأكيد حركة حماس، وباقي الفصائل الفلسطينية، على تمسكها بمطالبها وعدم تأثرها بالغارات الإسرائيلية وعمليات الاغتيال، يشير إلى استمرار المواجهة العسكرية والتحديات في المنطقة”، لافتاً إلى أن “اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، على الأراضي الإيرانية، يعد تجاوزاً لكل الخطوط الحمراء، مما يدفع الأمور نحو حرب شاملة في المنطقة.
ويرى الدكتور سلّام، أنه “من المتوقع أن الأمور سوف تتطور إلى تصعيد المواجهة لحدها الأقصى، وسنشهد في الايام القادمة المزيد من العمليات على كل جبهات القتال مع إسرائيل”.
وبشأن نفي واشنطن لمعرفتها المسبقة بعملية اغتيال هنية، يقول الدكتور سلّام إنه “لا يمكن أن تتم هذه العملية دون التنسيق مع الإدارة الأمريكية”.
وبالنسبة لمستقبل الصراع في المنطقة، يرى الدكتور سلّام، أنه “من الصعب التنبؤ بالمستقبل العسكري والسياسي بدقة، لكن هناك عوامل كثيرة تشير إلى أن التصعيد العسكري ونشوب مواجهة شاملة، يعد هو الاحتمال الأكبر”، وسوف يتم ذلك مع تدخل عسكري امريكي لصالح إسرائيل، بالإضافة إلى تدخل أطراف أخرى تدعم إسرائيل، بالأسلحة، وكذلك ستعمل على توفير الغطاء السياسي اللازم لإسرائيل”، وفق قوله.
اتفاق وشيك
وفي المقابل، يرى المحلل السياسي ياسين عزيز، أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن ينتهي باغتيال رئيس حركة المكتب السياسي إسماعيل هنية.
ولكنه توقع اقتراب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وقال لـ”24″، إن “سيناريو وقف النار في غزة أصبح وشيكاً إذا لم تطرأ تطورات يمكن لها أن تعكر صفو المساعي التي تبذل الآن وبدعم من الإدارة الأمريكية.
وتابع المحلل السياسي قائلاً، إن “نتانياهو الذي يريد انتصاراً وإن كان إعلامياً”، مضيفاً أن “الظروف الآن مهيئة نوعاً ما لكي يتم الرضوخ للضغوط الداخلية و الخارجية من أجل إعلان وقف لإطلاق النار في غزة والبدء بمرحلة سلام ضمنية برعاية عربية ودولية”.
وأعلنت حركة حماس، صباح أمس الأربعاء، عن اغتيال هنية إثر “غارة إسرائيلية” على مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
وبدورها، أفادت مصادر إيرانية أن “اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس تم بصاروخ موجّه نحو جسده مباشرة”، مما أسفر عن مقتله إضافة لأحد حراسه الشخصيين.