خطة ترامب لاستسلام أوكرانيا وتجميد الحرب

خطة ترامب لاستسلام أوكرانيا وتجميد الحرب

خطة ترامب لاستسلام أوكرانيا وتجميد الحرب

مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية

د. سعيد سلّام

مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية

13\9\2024

كشف فريق المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الامريكية دونالد ترامب لأول مرة بوضوح خطته من اجل إيقاف الحرب الروسية على أوكرانيا وإحلال السلام.

حيث قال المرشح لمنصب نائب الرئيس، جي دي فانس، إن ترامب، إذا فاز في الانتخابات، سيقترح على أوكرانيا وروسيا تجميد الحرب على طول خط المواجهة الحالي، وبعد ذلك يجب أن تصبح الأراضي الأوكرانية المحتلة منطقه عازلة مع احتمال سحب أنواع معينة من الأسلحة حتى لا تتمكن روسيا من مهاجمة أوكرانيا مرة أخرى في المستقبل، ولكن سيتعين على أوكرانيا أيضًا رفض الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وأي أحلاف أو مؤسسات دولية بشكل عام، بالإضافة إلى حقيقة أنها ستضطر إلى التنازل عن بعض أراضيها السيادية. وفقًا لفانس، هذه هي الخطة التي سيوافق عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

لا يرى جي دي فانس أي إمكانية لانتصار أوكرانيا على الإطلاق، ويضيف أن المسؤول عن هذا هو الفساد في أوكرانيا، بالإضافة الى أوروبا التي لا تقدم القدر الكافي من المساعدة. وفيما يتعلق بمسألة السماح للقوات المسلحة الأوكرانية بضرب مواقع داخل الأراضي الروسية، أضاف فانس أنه “يجب الضغط على روسيا بطريقة ما، ولكن يجب أيضًا الضغط على أوروبا أيضًا”.

بما معناه أن وقوع مثل هذه الحرب هو خطأ الجميع، الجميع يتحمل المسؤولية باستثناء دونالد ترامب، الذي لو كان رئيسًا، لما كانت هناك حرب على الإطلاق، ولكن بما انها حدثت فكل ما نحتاجه هو تجميدها واستسلام أوكرانيا بالإضافة الى الخضوع للرئيس لبوتين وتنفيذ جميع شروطه تمامًا.

المرشح جي دي فانس
المرشح الجمهوري لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة الامريكية جي دي فانس

في الواقع، هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها فريق ترامب بشكل صريح ما الذي يخطط للقيام به بالضبط، بدلاً من الكلمات “الصاخبة” من ترامب حول إيقافه للحرب خلال 24 ساعة من انتخابه وقبل دخوله البيت الأبيض.

بعد ان تم الإعلان عن خطط ترامب بشأن أوكرانيا، أصبح من الواضح أن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس كانت على حق عندما قالت، اثناء المناظرة الانتخابية، إن “خطة ترامب هي أنه مستعد لتقديم تنازلات جدية وحتى الخضوع للإنذارات النهائية من الدكتاتور الروسي بوتين”.

وفقًا للمرشح الجمهوري لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة، فإن السلام، وفقًا لترامب، هو تجميد للحرب على طول خط الفصل بين القوات على الجبهة. أي أن ترامب يريد فقط الحرب بالشكل الذي ستكون عليه في وقت رئاسته المحتملة.

حيث أوضح فانس كلامه حول الأراضي الأوكرانية المحتلة: سوف تصبح مثل منطقة منزوعة السلاح، وستكون محصنة بقوة حتى لا يغزوها الروس مرة أخرى. إذ تتلقى روسيا ضمانة الحياد من أوكرانيا؛ وهي لا تنضم إلى أي مؤسسات حليفة على الإطلاق. وبالمناسبة، ينبغي للألمان ودول أخرى تمويل إعادة اعمار أوكرانيا”.

هنا يجب التوقف قليلا لتوضيح ما يريد.

الشريك الرئيسي لدونالد ترامب يقول إنه نتيجة لتجميد الحرب، سيحصل الكرملين على الأراضي المحتلة ونزع سلاح جزء من أوكرانيا، علاوة على ذلك، يجب على أوكرانيا أن تعطي الكرملين ضمانات بأنها لن تنضم ليس فقط الى حلف شمال الأطلسي، بل أيضًا أي مؤسسات او احلاف دولية بشكل عام، بما في ذلك على ما يبدو الاتحاد الأوروبي وجميع أشكال التعاون، بما في ذلك العسكري، التي لدى أوكرانيا، على سبيل المثال، مع الولايات المتحدة وبريطانيا. ووفقا لخطة فريق دونالد ترامب ما الذي ستحصل عليه أوكرانيا؟ ستتلقى أوكرانيا ببساطة إعادة اعمار دولة مدمرة، لكن ليس على حساب الطرف الروسي المعتدي، الذي دمر البلد وقتل مواطنيها، بل على حساب أوروبا والمانيا، أي على حساب أوروبا التي يسعى بوتين لمهاجمتها في المستقبل، أي أن الطرف المعتدي لن يتعرض لأي عقاب على الإطلاق، بل سيحصل بوتين على كل ما يريد الحصول عليه.

 هذا ما يقترحه فريق دونالد ترامب على لسان المرشح لمنصب نائب الرئيس.

هذا ليس سلام، هذا يسمى استسلام، استسلام وخضوع كامل!

وفقًا لفانس، لم يكن على الروس مهاجمة أوكرانيا، ولو كان ترامب رئيسًا، لما حدث هذا. وأضاف أن الأوكرانيين لديهم الكثير من المشاكل مع الفساد، ولهذا السبب يتحدث ان المطلوب فقط تجميد الحرب.

ايضا وفقًا لجيدي فانس، يجب تجميد هذه الحرب حتى لا يجني بعض الأشخاص المال منها. اذ قال “ليس لدينا زعيم أمريكي مستعد لفهم ما يحدث هناك، لكن بعض الناس يعتزمون الثراء جراء الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك شركة “بلاك روك” وبعض المؤسسات المالية الكبرى التي تتحدث عن إنفاق مئات المليارات من الدولارات لإعادة بناء أوكرانيا، نعلم أن أسعار أسهم مقاولي الدفاع قد ارتفعت بشكل كبير منذ بداية الحرب في أوكرانيا. انها خليط معقد!”

هل يجب أن نتفاجأ بهذا الموقف الذي عبر عنه فانس؟ الإجابة هي لا!

بعد بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في 24\2\2022 صرح فانس: “بصراحة، لا يهمني ما يحدث لأوكرانيا بهذه الطريقة أو بطريقة أخرى”.

أيضًا فانس في أبريل من هذا العام، عندما صوت الكونجرس لصالح حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار في اجتماع لمجلس الشيوخ، وكان حينها عضوًا في مجلس الشيوخ، وبخ زملائه لتمريرهم حزمة مساعدات لمساعدة أوكرانيا على التصدي للغزو الروسي، وقارن الوضع في أوكرانيا بالحرب في العراق الذي خدم فيه كجندي من مشاة البحرية. اذ يقولون في العراق كانت هناك حرب لا معنى لها على الإطلاق، وبالمناسبة يتفق الكثير من الامريكيين مع هذا، ويقولون بالضبط نفس الحرب التي لا معنى لها هي الآن في أوكرانيا وبالتالي، بدلًا من إيقاف المعتدي الذي بدأ هذه الحرب العبثية، يقول إن عليك فقط التوقف عن مساعدة أوكرانيا، وبعد ذلك ستنتهي هذه الحرب التي لا معنى لها.

حيث أوضح فانس في أبريل: “عذري هو أنني كنت طالبًا في المدرسة الثانوية أثناء الحرب في العراق، ما هو عذر العديد من الأشخاص الذين كانوا في هذه الغرفة أو في مجلس النواب؟ النواب في ذلك الوقت والآن يغنون نفس الأغنية عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا، هل نحن حقا لا نفعل أي شيء؟

بالإضافة الى ذلك فقد أصبح معروفا أن فانس قد انضم إلى حركة جديدة في الحزب الجمهوري، بقيادة قدامى المحاربين في الحروب في العراق وأفغانستان، وهذه الحركة تعارض دعم المحافظين الأكثر تقليدية للتدخلات العدوانية في السياسة الخارجية ويقولون إن خيبة أملهم الشخصية في المستنقعات في الشرق الأوسط قادتهم إلى التعامل بتشكك مع دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، معلنين هذا الموقف في السياسة الخارجية المتمثل في فريق ترامب الذي يروج لأمريكا أولاً، أي أنهم بحاجة إلى عزل أنفسهم داخليًا وحل مشكلاتهم. كما يرغبون ان تتخلى الولايات المتحدة تمامًا عن دعمها المادي والمالي لأوكرانيا، حتى على الرغم من أن روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا.

على الرغم أن فانس يحاول بالطبع ان يكون متوازنا، فإنه يفعل ذلك بشكل سيء.

 وحتى على قناة فوكس نيوز، ليلة 11 سبتمبر، طرحت المذيعة، مارتا ماكالوم، السؤال التالي على المرشح الجمهوري: “هناك بعض النقاط المهمة على جبهة السياسة الخارجية وفيما يتعلق بقضية أوكرانيا، هناك العديد من المحافظين والجمهوريين الذين لا يشاطرونك وجهة نظرك حول هذه القضية، والآن هناك دفعة كبيرة من الرئيس زيلينسكي لتخفيف القيود المفروضة على كيفية استخدام الأسلحة ومدى عمق استخدام هذه الأسلحة في روسيا، هذه الصواريخ صواريخنا والعديد من الجمهوريين والمحافظين يدعمون استخدامها داخل روسيا. هم قلقون من أن يكون هذا مشابهًا لوضع هتلر في الحرب العالمية الثانية، الحرب ستنتشر في جميع أنحاء أوروبا، لماذا لا نتأكد من عدم حدوث ذلك ونساعد أوكرانيا على النجاح في هذه المهمة؟

فأجاب فانس بالتالي: “حسنًا، من الواضح أننا لا نعتقد أنه كان ينبغي على الروس غزو أوكرانيا في المقام الأول، لكن الرئيس ترامب قال إنه من مصلحتنا، ومن مصلحة أوكرانيا، وقف القتل، وبالتالي من الضروري ممارسة بعض الضغوط على الروس، وبصراحة أيضا على الأوروبيين، حتى يكون اكثر فاعلية ويجلسوا إلى طاولة المفاوضات وينهوا الصراع. وعليك أن تسأل نفسك ما الذي يمكن أن تحققه أوكرانيا من خلال استمرار الأعمال القتالية؟ هل ننجر كما “السائرين أثناء النوم” إلى حرب عالمية ثالثة مع نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس بايدن، الذي لا يعرف بحق الجحيم أين هو؟ نحن بحاجة إلى قيادة قوية، لكن بينما نحن في الوضع الذي نحن فيه، نحن بحاجة إلى أن ندرك أن أفضل شيء بالنسبة لأوكرانيا ولبلدنا (الولايات المتحدة الامريكية) هو وقف التصعيد وإحلال السلام في المنطقة. وبالمناسبة، فإن دونالد ترامب فعل ذلك في الماضي. وهذا ليس فكرة مجردة. يحتاج فقط إلى العودة إلى المكتب البيضاوي”.

هذه هي استراتيجية فريق ترامب برمتها، يحتاج ترامب فقط إلى العودة إلى المكتب البيضاوي، ومن الواضح أن حقيقة أنه يعرض الاستسلام الفعلي لأوكرانيا لا تزعجه كثيرًا، تمامًا كما لا تزعج فانس على الإطلاق.

وفي النهاية، يجب إضافة نقطة مهمة للغاية حول المناظرة بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري، بتاريخ 10\9\2024، وهي أن ترامب لم يقل ما إذا كان يفضل أن تنتصر أوكرانيا في الحرب الدفاعية ضد روسيا أم لا، وقد سُئل ترامب هذا السؤال أكثر من مرة، لكنه كان يتجنب دائمًا الإجابة. وجه له مديري المناظرة سؤالا مباشرا حول ما إذا كان يريد النصر لأوكرانيا أم لا؟ بدأ ترامب يتحدث حول أمور كثيرة ولم يتم الحصول على إجابة مباشرة، لقد ظل يكرر الحاجة إلى وقف القتل.

حسنًا، يبدو الآن أنه من الواضح كيف يريد أن يفعل ذلك!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *