خطورة اللوبيات الصهيونية في دول الغرب.. أمريكا وأيباك نموذجاً
نبيل السهلي – كاتب و باحث سياسي فلسطيني
23/2/2024
اللوبي هو مجموعة ضغط من العملاء النشطاء، الذين لهم مصالح خاصة، ويمارسون الضغوط على الموظفين الرسميين، خصوصاً المشرعين، ويحاولون في ذات الوقت التأثير على المشتركين أو الشخصيات العامة من خلال الصلات الخاصة، وذلك بهدف تشريع معين أو اتخاذ قرارات محددة. وثمة لوبيات صهيونية تشكلت في دول الغرب، بريطانيا وفرنسا وألمانيا. لكن اللوبي الصهيوني الأكثر تنظيماً وتاثيراً في كل مجالات الحياة هو المتشكل في أمريكا وذراعه التنظيمية الأيباك؛ وهي أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي، هدفها تحقيق الدعم الأمريكي لإسرائيل. ولا تقتصر الأيباك على اليهود، بل يوجد في إطارها أعضاء ديمقراطيون وجمهوريون؛ وقد أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته لدولة الاحتلال، أنه ليس من الضروري أن يكون يهودياً حتى يكون صهيونياً، بالإشارة إلى أنه صهيوني وداعم لتوجهات إسرائيل العنصرية والفاشية تجاه الشعب الفلسطيني، وقد توضح ذلك عملياً من خلال الدعم الأمريكي العسكري والمالي لإسرائيل خلال عدوانها ومجازرها المستمرة بحق الفلسطينيين في غزة والضفة والداخل الفلسطيني منذ أكتوبر الماضي.
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الوطن الأصلي لأكبر تجمع يهودي في العالم؛ حيث تشير تقديرات بأن مجموعهم يصل إلى 5 ملايين و500 ألف يهودي أمريكي؛ واستفادت الحركة الصهيونية من وجود غالبية اليهود في العالم في الولايات المتحدة، واستطاعت الاستفادة من إنشاء لوبي يهودي ضاغط في الولايات المتحدة الأمريكية، بالاعتماد على القانون الأمريكي الصادر عام 1946، والذي أعطى الحق للجماعات المختلفة بتشكيل مجموعة ضغط (أيباك)، بهدف ضمان مصالحها من خلال استراتيجيات وتكتيكات متعددة، منها التأثير المباشر، مثل الاتصال بكل من السلطة التنفيذية والتشريعية؛ و التأثير غير المباشر، مثل تعبئة الرأي العام، وخلق اتجاه عام يؤثر على صانعي السياسة، لإقناعهم بقرار يحقق مصلحة مثل هذه الجماعات.
وتتألف لجنة أيباك من رئيس ومدير تنفيذي، ويقوم مجلس الاتحاد الفيدرالي اليهودي، ومنظمة بناي بريث، بدعم لجنة أيباك لخدمة الحركة الصهيونية وإسرائيل، وذلك من خلال دعم اللوبي اليهودي، وزحف نفوذه في الكونغرس الأمريكي ومواقع القرار الأخرى في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وتحرص لجنة أيباك على أن يحضر ممثلها كل اجتماع مفتوح في الكونغرس الأمريكي، ليوزع البطاقات، ويتصل بكل موظف من أعلاهم درجة إلى أدناهم؛ أما الاجتماعات المغلقة فيحضرها دائماً، عضو من التجمع المؤيد لإسرائيل ويطالع سجل الكونغرس بانتظام، وكل ملاحظة تدعو إلى القلق تستتبع زيارات من قبل اللجنة؛ ويتضح من المعطيات السابقة مدى قوة اللوبي الصهيوني في تأثيره على الكونغرس.
إلا أنه من الواضح تماماً، أن المساندة الأمريكية لإسرائيل تتجاوز حدود مجموعات اللـوبي، وهذا ما أكده رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، أثناء عمله كسفير لإسرائيل في واشنطن، حيث قال: “أعتقد أن ارتباط الشعب الأمريكي وإدارته بإسرائيل يفوق وزن الجالية اليهودية ونفوذها”. وهذا يؤكد أن إسرائيل مشروع غربي مكتمل الأوصاف؛ ويجب دعمها وتقويتها عسكرياً وحمايتها على الدوام؛ وقد أكد ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن منذ دخوله البيت الأبيض؛ ومن قبله كل الإدارات الأمريكية السابقة؛ واستطاع اللوبي اليهودي في أمريكا على مدار السنوات السابقة، محاربة أعضاء الكونغرس الأمريكيين الذين حاولوا الوقوف إلى جانب الحق العربي في فلسطين، ويتهمون عضو الكونغرس الذي يقف إلى جانب الحق الفلسطيني بمعاداته للسامية، وكذلك بمناهضة إسرائيل. ويستخدم اللوبي الصهيوني عبر منظماته العديدة في الولايات المتحدة، المال لاستمالة بعض أعضاء الكونغرس إلى جانب التوجهات الإسرائيلية؛ وتبعاً لذلك استطاع هذا اللوبي الضغط على الإدارات الأمريكية للإبقاء على المساعدات الأمريكية التي بلغت قيمتها التراكمية خلال الفترة (1951-2024) نحو (176) مليار دولار، منها 61% كانت على شكل مساعدات عسكرية؛ هذا فضلاً عن إسقاط أمريكا لمشاريع عديدة في الأمم المتحدة؛ كانت تدين ممارسات إسرائيل الفاشية، وذهبت إدارة بايدن إلى أبعد من ذلك في تبنيها الكامل للرواية الإسرائيلية منذ بداية عدوانها ومجازرها في غزة، رغم أن كل الدلائل تؤكد ارتكاب إسرائيل عملية إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.