حتى لا ننسى
ذكرى الوثيقة التاريخية للمادة 22 من عهد عصبة الأمم نافذة المفعول الخاصة بالوصاية والانتداب
والذي أصبح نافذ المفعول في 10 كانون الثاني / يناير 1920 م
وقع العهد بتاريخ 28/يونيو/1919م واصبح نافذ المفعول في 10/يناير /1920م
(إن المستعمرات والبلاد التي زالت عنها صلة التبعية للدول التي كانت تحكمها سابقا نتيجة للحرب الأخيرة والتي يقطنها أقواما لا يستطيعون النهوض وحدهم حسب مقتضيات العالم الحديث النشطة يجب أن يطبق عليها المبدأ القائل بان رفاهية مثل هذه الشعوب وتقدمها يعد وديعة مقدسة في عنق المدنية وان الضمانات للقيام بما تتطلبه هذه الوديعة يجب أن يشمل عليها هذا العهد
وقدا أعلنت عصبة الأمم الانتداب البريطاني على فلسطين رغم ما نصت عليه ( المادة 22)
من عهدة عصبة الأمم حول تقرير المصير واستقلال الشعوب فإن ما طبقته هذه العصبة على فلسطين بعد انتهاء الحكم العثماني هو السبب الأول بزرع بذور القضية الفلسطينية
لقد جاء في (المادة 22) في الفقرة الرابعة
[أن الشعوب التابعة للإمبراطورية التركية قد بلغت درجة من النمو تمكنها من الاستمرار بمفردها وان رغبات هذه الشعوب يجب أن تكون لها الاختيار الأساسي في اختيار الدولة المنتدبة]
ورغم كل هذا اعترف القرار أن الشعب الفلسطيني بلغ درجة من النمو تجعل الاعتراف باستقلاله ممكنا ولكن عصبة الأمم لم تستشير شعب فلسطين بعملية اختيار الدولة المنتدبة وهكذا كان صك الانتداب على فلسطين عام 1922م الذي تضمن وعد بلفور الذي قطعته بريطانيا على نفسها من أجل إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وعندما نشأت الأمم المتحدة بعد مؤتمر سان فرانسيسكو) عام 1945م اعتبرته في ميثاق ها أن حق تقرير المصير ينطبق على الأقاليم التي كانت تحت انتداب عصبة الأمم بغية بلوغ استقلالها حريتها
هذا وقد تم توقيع ميثاق عصبة الأمم في 28 حزيران / يونيو/ 1919م حيث قامت 44 دولة بالتوقيع على ميثاق العصبة منها 31 دولة شاركت بالحرب.
لقد خرقت العصبة أحكام المادة 22 لمن عهدها حينما منحت انكلترا في صك الانتداب امتيازات تفوق ما حددته هذه المادة
إن مقارنة سريعة بين صكوك (الانتداب الفرنسي والبريطاني) على سورية ولبنان والعراق من جهة وصك ( الانتداب البريطاني على فلسطين) من جهة أخرى تبين بوضوح الغايات التي سعت انكلترا إلى تحقيقها من وراء انتدابها على فلسطين. وقد جاءت سياساتها التي طبقتها منذ احتلالها فلسطين في كانون الأول 1917م حتى انسحابها منها في أيار 1948 م مؤكدة تلك الغايات وساعية إلى بلوغها ولو أدى بها الأمر إلى تجاهل( التزاماتها الدولية والأخلاقية وخيانة الأمانة المقدسة) التي حملتها باسم عصبة الأمم ونيابة عنها انتهت ((بتنازل انكلترا عن أرض لا تملكها إلى جماعة لا تسحقها((
وقد قضى على عدد كبير من الثقات الأعلام في القانون الدولي مستدلين في آرائهم واجتهاداتهم إلى صياغة المادة 22 من العهد بأن عصبة الأمم قامت على مبدأ عام 1/ ضم الأراضي وأن 2/السيادة هي لشعب الإقليم الخاضع للانتداب ولو أنها مغلقة مؤقتاً 3/ وأن صكوك الانتداب تحرم التصرف في الأراضي بدليل المادة الخامسة من صك الانتداب على فلسطين إذ أنها تنص على مسؤولية الدولة عن عدم التنازل عن أي جزء من أراضي فلسطين
وللعلم، في أول اجتماع عقدته لجنة الانتدابات الدائمة بعد بدء نفاذ الانتداب على فلسطين في عام 1923م لاحظت اللجنة طبيعة هذا الانتداب الفريدة من نوعها وسجلت قلقها من تناقضاته الأصلية في تقرير أعدته في دورتها الخامسة عام 1924م وقدمته إلى( مجلس العصبة) وقالت فيه:
في حين أن جميع صكوك الانتداب الأخرى التي درست اللجنة تطبيقها حتى الآن ولم يقصد بها إلا أعمال المبادئ العامة الواردة في المادة 22 من العهد في أن ينفذ أيضاً خطة إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين كما هو وارد في التصريح التاريخي المؤرخ في 2 تشرين الثاني 1917م الذي يقترن به (اسم اللورد بلفور) وهو تصريح أقرته دول الحلفاء الكبرى. وأن الواجب الأعظم للدولة المنتدبة وفقاً للمبدأ الأساسي الوارد في المادة 22 من العهد هو ضمان تنمية الأقاليم الخاضعة للانتداب بإدارتها وفقاً لمصالح سكانها. ومن ناحية أخرى فإن لدى الدولة المنتدبة بمقتضى التصريح المؤرخ في 2 تشرين الثاني/ 1917م تعليمات بالمساعدة على إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يضر بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية الموجودة الآن في فلسطين أو بالحقوق والوضع السياسي لليهود كانت لجنة الانتدابات تدرس تقارير الحكومة البريطانية كل عام .
وبهذا شاركت دول الحلفاء الكبرى مع الانتداب البريطاني في إنشاء الكيان الصهيوني وهكذا ضاعت فلسطين ….