خبير: أوكرانيا تراهن على الكونغرس الأمريكي للضغط على ترامب
محمد حامد – موقع ارم نيوز – دبي
20\2\2025
قال مدير مركز “فيجن” للدراسات الاستراتيجية في كييف، الدكتور سعيد سلّام، إن أوكرانيا تراهن على الكونغرس الأمريكي، للضغط على الرئيس دونالد ترامب في ظل المفاوضات التي يجريها مع روسيا لوقف الحرب على حساب أوكرانيا.
وأوضح سلّام في حوار مع “إرم نيوز”، أن أوكرانيا قادرة على الرهان بورقة الكونغرس الأمريكي الذي تحظى في داخله بدعم وتأييد العديد من الديمقراطيين والجمهوريين، ومن الممكن أن تقوم بحملات دبلوماسية مكثفة في واشنطن، وتستخدم اللوبيات السياسية والإعلامية للضغط على إدارة ترامب.
وأشار سلّام إلى أن اعتماد أوكرانيا على السلاح الأوروبي فقط في حال وقف الدعم العسكري الأمريكي، أمر غير مضمون، بالنظر إلى تراجع مخزون الأسلحة الأوروبية، وانخفاض الإنفاق الدفاعي الأوروبي الذي مجموعة أقل من الإنفاق العسكري الروسي.

وفيما يلي نص الحوار:
هل باتت كييف في صدمة من مواقف ترامب؟
من الواضح أن القيادة في كييف تشعر بالغضب أكثر من الصدمة بسبب مواقف تجاه ترامب من روسيا وأوكرانيا، وهذه القيادة تتعامل مع واقع متغير كانت تتوقعه جزئيا، حيث إن ترامب معروف بعلاقته الشخصية الجيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفي عدة مناسبات أبدي مواقف يمكن تصنيفها على أنها متساهلة مع موسكو مثل التشكيك في تدخل روسيا بالانتخابات الأمريكية أو التلميح إلى إمكانية رفع العقوبات عن موسكو، بالإضافة إلى تحميل أوكرانيا مسؤولية العدوان الروسي عليها.
ومنذ بداية ترامب لحملته الانتخابية، أظهر مواقف أكثر توددا تجاه موسكو وأقل التزاما تجاه أوكرانيا وأوروبا والحلفاء في “الناتو” مقارنة بإدارة الرئيس السابق جو بايدن، وأوكرانيا التي تعتمد بشكل كبير على الدعم الاقتصادي والعسكري الغربي في مواجهة العدوان الروسي، يثير مخاوفها بشدة، أي تقارب بين واشنطن وموسكو، قد يصل إلى التضحية بها وبمصالحها عبر صفقة بين واشنطن وموسكو.
ما أشكال قلق كييف الحالية من ترامب؟
هناك العديد من الأسباب لقلق كييف من نهج ترامب “الفوضوي”، أبرزها الذهاب إلى تقليل أو إلغاء الدعم العسكري واستعداده لتقديم تنازلات كبيرة لروسيا مقابل وقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات طويلة الأمد، بالإضافة إلى تصريحاته السابقة بعدم الدفاع عن دول الناتو إذا لم تقم بزيادة مساهماتها المالية في الإنفاق العسكري؛ لأن ذلك يعني تراجعا محتملا عن الضمانات الأمنية الأوروبية، لذلك تدرك أوكرانيا أن سياسات ترامب تؤدي إلى خفض الدعم؛ ما يمكن أن يجعل موقفها العسكري والسياسي أكثر تعقيدا، وهي في حالة تأهب وتوجس من أي تطورات قد تؤثر على دعمها الدولي.
كيف ستتعامل كييف مع عدم دعوتها للمفاوضات الخاصة بها حاليا بين موسكو وواشنطن؟
عدم دعوة أوكرانيا للمفاوضات بين واشنطن وموسكو يعد إشارة سلبية لها، لاسيما أنها تتناول قضايا تتعلق بسيادتها وأمنها ووحدة أراضيها بما فيها شبه جزيرة القرم المحتلة من 2014، وسوف تؤكد كييف في جميع المحافل على سيادتها ورفضها لأي اتفاقيات يتم التوصل إليها دون مشاركتها لاسيما إذا كانت هذه الاتفاقيات تتضمن تنازلات إقليمية لصالح روسيا، وستعمل على فرض وجودها عبر الدعم الأوروبي لاسيما من بولندا ودول البلطيق للضغط من أجل حضورها في أي مفاوضات محتملة، وتعزيز التحالفات البديلة من خلال تعميق علاقاتها مع كندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا لضمان عدم تهميشها بالكامل، خصوصا أن الحرب الروسية على أوكرانيا تتعلق بالأمن الجماعي الأوروبي. وكما ذكرنا هناك مخاوف أوروبية جدية من شن النظام الروسي حربا على دول الاتحاد الأوروبي بعد رفع العقوبات الأمريكية عنه وتعافيه وإعادة بناء قواته وقدراته العسكرية، في ظل عدم اليقين من قيام الولايات المتحدة مع ترامب بالدفاع عن أوروبا ودعمها تحت مظلة الناتو.
بالإضافة إلى ذلك، تستطيع أوكرانيا اللعب على ورقة الكونغرس الأمريكي الذي تحظى في داخله بدعم وتأييد العديد من الديمقراطيين والجمهوريين، ومن الممكن أن تقوم بحملات دبلوماسية مكثفة في واشنطن، وتستخدم اللوبيات السياسية والإعلامية للضغط على إدارة ترامب.
هل تستطيع كييف المواجهة في ظل ما يتفق عليه من صفقة بين ترامب وبوتين؟
قدرة أوكرانيا على المواجهة تعتمد بشكل كبير على طبيعة الصفقة التي يمكن التوصل إليها بين ترامب وبوتين، من حيث ما إذا كانت تتضمن تنازلات كبيرة لروسيا على حساب أوكرانيا، مثل الاعتراف باحتلال وضم شبه جزيرة القرم، أو منح الحكم الذاتي للمناطق الانفصالية في الدونباس أو المناطق المحتلة والاعتراف بضمها لروسيا، فإن كييف ستواجه تحديات كبيرة حيث يمكن فرض وقف إطلاق النار بناء على الشروط المتعلقة بالأهداف الروسية، وهذا سيكون بمثابة انتصار دبلوماسي وعسكري لموسكو، وقد يجبر كييف على تقديم تنازلات إقليمية غير مقبولة، حيث إنها ستكون في وضع حرج في حال وقف الدعم العسكري الأمريكي والاضطرار للاعتماد كليا على أوروبا، وهو أمر غير مضمون بالنظر إلى تراجع مخزون الأسلحة الأوروبية وانخفاض الإنفاق الدفاعي الأوروبي الذي مجموعه أقل من الإنفاق العسكري الروسي.
وفي هذه الحالة لن يكون أمام كييف الكثير من الخيارات سوى محاولة الصمود العسكري والاعتماد على دعم أوروبي وبريطاني متزايد، لكنه أيضا يمكن ألا يكون كافيا بشكل كامل، في حال توقف الإمدادات العسكرية الأمريكية.
هل تستطيع أوروبا التعامل بعد إبعادها عن المشهد؟
إبعاد أوروبا عن المفاوضات بين واشنطن وموسكو يعد تطورا مقلقا للغاية للاتحاد الأوروبي، خاصة أن القارة العجوز هي الأكثر تأثرا بالأزمات الجيوسياسية نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، وهذا قد يدفع أوروبا إلى التسريع في بناء استقلاليتها الاستراتيجية لاسيما في مجال الدفاع، حيث إن الاعتماد على الولايات المتحدة في قضايا الأمن أصبح غير مضمون، ورفع مستوى تسليحها الذاتي، وهو ما بدأت فيه ألمانيا بالفعل بعد الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقد تحاول أوروبا بما فيها بريطانيا تعزيز التضامن مع دولها لمواجهة أي تطورات سلبية ناتجة عن الصفقات الروسية الأمريكية المحتملة، حيث من الممكن أن تسعى فرنسا وألمانيا إلى تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة من خلال تقوية الدفاع الأوروبي المستقل أو إنشاء جيش أوروبي موحد، لكن هذا سيستغرق سنوات طويلة.
وسيحاول الاتحاد الأوروبي استخدام نفوذه الاقتصادي والتجاري والسياسي للتأثير على قرارات إدارة ترامب، لاسيما في ظل العلاقات الاقتصادية المتوترة حاليا بين الطرفين، لكن أوروبا ستواجه تحديا حقيقيا إذا تم إبعادها تماما عن الم
شهد التفاوضي؛ لأن قدراتها العسكرية بمفردها غير كافية لاحتواء روسيا دون دعم أمريكي مباشر، وهكذا من الممكن أن نرى أن مستقبل أوكرانيا وأوروبا في ظل الرئاسة الثانية لـ”ترامب”، يعتمد على مدى القدرة على التكيّف السياسي والعسكري مع تغيرات المشهد الجيوسياسي.