السياسات الإسرائيلية في أوروبا:
تخويف اليهود وشيطنة العرب لتحقيق الأهداف الاستراتيجية
تحليل لما يجري في أوروبا
إبراهيم إبراهيم/ برلين
19\11\2024
منذ تصاعد الحرب في فلسطين المحتلة في أكتوبر الماضي، شهدنا موجة نزوح كبيرة للإسرائيليين، حيث غادر حوالي 1.4 مليون شخص إلى أوروبا وأمريكا بحثًا عن الأمان. هذا النزوح الكبير ليس عشوائيًا، بل يبدو جزءًا من ديناميكيات أعمق مرتبطة بتوجهات السياسة الإسرائيلية وتأثيرها على اليهود في الشتات.
- تخويف اليهود في أوروبا كجزء من الاستراتيجية الإسرائيلية
الحكومة الإسرائيلية تعمل منذ سنوات على تعزيز فكرة أن الأمن اليهودي يمكن تحقيقه فقط داخل “إسرائيل” وليس في الشتات، وخصوصًا أوروبا. بدأ هذا التوجه يتجلى في الحملات الإعلامية التي تحذر اليهود من المخاطر في أوروبا، وتدّعي أن القارة أصبحت غير آمنة بسبب صعود الحركات المناهضة للصهيونية ووجود مجتمعات عربية ومسلمة كبيرة متعاطفة مع القضية الفلسطينية.
أحد الأدلة على هذا التوجه هو القانون الذي أقره البرلمان الألماني تحت عنوان “حماية الحياة اليهودية في ألمانيا”، الذي يبدو وكأنه استجابة لضغوط إسرائيلية أكثر من كونه نتيجة لحقائق ميدانية.
- استغلال العنف لتعزيز الرواية الإسرائيلية
في الأشهر الأخيرة، شهدنا أعمال عنف غامضة من قبل الإسرائيليين في دول أوروبية مثل هولندا واليونان، والتي يمكن تفسيرها كجزء من حملة متعمدة لخلق حالة من الذعر بين اليهود الأوروبيين. هذه الأعمال تُستغل كأداة لتأكيد السردية الإسرائيلية بأن اليهود غير آمنين في أوروبا، وبالتالي تشجيعهم على الهجرة إلى فلسطين المحتلة.
- تصريحات رئيسة شرطة برلين كمؤشر على خطاب موجه
تصريحات رئيسة شرطة برلين التي حذرت فيها اليهود والمثليين من التواجد في “أماكن معينة” في برلين بسبب وجود العرب الذين يُزعم أنهم يتعاطفون مع “الجماعات الإرهابية” ليست مجرد تصريحات عابرة. بل تعكس توجهًا سياسيًا وإعلاميًا يرمي إلى تشويه صورة الجاليات العربية والمسلمة وربطها بالعنف والإرهاب، ما يخدم المصالح الإسرائيلية.
هذه التصريحات تُوظف لتعزيز فكرة أن العرب في أوروبا يشكلون تهديدًا أمنيًا، وهو ما يتماشى مع الحملات الإسرائيلية لتقويض الدعم الشعبي الأوروبي للقضية الفلسطينية من جهة، وإضعاف المجتمعات العربية والمسلمة من جهة أخرى.
نيكاراغوا تقاضي ألمانيا أمام “العدل الدولية” بسبب دعمها لاسرائيل
- الأهداف الإسرائيلية من هذه التحركات
تعزيز الهجرة اليهودية العكسية: تشجيع اليهود على ترك أوروبا والهجرة إلى فلسطين المحتلة لضمان التفوق الديمغرافي في الداخل.
إضعاف المجتمعات العربية والمسلمة في أوروبا: عبر شيطنتها وربطها بالعنف والإرهاب.
خلق فجوة بين أوروبا والقضية الفلسطينية: من خلال تضييق الخناق على المجتمعات المتعاطفة مع فلسطين وتوجيه الرأي العام الأوروبي ضدها.
نهاية الكلام:
ما نشهده اليوم هو جزء من مخطط إسرائيلي متكامل يستهدف إعادة تشكيل العلاقة بين اليهود وأوروبا، مع التركيز على تعزيز السيطرة الإسرائيلية داخليًا وخارجيًا. على المجتمعات العربية والمسلمة في أوروبا مواجهة هذه السياسات عبر تكثيف العمل الإعلامي، وزيادة التعاون مع القوى الديمقراطية الأوروبية، وتوضيح أن هذه الحملات لا تستهدف اليهود فقط بل تسعى لتبرير السياسات العدوانية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين والمجتمعات المتضامنة معهم.