بدعم كامل من إدارة ترامب..
الفترة المقبلة قد تشهد تصعيدًا غير مسبوق في السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين
د. حسين الديك – كاتب ومحلل سياسي مختص بالشأن الأمريكي
4\12\2024
إن تصريحات ترامب التي يهدد فيها الشرق الاوسط حال عدم إطلاق سراح المحتجزين الاسرائيليين، تعكس التحالف الشخصي بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتعبر عن تقارب أيديولوجي وسياسي عميق بين اليمين الأمريكي واليمين الإسرائيلي المتطرف.
إن هذه التصريحات لم تكن مفاجئة، إذ أنها تعكس الموقف الحقيقي لترامب الذي لطالما اتسم بسياساته المتشددة ودعمه المطلق لإسرائيل، خاصة خلال فترة رئاسته الأولى.
وترامب، مثل العديد من الرؤساء الأمريكيين، يقدم وعودًا انتخابية تختلف كثيرًا عن سياساته بعد توليه السلطة.
وهذا التباين هو “حتمية تاريخية” في السياسة الأمريكية، حيث تُستخدم الحملات الانتخابية لجذب الناخبين، بينما تُعاد صياغة الأولويات بعد الوصول إلى الحكم.
إن سجل ترامب مليء بخطوات داعمة لإسرائيل أثارت الجدل، بدءًا من نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، مرورًا بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وصولًا إلى تحويل القنصلية الأمريكية في القدس إلى وحدة للشؤون الفلسطينية تحت مظلة وزارة الخارجية الأمريكية.
هذه الخطوات، تشكل دليلًا على التزام ترامب بسياسات تتماهى مع تطلعات الحكومة الإسرائيلية اليمينية، والطبيعة الأيديولوجية لإدارة ترامب، التي تتألف من تيارات يمينية محافظة، تشمل المسيحيين الإنجيليين والمتصهينين، إضافة إلى المحافظين الجدد.
فهذه التركيبة أرسلت رسائل واضحة إلى العالم، بما في ذلك الفلسطينيين وحركة حماس، مفادها بأن هذه الإدارة تتبنى موقفًا متسقًا مع الحكومة الإسرائيلية وتوجهاتها اليمينية المتطرفة.
إن هذه التحالفات الأيديولوجية بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية ليست مبنية فقط على المصالح السياسية، بل تمتد إلى أسس عقائدية وأيديولوجية تدعم استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتوسيعه.
تصريحات ترامب الأخيرة تعكس ملامح المرحلة المقبلة، حيث أكد نتنياهو، في خطابه أمام الأمم المتحدة، على رسم “شرق أوسط جديد”، حيث أن هذا التناغم بين الدولتين يشير إلى أيام صعبة قادمة، خاصة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
فترامب، الذي يدير سياساته بعقلية يمكن وصفها بالـ “عنجهيّة”، سيعمل على تنفيذ سياسات أكثر انحيازًا لإسرائيل من إدارة الرئيس بايدن، ومن المتوقع أن تتسم ولايته الجديدة بسياسات عدائية تجاه الفلسطينيين، تشمل تشديد الحصار على قطاع غزة، وتسهيل تزويد إسرائيل بالأسلحة عبر قرارات تنفيذية مباشرة دون الرجوع إلى الكونغرس.
ولا بد من التحذير من خطط ترامب المحتملة لتنفيذ التهجير القسري للفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث أن ترامب سبق أن صرح أن “مساحة إسرائيل صغيرة وتحتاج إلى التوسع”.
هذه السياسات قد تتضمن تهجير سكان قطاع غزة إلى الخارج، وهو أمر خطير جدًا ولم تجرؤ إدارة بايدن على طرحه.
إن الفترة المقبلة قد تشهد تصعيدًا كبيرًا وغير مسبوق في السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، بدعم كامل من إدارة ترامب، بما يعكس موقفًا متطرفًا أكثر من أي وقت مضى، وليس شرطا باستخدام أسلحة أكثر فتكاً، بل بتحقيق حلم إسرائيل بتهجير الفلسطينيين.
وتصريحات ترامب ستزيد من تعقيد الموقف. هذه التصريحات ستدفع نتنياهو إلى تبني مواقف أكثر تشددًا، مما يُبعد احتمالية التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة أو تحقيق أي تهدئة.
والآن نتنياهو يهدف إلى فرض اتفاق استسلام على المقاومة الفلسطينية يتضمن إطلاق سراح المحتجزين، وخروج قيادات حماس من غزة، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي العسكري للقطاع.
على الصعيد الدولي، فالعالم يتعامل مع تصريحات ترامب بجدية، لكنه في الوقت ذاته يعاني من ضعف في مواجهة السياسات الأمريكية.
وغياب نظام دولي متعدد الأقطاب، أو حتى ثنائي القطب، كما كان في العقود الماضية، يتيح للولايات المتحدة التصرف كشرطي عالمي، بينما يتصرف ترامب كأنه زعيم للعالم.