بايدن يسعى إلى هدنة مؤقتة في غزة ونتنياهو غير متحمس لها.

بايدن يسعى إلى هدنة مؤقتة في غزة

ونتنياهو غير متحمس لها

حسين الديك

حسين الديك – باحث مختص بالشأن الأمريكي والاسرائيلي

2\12\2024

إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تسعى في أسابيعها الأخيرة لتحقيق إنجاز سياسي ملموس، يتمثل في التوصل إلى هدنة مؤقتة في قطاع غزة، لكن هذه المساعي تواجه تعقيدات ميدانية وسياسية، إذ تبدو الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو غير مهتمة بمثل هذا الاتفاق، وتسعى إسرائيل إلى فرض شروط استسلام على المقاومة الفلسطينية في غزة، مستغلةً الدعم الأمريكي المتواصل واستعداد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، مما يضيف بُعداً سياسياً إضافياً لهذه المعركة.

يعتبر نتنياهو ما جرى في لبنان إنجازاً استراتيجياً، حيث استطاع فصل جبهة حزب الله عن غزة، ما أدى إلى تحويل قطاع غزة إلى الساحة الوحيدة للصراع، وهذا الفصل يعكس نجاحاً إسرائيلياً في تحييد تأثير المقاومة اللبنانية، خاصة بعد الاتفاق الذي أنهى العمليات العسكرية في الشمال.

ويرى نتنياهو أن هذا الاتفاق مكّن الجيش الإسرائيلي من إعادة تركيز عملياته على قطاع غزة، مما يعزز استهداف المقاومة الفلسطينية بشكل مكثف.

وبذلك تسعى إسرائيل لتثبيت وجودها في قطاع غزة، وكانت عملية اقتحام وزير الإسكان الإسرائيلي ورئيس مجلس المستوطنات مناطق من قطاع غزة برفقة ممثلين عن حركة “نحالا” الاستيطانية، مؤشر على ذلك. هذا الاقتحام، تضمن دراسة خرائط تفصيلية وتوزيع الأراضي على المستوطنين، ما يشير إلى نية إسرائيل بناء مستوطنات جديدة في غزة، على غرار مشاريعها في الضفة الغربية.

عودة ترامب وصفقاته مع نتنياهو

وعلى المستوى التشريعي، تعمل الحكومة الإسرائيلية على إلغاء قانون فك الارتباط لعام 2005، الذي أدى إلى انسحاب إسرائيل من مستوطنات غزة، ويجري حالياً في الكنيست مناقشة تشريع جديد يسمح بعودة المستوطنين إلى بعض المناطق التي تم إخلاؤها سابقاً، كما حدث بقانون مشابه حول مستوطنات شمال الضفة التي تم الانسحاب منها.

بالإضافة إلى ذلك، بدأت إسرائيل بإنشاء بنى تحتية عسكرية، تشمل أبراجاً للمراقبة ومواقع عسكرية دائمة على طول ممرات مثل “نتساريم” و”كيسوفيم”، ما يعكس نية واضحة للحفاظ على وجود عسكري دائم في القطاع.

من جانب اخر تدرك المقاومة الفلسطينية أن الورقة الوحيدة التي تمتلكها هي قضية الأسرى الإسرائيليين، ولذلك، فإنها لن تفرط بهذه الورقة بسهولة، بل ستتمسك بمطالبها المتمثلة في الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من القطاع والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، كما أن أي محاولة من نتنياهو لإطلاق الأسرى دون التزام بانسحاب كامل ستُقابل بالرفض.

أن استراتيجية نتنياهو تهدف إلى استخدام قضية الأسرى كورقة تفاوضية لاستكمال العمليات العسكرية، مما يجعل أي هدنة أو اتفاق مؤقت أمراً مستبعداً في الوقت الراهن.

أن المقارنة بين اتفاق لبنان والحالة في غزة ليست دقيقة بسبب الاختلاف الكبير في المحددات الداخلية والخارجية، ففي لبنان، هناك دولة قائمة بمؤسساتها الشرعية، ما ساعد على التوصل إلى اتفاق بين دولتين بموجب هندسة إقليمية شملت فرنسا والولايات المتحدة، إضافة إلى عوامل محلية مثل معادلات الطائف وقوى 14 آذار.

أما في غزة، فان الوضع مختلف تماماً، إذ يعاني القطاع من حرب إبادة شاملة دون وجود مؤسسات محلية أو دولية قادرة على التدخل، كما أن إسرائيل تستغل هذا الوضع لتنفيذ سياساتها الاحتلالية، مما يجعل أي حديث عن سيناريو مشابه للبنان في غزة أمراً غير واقعي.

ولكن دخول الوساطة التركية على خط الأزمة قد يساهم في حلحلة بعض القضايا، لكنه من المستبعد أن يؤدي ذلك إلى اتفاق شامل، خاصة أن المعضلة الرئيسية تبقى رفض إسرائيل لأي انسحاب كامل من القطاع.

في الوقت ذاته فأن المقاومة الفلسطينية لن تتنازل عن مطالبها، مما يجعل التوصل إلى هدنة دائمة أو اتفاق شامل أمراً بعيد المنال في ظل الظروف الراهنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *