بعد رفض بوتين لقاء زيلينسكي..
هل تضاءلت فرص السلام في أوكرانيا؟
عبد الهادي كامل – موقع “ارم نيوز” – الامارات العربية المتحدة
20\6\2025
أثار غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قمة إسطنبول للسلام مع أوكرانيا، وإرساله وفدًا منخفض التمثيل، عاصفة من التساؤلات حول مستقبل المفاوضات، ومصير مبادرات السلام التي تحركت أخيرًا بدفع أمريكي مباشر.
وبحسب المراقبين، فإن غياب الرئيس بوتين لم يكن مجرد حدث بروتوكولي، بل رسالة سياسية حادة اختار توجيهها من بعيد، تضمنت: “لسنا مستعدين بعد لتسوية مشروطة”، وهو ما أكده الرد الرسمي الروسي الذي ربط أي لقاء بين بوتين وزيلينسكي بضرورة تحقيق تقدم جوهري وتوقيع اتفاقات مسبقة.
وبعد غياب بوتين، بدا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكثر حدة من المعتاد، حين وصف مشاركة روسيا في القمة بأنها “صورية” تعكس غياب أي نية روسية حقيقية لوقف الحرب، مطالبًا بفرض حزمة جديدة من العقوبات الغربية على موسكو.
وفي واشنطن، بدت لهجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مختلفة، إذ أعلن عن إجراء مكالمات هاتفية مرتقبة مع كلٍّ من بوتين وزيلينسكي، قائلًا: “لا أحد يستطيع إيقاف بوتين غيري”، وذلك في إشارة إلى ثقته في قدرته الشخصية على الوصول إلى صفقة توقف القتال.
وبين غياب بوتين وتحركات ترامب، يبدو المشهد السياسي محاطًا بحالة من عدم اليقين، ويبقى معها السؤال الأهم، هل هناك تراجع حقيقي في فرص الحل السياسي؟
ترامب يطرق باب بكين.. هل فشل “رجل الصفقات” في وأد حرب أوكرانيا؟
الكرملين والخيار العسكري
ويؤكد الخبراء، أن رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقاء نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يمثل تحولًا خطيرًا في مسار الحرب، وأن هذه الخطوة تعكس تفضيل الكرملين للخيار العسكري على المسار الدبلوماسي.
وأشار الخبراء في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن هذا الرفض يرسّخ واقعًا قاتمًا ويغلق باب الحوار المباشر، وهو ما يُنذر بتصعيد جديد ويفاقم الكارثة الإنسانية، خاصة أن بوتين ما زال يفرض شروطًا غير قابلة للتفاوض.
عرقلة جهود إنهاء الحرب
ويقول مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد سلام، إن رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقاء نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وجهًا لوجه في تركيا، يمثل لحظة فارقة وخطيرة في مسار الصراع، مشددًا على أن هذا القرار لا يُجهض فقط فرص التقارب المباشر، بل يوجه أيضًا ضربة قاصمة للجهود الهشة لإنهاء الحرب.
وأوضح سلام، في تصريح لـ”إرم نيوز”، أن القرار يأتي في ظل استمرار الحرب في حصد آلاف الأرواح يوميًّا وتدمير البنى التحتية، معتبرًا أن رفض اللقاء لا يقتصر على كونه موقفًا بروتوكوليًّا، بل يعكس تفضيلًا لمنطق القوة على التسوية، ويؤسس لواقع قاتم يُضعف آفاق السلام، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن موقف بوتين يستند إلى اعتبارات استراتيجية أعمق من مجرد رفض اللقاء، ويعكس رغبة الكرملين في الإبقاء على خيار التصعيد، وتجنّب تسويات قد لا تلبي الطموحات الروسية.
وأردف مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية، أن الرئيس الروسي يشترط، قبل أي حوار، اعتراف أوكرانيا بـ”الحقائق على الأرض”، وهو ما يُعد بمثابة إملاء لا تفاوض، مؤكدًا أن زيلينسكي لا يملك تفويضًا سياسيًّا أو أخلاقيًّا للقبول بتلك الشروط؛ ما يجعل من الرفض الروسي وسيلة للهروب من مفاوضات محكومة بالفشل.
إعادة ترتيب الأوراق الروسية
وأضاف أن الكرملين يراهن على الحسم العسكري، ويعتقد أن الضغط المتواصل قد يضعف الموقف الأوكراني، ويدفعه إلى قبول تسوية تُفرض بالقوة، مشيرًا إلى أن أي تفاوض مباشر قد يقيّد التحركات الروسية أو يمنح كييف وقتًا لإعادة ترتيب صفوفها.
كما اعتبر أن بوتين يتجنب اللقاء كي لا يفسر كمؤشر على الانفتاح نحو التسوية، وهو ما قد يُضعف موقف روسيا التفاوضي ويخفف الضغط الغربي على أوكرانيا.
وشدد سلام على أن رفض اللقاء لا يُغلق فقط بابًا مهمًّا للحوار، بل يزيد فرص التصعيد، ويصعّب بناء جسور الثقة اللازمة لأي مفاوضات مستقبلية.
وطرح مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية، 3 سيناريوهات محتملة؛ أولها استمرار المفاوضات غير المباشرة على مستويات أدنى، رغم صعوبة تحقيق اختراق، بالإضافة إلى تصاعد الضغوط الغربية؛ ما قد يزيد كلفة الحرب مع خطر تشدد روسي إضافي أو انزلاق الصراع إلى حرب استنزاف طويلة الأمد.
جوهر الصراع الروسي الأوكراني
ومن جانبه، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور سمير أيوب، إن جوهر الصراع ليس مجرد لقاء بين رئيسين، بل هو صراع أعمق بين روسيا وحلف الناتو على الأراضي الأوكرانية.
ورأى أن طلب زيلينسكي لقاءَ بوتين في تركيا يندرج في سياق إعلامي هدفه استفزاز موسكو، مشيرًا إلى أن التفاوض الحقيقي لا يبدأ بلقاء القادة، بل بوفود مفوضة تمهد الطريق.
وأضاف الخبير في الشؤون الروسية، في تصريح لـ”إرم نيوز”، أن أي مفاوضات جادة تمر بمراحل تصاعدية، تبدأ من الوفود، وقد تتطور إلى لقاءات على مستوى وزراء الخارجية، ثم القادة، حال تحقق الحد الأدنى من الثقة.
وأوضح أن أحد أهداف روسيا من العملية العسكرية هو رفع العقوبات المفروضة عليها، مضيفًا أن تصريحات زيلينسكي بشأن رفض بوتين للتفاوض قد انعكست عليه سلبيًّا.
استقلالية اتخاذ القرار
وأضاف د.سمير أيوب، أن الجولة الحالية شهدت اتفاقًا على تبادل أعداد كبيرة من الأسرى؛ ما يعكس إمكانية تقدم المسار التفاوضي في الجولات المقبلة.
وعن فرص الحل قال إن التفاؤل قائم ولكن بحذر، مشددًا على أن أي مفاوضات جادة تتطلب التعامل بجدية مع المطالب الروسية، خاصة ما يتعلق بالمقاطعات الأربع التي ضمتها موسكو.