تاريخ الصهيونية، احتلال فلسطين وحرب غزة – تحليل بيوتر زيخوفيتش وفويتخ شيفكو
عمر فارس – رئيس الجمعية الاجتماعية والثقافية غير الحكومية للفلسطينيين في بولندا
4\12\2024
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو واحد من أصعب وأعقد القضايا في الجغرافيا السياسية المعاصرة. في بولندا، تناول هذا الموضوع كُتَّاب مثل بيوتر زيخوفيتش وفويتخ شيفكو. ورغم اختلاف أساليبهما، فإنهما يعرضان وضع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي وأصول الصهيونية بطريقة تثير النقاش وتلقي الضوء على قضايا غالبًا ما يتم تجاهلها في التيار الإعلامي الرئيسي.
بيوتر زيخوفيتش: تاريخ الصهيونية بلا رقابة
بيوتر زيخوفيتش، المؤرخ والصحفي المعروف بجرأته في تناول المواضيع التاريخية، يؤكد في كتاباته أهمية تحليل التاريخ بعيدًا عن الأيديولوجيات. يقدم زيخوفيتش أصول الصهيونية كحركة قومية تهدف إلى إنشاء دولة يهودية في فلسطين، لكنه يبرز تأثيرات هذه الفكرة، خاصة فيما يتعلق بالتهجير والعنف ضد السكان الأصليين في المنطقة.
بحسب زيخوفيتش، فإن الصهيونية، رغم انطلاقها كحركة تسعى لتوفير ملاذ آمن لليهود، سرعان ما اتسمت بصفات استعمارية. أحداث مثل النكبة عام 1948، حيث تم تهجير الفلسطينيين بشكل جماعي، وسياسات الفصل العنصري التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي هي، برأي المؤرخ، من أسس التوترات الحالية في المنطقة.
فويتخ شيفكو: خبير الشرق الأوسط في الواقع المعاصر
فويتخ شيفكو، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، يركز على تحليل السياسة الإسرائيلية المعاصرة والوضع المأساوي للفلسطينيين. في تعليقاته الإعلامية ومقالاته، يؤكد شيفكو أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس مجرد نزاع على الأراضي، بل مشكلة تتعلق بانتهاكات منهجية لحقوق الإنسان.
يشير شيفكو إلى الحصار المفروض على قطاع غزة، الذي حرم مليوني شخص من الوصول إلى الاحتياجات الأساسية، واصفًا إياه بأنه شكل من أشكال العقاب الجماعي. يركز بشكل خاص على التصعيد الأخير في الصراع، واصفًا العمليات الإسرائيلية في غزة بأنها “حرب إبادة” تتسم بالقصف المكثف للبنية التحتية المدنية، وتدمير المرافق الحيوية، والأزمة الإنسانية الحادة.
الناشط الفلسطيني عمر فارس: الحل العادل هو دولة واحدة نعيش فيها بالتساوي
الصهيونية والاحتلال في ضوء الحقائق
يعتمد كل من زيخوفيتش وشيفكو في تحليلاتهما على وثائق تاريخية وتقارير منظمات دولية وشهادات أشخاص تأثروا بالصراع. يشدد كلاهما على أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني متجذر بعمق في الظلم التاريخي. عمليات الاستعمار، ومصادرة الأراضي، والقمع ضد الفلسطينيين هي، بحسب رأيهما، الأسباب الرئيسية للتوترات اليوم.
الوضع الراهن في غزة: حرب أم إبادة جماعية
بلغت التوترات المستمرة منذ عقود ذروتها في السنوات الأخيرة، عندما نفّذت القوات الإسرائيلية سلسلة من العمليات العسكرية في قطاع غزة. توثق تقارير عديدة، منها تقارير صادرة عن منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش، انتهاكات إسرائيل للقانون الإنساني الدولي، والتي، وفقًا لشيفكو، ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
القصف الذي يستهدف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، والحصار الذي يمنع وصول المساعدات الإنسانية، جعل سكان غزة يعيشون في ظروف مأساوية. ويرى شيفكو أن هذه الأفعال جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إضعاف الفلسطينيين بشكل دائم.
لماذا تعتبر تحليلاتهم مهمة؟
يشدد كل من بيوتر زيخوفيتش وفويتخ شيفكو على أهمية تبني نهج نقدي عند دراسة التاريخ والسياسة. تشجع أعمالهما على طرح الأسئلة الصعبة والبحث عن إجابات خارج السرديات السائدة. وفي ظل الأزمة الإنسانية المستمرة في فلسطين، يمكن لتحليلاتهما أن تساعد في فهم أعمق لأسباب هذا الصراع المأساوي ونتائجه.
ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن فهم هذا الوضع المعقد يتطلب الرجوع إلى مصادر متنوعة، بما في ذلك تقارير مستقلة صادرة عن منظمات دولية وشهادات من يعيشون في فلسطين. وحده هذا النهج يمكن أن يوفر صورة شاملة عن واحدة من أكبر مآسي العالم المعاصر.