ترامب يطرق باب بكين..
هل فشل “رجل الصفقات” في وأد حرب أوكرانيا؟
عبد الهادي كامل – موقع “ارم نيوز” – الامارات العربية المتحدة
22\5\2025
لطالما تفاخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمهاراته التفاوضية، ولا يَستبعد اليوم أن تمدّ الصين يدها لإنهاء الحرب في أوكرانيا، في مشهد يعكس تحوّل مراكز الثقل الجيوسياسي، وربما ارتباكًا أمريكيًا أمام معادلة لم تعد واشنطن قادرة على حسمها.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، قدّم ترامب نفسه كزعيم قادر على إبرام صفقات تُنهي الحروب وتعالج أزمات العالم، لكن الواقع الأوكراني أثبت أن النزاع أكثر تعقيدًا من تغريدات أو تفاهمات ثنائية.
وخلال الساعات الماضية، أعرب ترامب عن إمكانية طلبه من الصين التدخل للمساعدة في تسوية النزاع بين موسكو وكييف، وذلك ردًا على سؤال من صحفي داخل البيت الأبيض حول دور محتمل لبكين في «سد الفجوة» بين الجانبين.
وجاءت هذه التصريحات بعد أيام من زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى موسكو للمشاركة في احتفالات “يوم النصر”، ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أكد شي على أهمية حل النزاعات الدولية عبر الحوار، معلنًا استعداد بلاده للعب دور بنّاء في دفع المحادثات السلمية، وأن طريق السلام في أوروبا يمرّ عبر معالجة جذور الأزمة.
ومع تلميحات ترامب التي تفتح نافذة جديدة أمام بكين لإثبات قدرتها على لعب دور عالمي، يبرز تساؤل جوهري: هل فشل “رجل الصفقات” في إنهاء الحرب الأوكرانية؟
تحوّل في النهج التفاوضي
يرى خبراء أن ترامب بدأ يُظهر تحولًا في نهجه تجاه الحرب الأوكرانية، يتجلى في الاستعداد لتقاسم المسؤولية التفاوضية، بل وحتى التلميح بإمكانية انسحاب واشنطن من مسار المفاوضات.
وأشاروا في تصريحات خاصة لـ”إرم نيوز” إلى أن دعوة ترامب لمشاركة محتملة من الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والصيني شي جين بينغ في جهود الوساطة، تفتح الباب أمام إعادة رسم خريطة التفاوض، رغم التشكيك الغربي في حيادية الصين بسبب انحيازها الخطابي إلى روسيا.
وأوضح الخبراء أن ترامب لا يزال يتعامل مع الأزمات الدولية بعقلية رجل الأعمال، مع التركيز على النتائج النهائية بغضّ النظر عن أدوات التنفيذ، ويرى أن الاستعانة بأي طرف – بما في ذلك الصين أو البرازيل – مقبولة ما دامت تؤدي إلى حل.
إيغور سيميفولوس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في أوكرانيا، قال إن ترامب بات يُظهر استعدادًا أكبر لتقاسم المسؤولية في إدارة مفاوضات إنهاء الحرب، إذ انتقل من تعهداته السابقة بإنهاء النزاع خلال 24 ساعة إلى التلميح مؤخرًا بإمكانية انسحاب أمريكا من العملية التفاوضية برمتها.
وأضاف أن المشكلة تكمن في “السطحية” التي اتبعتها الإدارة الأمريكية الحالية في تعاملها مع روسيا، دون إدراك حقيقي للطبيعة الإمبريالية للنزاع وأهميته الاستراتيجية لنظام بوتين.
وتابع: “الرئيس التركي تلقى بالفعل عروضًا للمشاركة في الوساطة، والآن يُطرح اسم شي جين بينغ، إلا أن الزعيم الصيني، خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، كرر الخطاب الدعائي الروسي، مما يضعف فرص اعتباره وسيطًا نزيهًا”.
وأشار سيميفولوس إلى أن مدى جدية هذه الطروحات داخل واشنطن لا يزال غامضًا، وقد تكون تصريحات ترامب مجرد مواقف عفوية كما اعتاد في مناسبات سابقة.
توافق أمريكي ـ أوكراني؟
من جانبه، قال د. توفيق حميد، المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأمريكية، إن ترامب لم يفشل في إنهاء الحرب، مشيرًا إلى أن توقيع أوكرانيا مؤخرًا على اتفاقية المعادن النادرة يعكس وجود توافق سياسي مبدئي بين كييف وواشنطن على مخرَج ممكن للأزمة.
وأوضح حميد في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن الاتفاق يعكس قناعة أمريكية بإمكانية التوصل إلى حل، مما شجّع إدارة ترامب على دعم التحرك، في خطوة قد تدفع موسكو للانخراط في مفاوضات أكثر جدية.
وأضاف أن طلب ترامب دعم الصين لا يمثل إشكالية بحد ذاته، بل قد يشكّل أداة لتحقيق هدفه، حتى لو تطلّب الأمر إشراك دول مثل البرازيل. وأكد أن ترامب يعتمد مبدأ “النتيجة أولًا”، بصرف النظر عن الأدوات التقليدية أو الخصومات السياسية.
مفاوضات إسطنبول – تحليل التعثر وآفاق الحرب الروسية على أوكرانيا
موقف الصين
أما نادر رونغ، المحلل السياسي الصيني، فأكد أن موقف بكين من الحرب الأوكرانية لا يزال رسميًا حياديًا، إذ تدعو إلى الحوار والتفاوض كوسيلة لحل النزاع.
وأضاف في تصريح لـ”إرم نيوز”، أن الصين تطالب جميع الأطراف بالسعي إلى حل سياسي يراعي مصالح الجميع، محذّرة من مزيد من التصعيد.
وأشار رونغ إلى أن التحالف الاستراتيجي بين بكين وموسكو قد يشكّل ورقة ضغط إيجابية على الكرملين لقبول المفاوضات، دون أن يُفسّر ذلك على أنه تقويض لحقوق روسيا.
وخلص إلى أن التحدي الأكبر يكمن في قبول أوكرانيا والدول الأوروبية بالدور الصيني، خاصة في ظل تزايد الشكوك حول حياد بكين، رغم ما تحمله من فرص فعلية لإنهاء النزاع.