توماهوك – دونيتسك… كلمات سر متقاطعة لإنهاء الحرب في أوكرانيا
محمد العروقي – رئيس مجلس الإعلاميين العرب في أوكرانيا
21\10\2025
توماهوك، كلمة السر الأوكرانية لإيقاف الحرب و ردع روسيا عن استمرار حربها ضد أوكرانيا ، هذا ما تعتقده القيادة الأوكرانية و الرئيس زيلينسكي ، وتسعى إليه أوكرانيا ، رغم فشل مساعي الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي في الحصول على هذا النوع من السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية خلال زيارته الأخيرة للبيت الأبيض، بالمقابل تعتقد روسيا بأن تنازل أوكرانيا عن أراضيها التي احتلتها القوات الروسية و الاعتراف بالأمر الواقع سيكون نقطة تحول مهمة لإيقاف تلك الحرب ، وحسب ما سربته وسائل إعلام أمريكية فإن روسيا تطالب بأن تنسحب أوكرانيا من كامل مقاطعة دونيتسك والتي تحاول روسيا منذ العام 2014 بالسيطرة الكاملة عليها ، كي تكون طريقا ممهدا للسلام .
بين الخيار الأوكراني والخيار الروسي، تبدو مهمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معقدة للغاية في إيجاد “الخلطة السحرية” من اجل إيقاف تلك الحرب.
لكن رغم ذلك الآمال منعقدة على قمة “بوتين-ترامب” التي ستعقد في بودابست قريبا في إيجاد خارطة طريق تقود لإنهاء تلك الحرب. لكن ماهي خيارات ترامب من اجل انهاء تلك الحرب؟
الرئيس الأمريكي ترامب مارس ضغوطا حقيقية على أوكرانيا ولم يمارس نفس الضغوط على روسيا، فهو لاعتبارات عديدة يظهر نفسه رجل سلام، لكن ترامب في نفس الوقت واجه احراجات من الطرف الروسي جعلته أن يقر ويعترف بأن موضوع إيقاف الحرب بين أوكرانيا وروسيا أمرا معقد وليس كما كان يعتقد، وأعلن عن خيبة امله من بوتين جراء ذلك.
جاء الحديث عن احتمال تزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك الحديثة” ليدب الرعب في الكرملين، وبعيدا عن تصريحات ميدفيدف أو مسؤولين آخرين في القيادة الروسية، بادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاتصال بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب عشية زيارة الرئيس الاوكراني زيلينسكي للبيت الأبيض، طالبا منه عقد لقاء قمة، هذا العرض الروسي وجد آذانا صاغية لدى الطرف الأمريكي كذلك نجح بوتين في قطع الطريق على الرئيس الاوكراني زيلينسكي في إمكانية موافقة الولايات المتحدة على إمداد أوكرانيا بصواريخ توماهوك ولو مؤقتا.
مآلات القمة القادمة بين بوتين وترامب
العرض المطروح من الرئيس الأمريكي هو وقف الحرب بأي ثمن الى النقطة التي وصلت اليها تمهيدا للتفاوض ومن يعتقد نفسه منتصرا فليحتفل بانتصاره ، هذا ما جاء على لسان الرئيس الأمريكي ترامب ، ووافق معه مباشرة على هذا الطرح الرئيس الاوكراني زيلينسكي ، أي ان فكرة وقف او تجميد خطوط القتال من اجل التفاوض فكرة مقبولة لدى الطرف الاوكراني ، بالمقابل الطرف الروسي أكثر عناد ومنذ أن بدأت خطوط التواصل في مارس 2025 في جدة بالمملكة العربية السعودية ثم تلاها لقاءات استنبول وتبعها قمة ألاسكا ، والطرف الروسي يعطي إملاءات وشروط من أجل الموافقة على وقف مؤقت أو دائم لإطلاق النار ، ويتهرب من موضوع عقد لقاء قمة بين زيلينسكي و بوتين، وفي هذا السياق من الصعب أن تقدم روسيا أي تنازلات جوهرية رغم تضررها اقتصاديا و فشل هجومها المضاد في الربيع وصيف هذا العام حسب المراقبين بالاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي الأوكرانية ، وسبب عدم تقديم تنازلات رغم الخسائر و المعاناة الكبيرة لدى الطرف الروسي هو كبرياء الإمبراطورية الروسية التي يحلم بها بوتين امتدادا لأسلافه منذ روسيا القيصرية و عدم تأليب الرأي العام الداخلي على بوتين إن انتهت دون أن يحقق الأهداف الرئيسية لتلك الحرب و اطلق عليها مسمى أقل من حرب وهي ( العملية الخاصة).
بالمقابل الطرف الأوكراني يرفض تقديم أي تنازلات جغرافية على حساب أرضه، بل يطالب باستعادة جزيرة القرم التي احتلتها روسيا في العام 2014 والتي حسب معظم دول العالم بإنها موضوع منتهي لا يمكن نقاش روسيا به.
“تقلبات وإعادة تموضع”..كيف تحولت مواقف واشنطن إزاء حرب أوكرانيا؟
بين كل هذا وذاك تبقى الخيارات امام الرئيس الأمريكي ترامب محدودة و صعبة ، اما إعادة دعم أوكرانيا عسكريا ، أو التخلي عن أوكرانيا نهائيا ، أو إرغام الطرفين بالجلوس على طاولة المفاوضات ووقف الحرب للحدود التي وصلت اليها ( تجميد الصراع) و إعطاء الفرصة للدبلوماسية، ولكن في هذا السياق علينا الا نغفل التوتر في القارة الأوروبية و أن الموضوع أصبح أمن القارة الأوروبية بشكل عام بسبب مخاوف كبيرة بالاتحاد الأوروبي من ان تشن روسيا حربا على إحدى دولها بالمستقبل لذلك اصبح القرار الاوكراني جزء من القرار الأوروبي ، وهذا يزيد الأمور تعقيدا.
لذلك ومن المتوقع أن قمة بودابست القادمة ستكون قمة حاسمة لتلك الحرب ، ومن المتوقع أن يمارس الرئيس الأمريكي ضغوطات حقيقية بين الطرفين ويستخدم أسلوب ( العصا و الجزرة) بشكل متوازي على الطرفين وسوف تعقد قمة أخرى بين بوتين وزيلينسكي ، ولكن كما ذكرت فإن آخر ما يمكن أن يتم التوصل إليه هو (تجميد الصراع) عند الحدود الحالية ضمن اتفاقية ( خارطة طريق) تقود الى الاشتباك والتفاوض السياسي بدل الحرب لعدة سنوات قادمة ، املا في متغيرات للمناخ السياسي بين البلدين أو أن يجدا لغة مشتركة بتنازلات متبادلة ، أو تستأنف الحرب بعد حين.