حرب الجمارك تشتعل … كندا والمكسيك تردان على ترامب
د. حسين الديك – كاتب ومحلل سياسي مختص بالشأن الأمريكي
2\2\2025
لطالما كانت المصالح الاقتصادية الإطار المحرك للعلاقات ما بين الدول، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم يعد هناك صراع إيديولوجي في العالم، بل سيطرت المصالح الاقتصادية على العلاقات ما بين الدول، اذ أصبح الاقتصاد هو العامل الأساسي والمحرك للتحالفات بين الدول، عوضا عن ذلك أصبحت تظهر التكتلات الاقتصادية بصورة أكبر واشمل، واصبح الصراع الاقتصادي يترجم بالمزيد من العقوبات الاقتصادية من قبل الدول المتحكمة في الاقتصاد العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية من خلال فرض الهيمنة والسيطرة الاقتصادية على دول العالم وخاصة الدول النامية.
تشكل السياسة الجمركية لاي دولة أداة من أدوات التأثير في السياسة المالية والاقتصاد القومي للبلاد، والسياسة الجمركية تتناول حركة التجارة الخارجية تصديراً واستيراداً، حيث تسعى الحكومات للتأثير في حركة التجارة من خلال الرسوم الجمركية فتخفض التعرفة الجمركية لمواد يحتاج إليها السوق أو لمواد واردة من أسواق معينة كنوع من تشجيع التعاون بين دول بعينها، وترفع التعرفة الجمركية حين تهدف إلى تقليص حجم الواردات من منتج معين وصولا إلى هدف اقتصادي في إطار خطة اقتصادية عامة.
كانت تصريحات الرئيس دونالد ترامب الجدلية خلال دعايته الانتخابية مؤشرا واضحا على السياسة الامريكية ضد الحلفاء والفرقاء، وخاصة ما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية على بعض الدول. وبعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في العام 2024 وتوليه السلطة بدأ تنفيذ وعوده الانتخابية، فأصدر الأوامر التنفيذية التي ترجمت وعوده الانتخابية، وكان من بين تلك الأوامر التنفيذية فرض رسوم جمركية على الواردات من كندا والمكسيك نسبتها 25% على الواردات المكسيكية والكندية، و 10% على السلع القادمة من الصين اعتبارا من الثلاثاء 1\4\2025، وأعلن أنها ستظل سارية حتى تنتهي حالة طوارئ وطنية بسبب عقار “الفنتانيل” والهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة.
د. سعيد سلّام حول الحرب التجارية بعد وصول ترامب الى البيت الأبيض
ووفقا للأعراف الدستورية في دول العالم فان فرض الرسوم الجمركية هو أحد تجليات السيادة الوطنية للدولة ولا أحد يستطيع ان يعترض على ذلك، لأنه قرار يأتي لحماية الصناعات الوطنية في أي دولة، ولكن في المقابل عندما تكون تلك الرسوم من باب التحدي والابتزاز كما يفعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فان ذلك بالتأكيد سيواجه بإجراءات مماثلة.
في المقابل ردت كل من كندا والمكسيك بفرض رسوم جمركية مماثلة على البضائع الواردة من الولايات المتحدة الامريكية بعد دخول القرار حيز التنفيذ، وأكدتا على التنسيق المشترك ما بين الدوليتين لمواجهة الضغوط الامريكية، إضافة الى ذلك فان الدولتين تدرسان اتخاذ تدابير اقتصادية أخرى غير جمركية في مواجهة السياسات الاقتصادية الامريكية.
ان انعكاسات هذه السياسات الجمركية لن تقتصر فقط على تلك الدول بل أنها ستؤثر على الاقتصاد العالمي بأكمله كون الدول التي لها علاقة بتلك السياسات الجمركية تمثل أقوى الاقتصادات في العالم وهما (الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الصيني)، أضف الى ذلك قد يكون هناك ارتدادات أخرى على الاقتصاد الاوروبي الذي يعاني منذ فترة طويلة من الركود، مما قد ينذر بحرب اقتصادية عالمية يكون لها اثار كارثية على الاقتصاد العالمي، والتي سيدفع ثمنها الدول الفقيرة وشعوبها بسبب تلك السياسات العدائية التي اطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.