خرائط نتنياهو حول نظام إقليمي جديد
نبيل السهلي – كاتب فلسطيني
7\10\2024
في محاولة جديدة لإحياء فكرة قديمة؛ صرح نتنياهو أخيراً أن مشروع لرسم خريطة نظام إقليمي جديد قد بدأ فعلياً؛ بحيث تكون الدولة المارقة إسرائيل قطباً سياسياً ومالياً بدعم غربي، وخاصة أمريكي وعلى كافة المستويات المالية والعسكرية والإعلامية والسيبرانية.
وقد توضح ذلك خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/أكتوبر من العام المنصرم 2023.
طرح المشروع
جرى الحديث عن مشروع الشرق الأوسط الجديد كثيراً بعد انعقاد مؤتمر مدريد للتسوية في نهاية عام 1991.
وقد سعى شمعون بيرس الرئيس الإسرائيلي السابق في منتصف التسعينيات لرسم صورة للشرق الأوسط الجديد في كتابه الذي حمل العنوان نفسه، بحيث تكون فيه إسرائيل القطب المالي والمائي والسياسي في الوقت ذاته، لكن نتنياهوا أصدر كتاباً فيما بعد بعنوان (مكان تحت الشمس)، ليؤكد فيه أن بناء علاقات مع الدول العربية تجعل من إسرائيل دولة متخلفة اقتصادياً، ولهذا كان يفضل بناء علاقات مع دول أوروبية متطورة حتى لو كان اقتصادها صغيرا مثل لكسمبورغ.
النظام الإقليمي
وتبعاً لذلك يمكن الجزم أن نتنياهو طرح فكرة النظام الإقليمي؛ أي الشرق الأوسط الجديد قبل فترة وجيزة لتحقيق أهداف سياسية، في مقدمتها محاولة تهربه من تهم الفساد، فضلاً عن تعميم ثقافة مفادها أن إسرائيل دولة طبيعية وقوية في ذات الوقت، رغم انكشاف هشاشتها إثر عملية «طوفان الأقصى» في بداية تشرين الأول / أكتوبر من العام الماضي 2023.
لقد مرّ على اتفاقات أوسلو واحد وثلاثون عاماً (1993-2024)، من دون نيل الشعب الفلسطيني أي حق من حقوقه الوطنية، بل على العكس من ذلك، ارتفعت وتيرة النشاط الاستيطاني وتمت سيطرة الجيش الإسرائيلي على عشرات الألوف من الدونمات من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس.
وتفاقمت عنصرية إسرائيل إزاء العرب الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني والمقدسيين، وتوضح ذلك من خلال إصدار رزمة من القوانين العنصرية، ومن أخطرها قانون القومية الإسرائيلي الذي يرسخ فكرة يهودية الدولة.
وكانت طفت إلى السطح بعد كرنفال توقيع اتفاقات اوسلو في 13-9-1993، مشاريع لرسم صورة نظام شرق أوسطي جديد وفق تصورات أمريكية وإسرائيلية، بحيث تكون فيه إسرائيل قطباً على كافة المستويات، وكان الهدف الاستراتيجي من تلك المشاريع بدء التطبيع الاقتصادي والسياسي والثقافي مع إسرائيل بعد صراع طويل مع الشعب الفلسطيني.
لكنه رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على اتفاقات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، لم تتحقق خطوات جوهرية لجهة جعل النظام الإقليمي الجديد حقيقة ماثلة للعيان كما روج البعض.
الإطار الجغرافي
بعد ثلاثة وثلاثين عاماً على انعقاد مؤتمر مدريد(1991-2024) وما تمخض عنه من اتفاقات إسرائيلية مع بعض الأطراف العربية التي حضرت جلساته، ما تزال الأطروحات حول الشرق الأوسط تراوح مكانها، لأن العرب لم تتم استشارتهم ومشاركتهم لرسمه أو التخطيط له في الأساس، ناهيك عن كون المشروع يلبي أهدافا إسرائيلية أمريكية في الشرق الأوسط بعيداً عن أهداف الشعوب العربية.
وبالعودة إلى المصطلح، تجمع الدراسات المختلفة أن الشرق الأوسط ليست له ملامح جغرافية محددة المعالم، لكن البعض يشير إلى أنها المنطقة الجغرافية الواقعة شرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط، وتمتد إلى الخليج العربي. ويستعمل هذا المصطلح للإشارة للدول والحضارات الموجودة في هذه المنطقة الجغرافية.
مهد الحضارات الإنسانية
ويشار هنا إلى أن هذه المنطقة سميت في عهد الاكتشافات الجغرافية من قبل المكتشفين الجغرافيين بالعالم القديم وهي مهد الحضارات الإنسانية وكذلك مهد جميع الديانات السماوية.
ويمكن القول إن الكيانات السياسية في هذه المنطقة تتمثل في الدول التالية: العراق، والسعودية، وفلسطين، والكويت، والأردن، ولبنان، والبحرين، وقطر، والإمارات، واليمن، وسوريا، ومصر، وسلطنة عمان، والسودان، وإيران، وأرمينيا، وتركيا، وقبرص.
ويعتبر الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم توترا أمنيا، حيث شهد حروباً طاحنة، وفي مقدمتها الحرب والعدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين بأشكال مختلفة منذ تشرين الأول /أكتوبر من العام الماضي 2023.