د. سعيد سلّام: بوتين يفضّل ترامب “السهل” على هاريس “الحازمة“!
عبد الهادي كامل – موقع “ارم نيوز” – دبي
2\11\2024
قال باحث دولي، إن هناك اعتبارات عدة تدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دعم المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، على حساب منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
وعلق مدير مركز “فيجن” للدراسات الإستراتيجية في كييف، د. سعيد سلام، في حوار مع “إرم نيوز“، على آخر المستجدات داخل الساحة السياسية والعسكرية الأوكرانية.
وتطرق إلى خطة كييف لوقف انسحاب قواتها من الجبهة القتالية، ومسار الحرب بعد مشاركة قوات كوريا الشمالية إلى جانب موسكو، والتحذيرات الغربية لكل من روسيا وكوريا الشمالية.
بدايةً.. حدثنا عن آخر التطورات العملية العسكرية في خضم سيطرة روسيا على عدد كبير من البلدات الشمالية والشرقية من أوكرانيا.
الوضع العسكري على جميع الجبهات صعب جدا، المعارك والهجمات الروسية المكثفة مستمرة، والقوات الأوكرانية تعاني فعليا من نقص كبير في الأفراد، لأن روسيا دفعت بأعداد كبيرة من الجنود في الهجمات الموضعية في محاور محددة، وذلك لتجاوز نقص الآليات المدرعة، ويحاولون التغلب على الدفاعات الأوكرانية بالأعداد الكبيرة من الجنود، ولدى الجانب الروسي خسائر كبيرة في الأفراد والآليات، لكن على الرغم من هذا يتقدمون بسبب تفوقهم العددي.
إلى متى يمكن للقوات الأوكرانية الاستمرار في تحمل هذه الأعداد الكبيرة من الخسائر البشرية والمعدات العسكرية؟
هذا سؤال مهم، والإجابة عنه يمكن أن تحدد الإستراتيجيات والتكتيكات العسكرية لدى الطرفين على الجبهة، ولكن يجب أن نفهم أن النظام الروسي يراهن بشكل كبير على احتلال أكبر قدر ممكن من الأراضي الأوكرانية قبل الانتخابات الأمريكية.
لأول مرة الرئيس فولوديمير زيلينسكي اعترف بانسحاب جنوده من خط الجبهة.. فهل هذه البداية أم هناك خطة غربية أوكرانية؟
بالنسبة لانسحاب القوات الأوكرانية، نعم، هناك انسحاب، وهذا ليس سراً أن لدى أوكرانيا نقصًا في الجنود والمعدات والذخيرة، وتصريح الرئيس الأوكراني يأتي في خضم أن الأمريكيين لم يلتزموا بتقديم سوى 10% من المساعدات من المبلغ المخصص من الكونغرس (نحو 60 مليار دولار)، وكان الرئيس زيلينسكي سابقا قد كشف عن تعبئة وتجهيز 4 فرق عسكرية ولكن لم يتم تأمين المعدات العسكرية اللازمة لها.
وحاليًا لا يوجد خطة واضحة للخروج من الحرب أو على الأقل منع تراجع القوات الأوكرانية سوى زيادة الدعم العسكري وإيصاله بالكميات الكافية والوقت المناسب، وأعتقد أن دور أوروبا مستقبلا سيزداد، وأن هناك توقعات بزيادة في الدعم العسكري الذي سوف تقدمه أوروبا لأوكرانيا، خصوصا إذا توقفت الولايات المتحدة عن تقديم الدعم.
هناك تقارير غربية أكدتها معلومات استخباراتية أوكرانية تشير إلى أن قوات كوريا الشمالية تقاتل إلى جانب روسيا في أرض المعركة.. هل هذا الدعم قد يحدث فارقًا؟
نعم، هناك تقارير تؤكد ذلك، وقد نرى هذه الوحدات قريبًا على أرض المعركة، وقد أعلن اليوم رئيس مركز مكافحة المعلومات المضللة، أندري كوفالينكو أن الجنود الكوريين الشماليين موجودون بالفعل في الأراضي الأوكرانية المحتلة، بما في ذلك في دونيتسك.
تداعيات مشاركة قوات من كوريا الشمالية في الحرب الروسية على أوكرانيا
من الصعب تقييم جاهزية الجيش الكوري الشمالي للقتال في هذه الظروف، خصوصا أنه لا يوجد لديهم خبرة قتالية فعلية، لذلك من المحتمل أن يتم استخدام القوات الكورية الشمالية في مهام محددة مثل الأعمال الهندسية أو الدعم اللوجستي، بدلاً من المشاركة المباشرة في المعارك على الخطوط الأمامية للجبهة، والاستعانة بـ 10-12 ألفًا من هذه القوات.
إذًا بعد تحذيرات واشنطن لكوريا الشمالية بسبب مشاركة جنودها مع روسيا.. هل يدخل الناتو في حرب عالمية ثالثة والسيناريوهات المتوقعة؟
تحذيرات واشنطن لكوريا الشمالية جاءت نتيجة لتقارير تشير إلى مشاركة جنود كوريا الشمالية في القتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا، ومع ذلك، من غير الراجح أن يؤدي ذلك إلى دخول الناتو في حرب عالمية ثالثة، والحرب يمكن أن تكون غير متوقعة، والناتو حتى اللحظة يسعى دائمًا لتجنب التصعيد العسكري المباشر مع روسيا، وبدلاً من ذلك يركز على تقديم الدعم العسكري واللوجستي لأوكرانيا دون التورط المباشر في النزاع.
خلال الساعات الماضية فرضت أمريكا عقوبات جديدة ضد “آلة الحرب” الروسية.. مدى تأثر موسكو بهذه العقوبات؟
تهدف العقوبات إلى عزل روسيا اقتصادياً وتقويض قدرتها على مواصلة الحرب، وأيضا تستهدف العقوبات إلى التأثير سلبا على الاقتصاد الروسي بشكل أكبر وتعزيز الضغط على الحكومة الروسية، ومنعها من التحايل على العقوبات. لذلك شملت العقوبات مئات الشركات والأفراد في أكثر من 12 دولة، بما في ذلك روسيا والصين والهند، وتم توجيه العقوبات بشكل أساسي نحو الشركات التي تزود روسيا بالتكنولوجيا والمعدات اللازمة لإنتاج الأسلحة والمعدات العسكرية، ما يمكن أن يساهم في تفكيك الشبكات التي تستخدمها روسيا لتجاوز العقوبات السابقة، وذلك من خلال استهداف الشركات والأفراد الذين يشاركون في تهريب التكنولوجيا إلى روسيا.
ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن العقوبات الأمريكية ضد روسيا لم تحقق نتائج كبيرة في السابق، وقد تكون الشركات الروسية قادرة على التكيف معها بشكل معقول.
قبل ساعات من الانتخابات الأمريكية.. هاريس وترامب أي منهما في ميزان تفضيلات الرئيس الروسي؟
يبدو أن بوتين يميل إلى تفضيل دونالد ترامب على كامالا هاريس.. ترامب، المرشح الجمهوري، انتقد بشدة إنفاق واشنطن مبالغ طائلة على دعم أوكرانيا، وأشاد بعلاقته السابقة “الجيدة للغاية” مع بوتين، بالإضافة إلى أنه قدم عبر فريقه السياسي والمرشح لمنصب نائب الرئيس جيه دي فانس، رؤية لإيقاف الحرب.
من ناحية أخرى، تدعم هاريس، استمرار النهج الذي اتبعه الرئيس جو بايدن في دعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي، وأكدت دعمها الثابت لأوكرانيا واستمرار إمدادها بالأسلحة للدفاع عن نفسها. لذلك يبدو أن الرئيس بوتين يرى في المرشح ترامب فرصة لتحقيق أهدافه بشكل أسهل مقارنةً بهاريس التي تتبنى موقفًا أكثر حزمًا تجاه روسيا.
ما السيناريوهات الأوكرانية المتوقعة بعد رفض خطة “النصر” التي طرحها زيلينسكي؟
حتى الآن لا يمكن القول إنه تم رفض “خطة النصر” التي أعلن عنها الرئيس الاوكراني، بل هناك نقاشات وتجاذبات حولها، وحول إمكانيات الدول المشاركة في تحقيقها من الناحية العسكرية والاقتصادية.
لكن رفض خطة “النصر” يفتح الباب أمام مجموعة واسعة من السيناريوهات المحتملة، بعضها إيجابي والبعض الآخر سلبي.
ما سر المخاوف الأوكرانية من إعادة تطبيق “اتفاقية مينسك”؟
إن المخاوف الأوكرانية لها جذور عميقة في التاريخ المعاصر للعلاقات بين البلدين، وتأتي نتيجة للخسائر التي تكبدتها أوكرانيا جراء الصراع مع روسيا، وتعتبر أوكرانيا أن أي حل سياسي يجب أن يضمن استعادة سيادتها ووحدتها الترابية، وأن يحترم مبادئ القانون الدولي.
وتعتبر “اتفاقية مينسك”، التي تم التوقيع عليها العام 2015 بهدف إنهاء الصراع في شرق أوكرانيا، موضوعًا شائكًا ومحط جدل كبير. تخشى أوكرانيا من إعادة تطبيق هذه الاتفاقية لأسباب متعددة. ترى أوكرانيا أن إعادة تطبيق اتفاقية مينسك بمعناها الحرفي يعني الاعتراف بالجمهوريات الانفصالية في دونباس باعتبارها كيانات مستقلة، وهو ما يعتبر انتصارًا لروسيا وتأكيدًا على سيطرتها على جزء من الأراضي الأوكرانية. وتمنح هذه الاتفاقية روسيا حق التدخل في شؤون أوكرانيا الداخلية، كذلك تعد تهديدًا لأمن أوكرانيا، إذ تمنح الاتفاقية روسيا الحق في وجود قوات عسكرية في أوكرانيا.
ومن الصعب على أوكرانيا القبول بأي حل يعتبره البعض تنازليًا، وأن أي حل يمكن أن يؤدي إلى تجميد مؤقت للحرب سوف يمنح روسيا الوقت الكافي من أجل ترميم قدراتها العسكرية و بناء قوات أكبر و أكثر مقدرة على تكرار الغزو الروسي لأوكرانيا، وربما عدم التوقف عن الحدود الأوكرانية، بل أيضا هناك الكثير من مراكز البحث التي تعتقد أن الحرب الروسية القادمة سوف تكون بعد عدة سنوات من إعادة البناء على إحدى دول البلطيق.