زيلينسكي في الامارات والسعودية و تركيا
أولينا بشينيشنايا – باحثة في مركز دراسات الشرق الأوسط في أوكرانيا
17\2\2025
الجولة الدبلوماسية التي يقوم بها الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الشرق الأوسط، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة و المملكة العربية السعودية وتركيا، والتي تتمتع بنفوذ كبير في العالم العربي. يتم مراقبة هذه الزيارة عن كثب، ليس فقط لإمكانية تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية، ولكن أيضًا لما قد تعنيه في سياق الحرب الروسية الدائرة على اوكرانيا.
زيارة الإمارات العربية المتحدة
وصل فولوديمير زيلينسكي وسيدة أوكرانيا الأولى إلى الإمارات العربية المتحدة. وكانت الموضوعات الرئيسية للمحادثات هي:
– تسهيل عودة أسرى الحرب؛
– استعادة الأطفال الذين رحّلتهم روسيا من الأراضي الأوكرانية المحتلة،
– توقيع اتفاقية التجارة الحرة.
وبالتالي، يحاول الرئيس زيلينسكي الآن تكثيف المزيد من التعاون السياسي والإنساني والعسكري، خاصة مع الشرق الأوسط، وذلك من أجل:
أولاً، في سياق التغيرات المستمرة الناشئة عن سياسة ترامب الخارجية الفوضوية، التي تركز بالفعل على إنهاء الحرب، توحيد المزيد من الشركاء والحلفاء الداعمين لأوكرانيا بين دول العالم العربي؛
ثانياً، جذب المزيد من الاستثمارات في أوكرانيا لتنويع الاعتماد الاقتصادي على التمويل الأوروبي والأمريكي؛
ثالثاً، دفع الأجندة السياسية إلى الأمام.
في غالب الاعتقاد، لا تزال هذه “مشاريع” واسعة النطاق وطويلة الأمد، لكن تكثيف الحوار والزيارات إلى هذه الدول يمكن أن يساهم في زيادة التعاون.
زيارة المملكة العربية السعودية
كان لهذه الزيارة صدى كبير في الفضاء الإعلامي. ويلاحظ أن هذه الزيارة قد سبقها اجتماع للوفد الأوكراني برئاسة وزيرة الاقتصاد الأوكرانية يوليا سفريدينكو (مع وزير السياسة الزراعية والنائب الأول لوزير التنمية المجتمعية والإقليمية ونائب وزير الاقتصاد والقائم بأعمال رئيس صندوق أملاك الدولة) في المملكة العربية السعودية، حيث يجري الوفد الأوكراني بالفعل محادثات حول التعاون الاقتصادي الثنائي. ركز الاجتماع على فرص الاستثمار في القطاع الزراعي الأوكراني وآفاق تطويره. وعلى وجه الخصوص، تطوير التصنيع الزراعي. كما أكدت وزيرة الاقتصاد الأوكرانية أنه على الرغم من تحديات الحرب، فإن هذه الصناعة تتعافى وتتطور.
يمكننا أن نرى قطاعات الاقتصاد الأوكراني الرئيسية في المفاوضات، وتم التركيز على القطاع الزراعي. بالنظر إلى الدور الحيوي الذي تلعبه أوكرانيا كمورد عالمي للحبوب، خاصة بالنسبة للمناطق التي تعتمد بشكل كبير على واردات الحبوب، مثل الشرق الأوسط، فمن المرجح أن يركز الحديث على أوكرانيا كضامن للأمن الغذائي. كما قد تتم مناقشة هذه المسألة بنشاط خلال زيارة زيلينسكي إلى تركيا، وبالتحديد الاتفاق على ممرات لتصدير الحبوب.
باحثة في مركز دراسات الشرق الأوسط تتحدث عن اهداف زيارة زيلينسكي للإمارات والسعودية
ومع ذلك، فإن زيارة الرئيس تتجاوز المصالح الاقتصادية. فهي تتعلق أيضًا بتأمين الدعم السياسي على الساحة الدولية. وبالإضافة إلى ذلك، قد يستغل زيلينسكي زيارته للتحدث مع ولي العهد محمد بن سلمان لمناقشة إمكانية الوساطة أو الضغط الدبلوماسي على روسيا، خاصة وأن السعودية منخرطة في جهود السلام في صراعات عالمية أخرى. كما أن زيلينسكي، في رأيي، ونظراً لنفوذ المملكة ومكانتها في الشرق الأوسط، يحرص على تعزيز العلاقات الاقتصادية وإشراك السعودية أكثر في العمليات الأوكرانية لتشكيل هذه العلاقة الثنائية كشراكة بين البلدين، وأن يصبحا حليفين سياسيين.
وفي حين ينصب تركيز زيلينسكي بشكل رئيسي على تعزيز العلاقات مع الخليج العربي، قد يكون لزيارته آثار غير مباشرة على محادثات السلام. وبالنظر إلى أن مفاوضات إنهاء الحرب بين ممثلي الولايات المتحدة وروسيا ستجري في المملكة، فمن المرجح أن يسعى الرئيس الأوكراني إلى “الاطلاع” مباشرة على ما يحدث وما يقال هناك. وأكد الرئيس الأوكراني على أن جولته الدبلوماسية قد تم الإعلان عنها قبل نشر المعلومات حول المحادثات التي ستجري في المملكة بين الولايات المتحدة وروسيا، ولكن من المرجح أن تعقد اجتماعات ثنائية بين الوفدين الأمريكي والأوكراني لمناقشة مواضيع المحادثات التي جرت في اليوم السابق.
في الختام يمكن القول ان زيارة زيلينسكي إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تعكس استراتيجية متعددة الأوجه، تهدف إلى تأمين حلفاء اقتصاديين وسياسيين حيويين في الشرق الأوسط. وفي حين أنه يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الزيارة ستؤثر بشكل مباشر على تقدم محادثات السلام، إلا أنها بلا شك ستعزز موقف أوكرانيا الدبلوماسي في الشرق الأوسط. ومع استمرار الحرب، يمكن أن تكون هذه الشراكات الجديدة حاسمة في تشكيل كل من الانتعاش الاقتصادي لأوكرانيا والجهود الدولية لحل النزاع. لكن الرئيس الأوكراني يدرك أن وجود هذه القوى المؤثرة كشركاء سياسيين سيساعده على تعزيز موقف أوكرانيا في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المنصات التي ستتخذ فيها القرارات بشأن إنهاء الحرب.