د. سعيد سلّام
5/7/2022
سيبقى التهديد بالاستهداف الصاروخي الروسي مستمرا في هذه المرحلة من الحرب
الجيش الروسي يضرب أوكرانيا بصواريخ سوفيتية القديمة Kh-22 ذات الدقة المنخفضة المخصصة لتدمير حاملات الطائرات، لكنها راضية تماما عن ذلك.
ما الهدف من التصعيد في استخدام الصواريخ في استهداف المدن الأوكرانية؟
كم عدد الصواريخ المتبقية لدى الكرملين؟
خلال الفترة الماضية زادت روسيا بشكل كبير من عدد الضربات الصاروخية على أوكرانيا.
في 25 يونيو، أطلقت القوات الروسية حوالي 40 صاروخًا على أوكرانيا. تعرضت أقاليم جيتومير، تشيرنيغوف، نيكولايف، دنيبروبيتروفسك ولفوف وخاركوف للضربات الصاروخية.
في 26 يونيو، أطلق الجيش الروسي صواريخ على كييف وريفها، بإجمالي 14 صاروخًا من طراز Kh-101 أطلقت من منطقة بحر قزوين. أسقط الدفاع الجوي الأوكراني بعضها، وأصاب أربعة منها مبنى سكني من تسعة طوابق وروضة أطفال في منطقة شيفتشينكوفسكي بالعاصمة.
في ليلة 27 يونيو / حزيران، سقط صاروخ روسي من طراز إسكندر في فناء مدرسة في خاركوف. وفي نفس اليوم، أطلق الجيش الروسي صواريخ X-22 على مركز التسوق “امستور في كريمنشوغ، أدى الى مقتل 20 شخصاً ولا يزال العديد في عداد المفقودين، وأصيب حوالي 60، ولا يزال 26 في المستشفى. ضرب صاروخ آخر في كريمنشوغ مصنعKredmash ، الذي يقع على بعد كيلومتر واحد من المركز التجاري، بدون وقوع اصابات.
في 28 يونيو استهدف الجيش الروسي مدينة دنيبرو، حيث تم إطلاق ستة صواريخ كروز بحرية من طراز كاليبر من البحر الأسود. اثنان منهم اصابوا محطة تصليح سيارات، عثر تحت الأنقاض على جثتين – رجل وإمرأه، وأصيب سبعة أشخاص، من بينهم صبي يبلغ من العمر ستة أعوام.
في 29 يونيو، أطلقت القوات الروسية أكثر من عشرة صواريخ على نيكولاييف. أصاب أحدهم مبنى سكني بينما كان الناس نائمين، مما أدى الى مقتل أربعة أشخاص وإصابة ستة.
في 1 يوليو نتيجة لهجوم صاروخي جوي على بلدة سيرغييفكا في منطقة بيلغورود دنيستروفسكي في إقليم اوديسا، تم تدمير مبنى سكني ومبنيين في مركز للاستجمام، مما أسفر عن مقتل 18 شخصاً، من بينهم طفلان، وإصابة عدد كبير من الأشخاص بينهم 4 أطفال وامرأة حامل وتم إنقاذ 8 أشخاص من تحت الأنقاض بينهم 3 أطفال؛
البعض يعتقد أن الزيادة في الهجمات الصاروخية الروسية ترجع إلى تغيير قائد “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا، حيث أصبح قائد القوات الجوية هو قائد العملية، وهو يعرف كيف يقاتل باستخدام القاذفات والصواريخ، لذلك يفعل ما في وسعه لتحقيق الأهداف التي تم وضعها امامه، أي انه لا توجد أي خطط بعيدة النظر.
لكن يجب أيضا عدم تجاهل المعطيات الأخرى في مجريات الحرب، حيث يهدف هذا التصعيد الى إرهاب الشعب الاوكراني والضغط على معنوياته، بالإضافة الى إظهار القوة وامتلاك زمام المبادرة بعد تدمير القوات الأوكرانية بنجاح لعديد من المقار العسكرية ومخازن الآليات والذخائر في عمق الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية، تدمير المواقع العسكرية في جزيرة زمييني – الثعبان وأبراج بويكو في البحر الأسود، وإغراق قاطرة فاسييلي بيخ.
العديد من الصواريخ التي أصابت المنازل الأوكرانية في الأسبوع الماضي هي صواريخ كروز من طراز Kh-22. هذه الصواريخ هي سلاح سوفيتي لم يعد يُنتج. لكن يبدو أن لدى روسيا مخزونًا معينًا من هذه الصواريخ.
تم تطوير صاروخ كروز Kh-22 في القرن الماضي، وكانت في الخدمة في الجيش السوفييتي، ثم في الجيش الروسي، واصبحت قديمة. في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تم إرسال الصواريخ من هذا النوع إلى التخزين، وكان من المفترض أن يتم استبدالها بالطراز الأحدث X-32s، لكن يبدو انه حدث خطأ ما.
في عام 2018، أبلغت وزارة الدفاع في الاتحاد الروسي عن عدد X-22 المنتجة – حوالي ثلاثة آلاف. إذا كان هذا صحيحًا، فمن غير المرجح أن تكون جميعها تحت تصرف الجيش الروسي مع بداية الحرب ضد أوكرانيا. بالتأكيد تم إطلاق بعضها خلال التدريبات في الاتحاد السوفيتي وبعد انهياره، كذلك استلم شركاء موسكو جزءًا منها. لكن عددًا كبيرًا من الصواريخ بقي بالتأكيد في المستودعات حتى 24 فبراير من هذا العام.
تم تطوير صاروخ X-22 بعيد المدى الأسرع من الصوت والمضاد للسفن لتدمير حاملات الطائرات الأمريكية. يجب إطلاق الصاروخ بواسطة قاذفة بعيدة المدى تفوق سرعة الصوت من طراز “TU-22M3” يمكنها إطلاق ثلاثة صواريخ دفعة واحدة من مسافة 600 كيلومتر. هذه الصواريخ قادرة على تعقب الهدف بأنفسها، ولكن بخطأ كبير.
هذا صاروخ يتوجه نحو حاملة الطائرات. يتوجه نحو كومة ضخمة من الحديد والمعدن والصلب، يتوجه نحو ما يمكن رؤيته في رأس الصاروخ. كان من المفترض أن يكون هذا الصاروخ يعمل بالطاقة النووية. نسبة الخطأ زائد أو ناقص 200-300 متر – بالنسبة للجانب الروسي لا مشكلة؟!
من الصعب جدًا على صاروخ كروز هذا أن يصيب هدفًا في المناطق الحضرية. إن تمييز أطنان من المعدن على سطح الماء شيء، وبين الأسفلت والزجاج والخرسانة المليئة بالأسلاك والأنابيب – شيء آخر. الشيء الوحيد الذي يمكن للمشغل التحكم فيه بنجاح ليس أين سينفجر صاروخ كروز Kh-22 بالضبط، ولكن كيف سينفجر. إذ يمكن برمجة هذه الصواريخ بطريقتين: إما عند الاصطدام بعائق، بالهدف الذي تم إطلاقه من أجله، أو مسبقًا، فوق الهدف، وفقًا لتوجيهات رأس الصاروخ الموجه.
في الغالب تم استخدام كلا البرنامجين أثناء الهجوم على مدينة كريمينتشوغ، بحيث يكشف الصاروخ الأول عن الهدف أمام الصاروخ الثاني، الذي ضرب بعد عشر ثوان. لكن فعليا أصابت الصواريخ أماكن مختلفة، على بعد 500 متر تقريبًا.
أحد الأسئلة الرئيسية الآن هو: كم عدد هذه الصواريخ الموجودة في ترسانة الجيش الروسي؟ وفقًا لبعض المصادر، عشية الحرب مع أوكرانيا، كان لدى موسكو ما مجموعه حوالي 3000 صاروخ كروز، من جميع الأنواع، بما في ذلك “Kh22”.
سجلت السلطات الأوكرانية أكثر من ألفي وسبعمائة عملية إطلاق. هذه هي البيانات التي أعلنها الرئيس فلاديمير زيلينسكي في نهاية شهر يونيو. صناعة الدفاع الروسية ليست في وضع يمكنها من تجميع صواريخ جديدة بوتيرة عالية، حتى عندما نتحدث عن نوعيات سوفيتية.
كم منها يمكن إنتاجها؟ حسنًا، صواريخ Kh-22 لم يعد من الممكن إنتاجها، ولكن يمكن انتاج النوع المعدل منها Kh-32. لكن لا أحد يعرف كم يمكن انتاجها، البعض يشير الى عدم إمكانية انتاج أكثر من عشرين صاروخ في السنة.
امر اخر ليس في صالح استخدام صواريخ كروز، وهو ثمنها. وفقًا لمصادر مختلفة، فإن تكلفة إنتاج صاروخ Kh-22 وانواعه المعدلة تصل إلى مليون دولار، اما صواريخ كروز الروسية الأكثر حداثة، مثل Onyx أو Kalibr أو Kh-101 فان تكلفتها اكثر بكثير.