هل تجبر واشنطن زيلينسكي على إجراء الانتخابات الرئاسية؟
عبد الهادي كامل – موقع “ارم نيوز” – الامارات العربية المتحدة
29\3\2025
منذ انتهاء ولاية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رسميًا في مايو/أيار عام 2024، لا تزال كييف تعيش واحدة من أكثر فتراتها اضطرابًا، وسط تصاعد الخسائر العسكرية، واتساع رقعة السيطرة الروسية، وضغوط أمريكية متزايدة لإجراء الانتخابات الرئاسية.
وبينما تتمسك كييف بذريعة الأحكام العرفية لتبرير التأجيل، ترى واشنطن أن استمرار زيلينسكي بلا تفويض شعبي قد يُضعف موقف بلاده دوليًا، ويعرّضها لمزيد من التحديات السياسية والعسكرية.
في هذا المشهد المرتبك، يتحول ملف الانتخابات الرئاسية إلى ورقة ضغط تُستخدم بذكاء من مختلف الأطراف، سواء داخل أوكرانيا أو خارجها، ما يجعل مستقبل البلاد السياسي في مهب الريح.
دعوات دولية
ودوليًا، تصاعدت الدعوات لإجراء الانتخابات الرئاسية الأوكرانية، وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من بين أبرز الأصوات التي طالبت كييف بضرورة العودة إلى المسار الديمقراطي.
وحذر ترامب من أن إرسال قوات أوروبية لدعم أوكرانيا قد يؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة، مشددًا على ضرورة إجراء الانتخابات قبل أي اتفاق سلام محتمل مع روسيا.
وقبل أيام، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص، ستيفن ويتكوف، في مقابلة مع الصحفي الأمريكي تاكر كارلسون، أن القيادة الأوكرانية وافقت على إجراء انتخابات رئاسية.
سيناريوهات محتملة
وفي ظل هذه التطورات، تظل أوكرانيا عالقة بين خيارين صعبين، المضي قدمًا في الانتخابات وسط ظروف غير مستقرة قد تؤثر على نزاهة الاقتراع، أو تأجيلها لفترة أطول، مما قد يزيد من الضغوط الدولية، ويفتح المجال أمام مزيد من التشكيك في شرعية زيلينسكي.
وبين الضغوط الأمريكية والتصعيد الروسي، تبدو أوكرانيا مقبلة على مرحلة مفصلية، حيث ستحدد الأسابيع المقبلة ما إذا كانت البلاد ستذهب نحو انتخابات قد تعيد رسم المشهد السياسي، أم أنها ستواصل السير في نفق عدم اليقين السياسي الذي يطيل أمد الحرب، ويزيد من معاناة الأوكرانيين.
وبهذا الصدد، يرى الخبراء الأوكران، أن تصريحات المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، قد تكون جزءًا من استراتيجية تضليل إعلامي أمريكية لخلق حالة من عدم اليقين في أوكرانيا، مما يؤثر سلبًا على القيادة الأوكرانية والشعب.
وأضاف الخبراء أن هذه التصريحات قد تسهم في زيادة الضغوط على زيلينكسي عبر التشكيك في شرعيته وتأجيج الخلافات الداخلية، وهو ما يصب في مصلحة الدعاية الروسية.
وفي السياق نفسه، يرى الخبراء الروس أن الرئيس الأوكراني قد يضطر لإجراء الانتخابات تحت الضغوط الأمريكية، لكنه قد يستغل ذلك لحشد أنصاره.
وأشار الخبراء الروس إلى أن واشنطن قد ترى في الانتخابات فرصة للتخلص من زيلينسكي، خاصة بعد موقفه من صفقة المعادن، حيث بات يمثل عقبة أمام بعض المصالح الأمريكية، مما يدفعها للبحث عن بديل موالٍ لها عبر صناديق الاقتراع.
التأجيل الانتخابي
يؤكد مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد سلّام، أن تصريحات المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، بشأن الانتخابات الأوكرانية تحمل عدة تفسيرات، وقد تكون غير دقيقة أو مبالغًا فيها بهدف التأثير على الرأي العام الدولي.
وأوضح سلّام، لـ”إرم نيوز”، أن هذه التصريحات ربما تكون جزءًا من استراتيجية أوسع تشمل التضليل الإعلامي والضغط النفسي، حيث تهدف إلى خلق حالة من عدم اليقين والارتباك في المشهد السياسي الأوكراني، والتي قد تؤثر سلبًا على القيادة الأوكرانية ومعنويات الشعب الأوكراني.
وأضاف سلّام أن هذه التصريحات يمكن أن تكون جزءًا من حملة إعلامية تهدف إلى الضغط على أوكرانيا لتقديم تنازلات في المفاوضات، أو تغيير مسار الأحداث على الأرض.
وأوضح أن ذلك يتم من خلال زيادة الضغط النفسي على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحكومته، عبر التشكيك في شرعيتهم وتأجيج الخلافات الداخلية.
وأشار إلى أن هذه التصريحات قد تؤدي إلى زعزعة الثقة بين أوكرانيا وحلفائها، وإثارة الشكوك حول مستقبل الانتخابات الرئاسية، مما قد يؤثر على معنويات الشعب الأوكراني.
وأوضح سلّام أن جميع هذه النقاط تتماشى مع الدعاية التي يروج لها الكرملين لتحقيق أهدافه الاستراتيجية.
وأكد أن القوانين الأوكرانية تنص على إجراء الانتخابات الرئاسية في عام 2024، لكنها تأجلت بسبب حالة الطوارئ العسكرية المفروضة منذ بداية الحرب الروسية.
وذكر أن الدستور الأوكراني يمنع اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية في ظل الأحكام العرفية والتعبئة العامة السارية في البلاد.
ترامب، فانس، زيلينسكي – حادثة البيت الأبيض … الاسباب والمآلات
ضغوط أمريكية
من جانبه، توقع الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، رامي القليوبي، أن يضطر زيلينسكي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية تحت ضغوط أمريكية.
وأوضح القليوبي، لـ”إرم نيوز”، أن هناك أكثر من احتمال لهذه الانتخابات، فمن الناحية المنطقية، قد يخسر زيلينسكي بسبب الوضع الحرج الذي تمر به أوكرانيا، إذ خسرت 20% من أراضيها، فضلًا عن مئات الآلاف من القتلى والمصابين من جنودها والانهيار الاقتصادي.
لكن في الوقت ذاته، أشار القليوبي إلى أن زيلينسكي قد يوظف الضغوط الخارجية لحشد أنصاره، مما يجعل نتائج الانتخابات غير قابلة للتنبؤ، خاصة في ظل استمرار الدعم الغربي له.
د. سعيد سلّام: البيت الابيض يشكل خطرا على اوكرانيا كما الكرملين
وأكد القليوبي أن الولايات المتحدة قد تسعى إلى التخلص من زيلينسكي عبر الانتخابات، لأنه أصبح ورقة محروقة بالنسبة لواشنطن، وقد يمثل عقبة أمام وقف إطلاق النار.
وأوضح أن صفقة المعادن التي عرقلها زيلينسكي في البداية، ثم تراجع عنها تحت الضغوط الأمريكية، جعلت واشنطن تفكر في استخدام الانتخابات الرئاسية لإيجاد بديل أكثر توافقًا مع مصالحها، ومن المؤكد أنه سيكون حليفًا لها.