هل تُشعل معركة كورسك “شرارة حرب عالمية” بين روسيا وألمانيا مجددا؟

روسيا - المانيا

هل تُشعل معركة كورسك “شرارة حرب عالمية” بين روسيا وألمانيا مجددا؟

مشاركة د. سعيد سلّام، مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية، في التعليق على تطورات الالهجوم الاوكراني على اقليم كورسك الروسي و تهديدات نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي دميتري ميدفيديف لالمانيا، لموقع إرم نيوز

محمد حامد

11\8\2024

أكد خبراء أن سعي المانيا إلى “الثأر” للماضي القريب من روسيا في الحرب العالمية الثانية بعد هزيمة “الرايخ” المذلة على يد السوفيت، يخيم على مشاهد الدخول العسكري الأوكراني المدعوم من برلين إلى “كورسك” الروسية.

وكانت ضواحي “كورسك” قد شهدت في أربعينيات القرن الماضي، معركة الدبابات الأكبر في العالم خلال الحرب العالمية الثانية، في ظل الاجتياح الألماني للاتحاد السوفيتي، لتشهد هذه المنطقة انتصارا روسيًّا على الجيش النازي، ومن ثم انطلاق الهجوم المعاكس تجاه “برلين” حتى وقف “السوفيت” في ساحة  “الرايخستاغ” رافعين علامة النصر.

 ومن الواضح أن التقدم الأوكراني في منطقة “كورسك” الروسية، سيأخذ بالحرب في أوكرانيا إلى منحنى جديد، في ظل ما ظهر من ارتباك وغضب على مستوى القيادة في موسكو، وإعلان وزارة الطوارئ الروسية مؤخرًا أن الوضع في مقاطعة “كورسك” يشكل حالة طوارئ بعد أربعة أيام من التدفق الأوكراني إلى هناك عبر الحدود، وتقييم المشهد على أنه أكبر هجوم لـ”كييف” منذ بداية الحرب، لا سيما مع نشر روسيا منصات إطلاق صواريخ ومدفعية ودبابات ومركبات قتالية، للتعامل مع هذا التطور في القتال من الجانب الأوكراني.

وردا على ما جاء في مقال بصحيفة “بيلد” الألمانية التي تحدثت فيه عن عودة الدبابات الألمانية إلى الأراضي الروسية بعد 80 عاما، بأنه “انتقامي”، أكد الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف مؤخرا، أن الدبابات الروسية قادرة على الوصول إلى ساحة مبنى “الرايخستاغ” في برلين، قاصدا مبنى البرلمان في عهد “الرايخ” الألماني الذي كان رمزا للزعيم النازي أدولف هتلر ، والذي سقط باجتياح “الروس”.

التاريخ يعيد نفسه

ويقول الخبير في الشؤون الروسية، سمير أيوب، إن التاريخ من الممكن أن يعيد نفسه مع التوغل الأوكراني في الأراضي الروسية من جهة “كورسك”.

ويضيف، من الواضح أنه لا أحد يتعلم من خطايا التاريخ، مشيرا إلى أن لـ”كورسك” مكانة كبيرة ليس لدى روسيا فقط، ولكن لدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا، حيث شهدت المدينة وضواحيها معركة الدبابات الأكبر في العالم في أثناء الحرب العالمية الثانية، وأسفرت عن انتصار الجيش السوفييتي، ومن ثم انطلاق الهجوم المعاكس تجاه برلين.

ويرى أيوب عبر تصريح لـ”إرم نيوز”، أن للغرب هدفين من هذه العملية. الأول الضغط على روسيا ميدانيا، وهو أمر من الصعب أن “تبتلعه” موسكو. والثاني يخص الحديث في الفترة الأخيرة عن المفاوضات بين الطرفين كييف وموسكو؛ مما يظهر أن  الطرف الأوكراني يريد الحصول على ورقة قوية حال الذهاب إلى طاولة المفاوضات، ليطرح من خلالها شكلا متوازيا مع روسيا، دون الأخذ في الاعتبار التقدم الحادث في “الدونباس”.

وتابع: “يقول مدفيديف إن أوكرانيا ليست المسؤولة عن هذا الهجوم، وأن الدول الغربية وبالأخص ألمانيا هي من دفعت بهذه العملية.

وأردف، أن ما حدث من توغل أوكراني يكشف إخفاق الاستخبارات الروسية، وعدم الأخذ بعين الاعتبار حدوث مثل هذا التوغل، لاسيما أن محيط كورسك يوجد به محطة نووية.

ويعتقد أيوب أن يكون التوجه الأوكراني إلى هذه المحطة يهدف لمساومة روسيا على محطة “زاباروجيا” النووية الأوكرانية التي دخلتها القوات الروسية في بداية العملية العسكرية، متوقعا عدم قبول موسكو بهذا الابتزاز، مما يسفر عنه قيام القوات الروسية بالقضاء على القوات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية عبر عملية قوية؛ لأنه في حال بقائها وقتا طويلا، سيكون لذلك آثار سلبية على الداخل الروسي.

ويرى أيوب أن دخول القوات الأوكرانية إلى الأراضي الروسية من الممكن أن تدفع موسكو لتغيير المعادلة الإستراتيجية للعملية العسكرية، ويصبح الصراع مباشرة بين موسكو وحلف الناتو.

 ورقة مفاوضات

من جهته يؤكد مدير مركز فيجن للدراسات الإستراتيجية سعيد سلام، أن الهجوم الأوكراني في أقليم كورسك الروسي يأتي على خلفية العمليات العسكرية غير المتناظرة والحرب غير المتماثلة مع روسيا.

وأوضح أنه على الرغم من معاناة القوات الأوكرانية على جبهة الشرق في منطقة “الدونباس”، إلا أن القيادة السياسية والعسكرية رأت من خلال عملية كورسك ضرورة تحقيق نتائج عسكرية تسهم في تقوية الموقف السياسي الأوكراني، حال الوصول مستقبلا إلى طاولة المفاوضات من ناحية، ومن ناحية أخرى، تهدف كييف بذلك إلى سحب العديد من القوات الروسية المهاجمة في “الدونباس” و”خاركوف” إلى “كورسك”، لتخفيف الضغط العسكري الروسي على الجبهة الشرقية.

ويضيف “سلام” في تصريح لـ”إرم نيوز” أن سيطرة القوات الأوكرانية على خط الإمدادات والسكك الحديدية الذي يصل إلى الجبهة الشرقية في أوكرانيا سيسهم أيضا في إعاقة الإمدادات اللوجستية العسكرية الروسية، فضلا عن أن لهذا التوغل الأوكراني أهدافا نفسية لرفع الحالة المعنوية لدى الشعب الأوكراني وقواته.

وأردف: أن “تصريحات ميدفيديف تأتي في إطار التصعيد الكلامي، وتحويل الأنظار عن الفشل الذريع للقوات الروسية في هذا الهجوم على أراضيها من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن تصريحه بوصول الدبابات الروسية إلى برلين لا تعدو عن كونها نكتة سمجة، بعد أن شاهد الجميع فشل القوات الروسية الذريع في تحقيق نصر على القوات الأوكرانية التي تعتبر أقل استعدادا وقوة وعتادا”.

قيادة الحلف

ويرى الباحث السياسي، مصطفى شهاب، أن ما يجري في “كورسك” نقلة نوعية في وجود ألمانيا كطرف مباشر في هذه الحرب بدعم أوكرانيا على الأرض تسليحيّا في ظهور واضح أن المواجهة قد تأخذ أبعادا جديدة بين برلين وموسكو.

وأشار شهاب في تصريح لـ”إرم نيوز” إلى أن الدعم التسليحي الألماني لأوكرانيا ركيزة أساسية في مستقبل وجود حلف “الناتو” في هذه المرحلة الذي يتأثر بشكل مباشر بالانتخابات الأمريكية وما تشهده من تهديد دائم للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، بإنهاء الحرب مع روسيا في حال فوزه، وهو ما ستتضرر منه “برلين” التي تقود الاتحاد الأوروبي.

واستكمل شهاب أن هذا التحول النوعي لا يتم بمعزل عن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وما جاء في الاجتماعات الأخيرة لحلف الناتو في واشنطن، الذي فرض التزامات على الولايات المتحدة من الصعب تغييرها أو الإفلات منها من جانب ترامب في حال فوزه بالانتخابات الأمريكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *