العنصرية والتمييز العنصري…
الجذر الذي يثير الكراهية
ويقوض المحبة والتعاون بين الشعوب والدول
ويضرب مبدأ المساواة والعدالة بين الشعوب.
وديع أبو هاني – палестинський журналіст
3/١٠/٢٠٢٤
مازالت العنصرية المتفشية في أكثر من مكان وممارسة تثير الكراهية وتحرم شعوب وأفراد ومجموعات من حقوقها التي كفلتها الشرائع السماوية والقوانين الأرضية..
تشهد مجتمعاتنا العديد من مظاهر العنصرية سواء كانت السياسية أو الطبقية أو الاجتماعية..
وجذور العنصرية والتمييز تضرب عميقا” في عالمنا وحياتنا وفي مجتمعاتنا نتيجة لتراكمات تاريخية.
وتتخذ اشكال وصور.
وأصبحت تهدد السلم الاجتماعي والاهلي وأحيانا السلم والسلام العالمي..
فما هي العنصرية?
العنصرية هي الاعتقاد بأن العرق والأصل هو المحدد الأساس لصفات وقدرات الانسان. ويعتقد بعض الافراد انهم أفضل بالفطرة من افراد آخرين لأنهم ينتمون لعرق معين أو لمجموعة معينة.
التمييز العنصري هذا ينسحب كمصطلح ومواقف على المؤسسات والأنظمة السياسية التي تمارس التمييز العنصري. ويتخذ هذا التمييز العنصري صور واشكال، اساسها وفي جوهرها هو عدم الاعتراف بالحقوق المتساوية بين الافراد وبين المجموعات بسبب أعراقهم.
للعنصرية أشكال!
وهي مجموعة من المشاعر السلبية تجاه الآخرين سواء كانت عنصرية فردية في النظرة لثقافة الآخر وأصله، أو عنصرية شخصية تحدث بين الافراد والمجموعات..
وهناك عنصريه تأخذ شكل مؤسساتي بأن يمارس التمييز تجاه مجموعات بعينها.
للأسف، أحيانا تأخذ العنصرية أشكال بعدم المساواة في الوصول الى الفرص أو تبوأ المواقع في السلطات السياسية.
في الاعلام:
العنصرية تتجلى في مظهرها في وسائل الإعلام المختلفة بمحاولة شيطنة الآخر لمجموعات أو أفراد من خلال رموز معينة أو رسوم أو اشكال كاريكاتورية أو ألوان في جوهرها تثير السخرية والعنف اللفظي والإساءة للأخر.
طبقيًا:
تأخذ العنصرية شكلًا وطابعًا طبقيًا، أو نظرة من دول الشمال الغنية الى دول الجنوب الفقيرة، وهذا ما يُحدث صراعًا بين الشمال والجنوب، أو ربما تكون أحد الاسباب الكامنة المباشرة وغير المباشرة للحروب وإثارة الكراهية الحضارية والصراعات السياسية والدينية.
صراع الأديان والحضارات!
تأخذ العنصرية في ممارستها وتجلياتها دورًا في ضرب وتهديد النسيج الاجتماعي والتهديد للسلم العالمي، عبر محاولة تقسيم المجتمع على اساس طائفي او مذهبي، وذلك بتعزيز الفرز المذهبي والطائفي بالمجتمعات، والذي ينذر بكراهية وحروب، ويُحدث دائمًا الفتن والصراعات بين المجموعات البشرية خلافًا لكل القوانين والشرائع الدولية، في مخالفة لكل الشرائع السماوية والقوانين الدولية وشرعة حقوق الانسان التي تسعى المؤسسات الدولية الى ترسيخها من قيم العدالة والمساواة والمحبة بين الشعوب والتعاون بين الدول، والاعتراف بالحقوق المتساوية للمجموعات والدول على حد سواء .
الشرائع السماوية أكدت على مساواة الإنسان للإنسان واحترام كرامته!
السؤال: هل يمكن التخلص من التمييز والعنصرية وكيف?
هناك إمكانية واقعية وقانونية للتخلص التدريجي من العنصرية، وهذا يعتمد على منهج تربوي للناشئة، ومناهج علمية وتعليمية، وفرض سيادة القانون، وسيادة شرعة حقوق الانسان، وكل ما يحمي ويصون كرامة الانسان، وحقه بالحياة، والعيش المشترك، ورفض الكراهية أو الانتقاص من الحقوق للمجموعات وللأشخاص
بمعزل عن لونهم وجنسهم ودينهم.
وأولى هذه الخطوات هو التربية المتدرجة بمشاركة الأخرين بالاحتفالات والمناسبات والثقافات، احتفالات الثقافات الاخرى التي تعزز الفهم المشترك، والعلاقات المشتركة.
هذه هي أولى الخطوات المعلنة ضد التمييز العنصري، خاصة عندما نزرع ثقافة تقبل الأخر عند الاطفال، عند الناشئة والأجيال الجديدة.
ثم اتخاذ المواقف المعلنة ضد أي نظرة أو ممارسات يتعرض لها الآخرون من مضايقات تحصل لأشخاص ومجموعات نتيجة لهذا التمييز العنصري. وعلى الدول والمؤسسات الدولية أن تسن القوانين التي تمنع الكراهية والعنصرية، وتدعو للتعاون والمحبة والمساواة سواء، كانت هذه القوانين ذا طابع محلي او قوانين على مستوى عالمي من خلال المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الانسان وبالقانون الدولي الإنساني.
من شأن ذلك أن يقيم العدل ويرسخ المساواة في هذا العالم.
ونعتقد جازمين ان المجتمعات المحتلة والمتخلفة والفقيرة تحصد أكثر من غيرها نتائج هذا التمييز العنصري على صعيد الحقوق والمواطنة، سواء النظرة للون او في محاولة الانتقاص من حقوقها…
على صعيد المرأة:
تعاني المرأة في المجتمعات الذكورية من هذا التمييز الأشد قساوة، لأن المجتمعات الذكورية تنتقص من حرية وحقوق المرأة نتيجة لتقاليد بالية ومتخلفة، رغم أن كل الأديان كرّمت الإنسان بما فيه المرأة.
فالمرأة هي الشريك اليومي للرجل في كل مناحي الحياة، في البيت والمنزل، في المدرسة وفي المجتمع وفي الحياة السياسية والشأن الوطني.
ولا يمكن أن ننتقص من الكفاءة التي تتمتع بها المرأة أسوة بالرجل في كل المجتمعات التي تعطي فرصا متساوية بين الرجل والمرأة.
وهنا قيمة للتعليم وللحريات التي تعطى للمرأة في هذه المجتمعات.
فقط الوعي والتعليم والتحرر الاقتصادي والعمل يُؤَمّن للمرأة مكانتها الاجتماعية والقانونية في المجتمع.
على صعيد شعبنا الفلسطيني وشعوب العالم:
ما زال عالمنا اليوم يفتقد للإرادة الموحدة ويخضع لسيادة الازدواجية في المعايير الدولية في عدم لجم الممارسات العنصرية وأشكال الكراهية والتضييق والحصار لشعوب ودول، وعدم احترام سيادتها الوطنية وحقها بتقرير مصيرها.
إن الشعب الفلسطيني من أكثر الشعوب الذي دفع ثمنًا لغياب الارادة الدولية في انصافه والاعتراف بحقوقه. حتى المنظمات الدولية فشلت وعجزت عن تطبيق قراراتها!
القرارات التي منحت الشعب الفلسطيني حقه في الحياة الكريمة، حقه في الحرية والتحرر والاستقلال وتقرير المصير، حقه بالعودة لدياره التي طرد منها عام ١٩٤٨ وفق منطوق القرار الأممي ١٩٤؛ وحقه في اقامة دولته الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على ارضه وفي عاصمته القدس.
هذه المعاناة الفلسطينية التي ما زالت مستمرة لأكثر من 76 عامًا في محاولة تغييب السردية الوطنية الفلسطينية من خلال مشاريع استعمارية ولّدَت نكبة وتهجير للاجئين الفلسطينيين على حساب شعب جذوره عميقة في التاريخ. شعبنا الذي يتعرض لأبشع المجازر اليوم في غزة والضفة الغربية.
وربما في أكثر من مكان في العالم تنتشر الكراهية والحروب والفقر نتيجة للدور المنحاز للدول الاستعمارية الامبريالية التي ما زالت تمارس المعايير المزدوجة بعدم تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولقرارات الشرعية الدولية ولقرارات محكمة الجنايات الدولية. كل تلك القرارات المتخذة التي تعترف بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة ذات سيادة على أرضه.
إن استمرار العنجهية العنصرية الصهيونية في ممارساتها المعادية للشعب الفلسطيني تهدد السلم والسلام العالمي وينذر باستمرار الحروب في منطقتنا وفي الشرق الأوسط. وما يجري في غزه ولبنان خير شاهد على ذلك..
إن استمرار غياب الارادة الدولية وانحيازها للسردية الاسرائيلية على حساب الشعب والأرض الفلسطينية يهدد الحلم الوطني الفلسطيني ويغذي حروب وكراهية نحن بغنى عنها.
العنصرية وفقدان الامان يجعل العالم يعيش بلا أمان واستقرار وسلام ومحبة.
إن أول خطوات ترسيخ وإحلال السلام العالمي هي ترجمة مبدأ العدالة والمساواة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها على أرضها. واجتثاث العنصرية الاسرائيلية التي تمارس بأشكال مختلفة بحق حقوق وشعوب المنطقة.
الصراع في بلادنا سياسي وليس ديني.
ننشد السلام العادل لإحلال المحبة بين الشعوب والأديان.
في عالم اليوم تتجلى العنصرية أيضًا في نظره الشمال الى الجنوب، من خلال استمرار الاستعمار والحروب والاحتلالات والفقر والمجاعة والجهل والأمراض وغياب للتعليم.
كلها تجليات للعنصرية والتمييز في عالم اليوم، نتيجة لإدارة الظهر للقانون الدولي ولشرعة حقوق الانسان، ولقرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الامن الدولي.
اليوم نحن بأمس الحاجة لاجتثاث جذور العنصرية سواء على صعيد المجتمعات أو نتيجة لبعض السياسات والمواقف بسبب اللون او النسب او الدين او النظرة السياسية المنحازة للجلاد على حساب الضحية والحقوق المشروعة.
هنا وهناك…
نحو سلام عادل ومحبة وتعاون بين الشعوب…
على اساس احترام الانسان والمواطنة والأوطان!