Газа: перемога чи поразка?

غزة: نصر أم هزيمة؟

Газа: перемога чи поразка?

حاتم استانبولي – كاتب فلسطيني

20\1\2025

هاتان الكلمتان سوف تأخذان حيزا واسعا من الحوار والنقاش، من خلفيات ومواقع مختلفة، ولأسباب متعددة يراد توظيفها لأهداف سياسية، تتمحور بين طرفي الصراع الوطني التحرري الفلسطيني ومناصريه وداعميه من جهة، والاحتلال الإسرائيلي وأعوانه المحليين والإقليميين والدوليين من جهة اخرى.

النصر والهزيمة كلمتين تعبران عن تناقض بين فكرتي التحرر والاستعمار بشكله الخاص الأبرز الاستيطاني الإحلالي، وهو شكل لم يشهده العالم الا في مناطق محدودة هي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا، التي انتصرت على هذا الشكل من الاستعمار بشكله الإحلالي.

هذا الاستعمار الإحلالي اكتسب ميزتين في فلسطين، اولهما انه اخذ طابعا دينيا ووظف المقولات الدينية اليهودية والمسيحية المتجددة لصالحه، والاهم انها وظفت فكرة اقامة دولتها الاحلالية لتكون أداة للمركز الاستعماري الامبريالي لتنفيذ سياساته الإجرامية على كافة الاتجاهات.

التوضيح لهذا الاستعمار ضرورة لكي نرى ونستوعب حجم وتوزع جبهة الخصوم والأعداء التي يواجهها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من مائة عام.

ولكي نستوعب حجم الإمكانيات المادية الاقتصادية والعسكرية والسياسية والإعلامية والثقافية والحقوقية التي يواجهها الشعب الفلسطيني، بكل قواه المقاومة ومؤسساته ومنظماته حتى وصلت المواجهة والملاحقة لحقوقه الفردية وإلغاء لحقوقه المدنية الإنسانية البسيطة من طعام وشراب وسفر وعمل، كان شكلها الأبرز في ما حصل من تجويع وقتل وحصار وابادة معلنة في بث مباشر على مدى خمسة عشر شهرا.

في مقابل كل هذه الآلة التدميرية، التي اخذت اشكال مركبة ومتعددة ومتنوعة، امتلك الشعب الفلسطيني سلاح الارادة وقوة الحق لقضيته التي واجه فيها خصومه على مدى أكثر من مائة عام، وتعددت وتنوعت أشكال مواجهته، واستطاع أن يراكم نقاط في ظل المواجهة الشاملة حول الالغاء والإلحاق إلى اعتراف بهويته وقضيته، وصارع ويصارع لتحويل الاعتراف إلى حقيقة واقعية على طريق إنهاء الاحتلال الاستعماري الإحلالي وتأكيد أن حلم وأمل العودة وتحقيق عدالة المخيم الفلسطيني، الذي يشهد حملة لإزالته ومحاربته من قبل العدو والخصم، سوف يتحقق.

في هذه المقارنة بين ميزان القوى بين الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة ومناصريها وداعميها وحاضنها، وبين جبهة أعداءه الممتدة من الداخل إلى كافة أصقاع الأرض بدرجات متعددة ومركبة من العدائية وظفت فيها كل إمكانيات النظام الاستعماري الامبريالي السياسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية والثقافية والقانونية، نستطيع أن نحدد شروط الهزيمة والانتصار في الجولة الأخيرة للصراع الذي أخذ بعدا تناحريا حادا على كافة المستويات.

كنت كتبت في مقالي “الثورة”، الذي تم نشره بتاريخ ٢٧ ديسمبر ٢٠١٣، التالي: (اقتباس من المقال) وبهذا الصدد فإن العملية الثورية الديمقراطية لا يمكن أن تتم بعملية جراحية في الدولة المعاصرة لأسباب تتعلق بِتداخل مصالح السلطات الحاكمة بحركة رأس المال العالمي والإقليمي، وارتباط مصالح القوى الأكثر نفوذا في الدولة بمراكز القوى المالية، وعندما تتضارب مصالحها مع الدولة الوطنية فإنها تحسم خيارها ضد الدولة الوطنية… ولذلك فإنني أرى أن نجاح القوى الثورية الديمقراطية يكون بالنقاط التراكمية وليس بالضربة القاضية! (انتهى الاقتباس).

اُعيد التذكير بهذا من اجل ان نضع ناظما ومعيارا لتقييم الانتصار والهزيمة لطرفي الصراع.

الجانب الفلسطيني ناظمه العام هو تحويل الاعتراف بحقه إلى واقع ملموس ومعياره الحفاظ على منظومة مقاومته الشاملة بكل أذرعها المقاومة: السياسية والشعبية والإعلامية والاجتماعية، والحفاظ على المكتسبات القانونية الدولية وإسقاط كل محاولات الإلغاء والإلحاق والتهجير والتقطيع.

لا يمكن إطلاق كلمة انتصار او هزيمة قبل أن نحدد الأهداف المعلنة:

سياسيا: 

اعلنت حماس أن هدف عمليتها في السابع من أكتوبر هو تحرير الأسرى الفلسطينيين ووقف العدوان على المقدسات وخاصة الاقصى.

أما حكومة الاحتلال فقد حددت عدة أهداف، تغيرت وتخبطت طوال ١٥ عشر شهرا، من إنهاء وتصفية حركة حماس الى انهاء حكمها في غزة.

النتيجة أن عملية التبادل تمت وبقيت حماس هي الطرف الذي اتفق معه وهزمت فكرة تحرير الرهائن بالقوة.

حكومة الاحتلال أعلنت عن خطة الجنرالات، ولكن عاد الفلسطينيون، بعد ١٥ عشر شهرا من الابادة الشاملة، بخط بشري متواصل لمخيم جباليا ليعلنوا سقوط خطة حكومة الاحتلال وجنرالاته بما تضمنته من سياسة التهجير والإبعاد إلى سيناء.

اليوم التالي أسقط الخطة الامريكية للحرب، التي أُعلن عنها، وظهر للجميع أنه يوم فلسطيني شعبي وطني بامتياز، وبهذا سقطت فكرة وزير الإبادة الجماعية الأمريكي طوني بلينكن.

اليوم التالي للحرب أعلن دخول الأزمة السياسية في الداخل الإسرائيلي، التي أشعل فتيلها تصريحات الرئيس الامريكي جو بايدن بأن عناصر الصفقة هي ذاتها التي أعلنت في  تموز ٢٠٢٤، هذا كشف ان سياسة الحكومة الاسرائيلية لم تكن تهدف الى إطلاق الرهائن، بل محاولة لتركيع الشعب الفلسطيني ومقاومته عبر التحريض على أن سبب هذا القتل والابادة هو المقاومة، في حين أن صمود الشعب الفلسطيني في غزة أسقط هذا الخيار السياسي الحربي الإسرائيلي وأعلن أن الفلسطينيين أحرزوا نقطة لصالحهم في إعادة القضية الفلسطينية لموقعها السياسي كقضية وطنية تحررية لا يمكن أن تحل بالوسائل العسكرية بل بالحلول السياسية المستندة على القانون الدولي، أما الهزيمة فكانت بإسقاط الرواية الصهيونية على المستوى العالمي وإعادة الاعتبار للرواية والحق الفلسطيني، وأن المشكلة ليست ٧ أكتوبر، بل هي منذ الاحتلال قبل ٧٦ عاما. هذا انتصار للقضية حققه حصريا الدم الفلسطيني الذي أبرز الوجه الوحشي الإجرامي لإسرائيل وجيشها ووضعهم تحت الملاحقة والمسائلة القانونية والأخلاقية، وسجلت على انها دولة وحكومة وجيش وأطراف سياسية ارتكبت وساهمت وشجعت على ارتكاب جرائم الابادة بحق اطفال ونساء وشيوخ غزة تحديدا والضفة تحت جنح الظلام.

والابرز ان كل محاولات دمج اسرائيل في منظومة المنطقة تم تجميدها وتراجعت، وحلف “أبراهام” يعاني من سقوط سياسي وأخلاقي، والان يحاولون النأي بأنفسهم عن مرتكبي الابادة الجماعية.

عسكريا:

حددت حكومة الاحتلال الصهيوني أن إنهاء المقاومة الفلسطينية وتدمير البنية العسكرية للمقاومة، وحماس تحديدا، هو الهدف المعلن والنهائي. إعلان الاتفاق مع حماس بشروط القسام هو إعلان مجلجل عن سقوط الهدف الصهيوني وحكومتهم وجنرالاته.

إعلاميا:

رغم التعتيم الإعلامي ومنع الصحافة الدولية من تغطية الإبادة مباشرة إلا عبر مراسليها المنحازين في تل ابيب، إلا أن الصحافة الفلسطينية والمراسلين الميدانيين الشجعان، والقنوات الفضائية المهنية والمدونين على صفحات التواصل الاجتماعي، ساهموا في نقل الصورة الميدانية وكشفوا الجانب الإجرامي الوحشي العنصري لحكومة الاحتلال وجيشه وأحزابه اليمينية الفاشية.

اقتصاديا: 

خسرت غزة بنيتها التحتية والمدنية واعادت فكرة خيمة اللجوء، واظهرت ان فكرة التحرر الوطني الفلسطيني هي فكرة تتناقض تناحرياً مع فكرة الاحتلال الإحلالي الصهيوني، وان جوهر الفكرة الإجرامية الوحشية العنصرية النازية هي فكرة متأصلة في الفكرة الدينية الصهيونية. ولكن في المقابل خسر كل من الولايات المتحدة واسرائيل عشرات المليارات وتعطلت المرافق الاقتصادية، وشهدت معدلات الهجرة المعاكسة أرقاما لم تشهدها إسرائيل منذ تأسيسها، وهروب جماعي للاستثمارات مع حملة مقاطعة سجلت نجاحا فائقا لداعمي جرائم الاحتلال الصهيوني.

اخلاقيا:  

في حين كان بيان القائد العسكري محمد الضيف في ٧ أكتوبر ان يقوم المقاتلون بسلوك أخلاقي يحمل أخلاقيات القسام، كان القادة الإسرائيليين يدعون لقتل كل ما هو فلسطيني والتعامل معهم كحيوانات وحشية أسقطت فيه كل الأوجه الأخلاقية السياسية والعسكرية والإعلامية والاجتماعية والفكرية للمشروع الصهيوني وداعميه في منظومة رأس المال الامبريالي في عواصمه الرئيسية، لندن وبرلين وواشنطن وباريس، وخرجت الجماهير في ميادين العالم لتعلن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وتطالب بوقف الابادة الجماعية في غزة.

غزة كشفت الوجه الحقيقي لليهودية الصهيونية وجيشها، واسقط الادعاءات حول اخلاقياتها المزيفة، ووضعت تساؤلات حول العديد من ادعاءاتهم واستخدامهم اضطهادهم على يد النازيين الألمان، في حين أنهم استخدموا ذات الأساليب النازية في عملية الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة. عزز هذا السقوط الاخلاقي قرار المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة الجنايات الدولية التي أدانت ممارسات الحكومة وجيشها وطالبت بملاحقة رئيس وزراء كيان الاحتلال ووزير دفاعه للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، مما سيكون أساسا لملاحقة الضباط والجنود الذين شاركوا في عملية الإبادة. هذا القرار الدولي يسجل في السجل القضائي الدولي وسيكون مرجعا تاريخيا للعودة إليه لرفع الدعاوى من قبل الفلسطينيين لمحاكمة كل من شارك في هذه الإبادة من إسرائيليين، وداعميهم من رؤساء ووزراء خارجية وفي مقدمتهم رئيس الإبادة جو بايدن وأولاف شولتز، ووزراء الإبادة الجماعية في مقدمتهم بلينكن واوستن ووزيرة الخارجية الألمانية بيربوك وغيرهم من الوزراء الداعمين للإبادة.

حرب الإبادة كشفت السقوط الأخلاقي لوسائل الإعلام الغربية وظاهرة الكذب والتزوير التي روجتها واعتذرت عن بعضها بعد انكشافها.

حرب الابادة على غزة كشفت بشكل فاضح ازدواجية المعايير السياسية والإعلامية في تقديم ما يجري في غزة، وما يجري في أوكرانيا، رغم اختلاف طبيعة وأسباب وأهداف الحالتين.

المعركة الأخلاقية السياسية والاعلامية والعسكرية والقانونية والثقافية كانت حاسمة لصالح القضية الفلسطينية، وسقوط مروع لأخلاقية الصهيونية الدينية وحكومتها وجيشها وداعميها.

اجتماعيا:

الخسائر البشرية الفلسطينية التي طالت كل فئات المجتمع، من أطباء ومهندسين وإعلاميين وإداريين ومدرسين ومسعفين ومقاومين وقادة وعائلات أُبيدت بكاملها من السجل المدني، وما رافق ذلك من خسائر بشرية في لبنان ومقاومته، وما رافقها من استهداف للقرى والمدن والمخيمات، اظهرت ان العدو الرئيسي للجيش الاسرائيلي الصهيوني ليس المقاومين بل البنية الاجتماعية للشعب الفلسطيني واللبناني ولا يفرق بين مقاومين او اطفال او نساء او اطباء او اعلاميين او مسعفين. هذا يكشف أن جوهر العدوانية الاجرامية يكمن في الفكرة الصهيونية الدينية التي أعلنت عن نفسها من خلال تصريحات قادة الجيش ورجال الدين الذين كانوا يدعون الى القتل والتجويع ومنع الماء وقطع الكهرباء، حتى وصل ان رئيس الأمن الاسرائيلي وغيره يدعو إلى استخدام السلاح النووي لمحو غزة.

نعم هناك ثمن باهظ، ولكنه ثمن كشف أن كيان الاحتلال كان يهدف الى تركيع الشعب الفلسطيني، وهذا ما أدركه الغزيين مبكرا، حيث تم إعلان رفض التهجير والإلحاق، وعض الشعب الفلسطيني على جراحه وأدرك أن هذا الاحتلال لا يرضخ إلا لمنطق الضغط المقاوم. وقد جرب كل الوسائل السياسية لإنهاء الاحتلال وإطلاق سراح الأسرى، ولكن كان هناك إصرار إسرائيلي بغطاء امريكي بريطاني الماني لعدم تطبيق القانون الدولي والالتزام بالاتفاقات الموقعة مع السلطة الفلسطينية، التي حولتها إسرائيل الى ادارة حكم مدني تخدم سياساتها القمعية، مع العلم ان اتفاق اوسلو كان قد تضمن أن تطلق إسرائيل كل الاسرى ما قبل توقيع اتفاق أوسلو، حسب ما تسرب من معلومات عن وعود تحدث عنها الرئيس عباس.

المستقبل، ووفاء لدماء الشهداء كافة، يتطلب إعلان الوحدة الوطنية، التي تعكس الوحدة القتالية الميدانية وتحول الصراع من صراع بين حماس وإسرائيل، تحاول اسرائيل توظيفه على أنه معركة بملامح دينية، الى صراع يحمل جوهر وطني تحرري. هذا يتطلب من حماس خصيصا ان تعيد النظر في الوسائل والآليات لإطلاق اليوم التالي للحرب. يجب أن يكون يوما وطنيا جَمعياً فلسطينياً تشارك فيه كافة القوى الفلسطينية في إطار عمل جماعي وطني ديمقراطي يحارب الفساد السياسي والاقتصادي والمالي، مستفيدا من حالة الاجماع الفلسطيني الشعبي حول المقاومة.

Залишити відповідь

Ваша e-mail адреса не оприлюднюватиметься. Обов’язкові поля позначені *