كيف يحاول الكرملين تبرير جرائمه
من خلال التلاعب بمؤتمر يالطا في عام 1945
6\2\2025
قبل 80 عامًا، في فبراير 1945، انعقد مؤتمر يالطا في قصر ليفاديا – وهو أحد الأحداث الرئيسية في الحرب العالمية الثانية، والذي حدد النظام العالمي بعد الحرب.
قام قادة التحالف المناهض لهتلر – فرانكلين روزفلت ووينستون تشرشل وجوزيف ستالين – بتنسيق آليات التسوية بعد الحرب وإنشاء نظام جديد للعلاقات الدولية.
ولكن اليوم، أصبح هذا الرمز التاريخي للسلام والأمن الجماعي في أيدي النظام الروسي المعتدي الذي يشوه التاريخ لتبرير سياساته العدوانية.
في الفترة من 6 إلى 7 فبراير 2025، سينعقد في Росія ما يسمى بـ “المؤتمر العلمي الدولي” في قصر ليفاديا في مدينة يالطا التي تقع في شبه جزيرة القرم المحتلة من قبل روسيا، وفي 7 فبراير – “طاولة المستديرة” في موسكو، والتي تقتصر موضوعاتها على تبرير العدوان الروسي على أوكرانيا، وفرض رؤية الكرملين لـ«النظام العالمي الجديد» على العالم.
إن هذه التدابير ليست أكثر من تلاعب وتضليل آخر بالأحداث التاريخية يهدف إلى إضفاء الشرعية على الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم، وتقويض القانون الدولي وتعزيز أسطورة استمرارية “عظمة” الدولة الروسية.
إن عقد مثل هذا “المؤتمر” على الأراضي الأوكرانية المحتلة مؤقتاً يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ودليلاً صريحاً على أن روسيا ليس لديها أي نية للعودة إلى بيئة دولية متحضرة. وتسعى موسكو إلى “ترسيخ” احتلالها لشبه جزيرة القرم بشكل رمزي، مستخدمة الإرث التاريخي لمؤتمر يالطا كغطاء لجرائمها. ومع ذلك، فإن الكرملين ينسى بسهولة الهدف الرئيسي لمؤتمر يالطا عام 1945 – ضمان السلام بعد الحرب. ثم عمل التحالف المناهض لهتلر على إنشاء آليات لمنع صراعات جديدة، مما أدى في النهاية إلى إنشاء الأمم المتحدة.
وبدلاً من ذلك، أصبحت روسيا اليوم دولة معتدية تشن حرباً واسعة النطاق ضد أوكرانيا، واحتلت فعلياً أجزاء من الأراضي ذات السيادة في جورجيا ومولدوفا، وتدعم الأنظمة الدكتاتورية، وتعمل على زعزعة استقرار العالم، وتمارس سياسات الإبادة الجماعية.
الموضوع الرئيسي للحدث الذي يقام في موسكو هو “مؤتمر يالطا عام 1945 – : مقدمة للنظام العالمي المستقبلي”. وهذه إشارة مباشرة إلى أن الكرملين يسعى إلى تغيير النظام العالمي وتدمير نظام القانون الدولي والعودة إلى عصر تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ، حيث يملي الأقوى شروطه على الطرف الأضعف.
إن روسيا الحديثة، التي تعمل على إحياء الطموحات الإمبراطورية لروسيا القيصرية وللاتحاد السوفييتي، تريد فرض مفهوم “التعددية القطبية” على العالم من خلال غزوها واحتلالها للأراضي الاوكرانية، وهو ما يعني في الواقع إضفاء الشرعية على العدوان المسلح ضد الدول ذات السيادة. وفي هذا السياق، تحاول موسكو تمرير يالطا عام 1945 كسابقة لـ “تقسيم العالم”، في حين أن الواقع مختلف تماما: في عام 1945، كان على العالم أن يتحد ضد الطرف المعتدي، بينما في عام 2025، المعتدي الجديد هو روسيا نفسها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن منظم الحدث هو “معهد البحث العلمي التابع للأكاديمية العسكرية لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة للاتحاد الروسي” – وهو هيكل يرتبط مباشرة بالدعاية العسكرية الروسية. لذلك، هذا ليس حدثًا علميًا، بل منصة لتبرير وتسويق العدوان، وصياغة مبررات لمزيد من احتلال الأراضي وتشكيل مجال المعلومات “الصحيح” للمستهلك الروسي المحلي.
Депортація кримських татар - один із найбільших злочинів радянського режиму
إن إجراء مثل هذه الفعاليات في الأراضي الأوكرانية المحتلة مؤقتًا وفي موسكو، يشكل تحديًا للنظام القانوني الدولي ومحاولة أخرى لإضفاء الشرعية على جرائم النظام الروسي. أي مشاركة في ما يسمى “الكونغرس” و”الطاولة المستديرة” – هو دعم ضمني للعدوان الروسي، ويتعين على العالم أن يدين هذه المهزلة بقوة وأن يتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة حرب المعلومات التي يخوضها الكرملين. ويجب على المجتمع الدولي ألا يسمح لروسيا بتشويه التاريخ واستخدامه كذريعة لارتكاب جرائمها. ولا ينبغي للنظام العالمي المستقبلي أن يبنى على مبادئ القوة والعدوان، بل على سيادة القانون وسيادة الدول والأمن الجماعي.
إن نسخة الكرملين من “النظام العالمي الجديد” هي طريق إلى الفوضى والحرب. ولذلك، يجب على العالم المتحضر أن يفعل كل ما في وسعه لمنع هذا السيناريو من أن يصبح حقيقة.