Німецька економіка... структурна криза, що призводить до дефляції
وتأثيراته على الاقتصاد الاوروبي
Центр стратегічних досліджень Vision
28\12\2024
يواجه رابع أكبر اقتصاد في العالم أزمات تنوعت بين إضرابات عمالية، وعراقيل واجهت خطة الإنفاق، والتوترات السياسية الداخلية الناجمة عن خلافات داخل الائتلاف الحاكم، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية وأزمة الطاقة العالمية التي سببتها الحرب الروسية على أوكرانيا.
وبقراءة المشهد الاقتصادي الألماني بشكل معمق فإنه من المؤكد الآن أن الاقتصاد الألماني تعرض إلى الركود في 2023، إذ كشفت البيانات الرسمية انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.3% بما توافق مع توقعات المحللين.
وقالت رئيسة مكتب الإحصاءات الفدرالية روث براند إن التنمية الاقتصادية الشاملة في ألمانيا توقفت العام الماضي وسط بيئة لا تزال تعاني من الأزمات. وأضافت: على الرغم من الانخفاضات الأخيرة، لا تزال الأسعار مرتفعة على كافة مستويات الاقتصاد، بجانب ظروف التمويل غير المواتية نتيجة ارتفاع معدل الفائدة وانخفاض الطلب محلياً وخارجياً.
وانكمش القطاع الصناعي الألماني، الذي يستثني قطاع البناء، بنحو 2% وسط تراجع الإنتاج في قطاع إمدادات الطاقة. وأدى ضعف الطلب المحلي وديناميكيات الاقتصاد العالمي الضعيفة إلى كبت التجارة الخارجية بالرغم من انخفاض الأسعار.
وفي خطوة تعكس التحديات الاقتصادية التي تواجهها ألمانيا، خفّض البنك المركزي الألماني توقعاته للنمو للعامين المقبلين، وسط توقعات بأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في عام 2025. هذه الأرقام تأتي أقل بكثير من توقعات وزارة الاقتصاد الألمانية، التي أشارت إلى نمو بنسبة 1.1% في 2025 و1.6% في 2026. وعن العام الجاري فتتفق الحكومة والبنك على تسجيل انكماش بنسبة 0.2%، ما يعني استمرار الركود للسنة الثانية على التوالي.
البنك المركزي، أفاد بأن الاقتصاد الألماني يواجه رياحاً معاكسة مستمرة بالإضافة إلى مشاكل هيكلية صاحبها معاناة لقطاع الصناعة الألماني الذي سجل تراجعا حادا في الصادرات وارتفاع تكاليف الطاقة بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.
المركزي الألماني توقع أن يستمر الركود خلال شتاء 2024/2025، مع بدء تعافٍ تدريجي بحلول نهاية 2025. لكن بحسبه، لا تزال التوقعات غير مؤكدة نتيجة تصاعد الإجراءات الحمائية العالمية، في إشارة إلى السياسات التجارية المحتملة في عهد الرئيس الأمريكي المقبل، دونالد ترامب، وما قد يرافقها من زيادات في الرسوم الجمركية.
وقال رئيس معهد إيفو، كليمنس فوست في مقابلة مع بلومبرغ إن “النقطة الأساسية للضعف الاقتصادي تكمن حقًا في قطاع التصنيع الذي يُعتبر مهمًا جدًا”. وأضاف أن هذا الضعف يمكن ملاحظته في جميع المجالات بما في ذلك الصناعات الكيميائية، ومعدات الكهرباء، وصناعة السيارات، مشيرا إلى أن “الشركات تخبرنا بأنها تفتقر إلى الطلبات. وبالإضافة إلى ذلك، الآن نواجه نقاط ضعف في قطاع الخدمات”.
ويتزايد الحديث عن تراجع الاقتصاد الألماني بعد سلسلة من الأخبار السيئة التي أبرزت ضعف قطاع السيارات، وهو قطاع محوري للاقتصاد الألماني.
وهذا الأداء الضعيف يُلقي بظلاله على منطقة اليورو بأكملها، حيث تلاشى التعافي الذي شهدته منطقة الـ 20 دولة في وقت مبكر من هذا العام. ويُعد الاقتصاد الألماني، الذي عانى بشكل خاص بسبب تراجع الطلب في الصين، الاقتصاد الوحيد بين مجموعة الدول السبع الذي شهد انكماشًا عام 2023.
ويأتي بعض الدعم من خلال السياسات النقدية الأكثر مرونة التي يتبعها البنك المركزي الأوروبي.
وقال كليمنس فوست رئيس معهد إيفو “لا يمكننا استبعاد أن ننتهي برقم نمو سلبي هذا العام. سيعتمد الكثير على الاستهلاك الذي قد يكون له تأثير معارض”. وتابع “حتى الآن، نلاحظ ارتفاع الدخل المتاح، لكن ذلك لا يترجم إلى زيادة في الاستهلاك، وبالتالي، ارتفاع معدل الادخار، مما يشير إلى أن الناس قد يشعرون بالقلق بشأن المستقبل”.
هناك أسباب بنيوية عميقة تساهم في تراجع الاقتصاد الالماني، وتشكل تحديات طويلة الأمد للاقتصاد. ومن أهم هذه الأسباب البنيوية:
- التجاهل المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، حيث لم تتخذ الحكومة الألمانية إجراءات كافية لتعزيز الاقتصاد بعد الأزمة المالية العالمية.
- الاعتماد الشديد على الصناعات التقليدية: حيث يرتكز الاقتصاد الألماني بشكل كبير على الصناعات التقليدية مثل صناعة السيارات والآلات، التي تواجه تحديات كبيرة نتيجة التحول التكنولوجي والمنافسة الدولية الشديدة، خاصة من دول آسيا. هذا الاعتماد يجعله عرضة لتقلبات الطلب العالمي على هذه المنتجات.
- بطء وتيرة التحول الرقمي: إذ تُعتبر ألمانيا متأخرة نسبيًا في مجال التحول الرقمي مقارنة بدول أخرى مثل الولايات المتحدة والصين، هذا التأخر يؤثر سلبًا على كفاءة الإنتاج والابتكار والقدرة التنافسية للاقتصاد الألماني في المستقبل. يشمل ذلك ضعف الاستثمار في البنية التحتية الرقمية (مثل شبكات الإنترنت فائق السرعة) وتبني التقنيات الحديثة في الصناعة والخدمات.
- نقص الاستثمار في البحث والتطوير في المجالات الجديدة: على الرغم من قوة ألمانيا في بعض مجالات البحث والتطوير، إلا أنها تُعتبر متأخرة في الاستثمار في مجالات جديدة واعدة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية، مما قد يؤثر على قدرتها على المنافسة في اقتصاد المستقبل.
- مشاكل التركيبة السكانية: يواجه المجتمع الألماني شيخوخة السكان وانخفاض معدلات المواليد، مما يؤدي إلى نقص في العمالة الماهرة وزيادة الضغط على نظام الضمان الاجتماعي. هذا النقص في الأيدي العاملة الماهرة يؤثر سلبًا على الإنتاجية والنمو الاقتصادي.
- الجمود البيروقراطي: يُعاني الاقتصاد الألماني من جمود بيروقراطي وتعقيدات إدارية تُعيق الاستثمار وتُثقل كاهل الشركات، خاصة الصغيرة والمتوسطة. هذا الجمود يُعيق أيضًا سرعة اتخاذ القرارات والتكيف مع التغيرات الاقتصادية.
- الاعتماد الكبير على التصدير: صحيح أن التصدير كان محركًا قويًا للنمو الاقتصادي الألماني لسنوات طويلة، إلا أن هذا الاعتماد الكبير يجعله عرضة للصدمات الخارجية وتقلبات الطلب العالمي، كما رأينا في أزمة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا.
- نظام التعليم والتدريب المهني: على الرغم من قوة نظام التعليم والتدريب المهني في ألمانيا، إلا أنه يحتاج إلى تحديث ليتناسب مع متطلبات سوق العمل المتغيرة واحتياجات الاقتصاد الرقمي. هناك حاجة إلى التركيز على تطوير المهارات الرقمية والتقنية للجيل الجديد من العمال.
- ارتفاع تكاليف الإنتاج: تُعتبر تكاليف الإنتاج في ألمانيا مرتفعة نسبيًا مقارنة بدول أخرى، خاصة في مجال الطاقة والعمالة، مما يُضعف القدرة التنافسية للصناعات الألمانية.
هذه الأسباب البنيوية تتطلب معالجة شاملة وجذرية من خلال إصلاحات هيكلية طويلة الأمد، تشمل الاستثمار في الرقمنة والبحث والتطوير والتعليم وتحديث البنية التحتية وتخفيف الأعباء البيروقراطية. من دون هذه الإصلاحات، سيواجه الاقتصاد الألماني صعوبة في استعادة قوته وقدرته على المنافسة في الاقتصاد العالمي المتغير.
بالإضافة الى الأسباب البنيوية المذكورة هناك أيضا أسباب ظرفيه هامة ساهمت في تراجع الاقتصاد الألماني، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
* التأثيرات العالمية: الأزمات الاقتصادية العالمية، مثل جائحة كورونا، أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الألماني.
* التدهور الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي: العديد من الدول الأوروبية تعاني من مشاكل اقتصادية، مما يؤثر على الأسواق الألمانية.
* التحديات البيئية: الحكومة الألمانية تعمل على تحقيق الاستدامة البيئية، مما قد يؤثر على النمو الاقتصادي.
* التحديات السياسية: التوترات السياسية داخل البلاد ومع الدول الأخرى تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد.
هذه الأسباب المحورية ترافقت مع:
- ارتفاع تكاليف الطاقة: تأثرت ألمانيا بشكل كبير بارتفاع أسعار الطاقة نتيجة للحرب الروسية على أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا. حيث تعتمد الصناعات الألمانية بشكل كبير على الطاقة، ما أدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج وتراجع القدرة التنافسية.
- تباطؤ القطاع الصناعي: يعاني القطاع الصناعي الألماني من تباطؤ ملحوظ بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع الطلب العالمي، وخاصة من الصين التي تعد سوقًا مهمة للصادرات الألمانية.
- ارتفاع أسعار الفائدة: رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة للحد من التضخم، ما أثر على الاستثمارات وقدرة الشركات على الاقتراض والتوسع.
- ضعف الطلب العالمي: يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤًا، ما يؤثر على الطلب على الصادرات الألمانية، خاصة مع تباطؤ النمو في الصين.
- التضخم: لا يزال التضخم يشكل تحديًا للاقتصاد الألماني، حيث يؤثر على القوة الشرائية للمستهلكين ويقلل من الإنفاق.
بالإضافة إلى ذلك، هناك عوامل أخرى تساهم في تراجع الاقتصاد الألماني، مثل:
- نقص العمالة الماهرة: يواجه الاقتصاد الألماني نقصًا في العمالة الماهرة في بعض القطاعات، ما يعيق النمو والإنتاجية.
- التحول إلى الطاقة المتجددة: يمثل التحول إلى الطاقة المتجددة تحديًا للاقتصاد الألماني، حيث يتطلب استثمارات كبيرة وتغييرات في البنية التحتية.
بشكل عام، يواجه الاقتصاد الألماني تحديات متعددة تتطلب معالجة شاملة لمعالجة المشاكل الهيكلية وتحسين القدرة التنافسية وتنويع مصادر النمو.
ازمة شركة فولكس فاجن لتصنيع السيارات
تواجه شركة فولكس فاجن الألمانية، عملاق صناعة السيارات، أزمة بنيوية عميقة تتجاوز مجرد مشاكل ظرفية، وتلقي بظلالها على الاقتصاد الألماني والأوروبي ككل. يمكن تلخيص هذه الأزمة في عدة نقاط رئيسية:
- تراجع القدرة التنافسية: حيث تواجه فولكس فاجن منافسة شرسة، خاصة من الشركات الصينية التي تقدم سيارات كهربائية بأسعار تنافسية. هذا التنافس يضغط على هوامش ربح فولكس فاجن ويجعل من الصعب عليها الحفاظ على حصتها السوقية، خاصة في الصين التي تُعد أكبر أسواقها.
- ارتفاع التكاليف: تعاني فولكس فاجن من ارتفاع تكاليف الإنتاج في ألمانيا، مقارنة بدول أخرى. هذا يشمل تكاليف العمالة والطاقة والمواد الخام. هذا الارتفاع في التكاليف يقلل من قدرتها على المنافسة في الأسعار.
- التحول إلى السيارات الكهربائية: يشكل التحول إلى السيارات الكهربائية تحديًا كبيرًا لفولكس فاجن. يتطلب هذا التحول استثمارات ضخمة في البحث والتطوير والبنية التحتية، بالإضافة إلى إعادة هيكلة خطوط الإنتاج وتدريب العمال. هذا يضع ضغطًا إضافيًا على موارد الشركة.
- ضعف المبيعات: انخفضت مبيعات فولكس فاجن في بعض الأسواق الرئيسية، مثل الصين، مما أثر سلبًا على أرباح الشركة. هذا يعكس جزئيًا المنافسة الشديدة وجزئيًا التباطؤ الاقتصادي العالمي.
- الهيكل الإداري والعمالي: تواجه فولكس فاجن تحديات تتعلق بهيكلها الإداري المعقد وعلاقاتها القوية مع النقابات العمالية، مما قد يجعل اتخاذ القرارات السريعة وتنفيذ الإصلاحات أكثر صعوبة.
تقود الازمة في شركة فولكس فاجن التأثير على الاقتصاد الألماني والأوروبي، حيث انها تؤدي إلى فقدان آلاف الوظائف في ألمانيا، مما يزيد من معدلات البطالة ويؤثر سلبًا على الاقتصاد الألماني، حيث تُعد فولكس فاجن من أكبر الشركات الموظِفة في ألمانيا. وتراجع أداء فولكس فاجن يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في ألمانيا، حيث تُعد صناعة السيارات محركًا رئيسيًا للاقتصاد الألماني. هذا التباطؤ قد يمتد ليشمل الاقتصاد الأوروبي ككل. حيث ستتأثر أيضًا الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على فولكس فاجن كمورد أو عميل. هذا قد يؤدي إلى مشاكل اقتصادية أوسع في قطاعات أخرى.
- ناهيك عن أن فولكس فاجن تُعد رمزًا للصناعة الألمانية، وأي مشاكل تواجهها قد تؤثر سلبًا على صورة الصناعة الألمانية ككل وثقة المستثمرين فيها.
بشكل عام، تُعد الأزمة التي تواجهها فولكس فاجن مؤشرًا على التحديات الأكبر التي تواجهها صناعة السيارات الأوروبية في ظل المنافسة العالمية والتحول إلى السيارات الكهربائية. يتطلب تجاوز هذه الأزمة اتخاذ إجراءات حاسمة من قبل الشركة والحكومة الألمانية على حد سواء، بما في ذلك خفض التكاليف وزيادة الاستثمارات في التكنولوجيا الجديدة ودعم العمال المتضررين.
الاقتصاد الماني والاوروبي … تأثيرات متبادلة.
يُعتبر الاقتصاد الألماني جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد الأوروبي، حيث يرتبط معه بعلاقات تجارية ومالية قوية. تُعتبر ألمانيا أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وتُعتبر محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي في المنطقة. وبالتالي أي تباطؤ أو تدهور في الاقتصاد الأوروبي يُؤثر بشكل كبير ومباشر على الاقتصاد الألماني من خلال قنوات مختلفة، تشمل التجارة والاستثمار والطاقة والسياسات النقدية. و قد تأثر الاقتصاد الألماني بشكل كبير بالتدهور الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي، وذلك لعدة أسباب رئيسية.
تُعاني بعض دول الاتحاد الأوروبي من مشاكل هيكلية مثل ارتفاع معدلات البطالة والديون العامة، ما يؤثر على النمو الاقتصادي في المنطقة بأكملها ويُؤثر سلبًا على الاقتصاد الألماني. وتُعتبر دول الاتحاد الأوروبي من أهم الأسواق التصديرية لألمانيا، حيث يُصدر الاقتصاد الألماني نسبة كبيرة من منتجاته، خاصة الصناعية، إلى دول الاتحاد الأوروبي. بالتالي، أي انخفاض في الطلب في هذه الدول يؤثر سلبًا على الصادرات الألمانية ويُضعف النمو الاقتصادي.
كذلك أثرت أزمة اليورو التي بدأت في عام 2010 بشكل كبير على الاقتصاد الألماني، حيث تسببت في تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة الضغوط على القطاع المالي. لا يزال يُعاني الاقتصاد الأوروبي من بعض التداعيات الناتجة عن هذه الأزمة، ما يؤثر على الاقتصاد الألماني.
وبالتأكيد أدت الحرب الروسية على أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى أزمة طاقة حادة في أوروبا، ما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الألماني الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي. ارتفاع أسعار الطاقة أدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج وتراجع القدرة التنافسية للصناعات الألمانية.
كذلك يجب ان نتجاهل معاناة الاتحاد الأوروبي من ارتفاع معدلات التضخم، ما يؤثر على القوة الشرائية للمستهلكين ويُقلل من الإنفاق. هذا يؤثر بدوره على الطلب على المنتجات الألمانية في الأسواق الأوروبية.
وبما ان الصناعات الألمانية تعتمد بشكل كبير على سلاسل توريد مُتشابكة مع دول أوروبية أخرى. فإن أي اضطراب في هذه السلاسل، كما حدث خلال جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية على أوكرانيا، يُؤثر بشكل كبير على الإنتاج في ألمانيا. وبما ان ألمانيا، كذلك، تلعب دورًا محوريًا في سلاسل التوريد الأوروبية، حيث تعتمد العديد من الشركات الأوروبية على المكونات والسلع الوسيطة من ألمانيا، فإن أي اضطراب في الإنتاج في ألمانيا يُؤثر على هذه السلاسل ويُعيق الإنتاج في دول أوروبية أخرى.
ناهيك عن تأثير السياسات النقدية للبنك المركزي الأوروبي على الاقتصاد الألماني و الإقتصادات الاخرى في الاتحاد الاوروبي، حيث يُمكن أن تُؤدي قرارات رفع أسعار الفائدة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي. وبما ان الاقتصاد الألماني بمثابة القلب النابض للاقتصاد الأوروبي ، حيث انه قوة دافعة رئيسية للنمو في الاتحاد الأوروبي بأكمله، نظرًا لحجم الاقتصاد الألماني، فإن أي تراجع في الاقتصاد الألماني يُلقي بظلاله بشكل كبير ايضا على الوضع الاقتصادي في أوروبا. وأي انكماش أو تباطؤ فيه يُؤثر بشكل كبير على متوسط النمو الاقتصادي في منطقة اليورو بأكملها. حيث أن أداء الاقتصاد الألماني يُؤثر بشكل مباشر على أداء الاقتصادات الأخرى في المنطقة، خاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على التجارة مع ألمانيا.
وبما ان ألمانيا تُعتبر سوقًا استهلاكية ضخمة، فإن أي تراجع في الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري في ألمانيا يُؤدي إلى انخفاض الطلب على المنتجات والخدمات من الدول الأوروبية الأخرى، مما يؤثر سلبًا على صادرات هذه الدول ونموها الاقتصادي.
وبسبب حجم الاقتصاد الالماني فإنه يُعتبر مؤشرًا رئيسيًا على صحة الاقتصاد الأوروبي، وبالتالي فإن أي تراجع فيه يُؤثر على ثقة المستثمرين والمستهلكين في الاقتصاد الأوروبي بشكل عام، مما يُؤدي إلى تراجع الاستثمارات والإنفاق.
كذلك فإن أي مشاكل في القطاع المصرفي الألماني، نتيجة للتدهور الاقتصادي، يُمكن أن تُؤثر على الاستقرار المالي في أوروبا بشكل عام، لأن البنوك الألمانية تُعتبر من أهم المؤسسات المالية في أوروبا. بالاضافة الى تأثير الوضع الاقتصادي في ألمانيا على قرارات البنك المركزي الأوروبي والسياسات الاقتصادية التي تتبعها دول الاتحاد الأوروبي، حيث قد تُضطر هذه المؤسسات إلى اتخاذ إجراءات لتحفيز الاقتصاد، مثل خفض أسعار الفائدة أو زيادة الإنفاق الحكومي، لمواجهة التداعيات السلبية للتراجع الاقتصادي الألماني.
كل ما سبق يجعلنا نصل الى نتيجة مفادها أن تراجع الاقتصاد الألماني يُمكن أن يؤدي إلى تقليل جاذبية منطقة اليورو كوجهة استثمارية، مما يُؤثر على تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة.
بالإضافة إلى ما سبق، يُمكن أن يُؤدي تراجع الاقتصاد الألماني إلى تفاقم المشاكل القائمة في بعض الدول الأوروبية التي تُعاني من صعوبات اقتصادية، حيث يُمكن أن يُؤدي انخفاض الطلب الألماني على منتجات هذه الدول إلى زيادة الضغوط عليها. كما يُمكن أن يُؤثر ذلك على التضامن الأوروبي وقدرة دول الاتحاد على التعاون في مواجهة التحديات المشتركة.
وهكذا نرى أن صحة الاقتصاد الألماني تُعتبر ضرورية لصحة الاقتصاد الأوروبي بأكمله. لذلك، فإن أي تراجع في الاقتصاد الألماني يُشكل تهديدًا للاستقرار والنمو الاقتصادي في أوروبا. هذا يُحتّم على ألمانيا والاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات فعّالة لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية وتعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة.
في ظل هذه التحديات، يبقى الاقتصاد الأكبر في أوروبا بحاجة إلى إصلاحات هيكلية عميقة لمواجهة الأزمات المستمرة وتحقيق استقرار مستقبلي.. فماذا عن الحلول؟
لاستعادة وتعافي الاقتصاد الألماني، يلزم اتخاذ إجراءات شاملة ومتنوعة تشمل معالجة المشاكل الهيكلية والتحديات الراهنة، ومن المهم أن تتخذ ألمانيا والاتحاد الأوروبي إجراءات مُشتركة لمعالجة هذه التحديات وتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي في المنطقة.
ويجب البدء من معالجة المشاكل الهيكلية في الاقتصاد الالماني وإصلاح نظام الضرائب، حيث يجب تبسيط نظام الضرائب لتشجيع الاستثمار والنمو الاقتصادي. كذلك تطوير نظام التعليم لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة. بالإضافة الى تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، اذ انه بدون الحفاظ على الاستقرار السياسي لن يكون هناك ثقة كبيرة في نمو الاقتصاد الألماني، لذلك يجب تجنب الصراعات السياسية الداخلية واتباع سياسات اقتصادية متوازنة تعمل على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستقرار المالي. كذلك يجب تقليل الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، واتخاذ تدابير لترشيد استهلاك الطاقة في الصناعة والمباني والمنازل. بالإضافة الى تطوير شبكات نقل وتوزيع الطاقة لضمان استقرار الإمدادات. في ذات الوقت يجب اتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة التغير المناخي وتحقيق أهداف الاستدامة.
ويجب الاستثمار في البحث والتطوير من خلال دعم الابتكار والتكنولوجيا لتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الألمانية. وتبسيط الإجراءات الإدارية لتخفيف الأعباء البيروقراطية على الشركات مما يساهم في تسهيل ممارسة الأعمال. كذلك يجب تسريع وتيرة التحول الرقمي في الصناعة والخدمات لزيادة الإنتاجية، مع تطوير البنية التحتية الرقمية من خلال توفير بنية تحتية متطورة للاتصالات والإنترنت. وبالتالي يجب على الحكومة الألمانية العمل على مكافحة نقص العمالة الماهرة وتوفير برامج تدريب وتأهيل لتلبية احتياجات سوق العمل. بالإضافة الى جذب العمالة المهاجرة الماهرة عبر تسهيل إجراءات الهجرة للعمالة الماهرة من الخارج. ويجب أيضا تشجيع العمل بدوام جزئي مما يساهم في توفير خيارات عمل مرنة لتشجيع مشاركة أكبر في سوق العمل. ومن خلال دعم الاستثمارات العامة وزيادة الإنفاق الحكومي على البنية التحتية والمشاريع التنموية لتحفيز الطلب. ومن اجل تحقيق هذا يجب اتخاذ تدابير لتحسين مستوى المعيشة وزيادة القدرة الشرائية للمستهلكين.
وبحكم العلاقات الاقتصادية المترابطة بين الاقتصاد الالماني و الاوروبي و العالمي يجب تعزيز العلاقات التجارية مع الشركاء الدوليين وتنويع الأسواق التصديرية، والتعاون مع الدول الأخرى لتأمين إمدادات الطاقة وتنويع مصادرها.
بالإضافة إلى هذه الحلول، يجب على الحكومة الألمانية وضع رؤية واضحة للاقتصاد على المدى الطويل، وتنفيذ إصلاحات هيكلية جريئة لضمان استدامة النمو والازدهار. من المهم أيضًا أن تتفاعل الحكومة مع التطورات العالمية والتحديات الجديدة بمرونة وسرعة.