الانتخابات الرئاسية الرومانية 2025
تحديات و تداعيات
Підготовлено Центром стратегічних досліджень Vision
22\5\20258
في 18 مايو 2025، شهدت رومانيا الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، التي جاءت في أعقاب إلغاء انتخابات نوفمبر 2024 بسبب مزاعم تدخل أجنبي. تنافس في هذه الجولة نيكوسور دان، المرشح المستقل وعمدة بوخارست السابق ذو التوجه الأوروبي، مع جورج سيميون، زعيم حزب التحالف من أجل وحدة الرومانيين (AUR) اليميني المتطرف. مثّلت هذه الانتخابات منعطفًا حاسمًا لمستقبل رومانيا في ظل توترات داخلية وتحديات جيوسياسية متصاعدة، لا سيما في سياق الحرب الروسية على أوكرانيا.
يقدم هذا التقرير تحليلًا معمقًا للنتائج، ردود الفعل المحلية والدولية، التغطية الإعلامية، التحديات المستقبلية، وتداعيات فوز دان على الشراكة الأوكرانية الرومانية، بما في ذلك الموقف الاوكراني وتصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
السياق السياسي
جرت الانتخابات الرئاسية لعام 2025 على خلفية أزمة سياسية غير مسبوقة، حيث ألغت المحكمة الدستورية الرومانية نتائج انتخابات 2024 بسبب اتهامات بالتدخل الروسي، والتي تضمنت حملات تضليل واسعة النطاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. تم توثيق هذه المحاولات من قبل شبكات حاولت انتحال صفة المواقع الرسمية للمؤسسات العامة ووسائل الإعلام لنشر معلومات مضللة، بما في ذلك اتهامات بالاحتيال الانتخابي وتأكيد إلغاء التصويت. وقد كشفت وثائق استخباراتية رومانية عن دور روسيا في حملات تضليل واسعة النطاق، لا سيما عبر منصة تيك توك، بالإضافة إلى هجمات سيبرانية على السلطة الانتخابية. أدى حظر ترشح جورجيسكو في مارس 2025 إلى احتجاجات واسعة، مما فاقم الاتهامات بالتلاعب من قبل الأحزاب اليمينية المتطرفة.
على الصعيد الاقتصادي، تواجه رومانيا تحديات جمة، أبرزها أعلى عجز في الميزانية على مستوى الاتحاد الأوروبي، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم والفقر. هذه العوامل جعلت الانتخابات محورية في تحديد المسار المستقبلي للبلاد على المستويين السياسي والاقتصادي.
نتائج الانتخابات
الجولة الأولى (4 مايو 2025):
شهدت الجولة الأولى نسبة مشاركة بلغت 53.21%، مما يشير إلى اهتمام معتدل من الناخبين. في هذه الجولة، حصل جورج سيميون (AUR) على 40.96% من الأصوات، مستفيدًا من موجة واسعة من السخط المناهض للمؤسسة. بينما حصل نيكوسور دان (مستقل) على 20.99%، مدعومًا بقوة من الناخبين الحضريين والطبقة المؤيدة لأوروبا. وجاء جورج كرين أنطونيسكو من الائتلاف الحاكم في المركز الثالث بنسبة 20.07%. تأهل سيميون ودان إلى الجولة الثانية لعدم حصول أي مرشح على الأغلبية المطلقة.
الجولة الثانية (18 مايو 2025):
ارتفعت نسبة المشاركة بشكل ملحوظ في الجولة الثانية لتصل إلى 64.72%، بإجمالي 11,641,742 صوتًا، مما يعكس تعبئة كبيرة من قبل الناخبين المؤيدين للتوجه الأوروبي. في هذه الجولة، فاز نيكوسور دان بـ 6,168,642 صوتًا، أي ما يعادل 53.60%، بدعم قوي من الناخبين المؤيدين لأوروبا والجالية الرومانية في الخارج. في المقابل، حصل جورج سيميون على 5,339,053 صوتًا، أي ما يعادل 46.40%. أكدت استطلاعات الخروج تقدم دان، وهو ما تماشى بدقة مع النتائج النهائية.
ردود الفعل
في رومانيا:
- المعارضة: اتهم جورج سيميون وأناماريا غافريل العملية الانتخابية بالتلاعب، مطالبين باستقالة الرئيس كلاوس يوهانيس. ومع ذلك، اعترف سيميون لاحقًا بالهزيمة، شاكرًا أنصاره ومتعهدًا بمواصلة النضال السياسي.
- الاحتجاجات: استمرت الاحتجاجات بعد إلغاء انتخابات 2024 وحظر كالين جورجيسكو، مما أدى إلى توترات سياسية غير مسبوقة منذ عام 1989. استمرت هذه الاحتجاجات بين أنصار سيميون، الذين يواصلون اتهام الحكومة بالتلاعب، مما قد يساهم في عدم الاستقرار السياسي.
- المجتمع المدني: رحب الناشطون المؤيدون لأوروبا بالنتيجة، معتبرينها انتصارًا للمسار الديمقراطي الأوروبي.
في أوروبا:
- الاتحاد الأوروبي: رحبت رئيسة المفوضية الأوروبية، ورئيس المجلس الأوروبي، والرئيس الفرنسي، والمستشار الألماني، ورئيسة الوزراء الإيطالية بفوز دان. واعتبر القادة الأوروبيون فوزه بمثابة تأكيد على التزام رومانيا بالقيم الأوروبية ومسارها الديمقراطي، على الرغم من محاولات التلاعب.
- دعم خارجي مثير للجدل: أثار دعم رئيس وزراء بولندا السابق لسيميون انتقادات حادة، حيث اعتُبر تدخلاً خارجيًا في الشأن الداخلي الروماني.
- مولدوفا: أعربت رئيسة مولدوفا عن دعمها العلني لدان، مؤكدة أهمية الانتماء إلى “الأسرة الأوروبية” وتعزيز التكامل الإقليمي.
في أوكرانيا:
- تصريحات الرئيس الأوكراني: أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن تهانيه الحارة لنيكوسور دان على فوزه في الانتخابات الرئاسية الرومانية، مؤكدًا على الأهمية الاستراتيجية لاستمرار الشراكة بين أوكرانيا ورومانيا. صرّح زيلينسكي على منصة X قائلًا: “تهانينا لنيكوسور دان على انتصاره التاريخي في الانتخابات الرئاسية الرومانية. بالنسبة لأوكرانيا، كجارة وصديقة، من المهم أن يكون لديها رومانيا كشريك موثوق. ونحن واثقون من أن هذا سيكون الحال. من خلال العمل معًا، يمكننا تعزيز بلدينا وأوروبا”. كما أضاف خلال مكالمة هاتفية مع دان: “تحدثت مع الرئيس الروماني المنتخب حديثًا، نيكوسور دان. هنأته على فوزه في الانتخابات الرئاسية. من الضروري أن تستمر رومانيا في التطور، وأن نتعاون جميعًا في منطقتنا وعبر أوروبا. نحن نحترم رومانيا وشعبها”. أكد زيلينسكي أن فوز دان يعزز التعاون الثنائي، خاصة في ظل التحديات الأمنية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن رومانيا ستظل “شريكًا موثوقًا” في دعم كييف.
- رحبت الحكومة الأوكرانية بفوز دان، معتبرة أنه يضمن استمرار الدعم العسكري والسياسي لكييف ضد روسيا.
- أشارت وسائل الإعلام الأوكرانية إلى أن فوز سيميون كان سيؤدي إلى تقليص الدعم، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية للانتخابات للأمن الإقليمي.
- خلاصة الرؤية الأوكرانية: تؤكد أوكرانيا احترامها الكامل لاختيار الشعب الروماني، معربة عن امتنانها العميق لدعم رومانيا المتواصل في مواجهة العدوان الروسي. يُنظر إلى فوز نيكوسور دان، بصفته مؤيدًا للوحدة الأوروبية الأطلسية ومكافحة الفساد وداعمًا ثابتًا لأوكرانيا، على أنه تطور إيجابي للغاية. في المقابل، كان خصمه جورج سيميون يُعتبر مرشحًا مواليًا لروسيا، وقد هدد بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا وعرقلة العقوبات ضد روسيا. لقد سعت روسيا بنشاط للتأثير على نتائج الانتخابات لصالح سيميون، مستخدمة قنوات تليجرام وبوتات وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات المضللة، لكن محاولاتها باءت بالفشل. تجدر الإشارة إلى أن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الرومانية لعام 2024 كانت قد أُلغيت بسبب التدخل الروسي المكثف، مما يؤكد استمرارية هذا التهديد.
Москва є вигнанням колишніх союзників... останнім з яких був Башар аль-Асад
التغطية الإعلامية
الإعلام الروماني:
قدمت المنصات الإخبارية الرومانية الرائدة تغطية حية وتحليلات معمقة للانتخابات، مع تركيز خاص على نسبة المشاركة العالية ودور الجالية الرومانية في الخارج في دعم دان. أشارت التغطية إلى أن فوز دان كان بمثابة تحول كبير بعد الجولة الأولى التي تقدم فيها سيميون بفارق كبير، وعكست التعبئة غير المسبوقة للناخبين، خاصة المغتربين الرومانيين في أوروبا الغربية، الذين شكلوا ما يقرب من 1.6 مليون صوت، والذين كان لهم دور حاسم في ترجيح كفة دان. ركزت التغطية الإعلامية على قضايا الفساد، التضخم، والهجرة، إلى جانب مناقشات حول تأثير الانتخابات على الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد، والتحول نحو مسار مؤيد للغرب بعد فترة من التوتر. كما أبرزت بعض المنصات المحلية تصريحات دان التي شكر فيها الناخبين على مواجهة موجة الكراهية وتعهده بناء رومانيا موحدة بغض النظر عن الاختيارات السياسية.
الإعلام الأوروبي:
وصفت وسائل إعلام أوروبية بارزة الانتخابات بأنها حاسمة لمستقبل رومانيا في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، مشيرة إلى أن فوز دان يعزز وحدة أوروبا ويعزز من “تنهيدة الارتياح” في بروكسل. ركزت بعض القنوات الإخبارية الأوروبية على المناظرة بين دان وسيميون، مع التركيز على التوجهات المتناقضة حول الاتحاد الأوروبي والعلاقات مع أوكرانيا. اعتبرت وكالات الأنباء الأوروبية فوز دان مفاجأة “مذهلة” بالنظر إلى تقدم سيميون في الجولة الأولى، وأشارت إلى أن نسبة المشاركة المرتفعة، خاصة من قبل الرومانيين في الخارج، قد افادت دان. كما سلطت الضوء على أهمية النتيجة لمكانة رومانيا كلاعب لوجستي رئيسي في تقديم المساعدة الغربية لأوكرانيا. شددت التغطية الأوروبية على أن الانتخابات كانت بمثابة “اختيار جيوسياسي” بين الشرق والغرب، وأن فوز دان يؤكد التزام رومانيا بالقيم الديمقراطية وسيادة القانون على الرغم من محاولات التلاعب والتدخل الخارجي.
الإعلام الأوكراني:
أبرزت وسائل الإعلام الأوكرانية أهمية فوز دان لاستمرار الدعم العسكري لأوكرانيا، مع تحذيرات من التأثير الروسي المحتمل على استقرار المنطقة. ركزت التغطية الأوكرانية بشكل خاص على تصريحات الرئيس زيلينسكي التي هنأ فيها دان وأكد على أهمية رومانيا كـ “شريك موثوق” لكييف. أشارت وسائل الإعلام الأوكرانية إلى أن فوز سيميون، الذي كان يُعتبر مؤيدًا لروسيا ومعارضًا للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، كان سيؤدي إلى تقليص الدعم، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية للانتخابات للأمن الإقليمي. كما لفتت الانتباه إلى فشل محاولات روسيا للتأثير على نتائج الانتخابات لصالح سيميون عبر قنوات تليجرام وبوتات وسائل التواصل الاجتماعي، مذكرة بإلغاء نتائج انتخابات 2024 بسبب التدخل الروسي المكثف.
التحديات السياسية الداخلية:
- تشكيل الحكومة: يواجه دان تحديًا في تشكيل ائتلاف برلماني مستقر، حيث تسيطر الأحزاب اليمينية المتطرفة، وخاصة حزب AUR، على ما يقارب ثلث البرلمان، مما قد يعيق تنفيذ التشريعات الإصلاحية الطموحة.
- الاحتجاجات: تستمر الاحتجاجات بين أنصار سيميون، الذين يتهمون الحكومة بالتلاعب، مما قد يؤدي إلى استمرار عدم الاستقرار السياسي ويتطلب من دان “إعادة بناء رومانيا موحدة”.
التحديات الاقتصادية:
- العجز المالي: تواجه رومانيا أعلى عجز في الميزانية بالاتحاد الأوروبي، مما يزيد من مخاطر الركود الاقتصادي ويتطلب إصلاحات مالية عاجلة.
- الفقر والفساد: يُعد الفقر والفساد تحديات هيكلية رئيسية، حيث يعيش جزء كبير من السكان تحت خط الفقر، مما يستدعي إصلاحات جذرية في الأنظمة الحكومية ومكافحة الفساد. كما يواجه دان تحدي استعادة ثقة الجمهور في المؤسسات الحكومية غير الفعالة والتي تفتقر إلى الاستجابة.
التداعيات الجيوسياسية:
- دعم أوكرانيا وحلف الناتو: يعزز فوز دان الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا، مما يدعم الاستقرار الإقليمي ويؤكد التزام رومانيا بمكانتها كشريك موثوق به في حلف الناتو، وهو أمر حيوي في مواجهة الحرب الروسية الأوكرانية.
- مولدوفا والبلقان: سيدعم دان دمج مولدوفا والبلقان الغربي في الاتحاد الأوروبي، مما يعزز التكامل الإقليمي ويقلل من النفوذ الروسي.
- التأثير الروسي: كشفت الانتخابات عن مقاومة قوية للتدخل الروسي، لكن التهديدات الإلكترونية ومحاولات التضليل، مثل حملات Doppelgänger على منصات مثل X وتلغرام، تظل مصدر قلق استراتيجي.
- تأثير اليمين المتطرف: إن صعود حزب AUR، الذي يعبّر قادته أحيانًا عن آراء موازية لروايات الكرملين فيما يتعلق بسلامة الأراضي الأوكرانية والمولدوفية، يمثل تحديًا للاستقرار الإقليمي وقد يؤدي إلى احتكاكات مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بشأن قضايا مثل العلاقات مع روسيا، والدعم لأوكرانيا، وسيادة القانون، والهجرة.
السياسة الطاقية:
- يخطط دان لتعزيز مكانة رومانيا كمركز طاقوي إقليمي من خلال تقليل الاعتماد على الدول غير الديمقراطية ودعم مشاريع الطاقة النووية واستغلال احتياطيات غاز البحر الأسود. تهدف هذه السياسات إلى تحقيق “الحرية الطاقية” لرومانيا، مع التحدي المتمثل في الموازنة بين أهداف الاتحاد الأوروبي لخفض الكربون والتوجهات الأمريكية. كما تسعى رومانيا لتصبح مركزًا للطاقة المتجددة في منطقة البحر الأسود.
وهكذا نجد أن الانتخابات الرئاسية الرومانية 2025 مثلت نقطة تحول سياسية وجيوسياسية حاسمة. أكد فوز نيكوسور دان بنسبة 53.60% التزام رومانيا الثابت بالمسار الأوروبي الأطلسي. رحب الرئيس الأوكراني زيلينسكي بالنتيجة، مؤكدًا على الأهمية الاستراتيجية للشراكة مع رومانيا كحليف موثوق، خاصة في دعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي. ومع ذلك، يواجه الرئيس المنتخب دان تحديات داخلية كبيرة، بما في ذلك ضرورة تشكيل حكومة مستقرة، ومعالجة العجز المالي المتفاقم، والتصدي للفساد والفقر، واحتواء الاحتجاجات المستمرة. على الصعيد الإقليمي، يعزز فوزه دعم أوكرانيا ومولدوفا في مسارهما الأوروبي، ويقوي موقف رومانيا ضد النفوذ الروسي. تبقى قضايا الفساد، والفقر، والتأثير الخارجي، وتحديات السياسة الطاقية، تحديات رئيسية تتطلب استراتيجيات وطنية وإقليمية طويلة الأمد لضمان الاستقرار والتنمية.