الرد الروسي على الغرب في تسليحه لـ “أوكرانيا”

الرد الروسي على الغرب في تسليحه لـ “أوكرانيا”

د. خالد العزي – كاتب و باحث سياسي

12\6\2024

في لقاء مع الصحافة العالمية والمحلية بمختلف وسائلها في مدينة سانت بطرسبورغ بتاريخ 4 حزيران/ يونيو الحالي على اثر خطاب الرئيس بوتين منتقدا الغرب الذي انتقد بوتين على سلوكه العدائي الذي يمارسه ضد أوكرانيا من عملية تسليحه وإرساله المعدات الكاملة لها من اجل اطالة الحرب بينهما . يقول الرئيس بوتين في الحوار بأن روسيا ليس لديها نية لمقاتلة الناتو ولكن لماذا تقوم آلية التعبئة الدعائية الغربية بشحن الرأي العالمي بأن روسيا تستعد للمواجهة مع الغرب . لكن برأيه روسيا لا تريد الحرب ولن تذهب للحرب لمقاتلة العالم والأطلسي، روسيا ليست شماعة تعلق عليها فشلهم وعدم احترام مصالحها ونفوذها .

من الواضح القراءة التي قدمها الرئيس بوتين امام الصحافيين لها شقين الشق الاول هو القراءة التاريخية والحديث لسير الأحداث في أوكرانيا حيث نرى من خلال استخدامه للمصطلحات والتعبير بأن روسيا ضحية الترف الذي انتشر في اوكرانيا وعمل على سفك دماء الروس في دونيتسك ولوغانسك وبالتالي لم ينتظر من روسيا سوى حماية الروس وما يريد الغرب إظهاره بأن روسيا تسفك الدماء في أوكرانيا وايدي رئيسها ملوثة في الدماء لكن لم يكن ينظر للموتى في عام 2014 ؟

بوتين يتلاعب بالحقائق كيفما يريد ويحاول طرح سردية تناسبه لان أهالي دونيتسك ولوغانسك ادواة واسلحة يستخدمها وأرسل قوات” فاغنر ” التي تأسست لهذا الغرض أرسلها لتقاتل الأوكرانيين بحجة الدفاع عن الروس لأن سكان هذه المناطق منهم من احتفظ بجنسيته الروسية وبقائه في بيته ولم يتعرض للأذى ومنهم من يحمل الجنسية الأوكرانية وهم أوكران ويتكلمون اللغة الروسية وهم الأغلبية إذًا كيف أصبحوا يمتون الروس بعد اربعة وعشرون عاما من العيش في أوكرانيا بعيدا جدا عن روسيا وأموالها التي كانت تصرف كمساعدة الى مناصريها . وهنا نعطي مثلا كيف يدافع الرئيس بوتين عن رئيس خلعه شعبه وتم تعينه وأغلبية النواب من الشرق فكانت الفضيحة بأن هذا الرئيس الذي سيطر على أوكرانيا هو من ذهب الى فيلنوس لتوقيع الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي وعندها هدد بوتين بأنه سيحتل كييف إذا ذهب يونكوفيتيش للتوقيع .

لم يسأل الرئيس بوتين صديقه المخلوع عن الاموال التي يتباهى بها بأنها قدمت لأوكرانيا كمساعدات بل هي ذهبت لحاشية الرئيس ومناصرية والذي اشترى بها الذمم .

النقطة الثانية هو يتهم الغرب بتسليح اوكرانيا وانه تعبئة عسكريا وأيديولوجيا لاطالة عمر الحرب المندلعة هناك وهو يتناسى بأن السلاح الذي دك به المدن الاوكرانية اكثر من عدة قنابل نووية فإن قدرتها أكبر من قدرة القنابل التي استعملت في هيروشيما وناكازاكي وحتى من تشرنوبل ؟

واليوم يعتب على الغرب بأنه يساعد أوكرانيا بسلاح نوعي يخل في التوازن ولأن الغرب معتوه مختل عقليا بتقديم السلاح النوعي لهذه المجموعات المتطرفة والتي لا يمكن قراءتها إلا في إطار واحد هو نوع أمبراطوريتهم وعدم السماح لأحد بأن يقف إلى جانبهم وخاصة روسيا التي تسير بخط تطوري واضح والغرب يريد محاربتها .

يمكن القول بأن الرئيس بوتين بات يرى العظمة الكبرى من خلال احتلال دول صغيرة مثل جورجيا والشيشان وحتى كازاخستان ولم يكن يتصور بأن أوكرانيا سوف تكشف عوراته التي اختفى وراءها بسبب مساعدة الغرب الدائمة له مما فتح ذلك شهيته الدائمة .

بوتين لا يريد قول الحقيقة الموثقة التي نراها في أرشيفات التلفزيون والصحف وحتى محركات البحث التي تشير الى ان رغبة الغرب كانت عدم التورط بهذا الصراع , حيث تولى ماكرون التفاوض مع بوتين وكانت زيارته واتصالاته بشكل دائم وأيضا المستشار الألماني شولتز لأنهما كانا غير راغبين بالانصياع الى المصادمة مع روسيا .

لم يتكلم عن خطاب المقربين منه او خليته الضيقة التي كانت تهدد دائم الغرب وسوف تطلق الصواريخ النووية ضد الآخرين وبالتالي استخدام الغاز كوسيلة ضغط على الغرب وأيضا استخدام الأمن الغذائي كسلاح ثانٍ للضغط على الغرب ، ولا ينسى بوتين نخر كل الاتفاقات الدولية التي كانت تحاول الوصول الى تهدئة كيف كان يستغلها ويحاول تغييرها الى مصلحته لمناكفة الغرب انطلاقا من أوكرانيا والقوقاز ووسط آسيا الى أفغانستان وسوريا وليبيا وصولا الى انقلابات وسط أفريقيا والدخول الى أفريقيا عن طريق عصابات .

الرئيس بوتين يقاتل التطرف في أوكرانيا ويتهمه بالإرهاب والعجيب المعيب يذهب الى أوروبا لدعم الحركات المتطرفة في فرنسا حركة لوبان وفي السويد ويتحالف مع هنغاريا المتطرفة وسلوفاكيا ويمجد بالحزب المتطرف في إيطاليا .

يتدخل في السودان ويدعم البرهان من خلال إحياء اتفاقية أقامها مع الرئيس المخلوع عمر البشير في العام 2017 عبر التواصل مع حركة الاخوان المسلمين ، يخاطب الشعوب في أسيا الوسطى بأنهم متطرفون إسلاميون ولكنه يفتح لهذه الخلايا التي يعتبرها قاتلة في سوريا إلى جانب التطرف الإسلامي إذا انخرطت معه في القتل ضد أوكرانيا ويمكنها الحصول على جوازات روسيا .

يحرض على زيلنسكي ولا يريد وصفه بأنه رئيس منتخب ولا يناديه باسمه ويقول عنه يهودي، لان التنسيق بينهم وبين الدولة العبرية يفوق العقل البشري وربما هنا معلومات تسرب لاسرائيل عن طريق حاشية بوتين واستخباراته .

فالغرب جاد في الضغط على روسيا حتى لو ادى ذلك للمواجهة الفاعلة بين الطرفين ومن هنا نشرت صحيفة بوليتيكو الأميركية تقول بأن القوات الألمانية تجري تدريباتها العسكرية مع ليتوانيا وشاهد شولتس على متن ناقلة مدرعة تشترك بالتدريب حيث يتفقد العمليات التدريبية .

وبنفس الوقت نشرت خرائط فعلية تعمل قوات الناتو على تعزيز ست نقاط باتجاه الجبهة المحاذية لأوكرانيا بتعزيزها بالعديد والعتاد وهي جبهة بولندا المانيا هولندا وجبهة ايطاليا سلوفينيا كرواتيا هنغاريا والجبهة الثالثة هي اليونان بلغاريا رومانيا ، وتعزيز القواعد في تركيا باتجاه بلغاريا والبحر الأسود وتعزيز الخط الخامس استونيا السويد فنلندا. وجبهة دول البلطيق وبولندا. وبهذه الطريقة يعني الناتو احكم السيطرة على كل المنافذ التي تصل الى أوكرانيا .

الغرب يعلم خطوات بوتين القائمة منذ محاولة احتلال اوكرانيا واسقاط الحكم الديمقراطي فيها كما يهدف لايصال رئيس ديكتاتور ليس له أي قيمة كما حال حليفه السابق يانوكوفيتش لأن مخطط بوتين يقوم بالمواجهة مع الغرب والسيطرة على أوروبا وهو يؤمن بالتاريخ القديم القائم على مقولة بأنه من يحكم أوكرانيا يتحكم بقلب أوروبا ، واصلا دعوات بوتين للحوار على مستقبل أوكرانيا كان دوما نحو الولايات المتحدة وليس نحو أوروبا وهذه الخطيئة الكبيرة التي لم يرى بوتين بأوروبا قوة للتحالف وله مصالح معها بل بات ينظر لثنائية قطبية حاول تغليفها بطريقة انه يريد تعددية قطبية بالقوة والذي اعتبر منذ بداية حرب أوكرانيا بأن مهمته اسقاط النظام الدولي القديم وتأسيس نظام جديد يكون فيه أساس لأنه لا يرى أي عالم جديد دون روسيا .

لكن المخيف في هذه المقابلة بأنه أعطى لنفسه حق تسليح اطراف ثالثة لخوض حروب تضرب مصالح الغرب حيث أعلن موقف لبلاده بأنه يهدد الأمن العالمي من خلال مشاركة دول الجنوب الفقيرة من اجل الحرب في أوكرانيا حيث يريد تزويد الجهة بالمرتزقة الجنوبيين والافارقة واعطاء بعض السلاح الذي سيكون بأيدي المرتزقة الأفارقة أو بعض الأسيويين وسوف يدخل على بعض النقاط الحامية في الشرق الاوسط مساعدة حلف الممانعة بشكل علني .

فإطلاق هذا التهديد سيكون بغاية الأهمية التي يعتبرها الغرب رسالة واضحة للانقضاض على نظام بوتين وخلق مشاكل كبيرة له في الداخل وفي الجوار . فإذا استطاع إحداث انقلابات في أفريقيا الوسطى بواسطة الجيش وإعلان التمرد لسرقة ثروات هذه الدول من خلال تعبئة دعائية شعبوية تحريضية ضد الغرب والفرنسيين والعمل على تجنيد مواطني هذه الدول واغرائهم بمخصصات شهرية وامكانية الحصول على جوازات روسية .

فهذا التهويل الروسي الجديد يمكن يتبع مع الفرنسيين ولكنه لن يمر مع الأميركان بالإضافة إلى أن بوتين هو من يتسول السلاح “الفشوش” من كوريا الشمالية ومن إيران وليس بإمكانه تصنيع السلاح والذخائر المطلوبة للجبهة المستعرة فكيف يتلاعب بمصير دول اخرى فقيرة .

اذن بوتين موجوع جدا من الغرب ومن سلاحه الذي بات بإمكانه أن يدك عرشه ومدنه ، ولكن هذه المرة الأولى منذ اندلاع الحرب بينه وبين اوكرانيا يخرج بهذه الطريقة التهديدية التي يحاول القول بها إنه مستعد لمواجهة فاعلية الصواريخ والدفاعات الغربية التي أوجعته وسوف يستمر أكثر مع استمرار تدفقه الذي سيكون عنوانها بأننا سمحنا لضرب ” تجمعاتك ومخازنك وعتادك وآلياتك العسكرية وإسقاط طائراتك وإبعاد سفنك” لأنك ترتكب المجازر بحق أوكرانيا فالغرب لم يسمح بضرب موسكو او المدن الاخرى لكن الطرق التي ترتبط بأوكرانيا ؟

Залишити відповідь

Ваша e-mail адреса не оприлюднюватиметься. Обов’язкові поля позначені *