Д. Сказав Салам
3/11/2022
قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مطالب لأوكرانيا بضمان امن اسطول البحر الاسود كشرط لعودة روسيا إلى “اتفاقية الحبوب”.
- ربما تكون مطالب الرئيس الروسي بوتين هي الحالة الأولى في تاريخ الحروب عندما تطالب القوات المعادية، التي تقوم بأعمال قتالية مباشرة، بضمانات أمنية من ضحيتها؛
- إن المساومة على “الضمانات الأمنية” في حد ذاتها أمر مثير للشفقة بالنسبة لـما يسمى “الجيش الثاني في العالم”؛
- البحرية الروسية متورطة بشكل مباشر في الضربات بصواريخ “كاليبر” على البنية التحتية الأوكرانية والمدن الأوكرانية السلمية، وبالتالي فهي هدف عسكري مشروع.
- لا يشارك أسطول الاتحاد الروسي في البحر الأسود بأي حال من الأحوال في ضمان سلامة حركة السفن المحملة بالغذاء عبر الممر الإنساني. “مهمته” الوحيدة في هذه العملية هي عدم عرقلة او مهاجمة السفن المدنية؛
- أوكرانيا لن تعطي أي “ضمانات أمنية” للمحتلين الروس حتى يلقوا أسلحتهم أو يرفضوا مواصلة عدوانهم.
- إن “اتفاقية الحبوب” التي تم إبرامها في صيف هذا العام ليست خدمة لأوكرانيا، ولكنها حل لمشكلة الأمن الغذائي العالمي، وبالتالي فإن انتهاك موسكو لهذه الاتفاقيات موجه ليس فقط ضد كييف، ولكن أيضًا ضد ملايين الأشخاص حول العالم؛
- ومن الواضح أنه إذا تدخل بوتين بالقوة في ممر الحبوب، فعندئذٍ لكل هذه البلدان لكل هؤلاء المليارات من الناس كان سيوضح بالفعل أن هدف بوتين ليس محاربة الغرب من أوكرانيا ، وإنما بذلك سيُظهر أنه عدو للجنس البشري بأكمله، وهو يخشى جدًا أن يخسر ليس فقط ثقة هذه الشرائح في العالم، ولكن على الأقل ابقاء موقفهم المحايد تجاه حريبه ضد اوكرانيا؛
- ولهذا السبب بالتحديد، عاد الرئيس الروسي فلاديمير إلى صفقة الحبوب. لم يكن أمامه خيار؛
- في الواقع، يتوصل العالم بأسره، بما في ذلك ما يسمى بالدول المحايدة، بشكل متزايد إلى استنتاج مفاده أن النظام الروسي مبتز عادي، و انه ينسحب الآن من صفقة الحبوب، التي تحولت ببساطة إلى أداة الابتزاز الأخيرة، الابتزاز بالجوع؛
- قرر بوتين محاولة استخدام هذه الأداة لسبب بسيط للغاية، وهو لأن الأدوات الأخرى لم تنجح في ساحة المعركة في أوكرانيا، حيث يعاني من هزيمة عسكرية كارثية، والابتزاز النووي لم ينجح؛
- حيث أوضح القادة الغربيون لبوتين أنه إذا استخدم أسلحة نووية تكتيكية ضد أوكرانيا، فإن الولايات المتحدة مع حلفاءها ستضرب القوات الروسية في أوكرانيا. ومنذ ذلك الحين، لم تعد التهديدات النووية المباشرة من موسكو تُسمع عمليًا بعد الآن؛
- كما فشلت خطة الابتزاز بالطاقة، نظرًا لأن دول أوروبا تخلصت بسهولة من الاعتماد على الغاز الروسي، فقد امتلأت منشآت تخزين الغاز لديهم بما يقرب 100%، وتنوعت مصادر إمدادات الغاز، وانخفضت حصة الغاز الروسي في السوق الأوروبية من 42% إلى 7%؛
- وبالتالي منح هذا الامر الامكانية لأورسولا فون دير لاين ان تؤكد: “أننا كنا خائفين من أن الأمر سيستغرق 8 سنوات للتخلص من الغاز الروسي، و لكن 6 أشهر كانت كافية لنا”؛
- نتيجة لذلك، تمت الهودة الى خطة الابتزاز باحداث ازمة غذاء عالمية، لكن قبل بضعة أشهر، حين حاول بوتين اللعب بهذه اللعبة، لم يستطع لان العالم باسره قام بالتوضيح له انه يفهم بشكل جيد من يقف عائقا أمام حركة الحبوب من أوكرانيا إلى تلك البلدان التي تحتاج إلى هذه الحبوب؛
- وكان لاعلان الامم المتحدة و تركيا و اوكرانيا استمرار العمل بالاتفاقية دورا حاسما في تراجع موسكو عن قرارها تعليق المشاركة في اتفاقية الحبوب
- الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، في اتصاله مع الرئيس الروسي تحدث بشكل عام باسم المجتمع الدولي، شرح بوضوح ما سيحدث لبوتين إذا استمر في ابتزاز العالم بالجوع، وفي حال استهداف البواخر المدنية المحملة بالحبوب و المواد الغذائية في البحر الاسود، و التي يمكن ان تقوم بواخر الاسطول البحري التركي بحمايتها؛
- بوتين، الذي كان يطالب دائمًا بأن يحسب له حساب، وجد نفسه الآن في موقف حيث كان مطلوبًا منه أن يحسب حساباً ليس فقط للمجتمع المتحضر بل للإنسانية و المجتمع الدولي بشكل مطلق؛
- وبذلك تم وضع بوتين في مكانه الحقيقي، حيث تلقى الآن هزيمة دولية أخرى، لأنه اضطر إلى تقديم تنازلات للمجتمع الدولي بأكمله وكان عليه التراجع بعد أن فشل علناً في تحقيق الهدف من تهديداته؛
- والآن بعد أن تم سحب أداة الابتزاز بالجوع من يد بوتين، يبدو أن موسكو تفكر في العودة إلى الابتزاز بالامن النووي والأسلحة النووية، والقادة الروس، حيث ان السياسيين الروس يتنقلون بين ثلاث محاور، إما ابتزاز العالم بالجوع، أو ابتزاز العالم بالأسلحة النووية، أو ابتزاز العالم مرة أخرى بالطاقة، والآن ينتقلون من محور الى اخر ويرون أنهم في هذه المتاهة المكونة من ثلاث محاور ليس لديهم مخرج جيد منها!