بوليتيكو: “نبدو ضعفاء جدا أمام إسرائيل”..
الإنزال الجوي للمساعدات الأمريكية على غزة “يعرّي” بايدن
3/3/2024
نشرت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية تقريرا لمراسلها ألكسندر ورد بعنوان: “نحن نبدو ضعفاء بنسبة 100%.. عمليات الإنزال الجوي الأمريكية في غزة تكشف حدود سياسة بايدن تجاه إسرائيل”. وأبرزت الصحيفة في عنوان فرعي لها، أن الولايات المتحدة تقوم عادةً بعمليات إنزال جوي في بيئات معادية، وليس في المناطق التي يحتلها الحلفاء (في إشارة للاحتلال الإسرائيلي).
بدأ الكاتب مقاله بالتأكيد على أن قرار الرئيس جو بايدن بإنزال المساعدات الإنسانية جواً إلى غزة سيوفر إغاثة مؤقتة للفلسطينيين على الأرض، لكنه يكشف أيضا حدود النهج الأمريكي تجاه إسرائيل.
وشدد على أنه “عندما ترسل الولايات المتحدة طائرات عسكرية لإنزال الغذاء والماء والدواء وغيرها من المساعدات للأشخاص المحتاجين، فإنها تفعل ذلك عادةً في المناطق التي تحتلها ما أسماها (الجماعات الإرهابية أو الأنظمة المعادية)، وليس الحلفاء. ومع ذلك، فإن أشهراً من الضغط على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة -حيث نزح حوالي 80% من السكان وتلوح المجاعة في الأفق- لم تسفر عن نتائج محدودة”.
ولفت إلى أنه حتى بايدن، الذي يرفض إلقاء اللوم على إسرائيل في ندرة الإمدادات، اعترف علناً، يوم الجمعة، أنه يجب إدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع.
واعترف بايدن بأن “الحقيقة هي أن المساعدات المتدفقة إلى غزة ليست كافية الآن. إنها ليست كافية في أي مكان”. وقال بايدن إلى جانب رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني في المكتب البيضاوي: “حياة الأبرياء على المحك وحياة الأطفال على المحك.. يجب أن نستقبل مئات الشاحنات، وليس بضعة منها فقط”.
ونوّه الكاتب إلى أنه بالنسبة للمراقبين عن كثب للصراع بين إسرائيل وحماس، الذي احتدم في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فإن خطوة إنزال المساعدات من السماء تشير إلى أن بايدن لا يستطيع إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ببذل المزيد من أجل معاناة الفلسطينيين.
ونقل عن ديف هاردن، منسق المساعدات الإنسانية السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: “إننا نبدو ضعفاء بنسبة 100%.. مسؤولو الإدارة يفعلون ذلك فقط ليجعلوا أنفسهم يشعرون بالتحسن”.
وأصر هاردن على “أنه من الأفضل للولايات المتحدة، دون إقناع إسرائيل بفتح جميع البوابات إلى غزة، أن تضغط على إسرائيل للسماح لعشر شاحنات أخرى بالمرور عبر المعابر المفتوحة حاليا”. وأكد على أن “الإنزال الجوي هو أمر غبي. إنها باهظة الثمن، وغير فعالة. إنه أمر أكثر رمزية لجعل الأشخاص في إدارة بايدن يشعرون بالرضا لأننا فعلنا شيئا ما”.
ولم يستجب مجلس الأمن القومي الأمريكي على الفور لطلب التعليق على هذا الاتهام. لكن خلال مؤتمر صحافي يوم الجمعة 1/3/2024، وافق المتحدث باسم المجلس جون كيربي، على التقييم الشامل لبايدن.
وأضاف: “لم نتمكن من تلبية الاحتياجات.. ولا تصل المساعدات الكافية إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها. إنه لا يحدث بالسرعة الكافية، ولا يحدث بالكمية التي نحتاجها. ونحن نحاول أن نتصرف حسب الحاجة؛ نحن نحاول أن نتصرف ونتغير وأن نكون أكثر إبداعا لتلبية الاحتياجات الماسة لسكان غزة”.
ونقل التقرير عن السيناتور كريس فان هولين (ديمقراطي من ماريلاند)، الذي يدعم قرار بايدن، قوله إن ما يمكن توفيره بالطائرات وحدها هو “قطرة في دلو لما هو مطلوب من أجل التخفيف من المجاعة الوشيكة في غزة”.
ومع ذلك، أضاف عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في مقابلة، أن ذلك “يبعث بالرسالة الصحيحة، بما في ذلك حقيقة أن الولايات المتحدة سئمت تماما من قيام حكومة نتنياهو بتقييد المساعدات الإنسانية إلى غزة إلى درجة أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تفعل ذلك.. إسقاط الغذاء من الجو هو رسالة بحد ذاتها”.
ورغم ذلك، لفت التقرير إلى أن بعض النقاد اعتبروا أن العملية غير ضرورية.
وجاء في التقرير تأكيد على أن لدى الولايات المتحدة (من المفترض) طرق عديدة للتأثير على التصرفات الإسرائيلية، ليس أقلها النظر في تكييف المساعدات العسكرية لإسرائيل.
وأشار إلى أنه لطالما اقترح ديمقراطيون في الكونغرس أن يوقف بايدن مبيعات الأسلحة الجديدة لإسرائيل حتى يعالج نتنياهو الأزمة الإنسانية في غزة.
لكن الكاتب لفت إلى أن منسق السياسات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، الذي يدرك أن الولايات المتحدة تجري محادثات مع إسرائيل بشأن تسليم أسلحة جديدة، أكد يوم الجمعة أن “الولايات المتحدة ستواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”.
ونقل عن تشارلز ليستر، وهو زميل بارز في “معهد الشرق الأوسط” قوله: “مما يجعل الأمور أكثر حيرة، أننا نفعل ذلك بينما نواصل إرسال الأسلحة إلى الجيش نفسه المسؤول عن إجبارنا على إجراء عمليات إسقاط جوي للمساعدات”.
ونقل التقرير عن مسؤول أمريكي، “رفض الكشف عن هويته لحساسية التصريح”، قوله: “إن الدافع وراء قرار واشنطن إنزال مساعدات من الجو هو حادث مقتل الفلسطينيين الباحثين عن مساعدات في غزة”، فيما يعرف بـ”مجزرة الطحين”، وقال كيربي إن “بلاده ستسعى لفتح ممر بحري إنساني لإرسال كميات أكبر من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة”.
وأشار التقرير إلى ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مروعة أُطلق عليها “مجزرة الطحين” استشهد فيها “أكثر من 100 فلسطيني وأصيب نحو 700 آخرين، كانوا بانتظار الحصول على مساعدات في شمال قطاع غزة”.
وذكر “نفي جيش الاحتلال الإسرائيلي مهاجمة القافلة الإنسانية”، كما هو متوقع رغم كل الدلائل المُدينة له.
وبحسب الكاتب “تصر إدارة بايدن على أن نهجها تجاه إسرائيل هو النهج الصحيح. وأن الانفصال العلني عن نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة المناهضة للفلسطينيين، من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من العمليات العسكرية العشوائية ودخول مساعدات إنسانية أقل إلى غزة. وأنه من الأفضل للولايات المتحدة أن تحافظ على بعض النفوذ لدى إسرائيل بدلاً من عدم الحفاظ عليه على الإطلاق”.
لكنه ينقل عن تشارلز ليستر، الزميل البارز في “معهد الشرق الأوسط” قوله: “حقيقة أن إدارة بايدن يجب أن تفكر بهذه الطريقة، وهي على وشك إطلاق مهام إنزال جوي للغذاء، تقول إن النهج الأمريكي محدود في فعاليته”.
وختم بالقول: “إن حقيقة اضطرار الولايات المتحدة إلى حشد الموارد العسكرية لإنزال المساعدات جواً إلى غزة هي رمز مذهل لمدى القيود التي تفرضها إسرائيل”.