عاصفة الفجر على كييف

اهم التطورات في اوكرانيا

عاصفة الفجر على كييف

تحليل استراتيجي للهجوم الجوي الروسي المكثف وتداعياته

4\7\2025

شهد فجر الرابع من يوليو/تموز 2025 تصعيدًا غير مسبوق في الصراع الجوي بين Україна і Росія، تجلى في هجوم واسع النطاق ومركب استهدف بقوة العاصمة كييف وعدداً من المدن الأوكرانية الرئيسية الأخرى. هذا الهجوم، الذي يُعد الأكبر منذ أكثر من ثلاث سنوات، استخدم فيه الروس مزيجًا كبيرا من حوالي 550 طائرة مسيرة و11 صاروخًا باليستيًا، مع تركيز غالبيتها نحو قلب العاصمة، بينما امتدت الغارات الجوية لتشمل مدن دنيبرو، سومي، خاركيف، وتشرنيغيف. تزامن هذا الهجوم الواسع مع اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما يثير تساؤلات جدية حول الأبعاد السياسية والاستراتيجية لتوقيت الضربة. في هذا التقرير نقدم تحليل معمّق لملابسات هذا التصعيد العسكري، مستكشفين أبعاده التكتيكية والنفسية والسياسية، وكيف يكشف عن تحول في الاستراتيجية الروسية الهادفة لاستنزاف الدفاعات الأوكرانية وبث القلق الأمني لدى الشعب الاوكراني.

خلفية سياقية ومستجدات الهجوم

منذ أغسطس/آب 2024، تحوّلت الاستراتيجية الروسية من الضربات الجوية المتفرقة إلى تكتيكات تعتمد على “حزم الضغط” المركزة. تهدف هذه الحزم، التي تستخدم مئات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، إلى استنزاف الدفاعات الجوية الأوكرانية وبث حالة دائمة من القلق الأمني بين المدنيين. هذا التحول التكتيكي يثبت فعاليته بشكل تدريجي، خاصة مع استنزاف أوكرانيا لجزء كبير من مخزوناتها من منظومات الدفاع الجوي من طراز “باتريوت” و”ستينغر” خلال الأشهر الماضية. وفاقم الوضع، أن الولايات المتحدة أوقفت مؤقتاً شحنات محددة في يونيو/حزيران 2025، ما فتح المجال لهجمات روسية أكثر كثافة.

فجر اليوم، 4 يوليو/تموز 2025، شنت روسيا هجوماً يُعد الأوسع نطاقاً منذ أكثر من ثلاث سنوات. تضمن الهجوم استخدام حوالي 550 طائرة مسيّرة، منها أكثر من 330 طائرة من طراز “شاهد” الهجومية، بالإضافة إلى 11 صاروخاً باليستياً متنوعاً. تركزت غالبية هذه الأهداف نحو العاصمة Київ، مع غارات متزامنة على مدن أخرى مثل دنيبرو، سومي، خاركيف، وتشرنيغيف.

Саміт НАТО надсилає смертельні сигнали…НАТО щойно передало Україну Путіну

كانت الخسائر البشرية والمدنية مؤلمة؛ فقد أصيب ما لا يقل عن 23 مدنياً في كييف، 14 منهم استدعت حالاتهم النقل إلى المستشفيات. وأُبلغ عن حرائق وأضرار واسعة في ستة أحياء من أصل عشرة في العاصمة. شملت الأضرار مبنى من خمسة طوابق، ومبنى سكنياً من 14 طابقاً، ومحطات للسكك الحديدية، ومستودعات لوجستية، وسيارات، ومبانٍ سكنية. كما تساقط حطام الطائرات المسيرة في حيي دارنيتسكيي وهولوسييفسكيي. وفي إقليم ريف كييف، تضررت القطاعات السكنية والصناعية في منطقة فاستيف القريبة من العاصمة، وتأثرت خمس مناطق إجمالاً. إضافة إلى ذلك، أصيبت سيدة في خيرسون بانفجار من طائرة مسيرة، وفي دنيبروبتروفسك، تضررت منازل خاصة ومرائب وبنية تحتية نتيجة للهجمات.

على الرغم من كثافة الهجوم، أظهرت الدفاعات الأوكرانية صموداً ملحوظاً، حيث تمكنت من إسقاط ما بين 270 إلى 478 طائرة مسيّرة وصاروخاً، بما في ذلك 268 طائرة مسيرة وصاروخي كروز من طراز إسكندر. واعلنت القوات الأوكرانية عن فقدان نحو 208 هدف عن الرادار، ويُرجح أن تشويشاً إلكترونياً روسياً كان وراء ذلك (غالبا اهداف وهمية). كما تم تدمير عشرات الأهداف باستخدام طريقة “مبتكرة” تتضمن طائرات مسيرة اعتراضية، وهو تكتيك يثبت فعاليته بشكل متزايد ضد طائرات الاستطلاع وطائرات “شاهد”.

جاء توقيت الهجوم بالتزامن مع اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي دونالد Трамп والرئيس الروسي فلاديمير Путін. هذا التزامن يثير تساؤلات قوية حول الأبعاد السياسية والاستراتيجية للهجوم، خاصة وأن دونالد ترامب عبر عن عدم رضاه عن عدم إحراز تقدم بشأن وقف إطلاق النار خلال هذه المكالمة.

لم يمر هذا الهجوم دون ردود فعل دولية. فقد تزامن مع ترقب الدول الغربية لدعم أوكرانيا لتعويض التوقف المؤقت في شحنات الدفاع الجوي الأمريكي. وقد دفع هذا الهجوم إلى دعوات متزايدة لتكثيف العقوبات على روسيا وتسريع الدعم العسكري لأوكرانيا. وفي ظل هذا التصعيد، ذكرت أجهزة استخبارات ألمانية وهولندية احتمال زيادة استخدام موسكو لأسلحة كيميائية ضد أوكرانيا، ما يرفع من سقف التحذير ومستوى القلق الدولي إلى مستويات غير مسبوقة.

تحليل استراتيجي وتقييم الأداء الدفاعي

كشف الهجوم الأخير عن تطور واضح في الاستراتيجية الروسية، حيث أصبحت تعتمد على “حزم ضغط” ضخمة ومركبة، تجمع بين أعداد هائلة من الطائرات المسيرة الرخيصة والصواريخ الباليستية الأكثر تكلفة. يهدف هذا المزيج إلى إرباك الدفاعات الجوية الأوكرانية وإرهاقها، مما يفتح ثغرات للأهداف الأكثر قيمة. وقد استخدمت روسيا أربع صواريخ كروز من طراز إسكندر-K، تم اعتراض اثنين منها، وستة صواريخ باليستية من طراز إسكندر-M، لم يتم اعتراض أي منها خلال هذا الهجوم. كما تُظهر روسيا تكتيكات توظيف الذخائر العنقودية والباليستية على المدن المكتظة بالسكان، وهو ما يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي وعملاً إرهابياً ضد السكان المدنيين.

أصبح استخدام الطائرات المسيرة المتكرر والمكثف جزءاً لا يتجزأ من الحرب النفسية الروسية. تهدف هذه “الطقوس” الهجومية إلى بث القلق المستمر وتقويض الروح المعنوية لدى المدنيين، مما يؤثر على الحياة اليومية والاقتصاد الأوكراني، بالإضافة إلى أهدافها العسكرية المباشرة.

يعاني نظام الدفاع الجوي الأوكراني من استنزاف متواصل للذخائر، خاصة الأنظمة الغربية المتطورة مثل “باتريوت” و”ستينغر”. التوقف المؤقت لبعض الشحنات من الولايات المتحدة وتأخر الإنتاج سمح لروسيا بزيادة وتيرة وكثافة هجماتها، مستغلة هذا الضعف لتكثيف الضغط على البنية التحتية الأوكرانية. هذا الهجوم متعدد الأبعاد: عسكري، سياسي، ونفسي، وتسعى روسيا من خلاله الى اظهار القدرة على إطلاق هجوم مركز في توقيت استراتيجي يجمع هجوماً جماعياً بعد مكالمة رفيعة المستوى.

التطورات العسكرية والجيوسياسية في الحرب الروسية على أوكرانيا

يضع هذا الهجوم ضغطاً كبيرًا على الدول الغربية لاستعادة وتكثيف شحنات الأسلحة الدفاعية لأوكرانيا، وقد تؤدي إلى فرض المزيد من العقوبات على موسكو. كما تبرز الحاجة الملحة لدعم القدرات الدفاعية الأوكرانية بشكل استراتيجي ومستمر. من ناحية أخرى فان القدرة على إطلاق 550 طائرة مسيرة و11 صاروخاً في هجوم واحد تشير إلى أن روسيا قد نجحت في توسيع قدراتها الصناعية العسكرية بشكل كبير، أو أنها تستقبل إمدادات ضخمة من الخارج، مما يمكنها من الحفاظ على وتيرة عالية من الهجمات.

على الرغم من التحديات الهائلة، أظهرت الدفاعات الأوكرانية مرونة وقدرة على التصدي لجزء كبير من الهجوم (بين 50% و70% من الأهداف). إلا أن تراجع نسبة الاعتراض الإجمالية، ونقص الذخائر، وتأثير التشويش الإلكتروني الروسي، يؤكد أن أوكرانيا تواجه معركة صعبة ومتواصلة للحفاظ على فعالية دفاعاتها الجوية. يُشار إلى أن بطارية باتريوت واحدة غير كافية للدفاع عن مدن كبيرة مثل كييف نظراً لمداها المحدود وتركيزها الاتجاهي، مما يتطلب أنظمة متعددة لتغطية المناطق الكبيرة بفعالية. دخول مقاتلات F-16 يعد خطوة إيجابية، لكنها لا تعوض النقص الحاد في الأنظمة الدفاعية الأرضية. المكالمة بين الرئيسين بوتين وترامب، التي لم تسفر عن نتائج ملموسة، تُحسب كاختبار لمدى قوة نظام الدعم الغربي ضد أوكرانيا.

السياق والسيناريوهات المستقبلية المتوقّعة

يندرج هذا الهجوم ضمن حلقة تصعيد متواصلة منذ شهر مارس/آذار، وكان من ضمن الأشد عنفاً منذ يونيو 2024 (حيث بلغ عدد الطائرات المسيرة نحو 537) وأبريل 2025 (هجوم بواسطة 66 صاروخ كروز وبالستي أدت الى مقتل 13 وجرح 90 مدنيا).

من المتوقع ابتكارات تكتيكية جديدة مستقبلا, حيث قد تكرر موسكو نمط استخدام الأسلحة الباليستية والطائرات المسيرة بكثافة أكبر، مع تطوير طرق التشويش والتنسيق لزيادة فعالية الهجمات. وقد نشهد تصعيداً دولياً مع تصاعد التهديدات باستخدام القوات الروسية أسلحة كيميائية تكتيكية بشكل أوسع من السابق، مما يرفع مستوى التوتر الدولي بشكل كبير. في المقابل، ستشتد الضغوط لاستعادة الشحنات الدفاعية لأوكرانيا، وزيادة العقوبات على موسكو وتشديد مراقبة تنفيذ العقوبات السابقة. هذا السيناريو قد يؤدي إلى تراجع معنويات المدنيين إذا بدأت موجات الاستهداف المكثف تدخل منطقة التوتر الزمني الطويل، مما قد يسبب نزوحاً داخلياً وتراجعاً في الروح المعنوية. وتبقى الضغوط على الدعم الغربي قائمة، حيث تحتاج أوكرانيا ماسة لتعويض نقص أنظمة باتريوت للدفاع الجوي، وخصوصا ضد الصواريخ البالستية، مما قد يسرّع إعلان دول أوروبية عن تقديم أنظمة بديلة أو تسريع الإنتاج المحلي.

резюме

يمثل الهجوم الجوي الواسع ليلة 4 يوليو/تموز 2025 ذروة استراتيجية تهدف إلى استنزاف القدرات الدفاعية الأوكرانية وكسر الروح المعنوية لدى الشعب الاوكراني. خصائص هذا الهجوم البارزة تشير إلى: موجة هجمات ضخمة هدفها الضغط النفسي أكثر من الأهداف العسكرية المباشرة؛ ضعف متزايد في الدفاعات الجوية نتيجة لاستنزاف المخزونات؛ تكتيكات واستراتيجية جديدة من روسيا؛ وضرورة ملحة لتعويض النقص الدفاعي الأوكراني.

المستجدات القادمة قد تشمل سلسلة تصعيد جوي خلال الصيف، مع تحول واضح نحو تطوير الدفاعات الجوية المحلية الأوكرانية واستخدام مزيج من التكنولوجيا والتكتيكات المضادة، بينما تتصاعد الضغوط الدولية لدفع الدعم العسكري الغربي.

Залишити відповідь

Ваша e-mail адреса не оприлюднюватиметься. Обов’язкові поля позначені *