كورسك.. الحرب البرية داخل روسيا

كورسك.. الحرب البرية داخل روسيا

مشاركة د. سعيد سلّام، مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية في التعليق على التوغل الاوكراني في اقليم كورسك الروسي لموقع بلينكس – دبي

محمد صلاح الدين

9\8\2024

المصدر موقع بلينكس – دبي 

توغل بري وهجوم وإخلاء للسكان، هذه المرة لم يكن من موسكو داخل أوكرانيا، لكن العكس، لتكون كورسك، الواقعة جنوب غرب روسيا، مسرح المواجهات بين الطرفين اللذين يتصارعان منذ فبراير 2022.

عملية مفاجئة من جانب أوكرانيا، عدّها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استفزازا كبيرا، فيما وصفها غريمه الأوكراني فولديمير زيلينسكي، بأنها “ما تحتاج إليه البلاد بالتحديد حاليا”.

اللافت أن القوات الأوكرانية تعاني من تراجع العنصر البشري، وهو الأمر الذي دفعها لاتخاذ إجراءات أبرزها إقرار تشريع مثير للجدل في أبريل 2024 بشأن التعبئة العسكرية، يهدف إلى تسهيل التجنيد ويشدّد بشكل ملحوظ العقوبات على من يتهرّبون منه، كذلك خفّض سن الذين يمكن استدعاؤهم للخدمة العسكرية من 27 إلى 25 عاما.

وشهد مايو 2024، تقدم أكثر من 3 آلاف سجين في أوكرانيا بطلبات للانضمام الى القوات المسلحة بموجب القانون السابق ذكره بحسب فرانس برس.

على الرغم من ذلك، اتخذت هذه الخطوة التي ينظر لها محللون على أنها تحمل أهدافا سياسية وعسكرية واجتماعية.. فكيف حققت كييف ذلك؟

توغل و استفزاز كبير

في 6 أغسطس 2024، اقتحمت قوات تابعة للجيش الأوكراني منطقة كورسك، بجنوب غرب روسيا، لتنشر أكثر من 1000 جندي وأكثر من 20 دبابة ومدرعة، بحسب الجيش الروسي.

وبدا الأمر أنه أكبر عملية توغل أوكرانية داخل روسيا، منذ بدء الحرب بين البلدين مطلع العام 2022، بحسب “فرانس برس”.

ووفق تقديرات محللين، تقدمت القوات إلى عمق 10 كلم داخل الأراضي الروسية.

التوغل الأوكراني اعتبره الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، “استفزازا كبيرا”، واجتمع مع قادة الجيش لبحث الأمر، وأُعلنت حالة الطوارئ في المنطقة.

على الجانب الآخر، قال الرئيس الأوكراني فولديمير زيلينسكي، إن “روسيا جلبت الحرب إلى أراضينا، ويجب عليها أن تشعر بما قامت به”.

نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، قال في تعليقه على الأمر، إنه يتعين على القوات الروسية أن تضغط على أوديسا وخاركيف ودنيبرو وميكولايف وكييف، وغيرها من المدن في أوكرانيا، وألا يقتصر عملها العسكري على المناطق التي تعتبرها موسكو تابعة لها.

الدعم الغربي و خلل الدفاعات … كيف حدث الاختراق؟

يرجع الباحث السياسي الروسي المتخصص بالشؤون الدولية، ديمتري بريجع، قدرة أوكرانيا على الهجوم على كورسك، رغم تراجع قوتها البشرية، إلى تطوير تقنيات جديدة والحصول على دعم لوجستي واستخباراتي من حلفائها في الغرب، إضافة إلى الحصول على الطائرات المسيرة والأسلحة المتطورة.

ويشير بريجع، في حديثه لبلينكس، إلى احتمالية وجود خلل في الدفاعات في هذه المنطقة، وأيضا في بيلغورود، وهذا هو سبب حديث الرئيس الروسي عن إيجاد “منطقة آمنة”.

على الجانب الآخر، يرى فيتالي يارمولينكو، المستشار بالمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية بكييف، في حديث لبلينكس، أن العملية في منطقة كورسك الروسية لها مدى تشغيلي؛ أي أنها لا تتطلب عددا كبيرا من الأفراد.

ويشير يارمولينكو إلى أن النتائج الأولية للإجراءات، التي اتخذها الجيش الأوكراني، عن نقص في الأفراد العسكريين الروس المدربين جيدا والقادرين على حراسة المنطقة.

الضغط الداخلي و الروح المعنوية … اهداف أوكرانيا

يرى الباحث الروسي، ديمتري بريجع، أن الهجمات على الأراضي الروسية، مثل كورسك، تهدف لتوجيه رسالة قوية إلى موسكو، وزيادة الضغط الداخلي على الحكومة الروسية.

ويشير بريجع، في حديثه لبلينكس، إلى أن تشتيت الانتباه عن شرق أوكرانيا يمنح قوات كييف فرصة لإعادة تنظيم صفوفها وتحقيق مكاسب استراتيجية.

إضافة إلى ذلك، يعزز الهجوم، الروح المعنوية للأوكرانيين، والظهور أمام المجتمع الدولي أن كييف لا تزال قادرة على شن عمليات هجومية فعالة.

ويعدد يارمولينكو أهداف أوكرانيا من هذه العملية كالآتي:

  • سياسي: تحتاج أوكرانيا إلى ممارسة الضغط على روسيا، لكي تتراجع عن مطالبها بمفاوضات السلام المحتملة المقبلة، من بين أمور أخرى، لا سيما ما يتعلق بمساعي موسكو للاعتراف بسيادتها على المناطق التي ضمتها في أوكرانيا.

في سياق متصل، تُظهِر أوكرانيا قدرتها، خاصة لحلفائها، على ردع التوغل الروسي وتقويض قدراته داخل أراضيها.

  • عملياتي واستراتيجيّ: تسعى أوكرانيا إلى قطع الروابط اللوجستية الروسية (السكك الحديدية والطرق)، المسؤولة عن إمداد القوات الروسية في اتجاه خاركيف.

ومن ناحية أخرى، هناك إمكانية لتفكيك مركز القيادة الاستراتيجي لمجموعة جيش “الشمال” (سيفير) الروسية، التي تقع في مدينة لوف.

  • اجتماعي سياسي: قد تستهدف العملية الوحدة المجتمعية الروسية بشأن الحرب في أوكرانيا، وتكسر وحدة النخبة الروسية حول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

في سياق متصل، يرى الدكتور سعيد سلّام، مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية في أوكرانيا، أن الهدف السياسي من هذه العملية هو إظهار القوة والتصميم على القتال، وأن أوكرانيا لن تضعف ولن تتوجه نحو التسوية بأي ثمن.

ويفصّل سلام، في حديثه لبلينكس، الهدف العسكري لأوكرانيا من هذه العملية، وهو إجبار الكرملين على نقل جزء من القوات من جبهة الدونباس في الشرق، وبالتالي إضعاف العمليات الهجومية الروسية وإبطاء التقدم الروسي على تلك الجبهة.

إضافة إلى ذلك، فإن سيطرة القوات الأوكرانية على خطوط السكك الحديدية في المنطقة، التي تمر من خلالها خطوط الإمداد الروسية لشرق أوكرانيا وفي جبهة خاركيف، سوف تصعب على الجيش الروسي الدعم اللوجستي لقواته المهاجمة.

Залишити відповідь

Ваша e-mail адреса не оприлюднюватиметься. Обов’язкові поля позначені *