Київ поспішає конкурувати з російським впливом у Сирії... а Дамаск чекає

كييف تستعجل مزاحمة النفوذ الروسي في سورية... ودمشق تتريّث

Київ поспішає конкурувати з російським впливом у Сирії... а Дамаск чекає

رامي القليوبي – موسكو

14\1\2024

بعد سنوات من القطيعة، تتجه Україна وسورية تحت قيادة السلطات الجديدة نحو استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة، وسط رهانات أوكرانية على تحجيم النفوذ الروسي في سورية وعالمياً، وضمان وجهة جديدة لصادراتها الزراعية وإمكانية سحب دمشق اعتراف نظام بشار الأسد بالسيادة الروسية في شبه جزيرة القرم ومناطق شرق أوكرانيا التي ضمتها موسكو بشكل أحادي الجانب في عام 2022. وقطعت أوكرانيا علاقاتها الدبلوماسية مع سورية في نهاية يونيو/ حزيران 2022، على خلفية اعتراف النظام السوري السابق بـ “جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين” المعلنتين من طرف واحد، مع الإبقاء على العلاقات القنصلية فقط.

رئيس القيادة السورية الجديدة احمد الشرع ووزير الخارجية الاوكراني أندريه سيبيغا في دمشق، 30 ديسمبر 2024 (تصوير علي حاج سليمان/Getty)

وفي مؤشر لسباق كييف مع الزمن لتثبيت موطئ قدم لها في سورية الجديدة، قام وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيغا بزيارة غير معلنة إلى دمشق في الأيام الأخيرة من العام الماضي، وقابل القادة السوريين الجدد، بمن فيهم قائد الإدارة العسكرية أحمد الشرع، ليصبح بذلك من بين أوائل المسؤولين الرفيعين من خارج المنطقة الذين زاروا سورية بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وفي وقت حث فيه سيبيغا خلال زيارته على إخراج القوات الروسية من سورية وإنهاء وجود القواعد العسكرية الروسية، تبدو السلطات السورية الجديدة متأنية للغاية في الإقدام على أي خطوة من شأنها المساس بالمصالح الروسية أو إشهار مواقف معادية للكرملين، وسط تبادل رسائل إيجابية بين الطرفين وتأكيد الشرع نفسه في أكثر من مناسبة على العلاقات التاريخية والاستراتيجية مع موسكو من دون الانحياز لأوكرانيا في حربها مع Росія انحيازاً صريحاً على الأقل.

إيغور سيميفولوس: أوكرانيا يمكنها أن تحل محل روسيا في بعض المسائل

تفاؤل بإنهاء النفوذ الروسي في سورية

ايغور سيميفولوس - مدير مركز دراسات الشرق الاوسط
ايغور سيميفولوس – مدير مركز دراسات الشرق الاوسط

ويعرب مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في كييف إيغور سيميفولوس عن تفاؤله إزاء آفاق العلاقات الأوكرانية السورية، متوقعاً انتهاء الوجود العسكري الروسي في الساحل السوري بعد استكمال المرحلة الانتقالية وإضفاء الشرعية على السلطة الجديدة عبر الانتخابات. ويقول سيميفولوس في حديث لـ”العربي الجديد”: “أشعر بتفاؤل إزاء مستقبل العلاقات الأوكرانية السورية، وأعتقد أن أوكرانيا يمكنها أن تحل محل روسيا في بعض المسائل، مثل تقديم الدعم الفني في تشغيل محطات الكهرباء وغيرها من المنشآت الحيوية وإمدادات الحبوب والمواد الغذائية سواء في إطار ثنائي أو ضمن برامج الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية”. إلا أنه يقر بأن النفوذ الأوكراني في سورية الجديدة لا يرقى إلى مستوى يؤهل للضغط في مسألة إنهاء النفوذ الروسي في سورية والوجود العسكري الروسي في هذا البلد.

Російські військові бази в Сирії після падіння Башара

ويضيف: “أعربت أوكرانيا عن موقفها من القواعد الروسية في سورية، ولكن مصيرها يبقى قراراً سيادياً سورياً، وهناك انطباع بأن الشرع يسعى لتجنّب التصعيد من موسكو، خصوصاً أن مثل هذه القرارات الهامة يجب أن تبتّ فيها سلطة دائمة تفرزها انتخابات، فهي ليست من اختصاص حكومة تصريف الأعمال”. ويتوقع سيميفولوس في هذا الإطار انتهاء الوجود الروسي في سورية بصرف النظر عن الموقف الأوكراني، قائلاً: “في حال بقيت روسيا في سورية، فإنها ستصبح حتماً رهينة لتقلبات مواقف الوسيط التركي، ناهيك عن الثمن الباهظ الذي قد تطلبه السلطات السورية الجديدة مقابل استمرار الوجود في المتوسط الذي يشكل أهمية رمزية لموسكو، فربما تختار من تلقاء نفسها سحب القوات إلى ليبيا بشكل نهائي، ولكنها لن تجد هناك استقراراً أيضاً على ضوء تراجع الروح المعنوية لقوات خليفة حفتر على غرار قوات النظام السوري قبيل سقوطه”.

لا “طلاق” فورياً بين موسكو ودمشق

مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية
د. سعيد سلّام، مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية

بدوره، يوضح مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية في كييف سعيد سلّام، هو الآخر، أن السلطات الأوكرانية تشعر بارتياح كبير لسقوط الأسد وما قد يترتب عليه من تراجع النفوذ الروسي في سورية وعالمياً، متوقعاً في الوقت نفسه أن “الطلاق” بين موسكو ودمشق لن يتم على وجه السرعة نظراً لامتداد العلاقات بين الطرفين منذ سبعينيات القرن الماضي.

سعيد سلّام: القيادة السورية الجديدة تتأنى في إخراج القوات الروسية قبل نيل الشرعية داخلياً والدعم الدولي خارجياً

ويقول سلّام في حديث لـ”العربي الجديد”: “كان الوفد الأوكراني أحد أوائل الوفود التي زارت دمشق للقاء السلطة السورية الجديدة، وهذا خير دليل على سعي القيادة الأوكرانية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بأسرع وقت. شعرت أوكرانيا بارتياح كبير لسقوط نظام الأسد وانتصار إرادة الشعب السوري باعتبارهما جزءاً من معركة تخوضها كييف نفسها ضد التوسع العسكري الروسي الذي شكل تعويم النظام السوري أحد أعمدته”. ومع ذلك، يقر بأن النفوذ الروسي في سورية لن ينتهي بين ليلة وضحاها، مضيفاً: “العلاقات الروسية السورية ممتدة منذ عقود طويلة وتعود جذورها إلى عهد الاتحاد السوفييتي السابق والأسد الأب، وتكللت بفرض الوصاية الروسية على سورية عبر إنشاء قاعدة حميميم الجوية وتطوير مرفأ طرطوس لدعم الوجود الروسي في المياه الدافئة وعمليات شركة فاغنر العسكرية الخاصة في أفريقيا التي تحوّلت إلى الفيلق الأفريقي بعد مقتل مؤسسها يفغيني بريغوجين في عام 2023”.

وزيري خارجية سوريا و اوكرانيا
وزيري خارجية سوريا و اوكرانيا و حديث عن شراكة استراتيجية في المرحلة المقبلة

ويؤكد أنه “من مصلحة أوكرانيا تفكيك هذه العلاقات أو تجميدها على الأقل، ولكن القيادة السورية الجديدة تتأنى في إخراج القوات الروسية قبل نيل الشرعية داخلياً والدعم الدولي خارجياً، ربما خشية من فيتو روسي ضدها في مجلس الأمن”. ويجزم أن السلطات السورية الجديدة ستسحب الاعتراف بالسيادة الروسية في القرم ودونباس، قائلاً: “يتعارض اعتراف نظام الأسد بضم أراض أوكرانية إلى السيادة الروسية مع موقف الإجماع العربي والشرعية الدولية، بينما تسعى القيادة السورية الجديدة للالتزام بالقانون الدولي، ما يمهد الطريق إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين كييف ودمشق خلال بضعة أشهر على الأرجح”. وبرأيه، فإنه ينبغي على روسيا “ألا تبدي انزعاجاً من ذلك إن أرادت الحفاظ على ما تبقى من مصالحها إدراكاً منها أن النظام في سورية قد تغير إلى غير رجعة”.

وحول رؤيته للأوراق المتوفرة بين أيدي كييف لتحجيم النفوذ الروسي في سورية وتغلغله في هذا البلد، يعرب سلّام عن اعتقاده بأن “لدى أوكرانيا إمكانيات تقنية للمساهمة في تطوير المصانع والسدود السورية التي يعود بناؤها إلى حقبة الاتحاد السوفييتي، ولعل الأهم هو القدرة على تقديم الدعم الغذائي للشعب السوري على اعتبار أن أوكرانيا أحد أكبر مصدري القمح والدقيق والذرة والزيت وغيرها من المواد الغذائية التي تتنافس فيها مع روسيا”. ويذكّر في هذا الصدد، بمباشرة أوكرانيا بالفعل بإرسال المساعدات الإنسانية إلى سورية، “وهو أمر يعزز موقفها ونفوذها”.

ومن بين مؤشرات جدّية أوكرانيا في رهانها على ورقة الغذاء في سورية، إطلاق الرئيس الأوكراني فولوديمير Зеленський مبادرة “الغذاء من أوكرانيا” بغية دعم الشعب السوري ومنع وقوع كارثة غذائية في البلاد، وقد تمّ بالفعل إرسال الـ500 طن الأولى من الدقيق الأوكراني إلى سورية، وأكدت وزارة السياسات الزراعية والغذاء الأوكرانية أمس الأول الأحد، تسليم هذه الدفعة من المساعدات لسورية.

وفي اتصال هاتفي مع الرئيسة السويسرية الجديدة كارين كيلر لاسوتر، في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الحالي، حثّ زيلينسكي سويسرا على الانضمام إلى برنامج المساعدات الغذائية الأوكرانية لسورية. وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، إلى أن أوكرانيا تأتي بين الدول العشر الأولى عالميا من حيث إنتاج القمح، وأيضا بين أكبر خمسة مصدرين له، مستحوذة مجتمعة مع روسيا على نحو ربع الصادرات العالمية، وهو ما يعزز دورهما في توفير الأمن الغذائي للدول العربية والأفريقية القريبة جغرافياً نسبياً. من جهة أخرى، توقفت شركات تجارة حبوب روسية عن توريد القمح إلى سورية بعد سقوط الأسد، ومن بينها شركة إس تي غي إنجنيرينغ، البالغة حصتها نحو نصف مجموع الواردات السورية من القمح الروسي بواقع نحو 1.1 مليون طن شهرياً، والتي أعلنت في نهاية العام الماضي عن تعليق الإمدادات، مؤكدة في الوقت نفسه على استعدادها لاستئنافها بعد إجراء اتصالات مع السلطات الجديدة.

 

Залишити відповідь

Ваша e-mail адреса не оприлюднюватиметься. Обов’язкові поля позначені *