Хвилі єврейської імміграції до Палестини
نبيل السهلي
12/3/2024
تحل في نهاية آذار/مارس الجاري الذكرى الثامنة والأربعون ليوم الأرض الخالد عند الشعب الفلسطيني، وقد لخص الشاعر الراحل، الحاضر دائما بقوة محمود درويش في قصيدته المعروفة (الأرض) معاني ودلالات هذا اليوم، حيث قال :”في شهر آذار، في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرض أسرارها الدموية. في شهر آذار مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بنات.
يوم وطني
يحيي الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في الثلاثين من آذار/مارس الجاري الذكرى الثامنة والأربعين ليوم الأرض، وهبة يوم الأرض في يوم السبت الثلاثين من شهر مارس/آذار 1976 ليست وليدة صدفة تاريخية بل هي قصة تشبث بالأرض والوطن الفلسطيني.
ويشار هنا إلى أن السلطات الصهيونية قد صادرت خلال الأعوام ما بين عام 1948-1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى من الأراضي التي استولت عليها السلطات الصهيونية، بعد سلسلة المجازر المروّعة التي ارتكبها جيش الاحتلال وعمليات الإبعاد القسّري التي مارسها بحق الفلسطينيين عام 1948.
ففي حين يشكل العرب (20) في المائة من سكان “إسرائيل” خلال العام الجاري 2024 ، فإنهم لا يستحوذون إلا على (2) في المائة من المساحة التي أنشئت عليها “إسرائيل”. وقد شكّلت عملية تهويد منطقتي الجليل والنقب ولا تزال هدفاً من أهداف الحركة الصهيونية، فقد حدد بن غوريون هذا الهدف بقوله: “الاستيطان نفسه هو الذي يُقرر ما إذا كان علينا أن نُدافع عن الجليل أم لا”. وتبعا لذلك، احتلت “إسرائيل” عام 1948 أراضي واسعة من منطقة الجليل، وتمت إقامة 350 مستوطنة فيها، وبرر الصهاينة عملية الاستيلاء على الأراضي أنها أراض للغائبين، ولم تقتصر عملية التهويد على أراضي الغائبين، وإنما تمت السيطرة المباشرة على “أملاك” حكومة الانتداب البريطاني، وتقدر هذه الأراضي بحوالي 2-3 ملايين دونم، لكن “إسرائيل” لم تكتفِ بتلك الأراضي، وإنما امتدت يدها إلى أراضي الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم. ومنذ عام 1948، أصدرت السلطات الصهيونية قوانين متعددة من أجل شرعنة السيطرة على الأرض الفلسطينية، ومنها: قانون الغائب، وقانون الأراضي البور، والمناطق المغلقة، وبهذا تمكنت السلطات الصهيونية من السيطرة على حوالي مليون دونم من أخصب الأراضي العربية.
وأصدرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة استصدار عدة قوانين للحد من التواصل الديموغرافي العربي بين المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 والمحتلة عام 1967، واعتمدت المؤسسة الإسرائيلية عدة سياسات لمحاولة فرض يهودية الدولة، حيث تمت عملية مبرمجة لتهويد الأماكن التاريخية العربية، ناهيك عن تهويد المقدسات، وفي المقدمة منها المساجد والكنائس. وتركزت عملية التهويد في منطقتي الجليل والنقب في شمال وجنوب فلسطين المحتلة، بغرض فرض يهودية الدولة على أكبر المناطق مساحة ضمن حدود فلسطين التاريخية.
لقد أصبح “يوم الأرض” يوماً وطنياً فلسطينياً بامتياز، حيث يحيي الشعب الفلسطيني على امتداد فلسطين التاريخية (27009 كيلومترات مربعة) وفي الشتات تلك الذكرى. فهبة “يوم الأرض” في الثلاثين من مارس/آذار عام 1976 كانت بمثابة منحى جديد لتكريس وحدة الشعب الفلسطيني من أجل الدفاع عن أرض أجداده، والعمل لعودة اللاجئين الفلسطينيين إليها.
التسلل المنظم
ثمة مؤسسات يهودية صهيونية تشكلت بشأن الزحف المنظم إلى فلسطين والسيطرة المتدرجة على أرضها، ومنها منظمة بيكا التي أسسها روتشيلد، والوكالة اليهودية التي انبثقت من المؤتمر الصهيوني العالمي الأول عام 1897، والصندوق القومي اليهودي “الكيرن كايمت” وصندوق التأسيس اليهودي “الكيرن هايسود” والشركة الإنكليزية الفلسطينية.
ونشطت هذه المؤسسات بعد الحرب العالمية الأولى خصوصاً بعد تمكن المنظمة الصهيونية العالمية من استصدار وعد بلفور الشهير عام 1917 الذي يقضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، ثم وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، حيث لعبت حكومة الانتداب دوراً كبيراً في تمكين اليهود من السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية، وذلك باتخاذها العديد من الإجراءات، منها فتح الأراضي الأميرية وجعلها أراضي ملكية وسن قانون أملاك الغائبين.
وتمكن اليهود بفضل هذه الإجراءات استملاك مساحات كبيرة من فلسطين حتى إعلان دولة إسرائيل في الخامس عشر من أيار / مايو 1948.
المستوطنات
رافق عملية الاستيلاء على الأرض الفلسطينية إنشاء مستوطنات صهيونية ، ففي عام 1882 تم إنشاء ثلاث مستوطنات، هي مستوطنة ريشون ليتسيون وزخرون يعقوب وروش يبنا قرب قرية الجاعونة في قضاء مدينة صفد في الجليل الفلسطيني، ثم مستوطنتي يسود همعليه وعفرون عام 1883 ومستوطنة جديرا عام 1884 وفي عام 1890 أقيمت مستوطنات رحوبوت ومشمار هيارون.
وبعد انعقاد المؤتمر الصهيوني العالمي الثاني عام 1898 أقر قانون المنظمة الصهيونية العالمية التي أخذت على عاتقها كافة الشؤون المتعلقة بالاستيطان بعد أن وصل عدد المستوطنات الإسرائيلية الزراعية إلى 22 مستوطنة، سيطرت على 200 ألف دونم ارتفعت إلى 418 ألف دونم بعد الحرب العالمية الأولى.
بعد هذا التاريخ انطلقت مرحلة جديدة من مراحل الاستيطان اليهودي في فلسطين، حيث عملت المؤتمرات الصهيونية العالمية بدءاً من المؤتمر الأول على تنفيذ برامجها التي تمحورت حول برنامج المؤتمر الأول عام 1897 ويدعو هذا البرنامج إلى:
العمل على استعمار فلسطين بواسطة العمال الزراعيين والصناعيين اليهود وفق أسس مناسبة، وتغذية وتقوية المشاعر اليهودية والوعي القومي اليهودي، فضلاً عن اتخاذ الخطوات التمهيدية للحصول على الموافقة الضرورية لتحقيق غاية الصهيونية.
لقد كانت السيطرة على الأرض الفلسطينية جوهر الفلسفة التي انتهجتها الصهيونية العالمية منذ نشوء الفكرة الأولى لاحتلال فلسطين وجذب المهاجرين اليهود إليها؛ وبعد إقامة إسرائيل وحتى يومنا هذا تستمر في اتباع الإجراءات نفسها.
موجات الهجرة
جنباً الى جنب مع عمليات الاستيلاء على الأراضي تمت عملية تغيير ديموغرافي ممنهجة، ففي جميع حالات الاستيلاء كانت تتم عملية جلب أعداد من اليهود من مختلف أنحاء العالم، ليحلوا مكان السكان العرب الفلسطينيين بعد التنكيل بهم وطردهم. وشهدت فلسطين سيلاً من الهجرات اليهودية المنظمة من قبل الحركة الصهيونية قبل عام 1948، وهو العام الذي شهد في أيار /مايو منه إنشاء إسرائيل، ويمكن ملاحظة عدة موجات هجرة خلال الفترة (1880 -1948) تم فرض وتمرير معظمها بلغة القوة تحت غطاء وحماية ورعاية سلطات الانتداب البريطاني؛ وقد هاجر نحو (758 ، 482) يهودي إلى فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني عليها ( 1919ـ 1948) (89،6) في المئة منهم من يهود أوروبا وأمريكا، و(4،10) في المئة من قارتي آسيا وافريقيا، وثمة موجه ذهبية من حيث أرقام الهجرة اليهودية، حيث هاجر إلى فلسطين خلال الفترة ( 1932ـ 1939) نحو (225) ألف يهودي معظمهم من ألمانيا ودول أوروبا الغربية وبولندا، تلاها موجة متسارعة تمّ خلالها جذب (300 ، 118) يهودي إلى فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وذلك في الفترة التي سبقت الإعلان عن قيام إسرائيل، وبالتحديد خلال الفترة ما بين الأعوام (1940 ـ 1948).