Інший підхід Трампа змінює геополітичний та військовий ландшафт.

نهج ترامب المختلف يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي والعسكري

ديناميكية متغيرة في الحرب الروسية على أوكرانيا:

Інший підхід Трампа змінює геополітичний та військовий ландшафт.

مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية

د. سعيد سلّام – مدير مركز “فيجن” للدراسات الاستراتيجية

15\7\2025

يشهد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا تحولًا استراتيجيًا غير مسبوقًا، مدفوعًا بتغيرات جذرية في موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. هذه التطورات، التي تنذر بتصعيد عسكري واقتصادي حاسم ضد روسيا، تضع مسار الحرب على مفترق طرق حرج، مثيرة تساؤلات عميقة حول آفاق السلام أو التصعيد المستقبلي. التحليلات المتعمقة تشير إلى أن هذا المسار الجديد، المتأثر بإحباط الرئيس ترامب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعيد تعريف أطر الدعم لأوكرانيا ويُحدث تغييرًا في ديناميكيات القوى الإقليمية والدولية. الرئيس ترامب، الذي يسعى للحصول على جائزة نوبل للسلام، يرى نفسه “الأعظم من بين العظماء” ولا يخشى إرسال كميات كبيرة من الأسلحة لتحقيق هذا الهدف.

تعديل الموقف الأمريكي: بين الإحباط الاستراتيجي والدفع نحو التصعيد

لطالما اتسم موقف الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب من الحرب الروسية على أوكرانيا بتقلبات لافتة، فقد تراوحت تصريحاته وأفعاله بين محاولات التودد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرغبة الشديدة في لعب دور الوسيط لإنهاء الحرب. لكن ما نراه الآن يشير إلى تحول نوعي وجذري في هذا الموقف، ويعود السبب على ما يبدو إلى إحباط شخصي واستراتيجي عميق من الرئيس بوتين نفسه. الرئيس ترامب، الذي كان يؤمن بقدرته الفريدة على تحقيق تسوية سريعة وفعالة لهذه الحرب المستمرة، أصبح يرى في مسار الأحداث إهانة شخصية وخيانة لآماله وطموحاته. لقد صرّح في مناسبات متعددة بأن بوتين “يتحدث بكلمات جميلة، ثم في المساء يقصف الجميع”، معترفًا بمرارة بفشل أي مفاوضات سابقة أو محاولات للتوصل إلى حل دبلوماسي. هذا الإحباط العميق، النابع من سلوك الرئيس بوتين غير الجاد في المفاوضات – وهو ما أكده الأمين العام لحلف الناتو مارك روته بالإشارة إلى إرسال بوتين “مدرس تاريخ” بدلاً من مسؤولين رفيعي المستوى للتفاوض – يُفسر لماذا تبنى الرئيس ترامب الآن استراتيجية “التصعيد من أجل خفض التصعيد”. هذه الاستراتيجية تقوم على فكرة بسيطة لكنها جريئة: أن زيادة الضغط العسكري والاقتصادي على روسيا ستُجبرها في نهاية المطاف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بشروط أكثر مواتية للولايات المتحدة وحلفائها.

Військові та геополітичні події у війні Росії проти України

يتضمن هذا النهج الاستراتيجي استفسار الرئيس ترامب من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حول “تكثيف الضربات داخل روسيا”، بل ذهب ترامب إلى حد التساؤل علناً عن سبب عدم استهداف مدن روسية حيوية مثل سانت بطرسبرغ. هذا ليس مجرد تساؤل عابر، بل هو سعي واضح ومباشر لإلحاق “الألم” بالكرملين ورفع التكلفة على موسكو بشكل لم يسبق له مثيل. هذه الفلسفة تتوافق بشكل كامل مع شعار الرئيس ترامب المعروف “أمريكا أولاً”، حيث تهدف الخطة في جوهرها إلى تعزيز القدرات العسكرية لأوكرانيا بشكل هائل، مع تحويل العبء المالي لتمويل هذه المساعدات إلى الحلفاء الأوروبيين. ومن الواضح جداً من تصريحات الرئيس الاوكراني أن الرفض القاطع لأي ضغوطات تتضمن الاعتراف بالمناطق المحتلة في أوكرانيا على انها روسية والتنازل عنها، هو موقف ثابت وغير قابل للتفاوض، مما يعكس عدم قبوله للتنازلات الإقليمية التي تفرضها القوة العسكرية. ويؤكد محللون بارزون أن الرئيس ترامب، ورغم إحباطه المتزايد من الرئيس بوتين، لا يزال يعتقد في قرارة نفسه أن روسيا قد تنتصر في نهاية المطاف في هذه الحرب، وهو ما يزيد من إلحاح استراتيجيته التصعيدية. الرئيس ترامب تخلص تمامًا من أوهامه السابقة بشأن التوصل إلى اتفاق سهل أو ودي مع الرئيس بوتين، وأصبح يدرك أنه كان يعتمد على “الخداع والمراوغة” ويهينه باستمرار، مما قاده إلى هذه المرحلة الجديدة من محاولة التفاوض من خلال فرض الضغط الأقصى. يرى بعض المحللين ايضا أن الرئيس الروسي أخطأ في تقديراته، حيث بالغ في تقدير امكانياته وقلل من شأن الرئيس الأمريكي وأوكرانيا، وهو ما أسهم بشكل مباشر في هذا التحول الحاد في الموقف الأمريكي.

وساهم عامل آخر، قد يكون شخصياً ولكنه ذو تأثير استراتيجي ملموس، في هذا التحول الدراماتيكي، وهو تأثير زوجة الرئيس الأمريكي، ميلانيا ترامب، التي ينظر إليها البعض كـ”حليف غير متوقع” للرئيس الأوكراني زيلينسكي. فخلفيتها من يوغوسلافيا السابقة، التي عانت ويلات الحروب والدمار الشديد، منحتها تعاطفًا خاصًا وعميقًا مع ضحايا الهجمات الروسية والمعاناة الإنسانية الفظيعة في أوكرانيا. هذا التعاطف يجعلها تذكّر زوجها باستمرار بتداعيات الحرب وآثاره المدمرة على البشر والمجتمعات، مما قد يكون له تأثير غير مباشر على قراراته الحاسمة.

نموذج جديد للدعم العسكري والعقوبات الاقتصادية

تُقدم خطة الرئيس الأمريكي لتسليح أوكرانيا تحولًا نوعيًا وكميًا غير مسبوقًا في الدعم العسكري، وتُمثل كسراً صريحاً لـ “المحرمات” التي كانت سائدة في السابق فيما يتعلق بتقديم المساعدات العسكرية الفتاكة لأوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية عليها. لقد أُعلن عن حزمة أسلحة “أكثر عدوانية” بكثير من أي وقت مضى، تُقدر قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات، ومن المتوقع أن تصل أوكرانيا خلال فترة قصيرة. هذه الحزمة الضخمة تتضمن، على وجه الخصوص، 17 منظومة دفاع جوي من طراز باتريوت، والتي تُعتبر حاسمة وأساسية لتعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية في مواجهة الهجمات الروسية المستمرة. وقد أكد الأمين العام لحلف الناتو مارك روته أن الحلف وأوروبا سيمولان ثمن هذه المنظومات الباهظة الثمن، مما يعكس التزاماً أوروبياً قوياً. وقد أعلن الرئيس ترامب نفسه عن صفقة مع الناتو لبيع أسلحة للحلف، مؤكداً أن الناتو هو من سيدفع ثمنها، وأن هذه الأسلحة سيتم تسليمها بسرعة فائقة إلى ساحة المعركة. وأوضح أيضا أن التوقف الذي دام لمدة أسبوعين في إمدادات الأسلحة لأوكرانيا كان ضروريًا للغاية لمراجعة دقيقة للمخزونات الأمريكية قبل الإعلانات الجديدة، لضمان توفر الكميات الكافية.

Уроки для президента Трампа: «плаваюча» мирна угода України

الأهم من ذلك، أن هذه الحزمة الجديدة تشمل صواريخ هجومية متطورة للغاية مثل صواريخ JASSM الأمريكية، التي تشبه إلى حد كبير صواريخ “ستورم شادو” ويمكنها ضرب أهداف على بعد يصل إلى 350 كيلومترًا، مما يتيح لأوكرانيا تدمير البنية التحتية العسكرية والاقتصادية الروسية بعمق. كما أن النسخة المطورة JASSM-ER يمكنها الوصول إلى أهداف تبعد 1000 كيلومتر، وهذا يضع العاصمة الروسية موسكو نفسها ضمن نطاق التهديد المباشر. بالإضافة إلى ذلك، درس الرئيس الأمريكي بجدية إمكانية إرسال صواريخ كروز “توماهوك“، ولم يستبعد الفكرة، مما يشير إلى نية في زيادة القدرات الهجومية لأوكرانيا بشكل كبير. كما سمح باستخدام 18 صاروخ ATACMS موجودة بالفعل في أوكرانيا، والتي يمكن استخدامها لضرب أي أهداف في روسيا على عمق 160 كم. هذه الأسلحة المتقدمة، التي ستُموّل جزئيًا عبر شراء الحلفاء الأوروبيين للمعدات الأمريكية، لتجديد مخزوناتهم الخاصة ايضا، ستعزز بشكل كبير قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها وشن هجمات مضادة فعالة في مواجهة الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا. وقد أُعلن عن اتفاق استراتيجي بين الناتو والولايات المتحدة بشأن توريد الأسلحة لأوكرانيا، يمثل إطارًا جديدًا للدعم العسكري، يهدف إلى تسريع وتيرة الإمدادات وتأمين استدامتها على المدى الطويل. هذا الاتفاق يقضي بتصنيع المعدات الجديدة خصيصًا لحلف الناتو، لتكون متاحة بعد ذلك لأوكرانيا، مما يضمن تدفقًا ثابتًا للأسلحة دون استنزاف مباشر للمخزونات الأمريكية الحالية.

بالتوازي مع هذا التصعيد العسكري، هدد الرئيس ترامب بفرض “تعريفات شديدة” بنسبة 100% على روسيا والدول التي تشتري صادراتها، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام خلال 50 يومًا. هذه المهلة الزمنية، التي تُعد بمثابة “إنذار نهائي” ومحاولة لفرض حل سريع للحرب، تعكس رغبته الملحة في تسريع إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا. وقد سبق للرئيس الأمريكي أن أصدر إنذارًا مشابهًا لإيران في الشتاء الماضي، حين طالبها بتوقيع اتفاق سلام في غضون 60 يومًا، وعندما رفضت، شنت إسرائيل والولايات المتحدة هجمات مدمرة على أهداف إيرانية، لذا يتوقع البعض أن يحدث سيناريو مشابه مع روسيا إذا رفض الرئيس بوتين وقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية. ومع ذلك، تُبدي صحيفة نيويورك تايمز ومراكز بحثية أمريكية شكوكًا حول مدى فعالية هذه العقوبات وتطبيقها الفعلي، نظرًا لتداعياتها الاقتصادية المحتملة على الولايات المتحدة نفسها والعلاقات مع الصين، التي تُعد شريكاً تجارياً رئيسياً. كما أن الرئيس بوتين، بحسب الرئيس ترامب نفسه، “محترف في تجاوز العقوبات”، مما يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه الإجراءات. وحتى مشروع قانون العقوبات الجديد (قانون ليندسي غراهام) من غير المرجح أن يُطرح للتصويت في الكونغرس الأمريكي، وحتى لو تم إقراره، فإن ترامب لديه السلطة الدستورية لعدم تطبيقه، خاصة إذا كانت العقوبات تستهدف دولًا لا تساعد أوكرانيا بشكل مباشر. وقد ذكر ترامب أن هذه “التعريفات الثانوية” ستؤثر بشكل أساسي على شركاء روسيا التجاريين مثل الصين والهند والبرازيل وتركيا، وأن الصين على وجه الخصوص يمكن أن تتدخل لإقناع روسيا بإنهاء الحرب لتجنب هذه التعريفات المكلفة. هناك ضرورة كبيرة في فرض عقوبات اقتصادية جدية وحقيقية ضد روسيا وحلفائها، وخاصة أولئك الذين يشترون النفط الروسي، لكونها السبيل الوحيد لإلحاق ضرر حقيقي بالاقتصاد الروسي وتقليص قدرته على تمويل الحرب وإجبار النظام الروسي على التراجع.

Дипломатичний туман: тристоронні дзвінки Трампа викликають більше питань, ніж рішень щодо війни Росії проти України

ردود الفعل الدولية: تصادم الإرادات وتغير التحالفات

في خضم هذه التطورات المتسارعة، جاء الرد الروسي على إنذار الرئيس الأمريكي متهكمًا وساخرًا، مما عكس استهزاءً واضحًا بمطالب واشنطن. لقد وصف دميتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي حاليًا، التهديد الأمريكي بأنه “إنذار مسرحي” وأكد أن بلاده “بقيت غير مبالية” بمثل هذه التهديدات. أما وزير الخارجية سيرغي لافروف، فقد أكد أن روسيا “مرت بكل هذا” من قبل، في إشارة إلى الإنذارات والمواعيد النهائية السابقة التي وضعتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، قائلاً: “لقد سمعنا عن 24 ساعة، ثم 100 يوم، والآن 50 يومًا”، مؤكدًا أن روسيا “تتعامل مع العقوبات” وتتكيف معها. هذه الردود، التي جاءت من أعلى المستويات في الكرملين، تُظهر محاولة واضحة للتقليل من شأن الرئيس ترامب ورفض أي شروط أو ضغوط خارجية، مع التأكيد المستمر على أن قرارات الولايات المتحدة والناتو والاتحاد الأوروبي بشأن الإمدادات العسكرية لأوكرانيا تُعد في نظر موسكو “إشارة لاستمرار الحرب الروسية على أوكرانيا” وليس لإنهاءها. وقد وصف نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو مطالب ترامب لبوتين ببدء تسوية سلمية في أوكرانيا خلال 50 يومًا بأنها “غريبة جدًا”، مشيرًا إلى الغياب التام للطرف الأوكراني عن أي مفاوضات بهذا الشأن، مما يسلط الضوء على التباين الكبير في المواقف بين الجانبين حول شروط وطبيعة أي مفاوضات محتملة. ويرى بعض الخبراء السياسيين أن الرئيس بوتين أخطأ في تقديراته الاستراتيجية، حيث بالغ في تقدير قدراته وقلل بشكل كبير من شأن الرئيس الأمريكي وأوكرانيا، وهو ما أدى إلى هذا الوضع. بينما ذكر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن روسيا بحاجة إلى وقت كافٍ “لتحليل” كلمات ترامب، مما يعكس حالة من الترقب والحذر لديهم. على الرغم من هذه التصريحات الروسية فقد أبرزت العديد من الفيديوهات التحليلية ردود الفعل الروسية المتنوعة والمذعورة إلى حد ما من قبل المسؤولين الروس، بما في ذلك ميدفيديف ولافروف وبيسكوف، على إنذار الرئيس ترامب، مما يشير إلى أن التهديدات الأمريكية لم تكن محل استخفاف كامل.

على الصعيد الدولي الأوسع، أعلنت الصين رفضها القاطع للعقوبات الأحادية، مؤكدة على عزمها تعميق وتوسيع تعاونها الاستراتيجي مع روسيا في كافة المجالات، ومنتقدة بشدة تهديدات الرئيس ترامب بفرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين لروسيا. هذا الموقف الصيني يشكل تحديًا مباشرًا للضغط الأمريكي في سياق الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، وقد وعدت بكين بتقديم دعم “أقوى” لروسيا وسط تهديدات ترامب بالتعريفات الجمركية، مما يؤكد على استمرار الشراكة الاستراتيجية بين بكين وموسكو في مواجهة الهيمنة الغربية.

أما في أوروبا، فيُظهر الموقف الرسمي التزامًا قويًا وموحدًا بدعم أوكرانيا، على الرغم من بعض التحديات الداخلية. أكد الامرين العام للناتو مارك روته أن الدول الأوروبية ستدفع ثمن شحنات الأسلحة الأمريكية الجديدة لأوكرانيا، مما يعكس التزامًا أوروبيًا مباشرًا وغير مسبوقًا بتحمل العبء المالي. يتم النظر إلى هذا الترتيب على أنه يتماشى مع فلسفة الرئيس ترامب “أمريكا أولاً”، حيث تتحمل أوروبا “المسؤولية الأبدية للحرب” وتكاليفها. وقد أدركت أوروبا الحاجة الماسة إلى الدفاع عن نفسها وعن أوكرانيا بشكل مستقل عن الدعم الأمريكي المستقبلي، وتسعى بجدية لتعزيز صناعتها الدفاعية المشتركة وبناء قدراتها الخاصة. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة في تمرير حزم العقوبات الأوروبية، حيث أن مالطا تعرقل حاليًا الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات الأوروبية، خاصة تلك المتعلقة بالحد الأقصى لسعر النفط الروسي، كما أن سلوفاكيا لديها اعتراضات قوية على التخلي عن الغاز الروسي بحلول عام 2028، مما يكشف عن التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه الوحدة الأوروبية. وقد أبرزت مصادر إعلامية رفض رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان تمويل الأسلحة لأوكرانيا، مما يسلط الضوء على الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي وتأثير المصالح الوطنية. وقد دعا روته، في محاولة لحشد الدعم الدولي، الصين والهند والبرازيل إلى الضغط على بوتين من أجل هدنة ووقف للأعمال القتالية. كايا كالاس، رئيسة وزراء إستونيا السابقة وكبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، عبرت عن رأي الاتحاد الأوروبي بأن المهلة البالغة 50 يومًا التي منحها الرئيس ترامب لروسيا هي “طويلة للغاية”، معتبرةً أن “المدنيين الأبرياء يقتلون كل يوم”. ومع ذلك، رحبت كالاس بحقيقة أن الرئيس ترامب “يتخذ موقفًا حازمًا بشأن روسيا”، معتبرةً ذلك “إيجابيًا للغاية” وخطوة نحو مزيد من الضغط على موسكو. وقد تابعت وسائل الإعلام الروسية، مثل وكالة تاس (TASS)، إعلان اتفاق الناتو والولايات المتحدة على توريد الأسلحة بقلق بالغ، معتبرةً إياه تصعيدًا محتملًا في التوتر يهدد بإطالة أمد الحرب.

الأبعاد الاستراتيجية ومستقبل الحرب الروسية على أوكرانيا

تُشير التحليلات العميقة إلى أن مسار المفاوضات قد “قُضي عليه تمامًا” في ظل المواقف الحالية المتصلبة، خاصة مع رفض أوكرانيا القاطع لأي تسوية إقليمية تتنازل فيها عن المناطق التي تحتلها روسيا. الموقف الأوكراني واضح وثابت: هذه الحرب تُعد “حربًا وجودية” بامتياز، وإذا خسرتها أوكرانيا، فإن ديمقراطيتها ستزول وتُهدد سيادتها بالكامل، لتتحول إلى دولة تابعة أو مقسمة. يرى الأوكرانيون أن شروطهم لإنهاء الحرب، التي تتضمن استعادة كامل أراضيهم المعترف بها دوليًا حتى حدود عام 1991، هي شروط “استسلامية لا يمكن قبولها” بالنسبة لروسيا، مما يجعل التوصل إلى حل تفاوضي في هذه المرحلة أمراً بالغ الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً. وفي ذات الوقت فإن أوكرانيا، في ظل نقص التكنولوجيا العسكرية والموارد البشرية، لا تستطيع تحمل حرب استنزاف طويلة الأمد. كما أفاد القائد العام الحالي للقوات المسلحة الأوكرانية، أولكسندر سيرسكي، بوجود “وضع صعب للغاية” على عدة جبهات، مما يعكس التحديات الميدانية الكبيرة التي تواجه القوات الأوكرانية في الدفاع عن خطوطها. أوكرانيا بحاجة ماسة إلى ثلاثة أمور حاسمة لمواصلة المقاومة والصمود: المساعدات العسكرية المستمرة لكبح جماح الجيش الروسي، وأنظمة دفاع جوي فعالة لمواجهة الهجمات الروسية الممنهجة على البنية التحتية الحيوية، وعقوبات اقتصادية جدية وشاملة ضد روسيا وحلفائها.

تتراوح سيناريوهات Війна Росії проти України المحتملة بين “حرب طويلة الأمد” تستنزف الطرفين وتكبد كليهما خسائر فادحة، و “صراع مجمد” يحافظ على خطوط التماس دون حل نهائي ويترك أوكرانيا في حالة عدم استقرار دائم، إلى سيناريو “انتصار أو هزيمة لأوكرانيا”.

يُلاحظ أن استراتيجية الرئيس بوتين في أي مفاوضات كانت تتمثل في “التحرك ببطء شديد، والحفاظ على اهتمام الرئيس ترامب، وإعادة ضبط التوقعات” لصالحه، مستغلاً الوقت لتغيير الوقائع على الأرض. ومع ذلك، تُشير العديد من التحليلات العسكرية إلى أنه “لإلحاق الهزيمة ببوتين في حرب طويلة، يجب أن تتحول أوكرانيا إلى الدفاع النشط”، وذلك من خلال شن هجمات مضادة فعالة واستنزاف قدرات روسيا المادية والبشرية. إذ تُقدر الخسائر الروسية على الجبهة بأرقام صادمة، حيث صرح الأمين العام للناتو، و قبله وزير الخارجية الامريكي بناء على معلومات استخبارية، أن روسيا فقدت 100 ألف جندي قتيل منذ يناير الماضي (خلال 6 أشهر)، بينما تشير تقديرات أخرى إلى حوالي 250 ألف قتيل ونحو 750 ألف جريح في صفوف القوات الروسية منذ بداية الحرب الشاملة. هذه الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات تضع ضغطًا هائلاً وغير مستدام على قدرة موسكو على مواصلة الحرب بنفس الوتيرة، وتُفسر الحاجة الملحة للتجنيد المستمر الذي لا يقل عن 1000 شخص يوميًا لتعويض النقص في القوات، وهو ما يؤثر على الاستقرار الداخلي الروسي وتصور المجتمع الدولي لقدرات روسيا العسكرية.

لكن على الأرض، تُواصل القوات الروسية تقدمها البطيء، حيث تُدمر مناطق شرق أوكرانيا وتُحقق مكاسب يومية متقطعة على الجبهة رغم الخسائر المادية والبشرية الهائلة التي تتكبدها (1500 جندي بين قتيل وجريح بشكل يومي)، وتُكثف هجماتها الصاروخية والجوية على البنية التحتية المدنية والعسكرية والحيوية في جميع انحاء أوكرانيا. يهدف هذا التصعيد إلى تعطيل خطوط الإمداد اللوجستية الأوكرانية والضغط على المجتمع الأوكراني من أجل مفاوضات سلام بشروط روسية. إن هدف روسيا الأساسي ليس دائمًا الاحتلال الإقليمي الواسع، بل الحفاظ على حالة الحرب قائمة لتحقيق أهداف أخرى أعمق، مثل منع تعافي أوكرانيا اقتصاديًا بشكل كامل وتشجيع هجرة السكان، وبالتالي إضعاف الدولة الأوكرانية على المدى الطويل ككيان مستقل وفاعل.

من ناحية أخرى تُؤثر التكنولوجيا المتقدمة، مثل الطائرات بدون طيار المزودة بالذكاء الاصطناعي التي تُطورها شركات أوكرانية بشكل كبير على ديناميكيات الحرب. يمكن لهذه الطائرات تحديد الأهداف ومهاجمتها بشكل مستقل، مما يُغير العقيدة العسكرية والاستراتيجيات المستقبلية ويمنح أوكرانيا ميزة نوعية حاسمة على أرض المعركة. كذلك يجب الإشارة إلى أهمية الصواريخ الأوكرانية بعيدة المدى كحل أكثر موثوقية واستدامة من المساعدات الخارجية التي قد تتذبذب. وتُواصل أوكرانيا تطوير واستخدام أنظمة الروبوتات الأرضية المبتكرة، حيث عرضت مديرية المخابرات الرئيسية مركبة أرضية غير مأهولة مجهزة بمدفع رشاش، مما يعكس جهودها الحثيثة في الابتكار التكنولوجي لتجاوز التحديات.

مستقبل غامض وصراع متعدد الأوجه: أبعاد استراتيجية معقدة

تدخل الحرب الروسية على أوكرانيا الآن مرحلة بالغة التعقيد، تتشابك فيها الدوافع الشخصية لقادة العالم مع المصالح الجيوسياسية الكبرى على نحو غير مسبوق. إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجديدة، بما تتضمنه من تصعيد غير تقليدي في الدعم العسكري وتهديدات اقتصادية غير مسبوقة، تضع الكرة بوضوح في ملعب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن السؤال الاستراتيجي الأهم الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل ستكون هذه الضغوط المكثفة كافية لإجبار الكرملين على التراجع وإنهاء هذه الحرب المدمرة، أم أنها ستُشعل نيران الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا أكثر، وتُطيل أمدها لتصبح صراعاً أعمق وأكثر استنزافًا؟

що مستقبل المنطقة، والعلاقات الدولية برمتها، يتوقف بشكل حاسم على كيفية تفاعل هذه الأطراف الرئيسية مع التحديات والفرص الاستراتيجية في الأيام والأسابيع القادمة. وتبرز في هذا السياق تحذيرات متزايدة من أن أوروبا باتت “وحدها بشكل متزايد في إنتاج الدفاع وتحتاج إلى التصرف” بشكل مستقل، وأن الاعتماد المطلق على الولايات المتحدة لم يعد موثوقا ومستدامًا كاستراتيجية دفاعية طويلة الأمد، بسبب التغيرات الحادة في مواقف الرئيس ترامب. وقد ذكرت مصادر أن فرنسا، على سبيل المثال، تستعد بجدية لخطر اندلاع حرب كبرى في أوروبا بحلول عام 2030، متوقعة انخفاضًا حادًا في مشاركة الولايات المتحدة في الأمن الأوروبي، وتعتبر روسيا تهديدًا استراتيجيًا طويل الأمد يتطلب استجابة أوروبية جماعية ومستقلة. في هذا المشهد المعقد، حيث لا يمتلك أي زعيم، بما في ذلك ترامب، “عصا سحرية” لإنهاء هذه الحرب المعقدة على الفور، على الأوكرانيين أن يستعدوا لفترة طويلة ومضنية من المواجهة، مما يستدعي استراتيجية وطنية للصمود والمرونة على المدى الطويل.

Залишити відповідь

Ваша e-mail адреса не оприлюднюватиметься. Обов’язкові поля позначені *