هل دخلت أوكرانيا النفق المظلم
محمد العروقي – رئيس تحرير موقع “أوكرانيا اليوم” الاخباري
10\2\2024
مرت بسلام عملية إقالة او إستقالة قائد الجيش الاوكراني الجنرال زالوجني و إستبداله بالجنرال “سيرسكي” وكما يقول المثل العربي بالعامية ( زالوجني كبر راسه وعقله) و تنحى بطريقة حضارية و تمت اقالته ايضا بطريقة تليق بيه بعد اجتماع مع الرئيس ولكن ماذا بعد؟
سيناريوهات الحرب الجديدة
في تصريحات لمسؤوليين أوكرانيين قبيل استقالة زالوجني ألمح وزير الدفاع الاوكراني أن الحرب في عام 2022 ليست كما كانت في عام 2023 ولن تكون في العام 2024 مثل السنوات التي سبقتها لذا وجب تجديد دماء القيادة و ضخ وجوه جديدة تؤمن بالسيناريوهات الجديدة وهذا تلميح من أميروف أراد ان يوحي به اسباب اقالة زاوجني، لكن من وراء الكواليس الكل تحدث عن خلافات اهمها موضوع التجنيد و التعبئة، لذا تحدث الرئيس الاوكراني في تصريحاته الاخيرة عن انشاء وحدة (الانظمة الغير مأهولة) وهي التي تعتمد على الوسائل التكنولوجية و التقنية في مواجهة العدو، وهذا ماتنفذه أوكرانيا في الآونة الاخيرة من ضرب الخطوط الخلفية للروس لشل قدراتهم الهجومية، وهذا ماحصل في مطار بلبيك في جزيرة القرم آخر يناير الماضي، لذا هذه استراتيجيات و سيناريوهات قد لا يؤمن بها الجنرال السابق زالوجني ويركز عليها الرئيس لتعويض قلة القوى البشرية على الجبهة مقارنة مع امكانيات روسيا البشرية.
كما أنه وفي ظل ضعف الدعم الغربي لأوكرانيا في الآونة الاخيرة، و خاصة من طرف الولايات المتحدة، لجأت أوكرانيا الى اعتماد التصنيع العسكري المحلي بالتعاون مع العديد من الدول الغربية، و هذا ماسوف تركز عليه في عام 2024 حسب تصريحات الرئيس زيلينسكي لتعويض النقص وهذه اشكالية ستواجها أوكرانيا هذا العام في ظل حديث عن نوايا روسية لعمليات تقدم في الاراضي الاوكرانية وخاصة في الربيع بعد الانتخابات في روسيا.
لكن ووسط كل ذلك تمكنت أوكرانيا من النجاح نسبيا مع الدول الاوروبية، حيث أن أي ضعف في دعم أوكرانيا فإن ذلك سيؤثر على القارة الاوروبية و يزيد من تهديد روسيا للدول الاوروبية، لذلك اصبحت الدول الاوروبية الان أكثر جدية في ايجاد موارد لدعم أوكرانيا، ولو تخلت عنها الولايات المتحدة، خاصة و ان الاخيرة تنتظر العملية الانتخابية، و قد يكون ترامب هو الرئيس القادم.
و أمام كل ذلك تواجه أوكرانيا معضلة داخلية أيضا مثل قضايا الفساد، و التجنيد و التعبئة، و ان كان من المستحيل القضاء على موضوع الفساد بدرجة 100%، الا ان الدولة الاوكرانية تحارب ذلك الفساد، وهذا بمثابة جبهة داخلية تستنزف امكانيات الدولة. و اما الموضوع الاخطر فهو موضوع التجنيد الذي اصبح ضرورة، حيث كشفت صحيفة “واشنطن بوست” قبل ايام عن الوضع المتردي و تراجع معنويات الجنود الاوكرانيين على الجبهة، فمنهم من لم يستريح منذ بداية الحرب و اخرون يشكون من النقص في العدد، واخرون يشتكون من قلة الذخيرة، لكن الاخطر من كل هذا وذاك آخر يفكرون كيف وماذا يفعل نظرائهم من الشباب الاوكران الان على ضفاف النهر ولماذا ليسوا بالجيش معهم، وهذا مؤشر خطر جدا وقد يخلق حالة من التمرد او الاضطرابات داخل الجيش.
وتتواصل خطورة تصور السيناريو والمشهد القادم من خلال ماذكرته وسائل الاعلام الالمانية قبل فترة وجيزة بانه في حال انتصرت روسيا بالحرب فإن 10 مليون أوكراني جديد سوف يلجأون إلى أوروبا، و اذا نظرنا بحسبة بسيطة فإن عدد سكان أوكرانيا حسب احصائيات رسمية كان في 2014 حوالي 36 مليون نسمة بما فيها سكان القرم و الدونباس المحتليين، ليقدر عدد سكانها بحوالي 28 مليون نسمة بعد احتلال تلك المناطق، ومنذ اندلاع الحرب ترك أوكرانيا حوالي 6 مليون نسمة ليتبقى حوالي 22 مليون، وبما انه في أوكرانيا كبار السن اكثر من جيل الشباب فإنه يتبقى حوالي 10 مليون نسمة من الجيل الشاب و الاطفال، و لو اخذنا نصفهم سيكون من النساء و الاطفال، و النصف الآخر، 5 مليون نسمة مابين لا ئق للخدمة العسكرية او غير لائق أو طالب جامعي او أسباب اخرى، فلن يبقى للجيش اكثر من مليون شخص وهذه هي الازمة الحقيقية التي تواجها أوكرانيا و على الغرب ادراكها، قبل ان تدخل البلاد النفق المظلم.