الكيان الإسرائيلي: من أداة استعمارية إلى عبء استراتيجي يقود إلى مفترق الطرق الوجودي

الكيان الإسرائيلي

الكيان الإسرائيلي:

من أداة استعمارية إلى عبء استراتيجي يقود إلى مفترق الطرق الوجودي

مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية

Д. Сказав Салам

Директор Центру стратегічних досліджень Vision

20\6\2025

يجد Ізраїльська юридична особа نفسه اليوم في مواجهة تحديات وجودية متعددة الأبعاد، تمتد من الأعباء الاقتصادية الخانقة، مرورًا بالإرهاق العسكري المتصاعد، وصولًا إلى ضغوط جيوسياسية داخلية وخارجية غير مسبوقة. هذه التحديات، التي تتفاعل مع عامل الجغرافيا الحاسم، تضع الكيان الإسرائيلي في مفترق طرق حاسم، حيث لم يعد بقاؤه مجرد مسألة تفوق عسكري، بل يتطلب صمودًا شاملًا على كل المستويات. والأهم من ذلك، أن الدور الذي كان من المفترض أن يلعبه الكيان كأداة لتحقيق الأهداف الاستعمارية الغربية في المنطقة، بدأ يتحول تدريجيًا إلى عبء اقتصادي وسياسي واستراتيجي على تلك الأنظمة، مما قد يسرع من مسار انهياره.

الأهداف الاستعمارية من إنشاء الكيان الإسرائيلي ودوره التاريخي

منذ نشأته، ارتبط الكيان الإسرائيلي بشكل وثيق بالأهداف الاستعمارية للقوى الغربية في المنطقة العربية. لم تكن فكرة “وطن قومي لليهود” بمعزل عن المصالح الجيوسياسية والاقتصادية للقوى العظمى، بل كانت جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيتها للسيطرة على الشرق الأوسط.

أحد الأهداف الرئيسية لإنشاء الكيان كان يكمن في فصل المشرق العربي عن مغربه، وبالتالي إضعاف الوحدة العربية ومنع ظهور قوة إقليمية موحدة تهدد المصالح الغربية، خاصة فيما يتعلق بالتحكم بموارد الطاقة وممرات التجارة. ولطالما نظر الغرب، وعلى رأسه بريطانيا ثم الولايات المتحدة، إلى إسرائيل كقاعدة عسكرية متقدمة في قلب العالم العربي. هذه القاعدة كانت تهدف إلى حماية المصالح الغربية، وضمان تدفق النفط، ومنع أي نظام إقليمي معادٍ للغرب من السيطرة على المنطقة. لعب الكيان دور “الحارس الأمين” لقناة السويس وحقول النفط. بالإضافة الى ذلك لعب الكيان الإسرائيلي دورًا محوريًا في وأد الحركات التحررية والقومية العربية التي ظهرت في المنطقة، والتي كانت تهدد النفوذ الاستعماري الغربي. من خلال الصراعات المتتالية والتفوق العسكري، ساهم الكيان في إضعاف арабські країни وإلهائها عن مسار التنمية والتحرر، وتثبيت الهيمنة الغربية. كذلك يرى بعض المحللين أنه كان يُنظر إلى الكيان الإسرائيلي كـ “غرب ثالث” أو “غرب جديد” مرتبط بشكل وثيق بالمصالح والاستراتيجيات الغربية طويلة المدى، خاصة الأمريكية. الهدف هو أن يبقى الكيان القوة النووية الوحيدة في المنطقة، قادر على إملاء الشروط والحفاظ على التفوق العسكري النوعي.

Пряме ізраїльсько-іранське протистояння... наслідки ескалації та майбутнє арабського світу та Близького Сходу

من أسس العقيدة Сіонізм عدم الاعتراف بالوجود القومي للفلسطينيين، وهو ما يخدم هدفًا استعماريًا يقضي على إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة قوية يمكن أن تهدد المصالح الغربية في المنطقة. واعتمد الكيان الاستيطاني استراتيجيات التمييز الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لضمان “نهضته القومية اليهودية”، كما سعى إلى تعزيز الانقسامات بين الأقليات في المنطقة (القومية والدينية) لخلق تحالفات تخدم أمنه الداخلي والقومي، مما يصب في مصلحة إضعاف الكيانات العربية الكبرى. وتبنى كيان الاحتلال عقيدة “السلام من خلال القوة”، مما يعني أنه سيفرض السلام بشروطه، وهذا يتناغم مع المنطق الاستعماري الذي يعتمد على القوة العسكرية لتحقيق الأهداف السياسية.

الكيان الإسرائيلي يتحول إلى عبء على الأنظمة الغربية

بعد عقود من الدعم غير المشروط، بدأ الكيان الإسرائيلي يتحول تدريجيًا من “أصل استراتيجي” إلى “عبء” على الأنظمة الغربية، وذلك بسبب تداعيات سياساته وتكلفة دعمه المتزايدة على المستويات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية.

رغم أن المساعدات الأمريكية السنوية البالغة 3.8 مليار دولار أمريكي تُعد حيوية لكيان الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنها تمثل عبئًا متزايدًا على دافعي الضرائب الأمريكيين، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وتزايد الاحتياجات الداخلية في الغرب. بالإضافة الى تجاوز التكاليف المباشرة المساعدات العسكرية لتشمل تكاليف سياسية واقتصادية غير مباشرة. فالحروب المتتالية التي يخوضها الكيان في المنطقة تزيد من عدم الاستقرار، مما يؤثر على أسعار النفط، ويعطل سلاسل الإمداد، ويزيد من تكلفة العمليات العسكرية الغربية في المنطقة لحماية مصالحها. الأزمة الاقتصادية في إسرائيل (تقلص الاقتصاد بنسبة 20% في الربع الأخير من 2023، وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي 27%، وارتفاع الإنفاق الحكومي 88.1% معظمه عسكريًا، وفي 2024 تباطؤ النمو السنوي وتراجع مستوى المعيشة) تثير القلق لدى الشركاء الغربيين، ففشل اقتصاد كيان الاحتلال يمكن أن يكون له تداعيات على الاستثمارات الغربية في المنطقة وعلى استقرار الأسواق العالمية.

Про війну-геноцид у Газі - цілі та результати

كذلك أصبحت سياسات الكيان الإسرائيلي، خاصة حرب Геноцид В секторі Газа والسياسة الاستيطانية في القدس والضفة الغربية، تُحرج حلفائه الغربيين بشكل متزايد على الساحة الدولية. الاتهامات بانتهاك القانون الدولي، وحقوق الإنسان، وجرائم الحرب، تضع الدول الغربية في موقف دفاعي أمام الرأي العام العالمي والمؤسسات القانونية. دعم الغرب للكيان يتعارض بشكل مباشر مع القيم التي يدعيها (الديمقراطية، حقوق الإنسان)، مما يقلل من مصداقيته ويؤثر على علاقاته مع دول الجنوب العالمي والعديد من الدول الإسلامية والعربية. كذلك تتزايد الاحتجاجات الشعبية في الدول الغربية، لا سيما في الجامعات، ضد الدعم الغربي لكيان الاحتلال وسياساته. هذا الضغط يهدد استقرار الحكومات الغربية ويؤثر على شعبيتها، خاصة في الفترات الانتخابية. بالإضافة الى ذلك فإن دعم الغرب لسياسات الكيان في المنطقة يمكن أن يغذي مشاعر الإحباط والتطرف في العالم العربي والإسلامي، مما يزيد من التهديدات الأمنية للمصالح الغربية في الخارج والداخل.

من الناحية الاستراتيجية،أصبح كيان الاحتلال عنصرًا رئيسيًا في تصعيد التوترات الإقليمية، مما يهدد بجر الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، إلى صراعات أوسع نطاقًا في الشرق الأوسط (مثل مواجهة مباشرة مع إيران). هذا يتعارض مع مصالح الغرب في تقليل التزاماته العسكرية في المنطقة. ويرى البعض أن سياسات الكيان، وغياب “حل عادل للقضية الفلسطينية”، يساهمان في تغذية خطاب التطرف والإرهاب، مما يقوض جهود الغرب في مكافحة هذه الظواهر، وبدلاً من التركيز على المصالح الاستراتيجية الأوسع في المنطقة (مثل الاستقرار الإقليمي، مكافحة التغير المناخي، التنمية الاقتصادية)، يجد الغرب نفسه مضطرًا للدفاع عن سياسات كيان الاحتلال التي تزيد من الفواتير وعدم الاستقرار.

هل يسرع هذا العبء من انهيار الكيان؟

إن تحول إسرائيل من “أصل استراتيجي” إلى “عبء” على الأنظمة الغربية يمكن أن يساهم بشكل كبير في تسريع مسار انهيار الكيان، وذلك من خلال عدة آليات متكاملة.

إذا استمر الكيان الإسرائيلي في التحول الى عبئ اقتصادي وسياسي على الغرب، فقد يقلص هذا الأخير حجم المساعدات المالية والعسكرية، أو يربطها بشروط سياسية أكثر صرامة. هذا التراجع سيضع ضغطًا هائلاً على ميزانية الكيان، ويزيد من دينه العام، ويقلل من قدرته على تمويل عملياته العسكرية المكلفة. ويمكن أن يؤدي تزايد العبء السياسي والأخلاقي للكيان إلى تراجع الدعم الدبلوماسي الغربي له في المحافل الدولية. فالمطالبات بوقف انتهاكات حقوق الإنسان والامتثال للقانون الدولي ستصبح أكثر إلحاحًا، مما قد يؤدي إلى فرض عقوبات دولية أو تراجع في العلاقات الدبلوماسية، مما يزيد من عزلة الكيان. وقد تدرك الأنظمة الغربية أن مصالحها طويلة الأمد في الشرق الأوسط لم تعد تتماشى مع دعم كيان يُعد مصدرًا لعدم الاستقرار. هذا قد يدفعها إلى إعادة تقييم تحالفاتها وتغيير أولوياتها الاستراتيجية، مما يعني تراجع الدعم الاستراتيجي للاحتلال.

ومع تراجع الدعم الخارجي وتفاقم الأعباء الاقتصادية الذاتية (تكلفة الحرب، هجرة الكفاءات، تراجع الاستثمار)، يمكن أن يواجه الكيان أزمة اقتصادية خانقة. هذا الانهيار قد يؤدي إلى تدهور مستويات المعيشة، وزيادة البطالة، مما يغذي الاحتجاجات الداخلية ويزيد من التصدعات الاجتماعية. الضغط الاقتصادي والاجتماعي، مقترنًا بتآكل الثقة في القيادة، قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق وانقسامات سياسية عميقة. تزايد الاستقطاب بين الفئات المختلفة في المجتمع الاستيطاني – الإسرائيلي (العلمانيين والمتدينين، اليمين واليسار) سيهدد التماسك الداخلي. وفي حال لم تستطع الحكومة توفير الأمن والرخاء الاقتصادي، وفشلت في معالجة القضايا الاجتماعية، فقد تفقد الشرعية في نظر مواطنيها، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي وربما انهيار الهيكل الحكومي.

ومع ضعف الدعم الغربي، قد يجد كيان الاحتلال نفسه أكثر عرضة للتهديدات الإقليمية. فالدول والقوى التي تُعد معادية له قد تزيد من ضغوطها العسكرية والسياسية، مستفيدة من تراجع قدرته على الصمود وضعف دعم حلفائها. لاسيما ان الصراعات المتصاعدة والسياسات المتطرفة للكيان أدت إلى تراجع نسبي ظاهري في مسار التطبيع مع الدول العربية. هذا الفشل في بناء تحالفات إقليمية حقيقية يزيد من عزلته ويعمق شعور الكيان بالحصار.

في الختام، إن الكيان الإسرائيلي يواجه اليوم تحديات وجودية معقدة تُعد نتاجًا لدوره التاريخي كأداة استعمارية في المنطقة. هذا الدور، الذي كان يُنظر إليه في السابق كـ “أصل استراتيجي” للغرب، بدأ يتحول تدريجيًا إلى “عبء” اقتصادي وسياسي واستراتيجي على تلك الأنظمة.

هذا التحول، إلى جانب الضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة، يمكن أن يسرع من مسار الانهيار الذاتي للكيان. فبدون الدعم الغربي غير المشروط، ومع تزايد التكلفة البشرية والمادية للحفاظ على سياسات لا تتوافق مع القانون الدولي، فإن قدرة الكيان على الصمود طويل الأمد يصبح موضع شك كبير، مما يضعه بالفعل في مفترق طرق حاسم يحدد مصيره المستقبلي.

Залишити відповідь

Ваша e-mail адреса не оприлюднюватиметься. Обов’язкові поля позначені *