بريطانيا وحل الدولتين: “مسار لا رجعة فيه”

بريطانيا وحل الدولتين: “مسار لا رجعة فيه”

صحيفة الغارديان

ترجمة و اعداد محمود الصباغ

3/2/2024

دفع دافيد كاميرون وزير الخارجية البريطاني باقتراح “حل الدولتين”؛ وتابع القول إن “بريطانيا وحلفاءها سينظرون في الاعتراف بدولة فلسطينية كجزء من الجهود الدبلوماسية لإحراز” تقدم لا رجعة فيه “نحو حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ أمد طويل.

وأتت تصريحات كاميرون يوم الإثنين الماضي (29.01.2024) في سياق تضافر وتكثيف المساعي البريطانية، بالتعاون مع دول أخرى، لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس، وشدد الوزير كاميرون على ضرورة الوقف الفوري للصراع؛ والإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين لدى الميليشيات  المسلحة في غزة؛ واعتبر، في كلمته خلال استقبال سفراء الدول العربية أن “الأهم من ذلك كله هو إعطاء الشعب الفلسطيني رؤية وأفقاً سياسياً فضلاً عن تقدم لا رجعة فيه نحو حل الدولتين، والأهم من ذلك، إقامة دولة فلسطينية”. ويتابع: “يقع على عاتقنا مسؤولية هناك إذ يجب البدء في تحديد شكل الدولة الفلسطينية؛ وما ستشمله؛ وكيف ستعمل.. وسوف ننظر مع الحلفاء في قضية الاعتراف بدولة فلسطينية، بما في ذلك في الأمم المتحدة. قد يكون هذا أحد الإجراءات المساعدة في جعل هذه العملية لا رجعة فيها”.

وكان مسؤولون عرب قد أشاروا إلى وجوب الاعتراف بدولة فلسطينية كخطوة حاسمة لدعم التحركات نحو حل طويل الأمد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود، وتعزيز إدارة مستقبلية للضفة الغربية وغزة المحتلين.

واقترحت المملكة المتحدة خطة من خمس نقاط لإنهاء الحرب، تشمل إنشاء حكومة فلسطينية تكنوقراطية لإدارة الضفة الغربية وغزة؛ والإفراج عن جميع الرهائن؛ وضمان عدم شن حماس هجمات مستقبلية على إسرائيل؛ ونقل كبار قادتها في القطاع المحاصر إلى بلد آخر. ويقول كاميرون: “نحن بحاجة إلى توقف القتال…نحتاجه الآن؛ وإذا ما توصلنا إلى هدنة  يمكننا، عندئذ، تقديم المساعدات [إلى غزة]؛ كما يمكننا، وبشكل حاسم إطلاق سراح الرهائن. لكن التحدي الحقيقي هو تحويل هذا التوقف إلى وقف مستدام لإطلاق النار دون العودة إلى القتال”.

والخطة البريطانية المقترحة هي، في الحقيقة، واحدة من مبادرات ذات مواضيع متداخلة عدة تناقشها دول غربية وعربية، بما في ذلك الهدف المشترك المتمثل في إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. ويقول دبلوماسيون إن هذه الخطط والمبادرات متكاملة وإن الحكومات تنسق فيما بينها مع تصاعد الضغط الدولي لإنهاء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الذي أودى، حسب مسؤولين فلسطينيين، بحياة أكثر من26 ألف شخص [حتى تاريخ  نشر هذه المقالة- المترجم].

وتتوسط قطر، إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، بين إسرائيل وحماس في محاولة للوصول إلى اتفاق يؤدي إلى هدنة مؤقتة تفرج خلالها حماس عن الرهائن الـ 136 المتبقين، مقابل إطلاق إسرائيل سراح سجناء فلسطينيين والسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر. ويأمل الوسطاء في استخدام هذه الهدنة المؤقتة للتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار.Top of Form

وعلى صعيد آخر منفصل، تعمل دول عربية على مبادرة تدعمها الولايات المتحدة لتأمين وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن كجزء من خطة أوسع يمكن أن تقدم لإسرائيل تطبيع العلاقات -وقد يشمل ذلك قيام علاقات رسمية مع المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى- إذا ما وافقت على خطوات لا رجعة فيها باتجاه قيام دولة فلسطينية.

ومن المعروف فشل جميع الجهود السابقة لتأمين تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين منذ اتفاقات أوسلو في أوائل التسعينيات التي قدمت آنذاك لحظة تفاؤل عابرة.

وثمة، في الوقت الحالي، عقبات كبيرة تقف في طريق إطلاق أي عملية سلام جديدة. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد استبعد، في وقت سابق، أي تحركات لإقامة دولة فلسطينية؛ أو العمل مع السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب، والتي تدير أجزاء محدودة من الضفة الغربية. كما رفض أي وقف دائم لإطلاق النار لضمان إطلاق سراح الرهائن.

ليس هذا فحسب، بل أصر رئيس الحكومة الإسرائيلية على مواصلة إسرائيل هجومها في غزة لتدمير حماس وتحقيق “النصر الكامل”، بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، بحسب إسرائيل. كما احتجز المسلحون حوالي 250 رهينة.

وبالعودة إلى ما قاله الوزير كاميرون؛ فقد أفاد بضرورة “عدم الاستسلام. فإذا كان للسنوات الثلاثين الماضية أن تخبرنا بشيء، فلا شك أنها ستحدثنا عن قصة فشل. وهي في النهاية قصة فشل لإسرائيل في الوصول إلى اتفاق؛ صحيح أن لديهم اقتصاد متنامي؛ وصحيح أيضاً أن لديهم مستويات معيشة مرتفعة. نعم، لقد استثمروا في الدفاع والأمن والجدران وكل ما يتعلق به. لكنهم لم يتمكنوا من توفير ما تريده الدولة بشكل أساسي، وما ترغب فيه كل عائلة، وهو الأمن”. [ يقصد الوزير كاميرون أن فشل الجهود السابقة يعود -في جزء منه للرفض الإسرائيلي المتواصل لأي حل، وبالتالي لم تستطع إسرائيل تحقيق النجاح الكامل في الوصول إلى السلام مع العرب رغم التقدم الاقتصادي الذي وصلت إليه منذ أوسلو وحتى الآن، فالنجاح الاقتصادي، إذن، ليس كافياً لوحده لتحقيق السلام، ولعله بهذا يوجه نقداً غير مباشراً للمبدأ الذي كان قد طرحه شمعون بيريز في فترة سابقة وحاول نتنياهو الترويج له على طريقته الخاصة – المترجم].