Про європейські політичні трансформації та вплив на них палестинського питання
حمدان الضميري – بلجيكا
6\10\2025
إن دراسة التحولات السياسية في أوروبا تكشف بوضوح عن حضور متزايد للقضية الفلسطينية في النقاشات الداخلية، حيث باتت مواقف الحكومات من العدوان على الشعب الفلسطيني عاملاً مؤثرًا في تشكيل الاصطفافات الحزبية والانتخابية. ويبرز المثال الإيطالي كحالة جديرة بالتحليل، نظرًا لتقاطع البعد الداخلي مع الموقف من فلسطين.
منذ أكتوبر 2022، تتولى الحكم في إيطاليا حكومة يمينية متطرفة برئاسة جورجيا ميلوني، التي لا تخفي إعجابها بتاريخ موسوليني في النصف الأول من القرن الماضي. هذه الحكومة، التي ستواجه انتخابات مقررة قبل نهاية عام 2026، تتبنى مواقف منحازة ومتواطئة مع سياسات الاحتلال، الأمر الذي يثير رفضًا واسعًا في الشارع الإيطالي. هذا الرفض يتجلى في دور النقابات العمالية وأحزاب اليسار، التي ترى في مواجهة الحكومة اليمينية معركة داخلية بقدر ما هي تضامن مع الشعب الفلسطيني.
ورغم أن هذا البعد الداخلي لا يظهر دومًا إلى السطح، إلا أنه حاضر بقوة في استراتيجيات القوى الاجتماعية والسياسية الفاعلة في المدن الإيطالية. فالموقف من فلسطين، في ظل حرب الإبادة الجارية وعجز المؤسسات الدولية عن وقفها، أصبح معيارًا أخلاقيًا وسياسيًا يحدد اصطفافات جديدة داخل أوروبا.
Як Нетаньягу грає з картою «антисемітизму» разом з «Патріотами за Європу»?
إن مواقف دول كإيطاليا وألمانيا، التي يقدَّر أنها تزوّد الاحتلال بما يقارب 30% من وارداته من السلاح، تمثل رافعة أساسية لاستمرار سياسات العدوان في غزة والضفة الغربية. غير أن هذه المواقف نفسها قد تتحول إلى عبء انتخابي على الحكومات اليمينية، إذ تتصاعد موجات الرفض الشعبي وتجد صداها في صناديق الاقتراع. ومن هنا، قد نشهد في إيطاليا، وربما في دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا واليونان وهولندا، تحولات انتخابية تطيح بائتلافات يمينية وتعيد قوى اليسار ويسار الوسط إلى المشهد السياسي مع حلول عام 2026.
إن القضية الفلسطينية لم تعد مجرد ملف خارجي بالنسبة للشعوب الأوروبية، بل تحولت إلى عامل تعبئة جماهيرية واسع، يعبّر عن نفسه في الشارع وقد يترجم لاحقًا في صناديق الاقتراع.
المطلوب من النشطاء في الساحة الأوروبية
أمام هذا المشهد، تقع على عاتق النشطاء مسؤولية مضاعفة الجهود لبناء شبكات أوسع مع الأوساط الأوروبية التضامنية، التي تلعب دورًا مركزيًا في الحراك الشعبي الداعم لغزة. ويقتضي ذلك رفع سقف المطالب باتجاه سياسات عملية تعزز عزلة الاحتلال، من أبرزها:
- الدفع نحو إلغاء اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وكيان الاحتلال.
- مقاطعة مشاركته في الفعاليات الثقافية والرياضية.
- وقف تصدير السلاح إليه ومنع مرور الأسلحة القادمة من خارج أوروبا والمتجهة إليه.
هذه الخطوات، إذا ما تراكمت، يمكن أن تدفع نحو تحويل الاحتلال إلى كيان منبوذ دوليًا، على غرار ما جرى مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. ولعل تجربة جنوب أفريقيا، حيث لعب الضغط الدولي الرسمي والشعبي دورًا حاسمًا في إسقاط النظام العنصري وإطلاق سراح نلسون مانديلا وصولًا إلى انتخابه رئيسًا، تمثل نموذجًا ملهمًا يمكن استحضاره في معركتنا الراهنة.
إن استلهام تجربة جنوب أفريقيا ليس مجرد مقارنة تاريخية، بل هو دعوة إلى التفكير الاستراتيجي في كيفية تحويل التضامن الشعبي الأوروبي إلى قوة ضغط سياسية قادرة على إحداث تغيير ملموس. فالقضية الفلسطينية اليوم ليست فقط قضية عدالة وحرية، بل أيضًا رافعة لإعادة تشكيل المشهد السياسي الأوروبي على أسس أكثر إنصافًا وإنسانية.