Два роки геноциду під прикриттям обману: Газа між систематичним знищенням та паралічем міжнародної волі.

عامان من الإبادة تحت عباءة التضليل

Два роки геноциду під прикриттям обману: Газа між систематичним знищенням та паралічем міжнародної волі.

Директор Центру стратегічних досліджень Vision

доктор Саїд Саллам, директор Центру стратегічних досліджень Vision

تم النشر في موقع “بوابة الهدف”

7\10\2025

تُشير المعطيات الحقوقية والطبية والميدانية، الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة والمنظمات الدولية الرصينة، إلى أن ما جرى خلال عامين في قطاع غزة قد تجاوز بكثير حدود الكارثة الإنسانية ليصبح إبادة ممنهجة ومحواً منظماً للوجود الفلسطيني. إن الأرقام والشهادات لا تتحدث عن “صراع عسكري”، كما تحاول الدعاية الصهيونية الترويج له، بل عن عملية تدمير شاملة تتداخل فيها وحشية القصف مع تكتيكات التجويع والتضليل السياسي والدبلوماسي المشترك.

إبادة صامتة ممنهجة ومحاولة لمحو جيل كامل

تُعدّ الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية والهيئات الأممية شهادة تاريخية وقانونية على أن العدوان في غزة هو عملية تدمير شاملة ومنظمة تستهدف الإنسان والوجود الفلسطيني. إن هذه الإحصائيات ليست مجرد أرقام تُحصى، بل هي أدلة دامغة على نية الإبادة، وتفاصيل لجريمة تُرتكب أمام مرأى ومسمع العالم.

اقترب إجمالي عدد الشهداء منذ بدء حرب الإبادة الجماعية من 70 ألف، وهي حصيلة مروعة تُرسخ حقيقة أن هذا العدوان يستهدف المدنيين في المقام الأول، الجريمة التي لم تستثنِ أحداً، إذ تؤكد التقارير أن أكثر من نصف الشهداء من الأطفال والنساء. هذا الاستهداف المتعمد لـ “المستقبل” (الأطفال) و “الحاضنة الاجتماعية” (النساء) يُشير بوضوح إلى هدف سياسي يتجاوز العمليات العسكرية المعتادة، ويتمثل في محو النسيج الاجتماعي الفلسطيني برمته، وتفكيك القدرة على استدامة الحياة والتعافي.

يُضاف إلى فاجعة الشهداء، وجود ما يقرب من 11 ألف شخص في عداد المفقودين تحت الركام. هذا العدد ليس ثابتاً بل هو في تزايد مستمر، ويدلل على ضخامة حجم الدمار الهائل الذي حوّل أكثر من 2 مليون فلسطيني إلى نازحين داخل القطاع. إن وصول نسبة تدمير المنازل إلى 90% ليس مجرد خسارة مادية يمكن تعويضها، بل هو تدمير للبنية التحتية للحياة والذاكرة والعودة.

والدمار لا يقتصر على المساكن فحسب، بل يبرز الانهيار الكامل للخدمات الأساسية والمؤسسات الحيوية؛ حيث بلغت نسبة تدمير المدارس 85% والمستشفيات 75%. هذا الاستهداف الممنهج لشبكات المياه والصرف الصحي والمؤسسات التعليمية والصحية يحوّل أي إمكانية للعيش الكريم في غزة إلى تحدٍ وجودي مستحيل ومخطط له، يؤكد النية في محو مقومات الحياة بالكامل.

كذلك تُعد سياسة التجويع استراتيجية حربية واضحة تُصنف قانونياً كـзлочин проти людяності. فقد تجاوز الإجمالي التراكمي لـ “شهداء لقمة العيش” الذين قُتلوا عند نقاط توزيع المساعدات إلى 2,600 شهيداً وأكثر من 19,100 إصابة (حتى كتابة هذه المقالة). يمثل هذا الاستهداف الممنهج لمدنيين يبحثون عن الغذاء تطبيقاً صريحاً لـ “حظر الغذاء كاستراتيجية عسكرية متعمدة”، وهو ما أكدته تقارير محكمة العدل الدولية.

وفي مشهد يتجاوز حدود الكارثة، تتكامل الأرقام الصادرة اليوم مع تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) الصادر في 22 أغسطس 2025، والذي يُعدّ دليلاً دوليًا دامغًا على تحقق المجاعة في قطاع غزة. فقد أكد التقرير أن أكثر من 675 ألف فلسطيني يواجهون مستويات كارثية من الجوع، المصنفة ضمن المرحلة الخامسة – وهي أعلى درجات المجاعة المعترف بها دوليًا. هذا الرقم المروّع لا يشير فقط إلى واقع مأساوي، بل ينبئ بامتداد المجاعة إلى مناطق جديدة في القطاع المحاصر. حتى لحظة صدور التقرير، بلغ عدد الوفيات المباشرة بسبب الجوع وسوء التغذية 460 شهيدًا، بينهم 147 طفلًا. وقد أكدت وزارة الصحة في غزة 459 حالة وفاة مؤكدة بسبب الجوع، من بينها 154 طفلًا. هذه الأرقام تعكس ديناميكية الموت المستمر، حيث لا تتوقف المجاعة عن حصد الأرواح. ومنذ إعلان المجاعة رسميًا، تم توثيق 181 حالة وفاة مرتبطة مباشرة بسوء التغذية، من بينها 39 طفلًا، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية. إذ تستقبل مستشفيات غزة يوميًا عشرات الحالات من الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد، وسط نقص حاد في الحليب والأدوية، ما يجعل كل لحظة تأخير في إدخال المساعدات بمثابة حكم بالإعدام.

هذا الاستهداف المزدوج – بالرصاص أثناء محاولة الوصول إلى لقمة العيش، أو بالموت البطيء نتيجة التجويع – يُرسّخ استخدام الجوع كسلاح إبادة ممنهج، ومحاولة خبيثة لكسر إرادة البقاء الفلسطينية. إنها ليست مجرد أزمة إنسانية، بل جريمة متكاملة الأركان، تُرتكب على مرأى من العالم.

ويواجه القطاع الصحي في غزة انهياراً شبه تاماً، حيث اقترب عدد الجرحى من 170 ألف شخصًا (وفقًا لإحصاءات وزارة الصحة). في هذا الواقع المأساوي، تتحول المستشفيات المتبقية إلى مجرد قاعات للألم القسري، تُجرى فيها عمليات البتر القسري في ظروف بدائية ودون تخدير كافٍ، مما يجعل “الإعدام الطبي” واقعاً يومياً يهدد حياة الآلاف.

وقد تجسّدت هذه الفاجعة في أرقام مرعبة، إذ ارتفع عدد الذين فقدوا أطرافهم إلى ما لا يقل عن 4,500 حالة بتر موثقة (وزارة الصحة الفلسطينية، يناير 2025). وتُشير تقديرات صادمة من اليونيسف والأونروا (تقارير مارس وأغسطس 2025) إلى أن ما بين 3,000 إلى 4,000 طفل يحملون هذه الإصابات الجسيمة، ليصبح قطاع غزة اليوم موطناً لأكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف لكل فرد في العالم. إن هؤلاء الأطفال لا يحملون الإعاقة كبصمة دائمة للحرب فحسب، بل تتحوّل أجسادهم إلى شواهد حية ومستدامة على وحشية العدوان، مما يُعقّد أي مسعى مستقبلي لإعادة بناء الحياة ويؤكد الاستهداف الممنهج للجيل القادم.

كما أن الأثر النفسي يمثل كارثة صامتة غير مسبوقة. ففي ظل هذا العدوان المستمر، تشير دراسات ميدانية إلى أن أكثر من 90% من أطفال غزة يعانون من اضطرابات نفسية حادة وكوابيس مزمنة جراء التعرض المتكرر للصدمات. وفي سياق أكثر إيلامًا، تشير تقديرات منظمة اليونيسف الصادرة في فبراير 2024، والتي ارتفعت وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (أبريل 2025)، إلى أن ما لا يقل عن 17,000 طفل أصبحوا غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عنهم، في حصيلة تتجاوز 39,000 طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما. إن محاولة محو الوجود الفلسطيني لا تقتصر على القتل والتدمير الجسدي، بل تشمل التدمير المتعمد للصحة النفسية للجيل القادم، وهو ما يضمن استدامة الصدمة وتفكيك النسيج الاجتماعي من الداخل لعقود قادمة.

التضليل المشترك: محو الوجود تحت الغطاء الدبلوماسي

تكشف السياسات الإسرائيلية المتبعة على الأرض عن أهداف استراتيجية تتخطى مجرد العمليات العسكرية المباشرة، متجهةً نحو هدف أعمق وأكثر خطورة: الحفاظ على الفراغ المؤسسي ومحو الهوية الفلسطينية. هذا المحو الممنهج يتم بدعم أساسي صلب من قوى دولية رئيسية، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية، التي توفر الغطاء الدبلوماسي رغم الانتقادات الدولية الشديدة والعزلة المتزايدة في المحافل الأممية. إن هذا الدعم يُترجم إلى آلية تضليل صريحة، تُشارك في ترويجها الأبواق الإعلامية الإسرائيلية واللوبي الصهيوني لتشويه الحقائق وتبرير العدوان، مما يضمن استدامة الصراع وتمويه جريمة الإبادة الجماعية.

يُعدّ التلاعب بعمليات التفاوض إحدى الركائز البنيوية لاستدامة العدوان، لا بوصفه خللًا عرضيًا، بل كاستراتيجية ممنهجة تهدف إلى تفريغ المسار السياسي من مضمونه وتحويله إلى واجهة زائفة تُدار وفق منطق الهيمنة لا وفق قواعد التفاوض. وبينما ينهمك الإعلام الإسرائيلي في تصوير حركة حماس على أنها “العنصر المعطّل للمفاوضات”، فإن التقارير الصادرة عن الأطراف الوسيطة تكشف بوضوح أن تل أبيب هي من تتعمد، بشكل متكرر ومقصود، حذف البنود الجوهرية المتعلقة بوقف دائم لإطلاق النار ورفع الحصار الشامل، ما يجعل أي اتفاق محتمل مجرد هدنة مؤقتة قابلة للانهيار عند الطلب، ويحوّل العملية التفاوضية إلى أداة لامتصاص الضغط الدولي لا إلى مسار حقيقي نحو إنهاء العدوان.

وقد بلغ التضليل الإعلامي الإسرائيلي ذروته في يوليو 2024، حين أقدمت جهات أمنية وإعلامية إسرائيلية على تزوير وثائق تفاوضية ونشرها عبر وسائل إعلام محلية ودولية، زاعمة أنها صادرة عن حركة حماس. هذه الوثائق المفبركة تضمنت بنودًا غير واقعية، مثل “الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية”، و”التخلي عن المقاومة المسلحة”، و”الموافقة على نزع السلاح الكامل”، وهي شروط لم تُطرح في أي من الجولات التفاوضية الفعلية، ولم تكن جزءًا من أي مسودة رسمية تم تداولها بين الوسطاء. وقد تم تسريب هذه الوثائق من قبل مكتب رئيس وزراء كيان الاحتلال بشكل متزامن مع حملة دعائية مكثفة، هدفت إلى إظهار الطرف الفلسطيني بمظهر المتنازل والمتذبذب، وخلق انطباع زائف بأن حماس تراجعت عن مواقفها الثابتة ثم انقلبت عليها لاحقًا، في محاولة لتقويض الثقة الدولية في جدية موقفها، وتبرير استئناف عمليات الإبادة الجماعية تحت ذريعة أن “الطرف الفلسطيني غير موثوق ولا يلتزم بما يوقّع عليه”. وقد أكدت جهات وسيطة دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة وقطر، أن هذه الوثائق لم تصدر عن أي جهة فلسطينية رسمية، بل كانت جزءًا من حملة تضليل منظمة تهدف إلى تقويض الثقة الدولية في جدية الطرف الفلسطيني، وتبرير استمرار العمليات العسكرية تحت غطاء تفاوضي زائف. وتم توظيف هذا الخطاب الدعائي بشكل مكثف في السياق الإعلامي لتبرير تعطيل المفاوضات، عبر تصويرها كـ “فرصة ضائعة بسبب تعنت الطرف الفلسطيني”، رغم أن الوثائق المزورة نُشرت بشكل متعمد لتغذية هذا التضليل. وقد اعتُبرت هذه الحادثة مثالًا صارخًا على استخدام الإعلام كوسيلة حرب، وعلى توظيف التزوير السياسي لتقويض فرص التهدئة، وخلق بيئة تفاوضية مشوّهة تُدار من طرف واحد.

«Демографія» Гази... Між боротьбою за виживання та «створенням хаосу»

ويتجلّى هذا النمط من التلاعب أيضًا في إصرار إسرائيل على إدراج بنود تعجيزية في كل جولة تفاوض، مثل نزع سلاح المقاومة بالكامل، والاحتفاظ بالسيطرة العسكرية على أجزاء من القطاع، وهو ما يُعدّ إعادة احتلال جزئي مقنّع. كما تتعمد تل أبيب حذف أي إشارة واضحة لوقف دائم لإطلاق النار، متمسكة بما تسميه “الحق في العودة إلى القتال”، ما يُفرغ أي اتفاق من مضمونه، ويحوّله إلى أداة مؤقتة لإدارة الصورة أمام المجتمع الدولي، لا إلى وسيلة لإنهاء العدوان.

هذا التكتيك لا يكتفي بإفراغ المسار الدبلوماسي من مضمونه، بل يعيد تشكيله كأداة وظيفية لامتصاص الضغط الدولي، دون أي نية حقيقية لإنهاء العدوان أو معالجة جذوره. فالاستخدام الممنهج للتضليل – سواء عبر تزوير الوثائق، أو فرض الشروط التعجيزية، أو توظيف الخطاب الدعائي – لا يعكس مجرد تعطيل متعمد للمفاوضات، بل يكشف عن هندسة سياسية تهدف إلى تحويل الدبلوماسية من وسيلة للسلام إلى غطاء شرعي لاستمرار الإبادة. في هذا المشهد المركّب، تتقاطع أدوات الحرب العسكرية مع أدوات الحرب النفسية والسياسية، ويُعاد تعريف التفاوض كعملية شكلية تُدار من طرف واحد، تُستخدم لتجميل مشهد القتل، لا لإنهائه، ولإدارة الصورة أمام العالم، لا لتحقيق العدالة أو استعادة الحقوق.

يظهر الدور الأمريكي كشريك فاعل وأساسي في توفير الغطاء الدبلوماسي المطلق الذي يتيح استمرار العدوان دون مساءلة دولية حقيقية. فقد أكدت مصادر إسرائيلية موثوقة (نقلتها صحيفة “هآرتس”) أن واشنطن لم تكتفِ بالدعم، بل شجعت تل أبيب فعليًا على توسيع نطاق عملياتها العدوانية، متوافقةً بذلك مع الرواية الأمريكية التي تلقي باللائمة على الطرف الفلسطيني. إن هذا الدعم ليس مجرد موقف سياسي تقليدي، بل يترجم عمليًا إلى “شرعنة” دولية للعمليات العسكرية التي تنتهك القانون الدولي الإنساني، ويبرر استمرار الحصار الشامل والعقاب الجماعي تحت شعار “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، مما يمنحها إفلاتًا شبه كامل من أي محاسبة أممية.

في موازاة التصعيد العسكري والدعم الدبلوماسي، يُستخدم تكتيك تجميل الصورة ببراعة لإدارة الانطباعات العالمية والتهرب من المساءلة الأخلاقية. ويتمثل هذا التكتيك في الإعلان الاستعراضي عن فتح “ممرات إنسانية” أو “تسهيل” دخول المساعدات (كالإعلان عن إعادة تفعيل معبر كرم أبو سالم في يوليو 2025). وعلى الرغم من هذه الإعلانات، تؤكد تقارير الأمم المتحدة باستمرار أن تلك التسهيلات تبقى جزئية ومقيدة بشدة، مع استمرار القيود على دخول المتطلبات والمعدات الحيوية والإغاثية الأساسية. بالتالي، يُصبح “العمل الإنساني” نفسه مجرد أداة إعلامية لتبديد الانتقادات، بدلاً من كونه التزامًا فعليًا بضمان حياة المدنيين.

الأدلة الدامغة: حجة المحاسبة من قلب المؤسسات

إنّ تراكم الأدلة القانونية القاطعة، التي تتواتر من مصادر متنوعة، لا سيما تلك الصادرة من قلب المؤسسات الإسرائيلية نفسها، يُشكل حجة دامغة لا يمكن دحضها للمحاسبة الدولية. تُعدّ تقارير منظمتي “بتسيلم” و”أطباء من أجل حقوق الإنسان – إسرائيل” الصادرة في يوليو 2025 مرجعاً قانونياً بالغ الأهمية، لكونها صادرة من داخل كيان الاحتلال. هذه التقارير تؤكد أن العدوان القائم ليس مجرد عمليات عسكرية عارضة، بل هو نهج سياسي ممنهج يهدف إلى إبادة الوجود الفلسطيني بالكامل، جسدياً ونفسياً وثقافياً.

وبعمق لا يقل خطورة، وثّقت التقارير أيضاً تصاعد الجرائم الموازية المنظمة في الضفة الغربية، حيث قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 926 فلسطينياً منذ أكتوبر 2023، بينهم 195 قاصراً. كما تُحتجز جثامين 316 فلسطينياً، بينهم 28 طفلاً، في انتهاك صارخ لكل الأعراف الدولية. ويستهدف الاحتلال مخيمات اللاجئين في محاولة لمحو الهوية الفلسطينية، بينما تُحوّل السجون، خاصة معتقلات الجنوب، إلى معسكرات تعذيب جماعي. هذه المعطيات تجعل من الواضح أن العدوان ليس محصوراً في الجغرافيا، بل هو نهج سياسي لإبادة الوجود الفلسطيني بالكامل، جسدياً ونفسياً وثقافياً.

وتُقدم الشهادات الإنسانية الموثقة في التقارير مادة خام للملاحقة القضائية، إذ تتجاوز مجرد الوصف لتؤكد النية الجنائية الصريحة في استخدام التجويع كأداة حرب. فعلى سبيل المثال، تبرز شهادة الأرملة سما (32 عاماً) عندما تصف معاناتها بقولها: “أطفالي يموتون ببطء… أصغرهم يلعق الأرض في الخيمة بحثاً عن الرطوبة“. كما تُضيف شهادة الأب خالد (45 عاماً) من مدينة غزة دليلاً جديداً على الاستهداف المباشر لـ “شهداء لقمة العيش”، حيث روى: “عندما رأينا شاحنات الطحين، ركضنا. لم يطلقوا عياراً تحذيرياً واحداً. لقد أطلقوا النار مباشرة لقتلنا. كانوا يريدوننا أن نموت جوعاً أو بالرصاص“. وتعكس شهادة طبيب الأطفال إياد من مستشفى ناصر (تم تدميره لاحقاً) النية في تحويل المرافق المدنية إلى أهداف عسكرية: “لم نكن نعمل كأطباء، بل كفنيي بتر تحت أزيز الرصاص. إنهم يضربون المدنيين والمستشفيات، لا لإيقاف مقاتلين، بل لإلغاء إمكانية البقاء على قيد الحياة، وهو ما يثبت إبادة منهجية للقدرة على الحياة“.

تُشكل الشهادات المروعة والأدلة الميدانية أساساً متيناً يؤكد أن التجويع والاستهداف المباشر يُستخدمان عمداً كأدوات حرب وجريمة ضد الإنسانية، ويُسهمان في التسبب بالهلاك، وهو ما يُعد ركناً أساسياً في جرائم الإبادة الجماعية.

تتعزز هذه البراهين المحلية بشهادات مباشرة من منظمات إنسانية موثوقة مثل أطباء بلا حدود іالصليب الأحمر، إضافة إلى بيانات الأمم المتحدة، وتجد سندها القانوني الوازن في قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية. وقد أكدت هذه القرارات الدولية أن “إسرائيل تستخدم الجوع عمداً كأداة للإبادة الجماعية“، وأن “حظر الغذاء استراتيجية عسكرية متعمدة”.

إن هذه الوثائق والبيانات، مجتمعةً، تُؤسس لركيزة قانونية لا تُدحض، تتيح محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، في مواجهة صمت عالمي يصفه المراقبون بـ “الخيانة العالمية” تجاه مبادئ العدالة الإنسانية.

Ізраїльська держава: від колоніального інструменту до стратегічного тягаря, що веде до екзистенційного роздоріжжя

العدالة تبدأ بالاعتراف – اختبار الالتزام بالقانون الدولي والإنساني

إن هذا الاختلال الصارخ بين الالتزامات الدولية المفترضة بحماية المدنيين والواقع الكارثي الذي يعيشه قطاع غزة يدفع الفلسطينيين نحو أزمة وجودية حقيقية. هذه الأزمة تضع المجتمع الدولي أمام اختبار حاسم لمدى التزامه الفعلي بالقانون الدولي والإنساني، خاصة وأن الأدلة والحقائق القاطعة قد وُضعت على الطاولة، وجاءت عدسة توثيقها من داخل دولة الاحتلال نفسها. بالتالي، لم يعد بإمكان أي جهة دولية أن تدعي اليوم “عدم المعرفة“.

في ضوء هذه الأدلة الدامغة، يتوجب على المجتمع الدولي التحرك بشكل عاجل وفوري لمواجهة هذه الجرائم، ويتمثل هذا التحرك في الاعتراف الدولي الواضح بكون ما يحدث في غزة هو геноцид ممنهجة تستهدف الوجود الفلسطيني بجميع أبعاده؛ والوقف الفوري لدعم كيان الاحتلال بما يشمل جميع أشكال الدعم السياسي والعسكري الذي يُستخدم لتوفير الغطاء لعمليات التضليل والتجويع والقتل الممنهج؛ كذلك فرض عقوبات فعلية عليه، أسوة بما فُرض على أنظمة أخرى ارتكبت فظائع وانتهاكات جسيمة مماثلة للقانون الدولي؛ بالإضافة الى فتح تحقيق دولي مستقل وبشكل فوري، للتحقيق في حوادث القتل والاستهداف المتكرر عند نقاط توزيع المساعدات ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

غزة تُباد والوثائق القانونية جاهزة للمحاسبة.

فهل يتحرك العالم بفاعلية وحزم قبل فوات الأوان لإنهاء هذه المأساة المروعة، ويثبت أن القانون الدولي لا يزال يتمتع ببعض القوة والقدرة على الإنفاذ؟

 

Залишити відповідь

Ваша e-mail адреса не оприлюднюватиметься. Обов’язкові поля позначені *