فلسطينيو سوريا..
شركاء في الثورة السورية وفرحة النصر على الطاغية
Набіль ас-Сахлі - палестинський письменник
12\12\2024
لم يكن اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الإطلاق بمنأى عن المشاركة في الثورة السورية منذ البدايات، حيث سقط مئات الشهداء على مذبح حرية سوريا وشعبها المحب، إضافة إلى مئات المعتقلين في أقبية مخابرات النظام السوري، وخاصة في فرع فلسطين وسجن صيدنايا العسكري، فبات اللاجئون في سوريا جزءا من النسيج الاجتماعي السوري، يحملون في حلهم وترحالهم أحلام العودة التي لم تبارحهم البتة.
التقتيل والهجير
شهدت غالبية المخيمات الفلسطينية في سوريا قصفا من قبل جيش النظام الاسدي المجرم، الأمر الذي أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من المخيمات الفلسطينية وتهجير نحو (250) ألف فلسطيني إلى عدة دول غربية وتركيا وكندا وصولاً الى البرازيل، فضلاً عن التهجير الداخلي الذي طال عشرات الآلاف وخاصة الى منطقة صحنايا وغيرها. والثابت أن موجة النزوح الكبرى وقعت بعد قصف طائرة “ميغ” تابعة لنظام المجرم الفار بشار الأسد جامع عبد القادر الحسيني في وسط مخيم اليرموك، في يوم الأحد 16-12-2012 في تمام الساعة الثانية عشرة وخمس وأربعين دقيقة ظهرا. وقد استشهد إثر تلك العملية 185 شخصا من المصلين والنازحين داخل المسجد من منطقتي التضامن والحجر الاسود. وقد اعتبر اليوم المذكور منحى جديدا للحالة الفلسطينية في سوريا.
قُدِّر مجموع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا في نهاية عام 2012 بنحو (560) ألف لاجئ فلسطيني. وبالنسبة إلى التوزع الجغرافي، تشير معطيات المجموعات الإحصائية السورية، إلى تركز 67 في المئة من إجمالي مجموع اللاجئين في العاصمة السورية دمشق، والمخيمات القائمة في ضواحيها. في حين يتوزع الباقون (33 في المئة) على المحافظات الأخرى. وبشكل عام، يتركز في تسع مخيمات، معترف بها من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في سوريا، نحو 30% من إجمالي مجموع اللاجئين في سوريا، وترتفع إلى 60 في المئة إذا أخذنا في الاعتبار سكان مخيم اليرموك من اللاجئين الفلسطينيين. ولا تشمل الأرقام المذكورة، أعداد العرب الفلسطينيين الذين وفدوا إليها عامي 1967 و1970، حيث أن هؤلاء غير مسجلين في قيود «الأونروا» في سوريا. وعليه فإن العدد الفعلي للاجئين الفلسطينيين في سوريا، يتجاوز الرقمين المذكورين أعلاه.
فترات اللجوء الى سوريا
وصل العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين إلى سوريا إثر نكبة 1948، حيث طبق الاحتلال الصهيوني سياسة سكانية قامت على الاقتلاع والتطهير العرقي، وأدت إلى طرد 850 ألفا من الفلسطينيين خارج أرضهم، ووصل من بين هؤلاء 85 ألفا إلى سوريا، يمثلون 10 في المئة من اللاجئين المقتلعين من فلسطين إثر النكبة عام 1948، واستمرت عمليات ترحيل محدودة للفلسطينيين إلى سوريا، حتى نهاية النصف الأول من الخمسينات. وثمة 90 في المئة من اللاجئين بشكل عام من الجليل والساحل الفلسطيني. ومرة أخرى ونتيجة ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية، مرتبطة بما يتعرض له الشتات الفلسطيني من أزمات، فقد جاءت إلى سوريا عام 1956، أعداد من اللاجئين الفلسطينيين من لبنان ودول مضيفة أخرى للاجئين، وشكل هؤلاء فئة خاصة من حيث تعامل القانون السوري معهم، وإن كانوا قد أضيفوا إلى الكتلة الأساسية التي وفدت سنة 1948، والسنوات التي تلتها. وإثر عدوان 1967 قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بطرد 460 ألف فلسطيني من الضفة الغربية والقطاع، حسب معطيات الجامعة العربية وبخاصة الصادرة عن صندوق النقد العربي في عام 1991. وأدت عمليات الطرد القسري الجديدة إلى مجيء أعداد أخرى من الفلسطينيين إلى سوريا. وبسبب الأحداث التي شهدها الأردن عام 1970 وفدت إلى سوريا أعداد قليلة من النازحين الفلسطينيين.
وتشير دراسات وتقديرات غير رسمية (في العام 2012) إلى أن مجموع النازحين الفلسطينيين الذين أتوا إلى سوريا خلال السنوات المشار إليها بلغ نحو 63 ألفا، لكن قسما كبيرا من هذه الفئة نزح إلى مصر ومن ثم إلى قطاع غزة، بعد انطلاقة الثورة السورية في آذار 2011، بسبب الاعتداءات من قبل نظام بشار الاسد المجرم على تجمعات ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
قرى ومدن المنشأ في فلسطين
يشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات يعيشون في غالب الأحيان في مناطق وأحياء تجمع أهالي قرية المنشأ في فلسطين، ما أدى إلى الحفاظ على بعض العادات والتقاليد، فنرى في مخيم اليرموك، على سبيل المثال لا الحصر، تجمع أهالي طيرة حيفا في حارة خاصة بهم جنوب المخيم، وأهالي صفورية في وسطه، وبلد الشيخ، وغيرها من أهالي القرى الفلسطينية، في حين يعيش اللاجئون الفلسطينيون في سوريا في التجمعات خارج المخيمات في أحياء داخل المدن السورية وفق نسق اجتماعي متداخل إلى حد كبير، وهناك حالات تزاوج كثيرة بين اللاجئين والشعب السوري خصوصاً في مدينتي درعا ودمشق.
تعود أصول اللاجئين الفلسطينيين في سوريا إلى 300 قرية في الجليل والساحل الفلسطيني، وتتبع 16 مدينة هي مراكز أقضية في فلسطين، مثل حيفا، الناصرة، طبرية، صفد، عكا، بيسان، ويافا، والقدس، جنين وغيرها من المدن الفلسطينية.
وقد ساهم اللاجئون الفلسطينيون في العمل الفدائي منذ بداياته في عام 1965 وقدموا حتى عام 2013 نحو 12 ألف بين شهيد وجريح. وقد عبّر اللاجئون أيضاً تعبيرات مختلفة عن وحدة المصير مع أهلهم أثناء انتفاضة عام 1987 وانتفاضة الأقصى المباركة، إن من خلال التظاهر في المخيمات والاعتصام أمام الصليب الأحمر أو مقار الأمم المتحدة، أو عبر الرسوم والمعارض في شوارع دمشق والمخيمات جنباً إلى جنب مع الشعب السوري وشرائحه المختلفة أطباء وفنانين ومحامين وغيرهم، هذا فضلاً عن التبرعات المالية والعينية للانتفاضة في المخيمات والمدن السورية.
قانون 260
من نافلة القول أن الشعب الفلسطيني بشكل عام، وفلسطينيو سورية في شكل خاص، كانت فرحتهم عارمة بإسقاط الشعب السوري لنظام المجرم بشار الأسد، خاصة أن اللاجئين الفلسطينيين عانوا كما عانى الشعب السوري من ظلم واستبداد خلال الحقبة الاسدية الاجرامية التي امتدت لأكثر من خمسة عقود خلت. والثابت أن القانون الذي نظمّ حياة الفلسطينيين في سوريا من حقوق وواجبات، برقم (260) الصادر عام 1956، أي قبل سيطرة المجرم حافظ الأسد على السلطة خلال عام 1970.