المسيرات الأوكرانية تهدّد سُدس مساحة روسيا و10 مدن مليونيه

المسيرات الأوكرانية تهدّد سُدس مساحة روسيا و10 مدن مليونيه

المسيرات الأوكرانية تهدّد سُدس مساحة روسيا و10 مدن مليونيه

سامر إلياس

10/9\2024

زادت أوكرانيا في الأشهر الأخيرة هجماتها على الداخل الروسي باستخدام الطائرات من دون طيار، فتحولت عمليات إطلاق المسيرات الأوكرانية من محدودة في عامي 2022 و2023 إلى شبه استراتيجية أوكرانية منذ مطلع الصيف الحالي، مع زيادة وتيرتها منذ بدء التوغل الأوكراني في كورسك اعتباراً من السادس من أغسطس/آب الحالي.

وبدا أن أوكرانيا المنغمسة في معارك مع روسيا في مناطق خاركيف ودونيتسك وزابوريجيا الأوكرانية، باشرت نوعاً آخر من الحروب باستخدام المسيرات، مراهنة على هذه الهجمات لتغيير مسار المعارك وإنهاك روسيا عسكرياً واقتصادياً. وأطلقت أوكرانيا في الفترة الماضية، وبشكل يومي، عشرات المسيرات التي انفجرت في مناطق مختلفة من روسيا. ووفقاً لوزارة الدفاع الروسية، فإنه منذ مطلع الصيف الحالي، هاجمت أوكرانيا المناطق الروسية (باستثناء دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون الأوكرانية التي تحتل روسيا أجزاءً منها) بنحو 1846 مسيرة وصاروخاً. ومن الصعب تحديد مدى دقة هذه الإحصائيات، فبيانات وزارة الدفاع الروسية لم تُبلّغ عن جميع الهجمات. وعلى سبيل المثال، لم تبلغ الوزارة عن هجوم لمسيرة على منطقة مطار أولينيا العسكري (1800 كيلومتر عن الحدود الأوكرانية) في منطقة مورمانسك الروسية في جوار القطب الشمالي.

باتت 10 مدن روسية مليونية مهددة من المسيرات الأوكرانية

معاناة روسية من المسيرات الأوكرانية

وأعد صحافيو ومحللو موقع أغينستفو الروسي المستقل تقريراً تحليلياً نشر أول من أمس الخميس، بناءً على إحصائيات وبيانات وزارة الدفاع، من أجل فهم المناطق الروسية الأكثر معاناة من المسيرات الأوكرانية وصواريخها. ومع إشارة معدي التقرير إلى عدم وجود بيانات بديلة، وأن معظم ضربات المسيرات الأوكرانية المعروفة مدرجة في إحصائيات وزارة الدفاع الروسية، خلصوا إلى أن المناطق الأكثر تضرراً، بحسب بيانات وزارة الدفاع، هي منطقة بيلغورود (أسقطت 498 طائرة مسيرة وصاروخاً)، ومنطقة كورسك (302)، ومنطقة روستوف (252). كما أسقط 254 هدفاً آخر، بحسب الوزارة، فوق شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي احتلتها روسيا في عام 2014، والبحر الأسود. وشملت الإحصائيات أيضاً المسيرات البحرية التي استهدفت بها أوكرانيا البحرية الروسية في محيط شبه جزيرة القرم وبحر آزوف، المتفرع من البحر الأسود.

وبحسب بيانات وزارة الدفاع الروسية، شنت أوكرانيا في 14 أغسطس/ آب الحالي أكبر هجوم بالمسيرات منذ بدء الحرب في 24 فبراير/شباط 2022. وفي ذلك اليوم، أطلقت أوكرانيا 129 مسيرة وصاروخاً على المناطق الروسية، 43 على منطقة كورسك، و37 على منطقة فورونيج. ومنذ منتصف يوليو/ تموز الماضي، زادت كثافة الهجمات الأوكرانية، وأبلغت وزارة الدفاع الروسية عن 926 هجوماً بالمسيرات والصواريخ في الفترة بين 21 يوليو الماضي و22 أغسطس الحالي. وتضاعفت الوتيرة منذ بدء التوغل الأوكراني في منطقة كورسك في السادس من أغسطس الحالي، مع إطلاق أوكرانيا 530 صاروخاً ومسيرة.

وبدا واضحاً تركيز أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة على استهداف المطارات العسكرية الروسية، ودمّرت المسيرات الأوكرانية الخميس الماضي مدرجاً وحظائر الطائرات في مطار عسكري بالقرب من فولغوغراد (ستالينغراد سابقاً). وفي 14 أغسطس الحالي، هاجمت القوات المسلحة الأوكرانية قاعدة سافاسليكا الجوية في منطقة نيجني نوفغورود، حيث انتشر أول فوج جوي روسي من طراز “ميغ-31 كيه” مزود بصواريخ كينجال فرط الصوتية. وفي اليوم السابق، نفذت القوات المسلحة الأوكرانية هجوماً على منطقة العاصمة موسكو، وصفه عمدتها سيرغي سوبيانين بأنه أحد أكبر الهجمات. وحسب البيانات الروسية، فقد تمّ إسقاط 11 مسيرة في منطقة موسكو.

وأظهر تصاعد وتيرة الهجمات على موسكو نوايا أوكرانية باستهداف العاصمة الروسية بعد توقف طويل. ورجح مؤسس “بوابة ميليتري روشا” (بوابة روسيا العسكرية)، ديمتري كورنيف، في حديث لمعدي تقرير “أغينستفو”، أن “استهداف المسيرات الأوكرانية موسكو قد يكون بمثابة عمل استطلاعي من أجل الكشف عن مكان وجود المضادات الجوية، لفهم ما إذا كان الدفاع الجوي لموسكو قد ضعف”.

كما أوضح الخبير العسكري كيريل ميخائيلوف لمعدي التقرير نفسه، أن هناك علاقة بين الهجوم في منطقة كورسك وزيادة شدة الهجمات على المناطق الروسية. وقال إنه “من أجل ضمان العمليات الدفاعية والهجومية الأوكرانية على حد سواء، من الضروري تقليل عدد الهجمات على المناطق الروسية والحدّ من القدرات الروسية، بما في ذلك الطيران”. وربط بين كثافة الهجمات وزيادة حجم إنتاج المسيرات الأوكرانية معتبراً أنه “بغض النظر عن هجوم كورسك البري، فإن الهجمات بالمسيرات تتواصل، لأنها الآن تضرب أهدافاً روسية مهمة مثل المطارات التي تقلع منها الطائرات المحمّلة بقنابل موجهة وانزلاقية، وهو أمر خطير للغاية ويعدّ مشكلة بالنسبة للقوات المسلحة الأوكرانية”، على جبهات دونباس (يضم إقليما لوغانسك ودونيتسك) وكورسك وخاركيف.

عشر مدن مليونية روسية مهددة

مع نجاح المسيرات الأوكرانية منذ أيام، في الوصول إلى مورمانسك الواقعة في أقصى شمال غربي روسيا، البعيدة نحو 1800 كيلومتر عن الحدود الأوكرانية، وقبلها ألابوغا (تبعد 1300 كيلومتر عن الحدود الأوكرانية) في تتارستان، ووصولها إلى مدينة أوفا (تبعد 2279 كيلومتراً عن الحدود الأوكرانية) في بشكورتوستان، فإن مساحة الأراضي الروسية التي تمكنت أوكرانيا من ضربها بلغت 2.612 مليون كيلومتر مربع.

وفي هذه المناطق عشر مدن روسية، بلغ عدد سكان الواحدة منها أكثر من مليون نسمة، حسب تقديرات موقع فيرستكا، أول من أمس الخميس. وأوضح تقرير للموقع أن مساحة الأراضي الروسية التي استهدفتها المسيرات الأوكرانية سابقاً، بلغت 1.78 مليون كيلومتر مربع في مطلع يونيو/حزيران الماضي. وعنى ذلك تمكن أوكرانيا من الوصول إلى 900 ألف كيلومتر مربع إضافي من الأراضي الروسية في الشهرين الماضيين، عبر تطوير أنواع جديدة من الأسلحة واستخدامها في الحرب. مع العلم أن مساحة روسيا هي 17.1 مليون كيلومتر مربع، وبالتالي فإن أوكرانيا قادرة على استهداف سُدس الأراضي الروسية. والعاصمة موسكو من أكثر المدن المهددة، مع إسقاط مسيرتين فوق الكرملين العام الماضي، وكذلك سان بطرسبرغ، وهي ثاني كبريات المدن الروسية، إضافة إلى كازان وكراسنودار وروستوف على الدون. وتقع هذه المدن في مناطق شمال غرب، وجنوب غرب ووسط روسيا، وهي الأكثر كثافة سكانية ومركز الثقل السكاني.

ركزت أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة على استهداف المطارات العسكرية الروسية

وأحجمت روسيا عن نشر بيانات حول خسائرها من هجوم أوكرانيا على المطارات العسكرية، لكن اقتراب المسيرات الأوكرانية من البنى العسكرية الاستراتيجية أثار مخاوف كبيرة لدى العسكريين. واضطرت إدارتا مطاري مورمانسك وأباتيتي إلى إلغاء رحلات المغادرة واستقبال الطائرات لمدة ثلاث ساعات، أول من أمس الخميس. وذكر المدون العسكري أليكس باركر ريتورنر في قناته على منصة تليغرام، أن قيادة المطار العسكري “أولينيا” في مورمانسك اضطرت إلى إعطاء أوامر بتحليق جميع القاذفات الاستراتيجية الرابضة في المطار حتى “انتهاء خطر المسيرات الأوكرانية”.

وتتمركز قاذفات القنابل “توـ22أم3” في مطار أولينيا، المستخدم لشن هجمات على أوكرانيا. وقبل الهجوم الأخير عُدّ المطار آمناً للطائرات الحربية الروسية. وحسب قناة “ماش” المقربة من الكرملين على “تيلغرام”، فقد استخدمت أوكرانيا مسيرة “A22 Flying Fox” في الهجوم في منطقة مورمانسك. ومدى المسيرة الأساسي هو 1100 كيلومتر، لكن التعديل الجديد الذي تضمن خزانات وقود إضافية سمح لها بالتحليق لمسافة ألفي كيلومتر تقريباً. وأوضحت القناة أن هذه المسيرات الأوكرانية استُخدمت سابقاً لمهاجمة مصافي النفط في تتارستان وسط روسيا.

ووظفت أوكرانيا التدفق المستمر من الأنظمة والتقنيات الجديدة في مجال التشويش الإلكتروني والمسيرات التي وفرها حلفاؤها الغربيون، في نقل المعركة إلى داخل روسيا بهدف إضعاف الروح المعنوية للروس، وخلق أزمات في الوقود مع استهداف خزانات ومصافي النفط، وكسر التفوق الجوي الروسي في خطوط المعارك عبر استهداف المطارات، وإجبارها على إبعاد طائراتها عن ساحة المعركة في الشرق الأوكراني.

وتلقت أوكرانيا مزيداً من المسيرات من حلفائها الغربيين، كما كثفت استغلال بنيتها التحتية لتطويرها محلياً. وحسب البيانات المفتوحة لدى أوكرانيا فإن أكثر من 200 شركة مسجلة أنتجت مسيرات عسكرية بأحجام وقدرات مختلفة، إضافة إلى 50 شركة متخصصة في أنظمة الحرب الإلكترونية. ومكّن الدعم الغربي والإنتاج المحلي أوكرانيا من مواصلة الهجمات وتعويض ترسانتها من المسيرات، وبحسب بيانات وزارة الدفاع الروسية فقد أسقطت الدفاعات الجوية الروسية أكثر من عشرة آلاف مسيرة أوكرانية منذ بداية الحرب في 24 فبراير 2022.

 

*تم النشر بالتنسيق مع الكاتب نقلا عن موقع العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *