انعكاس فاشية إسرائيل وعنصريتها
نبيل السهلي – كاتب فلسطيني
3\10\2024
ثمة ظواهر لافتة تؤكد تفشي وتفاقم العنصرية بشكل متسارع في المجتمع الإسرائيلي، وقد تجسد ذلك أخيراً من خلال مطالبة شرائح كثيرة من الإسرائيليين بإبادة الشعب الفلسطيني وطرده من وطنه الوحيد فلسطين.
الحقد الدفين
من خلال متابعة فيديوهات عديدة على وسائل التواصل الاجتماعي لأشخاص وقيادات يهودية صهيونية وصولا إلى وزراء، يمكن الجزم أن الصهيونية تعلم الحقد الدفين وتؤسس لعمليات الإبادة الجماعية، وشعاراتها العنصرية والفاشية ضد الفلسطينيين تؤكد ذلك، حيث ظهرت بشكل جلي خلال ارتكاب المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني على مدار الساعة على امتداد فلسطين التاريخية وخارجها أيضا، ويعتبر ذلك بمثابة انعكاس مباشر لتفاقم وتفشي العنصرية في المجتمع الإسرائيلي.
خدم وعبيد
بعد إنشاء الدولة المارقة إسرائيل في 15 أيار/ مايو 1948 وضع متخصصون مناهج تعليمية خاصة لليهود الصهاينة في كافة المراحل التعليمية، تعلمهم من خلالها أنهم «شعب الله المختار» والآخرون هم مجرد خدم وعبيد ويجب قتلهم وخاصة العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيون أصحاب الحق بفلسطين التاريخية.
وتبعا للحقد الدفين لخص بن غوريون، أول رئيس وزراء للدولة المارقة، استراتيجيتها المبنية على المجازر والتقتيل والإرهاب قائلا: «الوضع في فلسطين سيسوى بالقوة العسكرية».
المنطلقات الاستراتيجية
وبعد مرور أكثر من 76عاما على إنشاء العصابة المنفلتة، ومن خلال استمرار مجازرها في قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، توضحت بشكل جلي لا لبس فيه المنطلقات الاستراتيجية لتحقيق أهداف الحركة الصهيونية وعصاباتها الفاشية، وتنفيذ برامجها التوسعية في فلسطين والمنطقة العربية، فكانت المجازر المنظمة من قبل العصابات الصهيونية والجيش الإسرائيلي فيما بعد ضد أهل القرى والمدن الفلسطينية من أبرز العناوين للتوجهات الصهيونية والإسرائيلية، ولا سيما لجهة قتل الفلسطينيين وترويعهم لحمل أكبر عدد كبير من الفلسطينيين على الرحيل عن أرضهم وإحلال اليهود مكانهم من أجل الإخلال بالميزان الديموغرافي، والعمل على تهويد المكان والزمان .
وهذا يعتبر هدفا استراتيجيا لإسرائيل، وقد تجلى ذلك خلال العدوان المستمر على غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، من خلال تصريحات القادة الإسرائيليين في المستويين السياسي والعسكري. وفي هذا السياق قال وزير الثقافة الصهيوني عميحاي إلياهو، في تصريحات لإذاعة «103 إف إم» الإسرائيلية، إن على إسرائيل حسم المعركة من خلال كسر معنويات الفلسطينيين في غزة وإيلامهم بما يؤلمهم، كالأرض وتدمير البيت وكسر حلمهم القومي والهجرة الطوعية».
وهذا بحد ذاته يعتبر إبادة جماعية مكتملة الأركان حسب القوانين الدولية.
دعم متنوع
كشفت عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى حد كبير هشاشة إسرائيل على كافة المستويات الأمنية والعسكرية والسيبرانية، واعتمادها على صانعيها وداعميها في الغرب وخاصة أمريكا، حيث لا يختلف اثنان بشأن العلاقة الإستراتيجية التي تربط إسرائيل والإدارات الأمريكية المتعاقبة التي ترسخت خلال العقود الماضية، نظرا للدور الذي لعبته إسرائيل في إطار المصالح الأمريكية الشرق أوسطية، وقد تكشفت تلك العلاقة أكثر من أي وقت مضى خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني.
ولم تكن الشراكة الأمريكية الإسرائيلية في العدوان على الشعب الفلسطيني حديثة العهد، بل تجاوبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عام 1948 مع الاستراتيجية التي تقوم على تطوير التحالف مع عصابة إسرائيل وترسيخه في مختلف الميادين؛ السياسية والاقتصادية والثقافية والدبلوماسية.
أروقة المنظمة الدولية
وقد تجلى ذلك بالدعم الأمريكي للدولة المارقة في أروقة المنظمة الدولية، واستخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي محاولة لاستصدار قرار يدين ممارسات العصابة وفاشيتها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
وقد اتضح التوجه الأمريكي لدعمها خلال فترة انتفاضة الأقصى، وقبل ذلك الضغط الأمريكي على المنظمة الدولية التي ألغت القرار الذي يوازي بين العنصرية والعصابة المجرمة، لكن المساعدات الأمريكية لها برزت بكونها الأهم في إطار الدعم الأمريكي المستمر، والذي كان ماثلا للعيان منذ بدء العدوان الصهيوني في بداية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث وصلت أكثر (200) طائرة أمريكية محملة بمساعدات متنوعة للجيش الصهيوني.
وقد حلت تلك المساعدات العديد من الأزمات الاقتصادية الصهيونية أو حدّت منها على الأقل، ناهيك عن أثرها الهام في تحديث الآلة العسكرية الصهيونية وتجهيزها بصنوف التكنولوجيا الأمريكية المتطورة.
عنصرية متوحشة
قُدرت قيمة المساعدات الأمريكية للعصابة المنفلتة والموحشة إسرائيل خلال الفترة ( 1948-2024 ) بنحو 150 مليار دولار، منها نحو (60) في المائة هي نسبة المساعدات العسكرية، و(40) في المائة نسبة المساعدات الاقتصادية.
ولم تتوان الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومنها إدارة بايدن الحالية ولو للحظة عن تقديم دعمها السياسي والمالي والعسكري والدبلوماسي والإعلامي للعصابة الفاشية، وقد توضح ذلك بشكل جلي بعد نجاح عملية طوفان الأقصى والعدوان المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني؛ الذي أصاب البشر والحجر، الأمر الذي أكد ويؤكد استراتيجية العدوان الصهيوني الأمريكي الغربي المشترك على الشعب الفلسطيني.
إدارة بايدن
ولهذا لم تكن أمريكا وغالبية النظم الغربية يوما مع حقوق الفلسطينيين رغم عدالتها، بل كانت منحازة إلى جانب تصورات وسياسات إسرائيل، وفي مقدمتها المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني وتعميم الروايات الصهيونية الزائفة حول احتلال فلسطين وطرد شعبها، وبذلك تعتبر النظم الغربية الداعمة وفي المقدمة منها إدارة بايدن شريكة لإسرائيل بعدوانها ومجازرها المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، فضلاً عن توحش إسرائيل وتغولها وارتكابها عمليات إبادة جماعية كانعكاس مباشر لفاشية إسرائيل وعنصريتها المتوحشة.