بعد تدمير مركز القيادة.. هل تسقط أوكرانيا بصواريخ “إسكندر”؟

هل تسقط أوكرانيا بصواريخ "إسكندر"؟

بعد تدمير مركز القيادة.. هل تسقط أوكرانيا بصواريخ “إسكندر”؟

عبد الهادي كامل – موقع “ارم نيوز” – الامارات العربية المتحدة

20\6\2025

في خطوة عسكرية تحمل دلالات تصعيدية خطيرة، نفذت الدفاع الروسية ضربة صاروخية دقيقة استهدفت مركزَ قيادةٍ عسكريًّا أوكرانيا رئيسًا، وذلك باستخدام منظومة الصواريخ التكتيكية “إسكندر” (توضيح محرر مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية: يتم الحديث عن اعلان القوات الروسية استهداف مقر قيادة عملياتي أوكراني بالقرب من بلدة دروجكوفكا في إقليم دونيتسك).

العملية الروسية، تُعد إحدى أبرز الهجمات الروسية الموجهة ضد أهداف قيادية في العمق الأوكراني، في وقت تسعى فيه موسكو إلى تغيير قواعد الاشتباك والتأثير في قدرة كييف على تنسيق العمليات الميدانية.

ويعتبر صاروخ “إسكندر” أحد أبرز أسلحة موسكو التكتيكية، ويمثل ركيزة أساسية في استراتيجيتها الهجومية، وهو صاروخ بالستي أرض – أرض قصير المدى، يصل مداه إلى نحو 500 كيلومتر، ويمكن تزويده برؤوس متفجرة تقليدية أو نووية.

وأُدخل “إسكندر” الخدمة رسميًّا عام 2006، لكنه برز بوضوح في حرب أوكرانيا و روسيا، حيث استخدم في قصف مواقع استراتيجية قرب العاصمة كييف، ومخازن أسلحة في خاركيف وماريوبول ومدن أخرى.

وأكد الخبراء أن الضربات الروسية الأخيرة، التي طالت مقر القيادة العسكري الأوكراني باستخدام صواريخ “إسكندر” تمثل تصعيدًا نوعيًّا في الحرب، يعكس استراتيجية روسية تهدف إلى كسر إرادة الشعب الأوكراني وضرب مراكز القرار العسكري والسياسي في عمقها الرمزي والمعنوي.

ولفت الخبراء في تصريحات خاصة لـ”إرم نيوز” أن موسكو توظف مزيجًا من الحرب السيبرانية والتضليل الإعلامي والقصف العشوائي للبنية التحتية المدنية كجزء من حملة ممنهجة، تستهدف زعزعة الثقة الداخلية وتشويه صورة أوكرانيا خارجيًّا.

وأضاف الخبراء، أن هذا التصعيد يواكب تحولات أوسع في مسار الحرب، مع اعتماد روسيا على “بنك أهداف” جديد يشمل منشآت مدنية وجسورًا استراتيجية، في محاولة لإرباك الدفاعات الأوكرانية وتعطيل خطوط الإمداد.

وأكد سعيد سلّام، مدير مركز فيجن للدراسات الإستراتيجية، أن الحرب الروسية على أوكرانيا، التي بدأت فعليًّا منذ عام 2014 وتصاعدت مع الحرب الشاملة في شباط/ فبراير 2022، تكشف عن استراتيجية روسية تتجاوز الأهداف العسكرية التقليدية، إذ تهدف إلى كسر إرادة الشعب الأوكراني، وضرب القيادة السياسية والعسكرية في عمقها المعنوي.

وقال سلام لـ”إرم نيوز” إن هذه الاستراتيجية لا تركز فقط على السيطرة على الأرض أو الاستيلاء على الموارد، بل تستهدف الروح الوطنية والوعي الجمعي؛ ما يجعل هذا الصراع نموذجًا للحرب الهجينة، التي تمزج بين الوسائل العسكرية والتقليدية وغير التقليدية.

الضباب الدبلوماسي يزداد كثافة بعد اتصال ترامب و بوتين!

وأشار مدير مركز فيجن للدراسات الإستراتيجية، إلى أن موسكو تنفذ هذه الاستراتيجية من خلال مزيج من الأدوات، تشمل الهجمات العسكرية المباشرة، والحرب السيبرانية، والتضليل الإعلامي واسع النطاق.

وأضاف أن روسيا، إلى جانب قصفها العشوائي للأحياء السكنية وتدمير البنية التحتية الحيوية، تبث حملات تضليل منهجية تهدف إلى زعزعة ثقة الأوكرانيين بأنفسهم وبقدرة دولتهم على الصمود.

وأوضح المحلل السياسي، أن هذه الحملات تتضمن نشر معلومات زائفة حول إنجازات عسكرية روسية، وتصريحات وهمية عن تدمير مراكز قيادة أو مصانع أسلحة متقدمة، فضلًا عن تضخيم الخسائر الأوكرانية بشكل مبالغ فيه، في محاولة لإرباك المشهد الداخلي وإضعاف المعنويات.

وأشار كذلك إلى أن وضوح الخطاب السياسي الأوكراني، واستمرار الدعم الغربي، أسهما في رفع الروح المعنوية وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية، وهو ما مكّن، الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، من طائرات مسيرة وأنظمة دفاعية ذكية وذكاء اصطناعي، أوكرانيا من تطوير قدراتها الدفاعية والهجومية.

وبين أن تداعيات الحرب تجاوزت أوكرانيا لتطال الداخل الروسي، حيث خلفت العقوبات الدولية والضغوط السياسية وارتفاع الخسائر البشرية حالة من التململ داخل المجتمع الروسي، وهو ما قد يؤثر في استقرار النظام السياسي مستقبلًا.

وقال سعيد سلام، إن الحرب الروسية الأوكرانية تسير في مسار استنزاف طويل الأمد، يجمع بين الوسائل العسكرية والنفسية والإعلامية، وأن روسيا، رغم تصعيدها، لم تتمكن من كسر إرادة الأوكرانيين، في وقت لا تزال فيه المعركة مستمرة بين التصعيد الروسي والثبات الأوكراني المدعوم دوليًّا.

من جانبه، أكد الدكتور عمار قناة، أستاذ العلوم السياسية، أن استخدام صواريخ “إسكندر” في استهداف مركز القيادة الأوكراني يُعد تحولًا كبيرًا في مسار العمليات الروسية، ويشير إلى بدء تفعيل ما وصفه ببنك أهداف جديد، يستهدف رأس المنظومة العسكرية الأوكرانية لا أطرافها، بعد تصنيف السلطة السياسية في كييف كإرهابية بحسب التصريحات الرسمية الروسية.

وأضاف قناة لـ”إرم نيوز” أن صواريخ “إسكندر”، المعروفة بدقتها العالية وقدرتها التدميرية الكبيرة، لم تُستخدم عبثًا، بل جاءت في توقيت مدروس لتعزيز الرسائل النفسية والسياسية، إلى جانب التأثير العملياتي، وأن استخدامها في هذه المرحلة يؤكد دخول موسكو في مرحلة ضرب الإرادة القيادية، وليس فقط مواجهة الجيوش على الأرض.

وأشار إلى أن الضربات الروسية الأخيرة، والتي طالت كذلك جسورًا استراتيجية في مناطق مثل بريانسك وكورسك وشبه جزيرة القرم، تدل على تحديث جوهري في بنك الأهداف الروسي، مشددًا على أن المرحلة الحالية تشهد تحولات كبيرة على المستويين العسكري والسياسي، تتجاوز الحدود الأوكرانية وتمتد بتداعياتها إلى أوروبا والشرق الأوسط.

وأشار إلى أن هذا التصعيد بقيادة أدوات مثل صاروخ “إسكندر” يعكس تمسك موسكو بأهدافها الكبرى، ولا سيما في شل مراكز القرار وإضعاف الإرادة السياسية الأوكرانية من الداخل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *