تدريبات بيلاروسيا العسكرية.. رسائل مباشرة للغرب
(حوار مع الدبلوماسي السابق والأستاذ السياسي فلاديمير شوماكوف، مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية في كييف الدكتور سعيد سلّام، مدير مركز الرائد للإعلام في أوكرانيا الدكتور وائل العلامي)
تواصل بيلاروسيا تدريباتها العسكرية المفاجئة بالقرب من حدود بولندا وليتوانيا، تزامناً مع وصول الآلاف من مقاتلي فاغنر إلى مينسك، وفق اتفاق لإنهاء تمردهم المسلح على الحكومة الروسية في نهاية يونيو(حزيران) الماضي.
وتستند المناورات التي انطلقت أول أمس الإثنين، إلى تجارب روسيا من العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، إذ شملت استخداماً للطائرات من دون طيار والدبابات ومختلف الأسلحة الخفيفة، في وقت عززت فيه كل من بولندا وليتوانيا الأمن على حدودهما خوفاً من أي مواجهة مباشرة.
رسائل للغرب
وبحسب محللين سياسيين، فإن الخطوة الأخيرة التي أقدمت عليها بيلاروسيا، هي بمثابة إنذار لدول الغرب وحلف شمال الأطلسي “ناتو”، من أن قوات فاغنر شبه العسكرية ستشن هجوماً عسكرياً على بولندا على خلفية تضامنها مع أوكرانيا.
“مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية: بوتين يسعى لإشراك بيلاروسيا بشكل أكبر في الحرب مع أوكرانيا!”
في اتصال مع 24 يقول الدبلوماسي السابق، والأستاذ السياسي فلاديمير شوماكوف: “منذ بداية الحرب، ونحن نلاحظ أن بيلاروسيا هي حليفة لروسيا، حيث أن جيش روسيا هاجم أوكرانيا في بداية الحرب في 24 فبراير (شباط) عبر الأراضي البيلاروسية”.
أضاف شوماكوف أن “هذه المناورات تحمل رسائل للغرب، إذ زودت موسكو بيلاروسيا بمعدات عسكرية كان آخرها نشر الأسلحة النووية التكتيكية على أراضيها، وتعهدت أيضاً بأن أي هجوم على بيلاروسيا من قبل الغرب يعد بمثابة هجوم على روسيا”.
في حين أوضح مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية في كييف، الدكتور سعيد سلّام، لـ 24 أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى إلى إشراك بيلاروسيا بشكل أكبر في الحرب مع أوكرانيا، وقال: “لهذا، قررت موسكو إثارة صراع مباشر بين مينسك وكييف.. كذلك تخطط روسيا لاستخدام بيلاروسيا لتصعيد الصراع مع دول الغرب، وعلى رأسها بولندا وليتوانيا”.
مواجهة مباشرة
بدوره، لفت مدير مركز الرائد للإعلام في أوكرانيا، الدكتور وائل العلامي في حديث لـ24، إلى أن “هناك مخاوف لدى كل من بولندا وروسيا، بالنسبة لوارسو فإن السيناريو الأقرب الذي تطرحه بعض الاستخبارات العالمية والتي تتحدث عن سيناريو فنلندا، بأن روسيا من خلال مجموعة فاغنر المتواجدة في مينسك يوجد لديها خطة عبارة عن عملية عسكرية خاطفة جداً للسيطرة على ممر سوفالكي”.
أوضح العلامي أن “الممر له أهمية إستراتيجية كبيرة فيما إذا تمت السيطرة عليه من قبل فاغنر، حيث سيؤدي إلى قطع الطريق بشكل نهائي وكامل أمام حلف الناتو”، وأضاف “إذا كان هناك مخطط مستقبلي لمواجهة مباشرة مع الناتو أو أي تدخل عسكري من قبل بولندا أو الحلف في غرب أوكرانيا، فإن ذلك الأمر سيكون مستحيلاً، نظراً لسيطرة فاغنر على ممر سوفالكي، وهو تكرار لما حدث مع فنلندا”.
وذكر مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية في كييف، الدكتور سعيد سلّام، أنه “يمكن اعتبار مقاتلي فاغنر كـ (حصان طروادة) روسي في بيلاروسيا”، قائلاً: “لقد جاؤوا إلى بيلاروسيا من أجل إثارة القلاقل والتوترات داخل الدولة وأيضاً مع الدول المجاورة، وليس للحفاظ على السلام”.
تخوف روسي
ومن جهة أخرى، قال الدكتور وائل العلامي: “السيناريو الثاني الذي من الممكن أن نشهده، هو أن هناك مخاوف لدى روسيا من إمكانية دخول بولندا أو الاحتلال والسيطرة على غرب أوكرانيا”، مشيراً إلى أن “هذه المنطقة لها أهمية تاريخية بالنسبة لوارسو”.
وأوضح العلامي أن هذه “المنطقة كانت تابعة لبولندا سابقاً، وتم اقتطاعها منها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وإعطائها لأوكرانيا، حسب الرواية البولندية”، وأضاف “بولندا لديها مطامع باسترداد هذه الأراضي، وروسيا تخشى دخول وسيطرة وارسو على غرب أوكرانيا، وبالتالي فهي ترسل رسائلها عبر قوات فاغنر لمنع إقدام بولندا على هذه الخطوة”.
فيما اعتبر شوماكوف في حديثه لـ 24 أن “روسيا تؤجج التوتر على حدود بيلاروسيا وبولندا”، وتابع “أعتقد أننا سنشهد استفزازات على الحدود من قبل جماعة فاغنر”، معتبراً أن “التمرد الذي مارسته الجماعة على الحكومة الروسية عبارة عن مسرحية”.
غزو جديد!
وفي سياق متصل، قال الدكتور سعيد سلام إن “الأنظمة الدكتاتورية في موسكو ومينسك، يأخذون في الاعتبار حقيقة أن الشعب البيلاروسي لا يريد الحرب، وبالتالي فهم يحاولون تغيير المزاج العام في بيلاروسيا”.
وأضاف “بالنسبة للجانب الأوكراني، فهو لا يريد مسرح حرب آخر في الجبهة الشمالية، لكن القوات الأوكرانية مستعدة لصد محاولات غزو جديد في هذا الاتجاه”.
وكشف شوماكوف أن “الاستفزازات الأخيرة من قبل بيلاروسيا وروسيا، ستكون بمثابة تجربة بالنسبة للناتو، متسائلاً كيف سيكون رد الحلف على مينسك؟ هل ستكون بولندا وحيدة في هذا الصراع؟ أم أن الناتو سيظهر كمنظمة حقيقية ونرى توحيداً داخلياً في الاتحاد الأوروبي؟”.
واختتم حديثه بالقول إن “بوتين لا يرغب في السلام، وهو مستعد لتنفيذ استفزازات مختلفة، ما ينذر بأننا سنشاهد حرباً طويلة الأمد”.