خبير: واشنطن تضغط على كييف دون ضمانات لإيقاف الهجمات الروسية
عبد الهادي كامل – موقع “ارم نيوز” – دبي
11\3\2025
أكد الخبير الاستراتيجي سعيد سلّام، مدير مركز “فيجن” للدراسات الاستراتيجية، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسعى للعب دور الوسيط في مفاوضات وقف الحرب في أوكرانيا، لكنها تتبنى نهجًا منفردًا دون تنسيق كافٍ مع “الناتو” وأوروبا.
وأوضح سلّام، في حوار خاص لـ “إرم نيوز“، أن أمريكا لا تزال تمارس ضغوطًا سياسية وعسكرية واقتصادية على أوكرانيا، دون تقديم ضمانات تمنع روسيا من تجديد هجماتها مستقبلًا.
وأشار إلى أن التلويح الأمريكي بفرض عقوبات جديدة على روسيا قد يزيد الضغوط الاقتصادية عليها، لكن ضعف آليات الرقابة الأمريكية يشكك في فاعلية هذا التوجه.

كيف تقيّمون الجهود الأمريكية في رعاية مفاوضات وقف الحرب في أوكرانيا؟ وهل هناك تقدم ملموس؟
حسب التصريحات الصادرة عن إدارة البيت الأبيض الجديدة برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تسعى الولايات المتحدة إلى لعب دور الوسيط، لكنها حتى الآن تنفرد في خطواتها ولا تنسّق جهودها مع حلفائها في “الناتو” وأوروبا. كما تحاول ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية على أوروبا وأوكرانيا، دون وجود مخطط واضح لكيفية إجبار روسيا على إيقاف غزوها لأوكرانيا.
ما مدى تأثير الوساطة الأمريكية مقارنةً بجهود الدول الأوروبية والصين في التوصل إلى تسوية بين روسيا وأوكرانيا؟
تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ عالمي سياسي واقتصادي وعسكري، مما يجعل وساطتها قوية، خاصة عبر آليات الضغط مثل تشديد العقوبات الاقتصادية على روسيا أو تعديل مستوى الدعم العسكري لأوكرانيا، إلا أن ما نشهده حاليًا هو الضغط على الجانب الأوكراني فقط لدفعه إلى الامتثال للرؤية الأمريكية.
أما الصين، فتتبع سياسة حذرة تتسم بعدم التدخل المباشر، مع التركيز على الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية وتحقيق استقرار الأوضاع بما يخدم مصالحها الجيوسياسية. وتُعد الوساطة الصينية، التي طرحتها عبر مبادرتها للسلام، متحفظة وأقرب إلى الموقف الروسي، إذ تتركز جهودها السياسية على تقديم بدائل تحفيزية دون تصعيد مباشر، كما يرتكز موقفها على تجنب حدوث انقسام حاد في النظام الدولي.
هل تعتقدون أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا كافية على الطرفين للوصول إلى حل، أم أنها تميل إلى دعم روسيا أكثر؟
كما ذكرتُ سابقًا، تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا كبيرة على أوكرانيا من خلال وقف الدعم العسكري، لا سيما فيما يتعلق بتقديم المعلومات الاستخباراتية، وصور الأقمار الصناعية، والمعلومات حول انطلاق الطائرات القاذفة، ومسار المسيّرات الهجومية، والصواريخ الباليستية والمجنحة الروسية.
ويؤدي ذلك إلى صعوبات كبيرة في التصدي لهذه الهجمات، مما يتسبب بسقوط أعداد كبيرة من المدنيين وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية المدنية، التي كثّفت روسيا استهدافها خلال الأيام الماضية للضغط على المجتمع الأوكراني للقبول بالشروط الروسية-الأمريكية.
ما المتوقع من أوكرانيا، خاصة بعد محاولات الدول الأوروبية التظاهر بالتماسك ورغبتها في استمرار النزاع؟
بدايةً، لا يمكن وصف ما يحدث بأنه مجرد “نزاع”، بل هو عدوان روسي مستمر منذ عام 2014، وتجلّت آخر مظاهره في الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا. لذلك، فإن أوكرانيا وشعبها يخوضون حربًا دفاعية عن وجودهم، وسيادة دولتهم، واستقلالها عن الهيمنة الروسية، فضلًا عن حقهم في اختيار توجهاتهم السياسية بحرية.
أما على الصعيد الأوروبي، فإن التطورات الأخيرة في سياسات الدول الداعمة لأوكرانيا تعكس إدراكًا متزايدًا للتهديد الأمني والعسكري الذي تمثله روسيا. وخلال الأسابيع المقبلة، قد نشهد زيادة كبيرة في الدعم العسكري الأوروبي، تشمل تغييرات في كمية ونوعية الأسلحة المقدمة لأوكرانيا، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتعويض النقص الناتج عن وقف المعلومات الاستخباراتية الأمريكية.
اوروبا تعزز سياساتها الدفاعية وسط تهديدات متزايدة
كيف يمكن أن يؤثر التلويح الأمريكي بفرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا في مسار المفاوضات؟
يُعد التلويح بفرض عقوبات جديدة على روسيا وسيلة ضغط مهمة، إذ قد يؤثر في الاقتصاد الروسي بشكل مباشر، خاصة إذا أدى إلى تراجع مستويات المعيشة أو زعزعة الاستقرار المالي الداخلي.
ومع ذلك، فإن حلّ المكتب المختص في إدارة الاستخبارات المركزية الأمريكية، الذي كان مسؤولًا عن متابعة ورصد خروقات العقوبات الروسية وطرق الاحتيال عليها، يثير الكثير من الشكوك حول مدى جدية وفاعلية التلويح الأمريكي بفرض عقوبات جديدة.
والسياسات الأمريكية الأخيرة، التي تم التطرق إليها سابقًا، تجعل من غير الواضح ما إذا كانت واشنطن مستعدة فعلًا لتشديد العقوبات، أم أن هذه التهديدات تأتي في إطار الضغط السياسي دون نية حقيقية للتنفيذ.
ما رد الفعل المتوقع من روسيا في حال فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية أكثر صرامة؟
في حال صدق البيت الأبيض وفرض عقوبات جديدة، فمن المتوقع أن تردّ روسيا بإعلان عقوبات مضادة على الولايات المتحدة، لكنها على الأرجح لن تكون ذات تأثير يُذكر. وستسعى موسكو إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الصين والهند لتقليل تأثير العقوبات الأمريكية.
بالإضافة إلى ذلك، قد تتبنى روسيا موقفًا أكثر تشددًا على الصعيدين العسكري والسياسي، في محاولة لإظهار قدرتها على تحمل الضغوط الخارجية.
في الآثار السلبية للعقوبات على روسيا… ماذا عن “التجرية السوفييتية”؟
في ظل الحديث عن هذه العقوبات المحتملة والتصعيد بين روسيا وأمريكا، ما السيناريوهات المتوقعة؟
يمكن تصور عدة سيناريوهات محتملة، إذ قد تتصاعد العقوبات من كلا الجانبين، مما يؤدي إلى ضغط اقتصادي شديد على روسيا والدول التي تعتمد على العلاقات معها، مما قد يفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعانيها. كما يوجد احتمال أن تتراجع بعض هذه الدول عن التعاون الاقتصادي مع موسكو، إضافة إلى تأثر سلاسل الإمداد العالمية، مما سيؤدي بدوره إلى تعميق التأثيرات الاقتصادية العالمية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
كذلك، قد تتوصل الأطراف إلى اتفاق مؤقت لتجميد القتال على خط الجبهة، مع استمرار فرض العقوبات والضغوط الاقتصادية. ولكن في هذه الحالة، سيظل الوضع العسكري هشًا، مع إمكانية استئناف الحرب في حال فشل الخطوات التي يمكن استغلالها خلال هذه الفترة للتفاوض على تسويات دائمة.