فلسطين: مرحلة معقدة وخيارات صعبة

فلسطين: مرحلة معقدة وخيارات صعبة

فلسطين: مرحلة معقدة وخيارات صعبة

حسين الديك

د. حسين الديك – كاتب ومحلل سياسي مختص بالشأن الأمريكي

19\12\2024

إن السيناريوهات المرتقبة للإدارة الأمريكية المقبلة تُنذر بمزيد من التعقيد على الساحة الدولية، خاصة فيما يتعلق بـالقضية الفلسطينية. فهذه الإدارة الأمريكية القادمة، برئاسة دونالد ترامب، هي يمينية الطابع، حيث ستشهد سيطرة المحافظين الجدد واليمين المسيحي المتطرف، إلى جانب نفوذ اللوبي الصهيوني.

خطورة اللوبيات الصهيونية في دول الغرب.. أمريكا وأيباك نموذجاً

حيث أن التعيينات التي رشحها ترامب لتكون صانعة القرار في إدارته المقبلة تُعد مؤشراً بارزاً على هذا التوجه، إذ تضمنت شخصيات محسوبة على التيار اليميني المتطرف والصقور في السياسة الأمريكية، المرتبطين فكرياً واستراتيجياً باللوبي الصهيوني، وهذا التحالف بين القوى اليمينية والمحافظة في الولايات المتحدة يضع القضية الفلسطينية أمام تحديات غير مسبوقة.

إن المشهد الحالي، الذي شهد حرب إبادة جماعية وتدميراً واسع النطاق في قطاع غزة، يُظهر بجلاء تماهي الموقف الأمريكي السياسي مع حكومة بنيامين نتنياهو، التي تُعد الأكثر تطرفاً وفاشية في تاريخ إسرائيل.

إن هذا التقارب بين واشنطن وتل أبيب يعزز من توجهات نتنياهو، خصوصاً تلك المتعلقة برفض حل الدولتين، والترويج لما يُعرف بـ “السلام الاقتصادي”، الذي طرحه نتنياهو منذ سنوات، ويقوم على إقصاء أي فكرة لإقامة كيان سياسي فلسطيني مستقل في الضفة الغربية وقطاع غزة.

كذلك التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تصب في خدمة حكومة نتنياهو اليمينية، مما قد يؤدي إلى تصعيد إضافي على الصعيد الأمني والسياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة.

والحكومة الإسرائيلية الحالية، المُشكلة من ائتلاف يميني متشدد بقيادة زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، لا تُضيّع وقتا في استغلال وجود “ترامب” في منصبه، من أجل التهام ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وتدمير مبدأ “حل الدولتين”، الذي يفترض أن تقوم عملية السلام الحالية على أساسه. حيث يوجد هناك توجهات إسرائيلية واضحة لاحتلال قطاع غزة بشكل مباشر أو غير مباشر، مع تهيئة الظروف الدولية والإقليمية لذلك، في العام المقبل 2025. بالإضافة الى أن خطة “الحسم” التي اقترحها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تمثل تهديداً وجودياً للفلسطينيين، إذ تهدف إلى ضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، وتهجير السكان، واستمرار قضم الحقوق الوطنية الفلسطينية.

ترمب والقضية الفلسطينية وإمكانية تحويل الأزمة إلى فرصة

في مواجهة هذه السيناريوهات الصعبة لدى الفلسطينيين خيارات سياسية وقانونية يمكنهم الاعتماد عليها للتصدي لهذه التحديات.

وأبرز هذه الخيارات، هو أن تقوم منظمة التحرير بتحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الوضع الإداري والمدني في الضفة الغربية، باعتبارها قوة احتلال، وفق القانون الدولي الإنساني، الذي يلزم الاحتلال بالاضطلاع بمسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني.

ومن بين الخيارات أمام منظمة التحرير هو إعلان فلسطين “دولة تحت الاحتلال”، وهو إجراء من شأنه تحميل إسرائيل مسؤوليات إضافية على الصعيد الدولي، وإبراز معاناة الفلسطينيين أمام المجتمع الدولي.

إلى جانب ذلك، هناك أهمية لتوجه منظمة التحرير نحو المحاكم الدولية والمؤسسات الأممية، بهدف محاسبة القادة الإسرائيليين على جرائم الحرب والانتهاكات المستمرة ضد الشعب الفلسطيني.

ويوجد خيارٌ إضافيٌ، يتمثل في مطالبة منظمة التحرير للأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها الكاملة تجاه الشعب الفلسطيني، بما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الإنسانية والسياسية، خاصة في ظل تقاعس إسرائيل عن الوفاء بالتزاماتها كدولة احتلال.

إن المرحلة القادمة ستكون بالغة الصعوبة، وسيكون الفلسطينيون أمام تحديات مصيرية تتطلب تحركاً استراتيجياً منسقاً لمواجهة التصعيد الإسرائيلي، سواء من خلال العمل السياسي أو عبر المسارات القانونية والدبلوماسية الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *