لقاء الرئيسين الامريكي و الصيني – نتائج متواضعة
التفاعل العسكري ومكافحة تهريب المخدرات والأمن العالمي
النتائج الرئيسية للقاء الرئيس جو بايدن والرئيس شي جين بينغ
اعداد د. سعيد سلام
مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية
20/11/2023
عقد الرئيسين الامريكي جو بايدن و الصيني شي جين بينغ اول امس، 16 نوفمبر، لقاء هو الاول من نوعه منذ عام في الزيارة الاولى منذ 6 سنوات، في اجتماع بالقرب من سان فرانسيسكو، لإجراء محادثات قد تخفف وطأة التوتر بين القوتين العظميين في عدة شؤون منها الصراع العسكري في غزة وأكرانيا ومكافحة تجارة المخدرات والذكاء الاصطناعي.
لقد كان اللقاء بين زعيمي الولايات المتحدة والصين بناءا، حسب ما أعلن جو بايدن عقب اجتماعه مع شي جين بينغ. لكن لقاء واحداً لن يكون الحل السحري لهذه الخلافات بين عملاقي الكوكب، حيث لم يعلق المسؤولون على ضفتي المحيط الهادي آمال كبيرة عليه.
أهم المقتطفات من اللقاء بين الرئيس بايدن و الرئيس بينغ:
قال الرئيس الأمريكي:
- نعرف بعضنا البعض منذ فترة طويلة جداً، ولم نتفق دائماً ولم نتفق على كل شيء، وهذا ليس مفاجئاً؛
- إن البلدين يستأنفان معركتهما المشتركة ضد تهريب المخدرات، وخاصة للحد من تدفق الفنتانيل من الصين إلى الولايات المتحدة.
- “من المهم للغاية أن نستأنف الاتصالات بين جيشينا. قد كان لدينا سوء فهم بشأن هذا الأمر من قبل، والآن عدنا إلى التواصل المباشر”. كما اتفقت الدولتان على العمل معا، وعقد اجتماعات الخبراء لمناقشة موضوع تقليل المخاطر الأمنية.
- “نحن نعمل على حل مشاكل الذكاء الاصطناعي. فإن زعماء العديد من الدول يقولون إنهم يريدون تقليل مخاطر استخدامه”.
- الآن هناك منافسة بين الولايات المتحدة والصين، ولكننا نريد تجنب الصراع، ومستعدون للعمل في المجالات التي يكون فيها للدولتين مواقف مماثلة.
بالإضافة إلى ذلك، ناقش زعيما الولايات المتحدة والصين قضايا الأمن العالمي:
حيث قال بايدن: “لقد ناقشنا على وجه الخصوص مسألة العدوان الروسي على أوكرانيا والوضع بين إسرائيل وقطاع غزة. هناك مسألة حول الرهائن [في قطاع غزة] من المواطنين الأمريكيين. لكن لا يوجد حل واضح بشأن هذه المواضيع حتى الآن”.
وبالطبع أثير موضوع الأمن في مضيق تايوان، ومن الواضح أن واشنطن تعترض على سياسات بكين في هذا الاتجاه، وستواصل متابعة ذلك.
وأكد الرئيس الأمريكي: “من المهم أن يرى العالم توجهاتنا في أفضل تقاليد الدبلوماسية الأمريكية. نتحدث مع منافسينا، ونريد تجنب المواجهة. ونأمل في تحقيق نتيجة إيجابية في مسائل الأمن العالمي”.
وقد اتفق بايدن وبينغ على مواصلة الاتصالات الشخصية “والاتصال ببعضهما البعض لتوضيح بعض القضايا”.
واختتم بايدن كلامه قائلاً: “تتمتع الصين والولايات المتحدة بعلاقة تنافسية. ومهمتي هي منع تحول علاقتنا إلى مواجهة. وسوف أتبع هذا، أولاً وقبل كل شيء لصالح الشعب الأمريكي”.
فيما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ:
- كوكب الأرض كبير بما يكفي لتحقيق النجاح لكلا البلدين؛
- العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والصين هي الأكثر أهمية في العالم؛
- إن الصراع المحتمل بين جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة من شأنه أن يؤدي إلى “عواقب لا تطاق” لكلا الجانبين، والعالم كبير بالقدر الكافي لكي يزدهر كلا البلدين؛
- ليس من حق الصين والولايات المتحدة أن تديرا ظهرهما لبعضهما البعض، ولا ينبغي أن تصبح المنافسة هي الاتجاه السائد؛
- «لقد عدنا للاتصالات المباشرة والمفتوحة والواضحة».
ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، فقد نجح بايدن و بينغ في ترويض الغضب من أجل تحقيق الاستقرار.
و حسبما ذكرت شبكة سي إن إن، فقد اتفق الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الأمريكي جو بايدن على استعادة قنوات الاتصال المباشرة بين جيشي البلدين، حيث قال الرئيس بايدن: “لقد عدنا إلى التواصل المباشر والمفتوح والواضح”.
وكانت القوات الصينية قد قطعت الاتصالات بين الجيشين الأميركي والصيني العام الماضي بعد زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الامريكي السابقة، لتايوان.
وبعد ساعات من لقاء الزعيمين، وصف بايدن شي جين بينغ مرة أخرى بأنه “ديكتاتور” لأن “هذا هو هو”: “إنه دكتاتور بمعنى أنه رجل يدير دولة شيوعية”.
كلا الجانبين بحاجة إلى المفاوضات!
يحتاج الرئيس الصيني إلى الاستثمار الأجنبي وأسواق التصدير للتعويض عن انهيار سوق العقارات والديون المفرطة التي تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني. وفي سياق الحروب الحالية في أوكرانيا والشرق الأوسط، لا يريد الرئيس الأمريكي تفاقم العلاقات مع الصين.
التغلب على الاختلافات
أشار الزعيم الصيني إلى أن الأرض كبيرة بما يكفي لاستيعاب القوتين العظميين. وعلى الرغم من أن البلدان مختلفة جدًا، إلا أنها يجب أن ترتفع فوق الاختلافات. وبعد المحادثات، قال بايدن إنها كانت “من أكثر المحادثات البناءة والمثمرة التي أجريناها على الإطلاق”.
اهم النقاط التي تم الاتفاق عليها:
- استئناف الاتصالات بين رؤساء إدارات دفاع الدول وقادتها العسكريين؛
- التعاون في مكافحة إنتاج وتوزيع عقار الفنتانيل القوي (مخدر) الذي تسبب في وفاة آلاف الأمريكيين.
- وفقًا لأحد المطلعين في “وول ستريت جورنال”، أوضح الرئيس بايدن للرئيس بينغ أنه قلق بشأن الوضع في أوكرانيا. وتعتزم الولايات المتحدة “ضمان خروج أوكرانيا من الحرب كدولة ديمقراطية ومستقلة ومزدهرة قادرة على الدفاع عن نفسها ضد أي عدوان في المستقبل”. وطلب منه المساعدة في إقناع إيران بالتخلي عن الخطوات التي قد تؤدي إلى تصعيد في الشرق الأوسط.
- في الوقت نفسه، ذكرت وكالة أنباء شينخوا أن الرئيس بينغ أعرب عن أمله في “إعادة التوحيد السلمي” للصين مع تايوان، حيث يشكل مصير الجزيرة أكبر تهديد للعلاقات الأمريكية الصينية.
- وفي اجتماع بايدن مع الصحفيين، أجاب رئيس البيت الأبيض، عندما سُئل عما إذا كان يثق بالزعيم الصيني: “كما يقول المثل القديم: ثق، ولكن تحقق”.
- وأشارت شينخوا إلى أن الرئيس الصيني وصف العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بأنها الأهم في العالم، مضيفة أنه يتعين على البلدين أن يكونا مثالا للتعاون بين القوى الكبرى.
النتائج ستأتي لاحقًا: تحليل الاجتماع بين بايدن وبينغ من قبل سفير أوكرانيا السابق لدى الصين (1999-2001)، والرئيس المشارك لمجلس الأعمال الأوكراني الصيني، إيغور ليتفين:
من السابق لأوانه الحديث عن نتائج المفاوضات بين زعيمي الولايات المتحدة والصين، ولم يتم التوصل بعد إلى اتفاقيات محددة. ولكن مجرد زيارة الزعيم الصيني أظهرت للجميع أن العالم أصبح بالتأكيد ثنائي الاستقطاب مرة أخرى، ولا يمكن الحديث عن أي تعددية أقطاب.
وأشار ايضا إلى أن أقوى لاعبين في هذا العالم الآن هما الولايات المتحدة الأمريكية والصين. وحقيقة أنهما التقيا الآن خبر جيد للعالم كله، لأنه لن يكون هناك صراع بينهما، وسيكون الوضع في العالم أكثر هدوءا. ومن المرجح أن تكون الصراعات القائمة، في حال لم تتوقف في المستقبل القريب، فسيتم اتخاذ تدابير لتوطينها على الأقل. ويشكل لقاء الزعيمين في واشنطن تقدما هائلا لحل الصراعات في العالم. أما بالنسبة للحرب في أوكرانيا، فرغم أن مسألة التعامل بين البلدين حول هذه القضية لم تتم مناقشتها في الاجتماع، فقد قيل إن الصين قادرة على التأثير على روسيا وإيران، من خلال لعب دور صانع السلام.
وتحدث مستشار مدير مكتب الرئيس الأوكراني، ميخائيل بودولياك مؤكدا ان حقيقة الاجتماع على مستوى زعيمي الولايات المتحدة والصين تشير إلى أن العالم قد تغير، و ان اللقاء بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ مهم جدًا لأوكرانيا والسياسة العالمية بشكل عام.
وقال: “إن حقيقة الاجتماع على مستوى رئيسي الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية تشير إلى أن العالم قد تغير حقًا. لم تعد روسيا موجودة في هذا العالم بالشكل الذي كانت عليه قبل الغزو الشامل. وهذا مهم جدا بالنسبة لأوكرانيا. لكن هذا لا يعني أن القرارات اللازمة ستتخذ في ليلة وضحاها”.
وحدد مستشار مدير مكتب الرئيس الاوكراني أربعة مكونات مهمة للمفاوضات بين بايدن وبينغ:
“أولا – سيكون هناك تشكيل جديد للعلاقات العالمية، حيث ستهيمن الصين وتتولى دور الخصم والمنافس للولايات المتحدة. وستحدد هاتان الدولتان القواعد التي يجب أن نعيش بها نحن. والعنصر الثاني هو أن روسيا تخرج بشكل نهائي من قائمة الدول التي تؤثر بشكل مباشر على العمليات السياسية العالمية. ومن ناحية السمعة، فإن كل ما يتعلق بروسيا سوف يتدهور. وسوف تتضاءل فرص روسيا للجلوس على الطاولة العالمية والتأثير على عملية صنع القرار بطريقة أو بأخرى. هذا جيد جدا. والمكون الثالث هو أن الحرب في أوكرانيا ستتم مناقشتها من وجهة نظر مدى تأثيرها المدمر. ورابعاً، سيتم بناء العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في السياق الدبلوماسي، وسيتم توسيع قائمة قنوات الاتصال بينهما. يبدو لي أن توسيع قنوات الاتصال، وتوسيع الفرص الدبلوماسية المباشرة وغير المباشرة، سيقلل بشكل كبير من توقعات تصعيد الصراع بيننا وبين روسيا”.
الباحث سياسي الأمريكي جيسون سمارت يلخص نتائج اللقاء بين بايدن وشي: روسيا لم تكن قط دولة مهمة بالنسبة للصين:
حيث قال انه يمكن اعتبار الاجتماع بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (ِAPEC) في سان فرانسيسكو ناجحا لعدد من الأسباب. وفي الوقت نفسه، بالنسبة للكرملين، فإن أي تحسن في العلاقات بين واشنطن وبكين يعد خبرا سيئا.
و يرى جيسون سمارت أن اللقاء بين الزعيمين الصيني والأمريكي أظهر أن العلاقات بين البلدين تتمتع بآفاق إيجابية.
وأشار إلى قول الرئيس الصيني بأن الولايات المتحدة هي الشريك الأكثر أهمية للصين، ويشير ذلك القول إلى أن روسيا قد تُرِكت خارج الموضوع.
وأكد جيسون سمارت قائلا: “بالتأكيد لم يقل الرئيس الصيني “روسيا”، لأن روسيا لم تكن قط دولة تتمتع بهذه الأهمية. لا يُقال سوى القليل جدًا عن روسيا. من يحتاج إلى روسيا حقاً؟ إنها سوق صغير. وأرى أن الصين اتخذت قرارا صحيحا بشأن مواصلة العمل مع الأمريكيين، لأن الولايات المتحدة لديها 24٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، والناتج المحلي الإجمالي لروسيا أقل من الناتج المحلي للبرتغال… وأعتقد أنه كان على صواب في قوله إن المساعدة الروسية لا أحد يريدها، وليس لديهم سوى عدد قليل جدًا من الشركاء في هذا العالم”.
وأضاف أن كل هذا بات خبرا سيئا بالنسبة لبوتين، الذي كان لديه “أمل كبير في أن تساعده الصين بالمال والسلاح”.
واختتم جيسون سمارت قائلا: “لكن الصينيين قد أظهروا بالفعل أنهم يستطيعون وصف بوتين بصديقهم، لكنهم في الواقع ليسوا مستعدين لمساعدة روسيا وبوتين. إنهم مستعدون لإعطاء روسيا كلمات فارغة، ولا شيء آخر”.