“ماغا”: التحول البنيوي في المجتمع الأمريكي وصعود القومية الشعبوية

"ماغا": التحول البنيوي في المجتمع الأمريكي وصعود القومية الشعبوية

“ماغا”: التحول البنيوي في المجتمع الأمريكي وصعود القومية الشعبوية

حسين الديك

د. حسين الديك – خبير بالشؤون الامريكية

28\12\2025

لم يظهر شعار  “لنجعل أمريكا عظيمة من جديد” من فراغ بل نشا من لحظة سياسية معينة، ومن مزاج شعبي، ومن أشخاص لعبوا دورا في تشكيلها ونشرها، فالمؤسس الأساسي هو دونالد ترامب، لم يخترع الكلمات نفسها، لكنها أصبحت حركة على يده، وبدأ باستخدامها بين 2011 و2012 حين كان يفكر في الترشح للرئاسة، ثم تبناها رسميا في حملته عام 2016، مما جعل الشعار يتحول إلى حركة وليس الشعار فقط، بل الفكرة التي يحملها: أن البلاد تراجعت، وأن المؤسسات لم تعد تعمل لصالح المواطن العادي، وأن النخبة السياسية أصبحت إما غائبة أو معادية لمشاكله.

لقي هذا الشعار صدى كبير لدى شرائح واسعة في المجتمع الامريكي منهم  الطبقة العاملة التي شعرت أن الاقتصاد تخلى عنها، و محافظين رأوا أن الحزب الجمهوري أصبح قريبا من الشركات وفاقدا للصلة بالناس، و أشخاص تعبوا من الحروب الخارجية والتدخلات المستمرة، و ناخبين ذوي توجه اجتماعي محافظ شعروا بأن القيم الثقافية تنهار، واما في الجانب الفكري والإعلامي، كان هناك أشخاص ومؤسسات ساهموا في تشكيل رؤية الحركة من بينهم ، ستيف بانون دفع الإطار الفكري القائم على القومية والشعبوية ومعاداة العولمة، وجيف سيشنز و ستيفن ميلر كانا وراء الخطاب المتعلق بالهجرة والهوية الوطنية، وروجر ستون شجع ترامب لسنوات على الترشح وساعده في فهم خطاب الغضب الشعبي، اضافة الى مؤسسات مثل بريتبارت وبرامج الرأي على فوكس نيوز ولاحقا مؤثرون على الإنترنت حولوا “ماغا” من مجرد حملة إلى هوية ثقافية اجتماعية سياسية اقتصادية يومية.

كان ظهور “ماغا” في المجتمع الامريكي الحركة ناتج عن شعور ملايين الناس بأنهم متجاهلون، محتقرون، ومعلّقون اقتصادياً، فكان ترامب الصوت الذي قال علناً ما كانوا يفكرون فيه، لذلك، لم تكن مجرد حملة انتخابية، بل كانت حركة هوية، إحساس، واستعادة مكانة، وكان هناك اسباب عديدة لظهور الحركة يمكن ابرازها فيما يلي:

  1. الإحباط الاقتصادي، الكثير من أبناء الطبقة العاملة والطبقة الوسطى شعروا أن رواتبهم لا ترتفع بينما تكاليف المعيشة ترتفع باستمرار. المصانع والصناعات التي كانت تعيل مدن كاملة أغلقت. الناس رأوا أن البلاد تزداد ثراءً، لكنهم شخصياً لا يستفيدون من ذلك، وترامب تحدث مباشرة لهذا الشعور.
  2. القلق من تغيّر الهوية الثقافية، الكثير من أنصار “ماغا” شعروا أن البلد الذي يعرفونه يتغير بسرعة كبيرة، والتغير لم يكن فقط ديمغرافي، بل أيضاً في القيم والعادات، والبعض شعر أنه مستهدف أو محتقر أو يتم وصفه بأنه متخلّف، ترامب خاطب هذا الإحساس واعتبره مشروعاً.
  3. فقدان الثقة في النخب السياسية لسنوات، فكلا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي اتخذوا نفس السياسات تقريباً في التجارة والسياسة الخارجية والاقتصاد، والناس شعروا أن السياسيين يخدمون مصالح خاصة، وليس الشعب، حيث جاء ترامب خاض معركة ضد “النظام” كله، وليس ضد مرشح آخر فقط.
  4. تغيّر دور الإعلام، جاء هذا مع انهيار الإعلام التقليدي وصعود وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الناس يبنون عالماً إعلامياً خاصاً بهم، ولم يعد هناك مصدر واحد للحقيقة كما في السابق، حيث استغل ترامب هذا الواقع الجديد بشكل غير مسبوق.
  5. الإرهاق من الحروب بعد 11 سبتمبر، (حرب العراق وافغانستان) أي ان عشرين سنة من الحروب دون نتائج ملموسة جعلت الأمريكيين يشكون في سياساتهم الخارجية. خطاب ترامب ضد “الحروب التي لا نهاية له” لاقى صدى واسع، خاصة لدى الجنود السابقين وعائلاتهم.
  6. الهجرة كرمز، فقضية الهجرة لم تكن مجرد حدود. بالنسبة لكثيرين، أصبحت رمزاً للقلق من فقدان الوظائف، تغيّر الهوية، الأمن الداخلي، ترامب استخدم خطاب الحدود ليعبر عن هذه المخاوف الأعمق.
  7. شخصية ترامب نفسها، فترامب لم يتحدث كلغة الساسة التقليدية، لم يعتذر، لم يلتزم بالقواعد. وكسر القواعد بحد ذاته كان الرسالة: إذا كان النظام فاسداً، يجب أن يأتي شخص لا يلعب وفق قواعده لإصلاحه.

حركة “لا ملوك” تواجه ترامب بالملايين في الشوارع

الاتجاه الأيديولوجي لحركة “ماغا” (MAGA):

“ماغا” هي هوية سياسية تقوم على الفخر الوطني، والأمن الثقافي، والاعتقاد بأن النظام القائم فشل في خدمة المواطن العادي. هي حركة مناهضة للنخب والعولمة، وتتبنى حدود قوية، واقتصاداً موجهاً للداخل، وقوة وطنية انتقائية، والاتجاه الأيديولوجي لـ “ماغا” ليس توجهاً تقليدياً يمينياً أو يسارياً. بل هو مزيج من عدة أفكار تتمحور حول الهوية الوطنية، القوة السياسية، الثقة الثقافية، والشك في المؤسسات القائمة. أبسط وصف له هو قومية شعبية تركّز على استعادة ما يراه أنصاره “الهوية الأصلية” والدور التاريخي للولايات المتحدة، يتجلى ذلك في مجموعة من المبادئ منها:

  1. القومية مقابل العولمة، الحركة ترى أن الدولة القومية هي الأساس. فيجب أن تأتي المصالح الأمريكية أولاً في السياسة الخارجية، والتجارة، والهجرة، والقرارات العسكرية. الاتفاقيات والمؤسسات الدولية تُنظر إليها بشك وتحفظ.
  2. الشعبوية ضد المؤسسة السياسية، الحركة تقدم نفسها كصوت “الشعب” في مواجهة النخب الراسخة في الحكومة والإعلام والمال والجامعات والشركات الكبرى. الفكرة أن النظام يخدم مصالح قلة على حساب المواطنين العاديين.
  3. المحافظة الثقافية، “ماغا” تميل إلى الحفاظ على القيم والعادات الاجتماعية التقليدية. وهي تعارض ما تراه تغييراً ثقافياً مفروضاً يتعلق بالهوية واللغة والجندر وتفسير التاريخ الأمريكي. الرسالة الثقافية هي استعادة الثقة بالسرد الوطني المشترك.
  4. حدود قوية وهوية وطنية واضحة، الهجرة ليست مجرد ملف إداري. بالنسبة لـ “ماغا”، هي مسألة هوية وأمن وتماسك داخلي، والحدود رمز للسيادة، والحركة ترى أن الدولة التي لا تستطيع حماية حدودها لا يمكن أن تحافظ على هويتها.
  5. قومية اقتصادية، الحركة لا تؤمن بأن التجارة الحرة دوماً مفيدة. تؤيد الرسوم الجمركية، وإعادة بناء الصناعات داخل الولايات المتحدة، وتفضيل الشركات والعمال الأمريكيين. الاقتصاد يجب أن يخدم المجتمع الوطني، وليس المصالح العالمية للشركات.
  6. الشك في التدخلات العسكرية الخارجية، الحركة تنتقد الحروب الطويلة دون نتائج واضحة، وترفض فكرة أن أمريكا يجب أن تكون شرطي العالم، القوة العسكرية تُستخدم عند الضرورة، وليس باستمرار.
  7. قيادة ذات طابع شخصي ومواجهة مباشرة، الحركة تعطي قيمة كبيرة لقائد يتمتع بقدرة على مواجهة المؤسسات علناً، القيادة هنا ليست مجرد إدارة، بل جزء من هوية الحركة نفسها.

أما التمويل فجاء من مصدرين أساسيين: تبرعات شعبية صغيرة عبر الإنترنت من أنصار الحركة، إلى جانب عدد صغير من الممولين الأثرياء. المهم هنا أن “ماغا” لم تعتمد على نمط دعم الشركات والممولين الكبار كما كان معتادا عند الجمهوريين، بل بنت قاعدة تمويل جماهيري من الأشخاص العاديين. وهذا خلق علاقة عاطفية بين القاعدة والقيادة، فالناس لم يصوتوا فقط، بل شاركوا نفسيا في المشروع.

ومع الوقت، انضم جزء من الطبقة السياسية الجمهورية للحركة بعد أن أدركوا أن الحركة أصبحت أقوى من الحزب ذاته، وأن الحزب يحتاج لها أكثر مما هي تحتاج إليه. لهذا اليوم لم تعد “ماغا” مجرد جناح داخل الحزب الجمهوري، بل أصبحت مركز ثقله.

دروس للرئيس ترامب: اتفاق السلام الأوكراني المتخبط في أوكرانيا

“ماغا” والصراع الفلسطيني الاسرائيلي

هناك خطوط عامة تشكل رؤيتها، أولا، السياسة الخارجية في “ماغا” تقوم على مبدأ القومية والمصلحة المباشرة، بمعنى أن السؤال الأساسي ليس: من على حق ومن على خطأ؟ بل: ما الذي يخدم مصالح الولايات المتحدة وقوتها وتأثيرها؟ ومن هذا المنطلق، يمكن تلخيص الموقف في النقاط التالية:

  1. دعم قوي لإسرائيل باعتبارها شريكا استراتيجيا وأمنيا، فالحركة ترى أن إسرائيل عنصر أساسي في منظومة الأمن الإقليمي وتبادل المعلومات، وأنها تشكل قوة توازن في منطقة تتجنب أمريكا التدخل العسكري المباشر فيها.
  2. رفض الحروب الطويلة والتدخلات المستمرة في الشرق الأوسط، لان القاعدة الشعبية لـ “ماغا” متعبة من الحروب الخارجية، لذلك الموقف يميل إلى تحميل دول المنطقة مسؤولية إدارة صراعاتها، وعدم جعل أمريكا “الحَكَم” الدائم.
  3. الاعتراف بوجود معاناة فلسطينية حقيقية، لكن من دون صياغتها بلغة حقوقية تقليدية، فالحركة تنظر إلى القضية الفلسطينية من زاوية جيوسياسية أكثر منها إنسانية، فهناك إدراك لواقع التهجير والمعاناة، ولكن يتم التعامل مع القيادة الفلسطينية على أنها منقسمة ومتأثرة بقوى خارجية، خاصة إيران.
  4. دعم مسار التطبيع بين إسرائيل والدول العربية كأفضل طريق نحو الاستقرار، واتفاقيات إبراهيم تُعتبر نجاحا، والفكرة هنا أن السلام يأتي من التعاون الاقتصادي والأمني، وليس من مفاوضات نظرية لا تغيّر الواقع على الأرض.
  5. انتقاد مباشر لحماس، مع ترك مساحة لتمثيل فلسطيني مدني، فالحركة تعتبر حماس جزءا من محور النفوذ الإيراني، لكن هذا لا يعني رفض فكرة الهوية الوطنية الفلسطينية أو حق الفلسطينيين في مستقبل سياسي، المشكلة كما تراها “ماغا” هي في الإدارة والقيادة، لا في الشعب.

بصيغة مبسطة، خطاب “ماغا” يقول إسرائيل حليف، الفلسطينيون لهم حق في الكرامة والمستقبل، والسلام يجب أن يبنى عبر الاستقرار والتعاون الإقليمي والفرص الاقتصادية، لا عبر مفاوضات طويلة لا تغيّر شيئا.

“ماغا” والسياسة الخارجية الامريكية

تستند رؤية “ماغا” للسياسة الخارجية الامريكية على مجموعة مبادئ واضحة تختلف عن النهج التقليدي للحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهذا النهج عملي قبل أن يكون أيديولوجي، ويركز على المصالح والقوة والتأثير ويتلخص في النقاط الأساسية التالية:

  1. مصلحة الولايات المتحدة أولا، بمعنى أي قرار في السياسة الخارجية يُقيَّم بسؤال واحد: هل يخدم هذا القرار أمريكا اقتصاديا أو أمنيا أو استراتيجيا؟ إذا كانت الإجابة لا، فغالبا يُرفض أو يعاد النظر فيه.
  2. تقليل التدخلات العسكرية الطويلة فالحركة متشككة في الحروب الممتدة ومشاريع “بناء الدول” هذا الموقف يرى أن الولايات المتحدة ليست شرطيا عالميا، ولا يجب أن تتحمل تكلفة استقرار مناطق ترفض أن تستقر بنفسها، فالمقصود ليس الانعزال، بل المشاركة الانتقائية.
  3. استخدام القوة الاقتصادية والسياسية بدلا من القوة العسكرية، أي ان الأولوية تكون للعقوبات، والضغوط التجارية، والمفاوضات الصعبة، بدلا من إرسال الجنود، والفكرة هي أن النفوذ المالي والسياسي يمكن أن يكون أكثر فعالية من الحرب.
  4. إعادة تقييم التحالفات والمؤسسات الدولية، “ماغا” تنظر إلى الناتو والأمم المتحدة وبعض التحالفات التقليدية على أنها قديمة إذا لم تقدم فائدة مباشرة لأمريكا، الرسالة هنا: التحالف شراكة، وليس التزاما خيريا.
  5. التعامل مع الدول بمنطق الصفقة وليس الصداقة الأيديولوجية، سواء مع السعودية، أو إسرائيل، أو الصين، أو روسيا، السؤال هو: ما الذي نستفيد منه؟ وما هي أوراق القوة لدينا؟ فالحركة لا تؤمن بفكرة “نشر الديمقراطية” كهدف سياسي خارجي.
  6. حماية الحدود جزء من السياسة الخارجية، ملف الهجرة يُعتبر امتدادا للأمن القومي، والفكرة أن دولة بلا حدود واضحة لا تستطيع حماية اقتصادها أو هويتها أو أمنها.
  7. خلق توازنات إقليمية بدلا من التدخل المباشر، أي بدل أن تتدخل أمريكا في كل صراع، يتم تشجيع القوى الإقليمية على موازنة بعضها البعض، هذا واضح خصوصا في مقاربة “ماغا” للشرق الأوسط.

فأمريكا يجب أن تعمل كقوة ذات سيادة، لا كراعٍ عالمي، والدبلوماسية يجب أن تكون حازمة ومباشرة ومبنية على المصلحة، والجيش يجب أن يكون قويا، ولكن استخدامه يجب أن يكون نادرا.

ويتكوف-غيت: عندما يُدار البيت الأبيض من الكرملين

“ماغا” والاقليات

“ماغا” تقوم على خطاب القومية، والثقة الثقافية، واستعادة الهوية. هذا الخطاب يشعر بعض الأمريكيين، خصوصا الذين شعروا أنهم مهمشون أو غير مسموعين، بالتمكين. أما الأقليات التي عاشت تجربة التمييز أو الإقصاء، فقد تشعر تجاه هذا الخطاب إما بالجاذبية أو بالتهديد، حسب طريقة تقديمه ومن يقدمه.

العرب والمسلمون

في البداية، كان هناك قلق واضح من “ماغا” بسبب خطاب الهجرة، وحظر السفر، وطريقة الحديث عن الأمن. لكن خلال السنوات الأخيرة حصل تغير واضح، والسبب تمثل  في استعداد بعض رموز “ماغا” للحوار المباشر إذا أُدير بذكاء، وإدراك بعض العرب أن الجمهوريين أحيانا أكثر وضوحا وصراحة في النقاش حول الاختلافات الثقافية والدينية، بدلا من لغة المجاملة السطحية، وبناء على ذلك اصبح هناك جزء من العرب والمسلمين يقترب من “ماغا” بسبب قيم العائلة والدين والهوية التقليدية، وجزء آخر يرفضها بسبب قضايا الحقوق المدنية والسياسات الخارجية، أي ان العلاقة ليست ثابتة، بل تعتمد على من يقود الحوار وكيف تتم إدارته.

اللاتين (اللاتينو)

العلاقة هنا أكثر تعقيدا مما يتوقع الكثير، فليس صحيحا أن الهوية السياسية للاتين تُبنى فقط على موضوع الهجرة، فالكثير من اللاتين: محافظون دينيا واجتماعيا ويدعمون فكرة النظام والقانون ويعملون في قطاعات تستفيد من القومية الاقتصادية (البناء، النقل، الطاقة، الأعمال الصغيرة)، ولهذا السبب حققت “ماغا” تقدما كبيرا بين الرجال من أصول لاتينية، وخطاب الكرامة في العمل، والانتماء الوطني، والهوية الأسرية التقليدية يلقى صدى لديهم.

اليهود الأمريكيون

الاستجابة في الوسط اليهودي منقسمة، فالأغلبية الليبرالية تعارض “ماغا”، لكن هناك علاقات قوية بين “ماغا” والمجتمعات اليهودية المحافظة والمتدينة ورجال أعمال يهود محافظين ومؤسسات داعمة لإسرائيل، وهذا التحالف يرتكز على الدفاع عن الهوية القومية والدعم القوي لإسرائيل، والإيمان بأن قوة أمريكا تحمي الأقليات بما فيها اليهود، أما المجتمعات اليهودية الليبرالية فغالبا ترى القومية كتهديد تاريخي وبالتالي تقف ضد “ماغا”.

“ماغا” كهوية سياسية وكتلة اجتماعية

“ماغا” اليوم لم تعد مجرد شعار أو حملة انتخابية، فقد أصبحت هوية سياسية وكتلة اجتماعية، ودونالد ترامب ما زال الشخصية المركزية التي تجمعها، “ماغا” هي الحركة، وترامب هو الرمز والمحرك لها، والحركة نشأت لأن ترامب عبّر بصوت واضح عمّا كان يشعر به كثير من الأمريكيين ولم يجدوه في الحزبين: الإحباط من الطبقة السياسية، فقدان الثقة بالمؤسسات، والرغبة في استعادة شعور بالفخر والاستقرار الوطني، فهذه المشاعر لم تختفِ، بل أصبحت أساس هوية سياسية طويلة المدى.

العلاقة بين “ماغا” وترامب

ترامب ما زال القائد وليس مجرد مرشح، والذين يعتبرون أنفسهم جزءا من “ماغا” يرون في ترامب شخصا يتحدث إليهم مباشرة، لا فوقهم، ويُنظر إليه كممثل لمخاوفهم وواقعهم، وليس كسياسي تقليدي، فالحركة توسعت وتطورت، لكنها لم تنفصل عنه، هناك اليوم حكام ولايات، أعضاء كونغرس، مؤسسات إعلامية، وممولون يتبنون رؤية “ماغا” ويدفعونها إلى الأمام، لكن الرابط العاطفي والرمزي للحركة ما زال متجذرا في شخصية ترمب، و إذا تراجع ترمب، لن تختفي “ماغا”، بل ستتغير شكلها، لان أفكار القومية، وحماية الحدود، والاقتصاد الوطني، والهوية الثقافية أصبحت تمتلك قاعدة مؤسساتية خاصة بها، لكن حتى الآن، لا توجد شخصية أخرى تمتلك قدرة ترامب على التواصل المباشر مع القاعدة، ومن هنا فان ترامب هو قائد “ماغا”، و”ماغا” هي القوة الشعبية والسياسية التي تمنح ترامب نفوذه، والقائد يحدد الاتجاه، والحركة تمنحه القوة والزخم وهذا هو الاتجاه السائد في “ماغا” والذي سوف يستمر بشكل مؤكد لثلاث سنوات قادمة هي ما تبقى من فترة رئاسة ترامب الثانية..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *