هل خرجت إيران منتصرة من مواجهة الـ 12 يوم؟
حمدان الضميري – ناشط سياسي مقيم في بلجيكا
24\6\2025
الإجابة هي بكل تأكيد نعم. استطاعت إيران أمام تحالف صهيوأمريكي مدعوم من دول غربية أخرى، مثل ألمانيا وبريطانيا، تحقيق العديد من الإنجازات وافشال مخطط الكيان الصهيوني بمشاركة مباشرة من الإمبريالية الأمريكية التي يتزعمها في هذه الحقبة ترامب المتقلب.
اعتمد في قراءتي هذه على مجموعة من الإنجازات والتي ألخّصها بالنقاط التالية:
- أولا: هدف الكيان الصهيوني الأول كما تم الإفصاح عنه على لسان نتنياهو ووزير حربه كاتس، هو تغيير النظام في إيران وتحويل الوضع في إيران للمثال السوري بعد سقوط نظام الأسد، بلد ضعيف بدون سيادة وقابل للتقسيم والشرذمة، هذا الهدف لم يتحقق وبقي النظام الإيراني كما كان وبقي البلد موحدا.
- ثانيا: البرنامج النووي الإيراني مازال قائما وإن تعرض لبعض الأضرار، مازال التخصيب داخل إيران وأي اتفاق قادم سيتم تثبيت هذا الحق، أي حق التخصيب داخل إيران بنسبة يتم التوافق عليها كما جرى في اتفاق 2015 بين إيران ودول الخمس+1. هذا الهدف المعلن وبشكل واضح جدا كذلك لم يتحقق وهو خط أحمر للطرف الايراني كما هو معروف للمتابعين وللمحللين.
- ثالثا: اعطت ايران اثناء ادائها خلال فترة المواجهات عن قدرتها بالصمود اولا وقدرة منظومتها الصاروخية على توجيه ضربات موجعة للكيان الصهيوني، نعم حجم الدمار الذي عرفته مدن الكيان الرئيسية مثل تل أبيب وحيفا ومدن الوسط قرب تل أبيب لدليل عن قدرة هذه المنظومة، كذلك قدرة هذه المنظومة الصاروخية على تحديد دقة الأهداف التي أصيبت وتم تدميرها، لأمر يستحق منا جميعا الإعجاب وهذا يؤشر على هشاشة هذا الكيان الذي روجوا له ولقدراته الخارقة بقوة، كما روجوا أننا أمام جيش لا يقهر وقادر دائما على نقل المعركة على أراضي الخصم. هنا نستطيع القول إنه بفضل الأداء الايراني كان جزء من المعركة في مدن ومنشآت الكيان الصهيوني.
- رابعا: أثبتت إيران أنها بنت منظومة صاروخية متطورة وربما من أكثر المنظومات تطورا، وهذا يجعل من إيران بلد يملك قدرات ردعية مهمة جدا، وعلى أي طرف أن يحسب ألف حساب إذا فكر بالاعتداء عليها مستقبلا، وهذا يمثل إنجازاً استراتيجياً لمستقبل هذا البلد ويجعل منه لاعبا مهما في تحديد مسار الأمور في منطقة الشرق الاوسط، هذا الأداء وهذه المنظومة الصاروخية أثبتت أن إيران دولة محورية ومركزية في منطقة حساسة للاقتصاد العالمي.
- خامسا: خلال فترة المواجهات مع التحالف الصهيوأمريكي، استطاعت إيران تصليب جبهتها الداخلية بمواجهة الاعداء، حتى أن أصوات معارضة متواجدة بالخارج أعربت عن وقوفها بجانب بلدها إيران في مواجهته للعدوان الخارجي، هذا مثال لكل المعارضات عندما يتعرض الوطن لخطر خارجي، يقف الجميع مهما كانت خلافاتهم السياسية صفا واحداً بوجه العدو المعتدي.
- سادسا: بعد هذه المواجهات، إيران ستحتل موقعا في صفوف الدول الرافضة والمقاومة للهيمنة في العالم، وربما لاعبا مهما في رسم خطوط العلاقات الدولية في المرحلة القادمة. نحن في مرحلة مخاض لعالم سادت فيه علاقات نتجت عن الحرب العالمية الثانية وكان للقوى الغربية حصة الأسد في كتابتها، هذه حقبة شارفت على الانتهاء، ولذلك أرى أننا في مرحلة مخاض سيولد بعدها عالم بمنظومة علاقات وقواعد ومؤسسات أخرى، قد تطول مرحلة المخاض هذه لكن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية طويت صفحتها. إيران ستكون في طليعة دول العالم الثالث إن كان لنا أن نتحدث عن العالم الثالث، واعتقادي أن إيران، مع دول أخرى مثل أفريقيا الجنوبية والجزائر وماليزيا ودول في قارة أمريكا اللاتينية، بإمكان هذه الدول مجتمعة تبني مبادرة لبناء مجموعة عالم ثالث جديد.
- سابعا: بعد حسن أداء منظومتها الصاروخية، ستكون إيران في المرحلة القادمة دولة مصنّعة ومصدّرة لمنظومات صاروخية فاعلة، في الوقت الذي ستتراجع فيه المنظومات التي روجت لها كل من الولايات المتحدة بمشاركة كيان الاحتلال، وقد نسمع قريبا عن الغاء عقود بمليارات الدولارات كانت ستوقع مع دول مثل الهند لشراء منظومة القبة الحديدية المنتجة في الكيان الصهيوني.
- ثامنا: نتائج هذه المواجهات على صعيد الجبهة الصهيونية الداخلية وتماسكها من جهة، وفشل السردية الصهيونية التي روجوا لها عقود من الزمن، والتي تقول إن المكان الأكثر أمانا لليهود في العالم هو “إسرائيل”، أثبتت إيران هشاشة هذه الجبهة وبداية الهجرة المعاكسة، أي هجرة جزء من سكان الكيان لبلدان أخرى او العودة للبلاد الأصلية، وهذا نتيجة قناعتهم أن الكيان الصهيوني غير آمن لليهود، بل هو المكان الاقل أمانا لهم، نحن هنا أما تحول استراتيجي في صراعنا معه ومن الضروري أخذه في الحسبان.
المواجهة الإسرائيلية الإيرانية المباشرة … تداعيات التصعيد ومستقبل العالم العربي والشرق الأوسط
نعم اظهر اليوم الأول من العدوان حجم اختراق خطير في المنظومة الأمنية الإيرانية وكذلك انعدام منظومة دفاع جوي فعالة وقادرة على منع الطائرات من تحقيق اهدافها. على إيران في المرحلة القادمة البحث عن أجوبة لحماية أجوائها وكذلك امتلاك طائرات متطورة، نجاح إيران بتطوير قدراتها وامتلاكها منظومة صاروخية متطورة وفاعلة، سيجعل منها بلد ذو سيادة ولن تجرأ دول أخرى بالتعدي عليه.
أنهي هذه المقالة بتقديم النصح لدول الخليج العربي بقراءة ما جرى بتروي وألا ترى في أمريكا قدرًا لها.