“تحالف الراغبين”.. خطوة جريئة أم مجرد استعراض ضد روسيا؟
عبد الهادي كامل – “موقع ارم نيوز” – دبي
5\3\2025
في خطوة قد تُعيد رسم خريطة التحالفات الدولية، أعلنت قمة لندن ميلاد “تحالف الراغبين”، وهو ائتلاف أوروبي جديد لدعم أوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية.
التحالف الأوروبي الجديد يُحاول التأكيد على وحدة الصف الأوروبي، في وقت تتزايد فيه الضغوط على كييف وسط تجاذبات سياسية في أروقة إدارة دونالد ترامب، التي تسعى لإبرام سلام بشروط موسكو.
وتأتي هذه الخطوة بعد الزيارة العاصفة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لواشنطن، التي انتهت بمشادة كلامية مع دونالد ترامب في المكتب البيضاوي، وأثارت مخاوف أوروبية كبرى من رفع الدعم الأمريكي عن القارة العجوز.
وقال كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، إن دولًا أوروبية عدة أبدت رغبتها في أن تكون جزءًا من التحالف الغربي الذي يضم “الدول الراغبة” في مساعدة أوكرانيا.
وأضاف: “لا أقبل فكرة أن الولايات المتحدة في عهد ترامب حليف غير موثوق به، وسأترك للدول الراغبة في الانضمام الإدلاء بتصريحاتها الخاصة بشأن كيفية قدرتها على تقديم هذه المساهمة، لكننا تمكنا من المضي قدمًا في ذلك”.
من جانبه، قال المستشار الألماني، أولاف شولتس، إن حلفاء أوكرانيا سيركزون على أن يكون لدى كييف جيش قوي عندما تنتهي الحرب هناك حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها في مواجهة أي عدوان مستقبلي.
وتثير هذه التحركات تساؤلات حول امتلاك التحالف ورقة ضغط جديدة على روسيا، أم أنه مجرد إعلان رمزي في ظل الانقسامات داخل أوروبا.

وحدة الموقف الأوروبي
وأكد الخبراء أن إعلان الائتلاف الأوروبي لدعم أوكرانيا يحمل تداعيات كبيرة على الساحة الدولية، إذ يعزز موقف أوكرانيا ضد روسيا ويزيد الضغوط على إدارة دونالد ترامب، التي تسعى لفرض سلام بشروط موسكو، بما في ذلك منع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو.
وأوضح الخبراء في تصريحات لـ”إرم نيوز” أن التحالف يعكس وحدة الموقف الأوروبي في مواجهة التهديدات الروسية، رغم الانقسامات داخل بعض دول الاتحاد مثل المجر وسلوفاكيا.
وأضاف الخبراء أن الخطوة الأوروبية تسهم في تعزيز السياسة الخارجية للاتحاد، وترسل رسالة قوية برفض تغيير الحدود بالقوة، مع إمكانية تأثيرها في أزمات أخرى مثل التوتر بين الصين وتايوان.
دعم للموقف الأوروبي
من جانبه، قال د. سعيد سلّام، مدير مركز “فيجن” للدراسات الاستراتيجية، إن إعلان قمة لندن “الائتلاف الأوروبي لدعم أوكرانيا” يحمل تداعيات كبيرة على الساحة الدولية، وقد يؤثر بشكل كبير في مخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتقارب مع فلاديمير بوتين على حساب المصالح الأوكرانية والأوروبية.
وأوضح سلّام لـ”إرم نيوز” أن الدعم الأوروبي يعزز موقف أوكرانيا ويزيد الضغوط على روسيا، مشيراً إلى أن تشكيل هذا الائتلاف يأتي في فترة حرجة من المواجهة “الأوكرانية – الأوروبية” مع إدارة ترامب، خاصة فيما يتعلق بخطته لـ”إيقاف إطلاق النار”، التي تتضمن فرض تنازلات على أوكرانيا بشأن الأراضي التي تحتلها روسيا ومنعها من الانضمام إلى الناتو.
وأضاف أن هذا الائتلاف يعكس وحدة الموقف الأوروبي في دعم أوكرانيا ضد الحرب الروسية، كما يعزز قدرتها على اتخاذ مواقف دبلوماسية حازمة ويزيد الدعم الدولي لها عبر المساعدات الاقتصادية والعسكرية.
ولفت إلى أن انقسام بعض الدول الأوروبية، مثل المجر وسلوفاكيا، حول التعامل مع روسيا قد يجعل هذا التحرك وسيلة لتعزيز سيادة الاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية، ودعم التعاون مع حلفاء الناتو ضد التدخل الروسي.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تشكل رسالة قوية بأن أي محاولة لتغيير الحدود بالقوة مرفوضة دوليًا، مما يزيد الضغط الدبلوماسي على موسكو.
ونبه إلى مخاوف من تأثيرات هذا النزاع على أزمات أخرى، مثل التوتر بين الصين وتايوان، واحتمال استخدام الولايات المتحدة القوة للسيطرة على جزيرة غرينلاند الدنماركية.
وأكد أن هذه التحركات قد تسهم في إعادة تشكيل موازين القوى، إذ يصبح التحالف الأوروبي أداة ضغط جديدة على روسيا، كما قد يشمل التعاون الأوروبي تبادل الخبرات العسكرية والاقتصادية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

خلافات جوهرية
من جانبه، قال إبراهيم كابان، مدير “شبكة الجيوستراتيجي” للدراسات، إن هناك خلافات جوهرية بين أوروبا وأمريكا حول مصير أوكرانيا.
وأضاف كابان: “تسعى الولايات المتحدة إلى فرض السلام بشروط روسيا وأمريكا، بهدف جني مكاسب اقتصادية ضخمة، خاصة في قطاع المعادن النادرة، بينما ترفض أوروبا التخلي عن نفوذها في أوكرانيا بعد إنفاقها مليارات الدولارات خلال السنوات الثلاث الماضية”.
وأكد في تصريح لـ”إرم نيوز” أن الصراع الأوروبي الأمريكي يدور حول من ستكون له اليد العليا في أوكرانيا، بينما تحاول روسيا تقديم بعض التنازلات لأمريكا لتهميش أوروبا، لافتاً إلى أن بوتين صرح سابقًا بأن الولايات المتحدة “تستخدم أوروبا فقط”.
واعتبر أن الأوروبيين يسعون الآن إلى إثبات استقلالهم في القرار العسكري والسياسي وعدم السماح بتهميشهم في الأزمة الأوكرانية.
وأكد أنه مهما كان التقارب بين ترامب وبوتين، فلن يتم دون حضور أوروبي، إذ سيكون لأوروبا دور سياسي وعسكري في كييف مستقبلًا.