روسيا ترد على روسيا: دبابات الغرب لأوكرانيا ليست “حرباً بالوكالة” بل “تصعيد خطير”

روسيا ترد على روسيا:

دبابات الغرب لأوكرانيا ليست “حرباً بالوكالة” بل “تصعيد خطير

عبد الرحمن الشامي

28/1/2023

 

كعادة الخارجية الروسية منذ بدأ الحرب على أوكرانيا وهي تتخبط في السردية المبررة لحربها على الشعب الاوكراني, فتارة تعتبر ان السلاح الغربي الذي يصل لأوكرانيا هو “تصعيد خطير قد يؤدي الى حرب عالمية نووية” وتارة “حشد السلاح في أوكرانيا لن يؤدي الا لزيادة معاناة الشعب الاوكراني” ثم تارة أخرى “السلاح المرسل لأوكرانيا لن يغير أي شيء من الواقع على الأرض”.

ومن الملاحظ انه مع كل مرة يتم التفكير فيها بأرسال أي قطعة سلاح الى أوكرانيا يستنفر الكرملين رجاله وإعلاميه لتهديد الغرب تارة والطلب الدبلوماسي والرجاء تارة أخرى بعدم التدخل في النزاع وتأجيجه والا اعتبر ذلك “استفزاز” و “تصعيد” في تناقض صارخ مع كل سردية بوتن بان الحرب بالأساس هي لإيقاف الأوكران من محاربة الروس “بالوكالة” بل الأسوء من ذلك أن كل من بوتن رئيس روسيا ولوكاشينكو رئيس بيلاروسيا صرحا مراراً وتكراراً أن ما يسميانه ب “العملية العسكرية” كان الهدف منها إيقاف حرب وشيكة استعد كل من الغرب وأوكرانيا لها لمحاربة الروس تارة في دونيتسك ولوغانسك وتارة ربما للأراضي الروسية والبيلاروسية نفسها! مما يعني ان دبابات أمريكا والغرب كان من المفروض انها بالأصل في أوكرانيا من قبل بدأ العملية العسكرية مما يعني ان ارسال بولندا ل 14 دبابة فقط ودول أخرى تتحدث عن حوالي عشرة او عشرين دبابة لا يمكن اعتباره باي شكل من الاشكال “تصعيد” إلا ان كان الروس يعترفون ان سردية بوتن ولوكاشينكو كذب محض.

من المهم أيضا ان نتذكر انه وعلى الرغم من وصول دعم غربي خاصة مالي وحتى عسكري فانه محدود من حيث النوعية! بشكل عام كان الدعم الغربي يقتصر على التدريب والمعلومات ومضادات الطيران والدبابات المحمولة في بداية الحرب لكن وبعد اشهر من المعارك تم ارسال أنظمة الصواريخ محدودة المدى هايمرس الى أوكرانيا بقدر “عشرين قطعة” لطالما صرح الاعلام الروسي العسكري انه دمرها كلها لو حسبنا طبعا مجموع ما دمر حسب تصريحات متحدث وزارة الدفاع الروسية.

ومع النصف الثاني من الحرب بدأ وصول بعد السيارات المدرعة والدبابات السوفيتية لأوكرانيا, لكن لحد اليوم يتم الحديث عن دبابات غربية لم تصل بعد رغم مضي حوالي سنة على الحرب, لا حديث حقيقي عن طيارات بعد رغم بعض الاشاعات عن اف 16 لكن هذا الموضوع يبدو بعيداً جداً! هذا الامر يؤكد ان فعليا الدعم الغربي للجيش الاوكراني كبير لكنه محدود من حيث النوع وان روسيا التي لحد الان لم تحقق انجاز حقيقي بل تتراجع من 6 اشهر باستثناء تقدم في بلدة واحدة “سوليدار” كل هذا وهي لم تحارب لا الدبابات الغربية بعد ولا الطيران الغربي ناهيك عن صواريخ متوسطة المدى او بعيدة المدى! بدون ان نتكلم حتى عن تسليح بحري حقيقي للبحرية الأوكرانية! بمعنى اخر ما تسميه روسيا واعوانها “حرباً بالوكالة” لكن الواقع ان ما نراع صمود شجاع من الجيش الاوكراني بهدف حماية ارضه بتسليح لم يكن يتعدى الحد الأدنى تحول الى تسليح اقل من متوسط بعد انجازات الجيش الاوكراني.

في الحقيقة من الغباء تسمية دفاع الأوكران عن ارضهم ب “حرباُ بالوكالة” . اغلب الشعوب التي دافعت عن ارضها ضد احتلال تلقت دعم من طرف خارجي او اخر! بل ان السوفييت انفسهم في حربهم ضد الاحتلال النازية تلقوا دعم غير محدود من أمريكا نفسها! دعم اقتصادي وعسكري وفتح خط دعم كامل او ما يسمى “لاند ليز” فهل هذا يعني ان السوفييت كانوا يحاربون النازية بالوكالة؟

من الواضح ان السردية الروسية عن “الحرب بالوكالة” أصبحت كذبة جلية! وكلام بوتن على انه لم يدخل أوكرانيا ليحتلها انفضح تماماً بعد تمسك الروس وإصرارهم على احتلال كل متر مربع يسيطرون عليه الان عسكريا وضمه لروسيا! بل ان الشرط الأساسي للروس على التفاوض هو اعتراف الأوكران بما يسميه الروس “الواقع العسكري” أي اعتبار الأراضي المسروقة من أوكرانيا ارض روسية.

من هنا نفهم خوف الروس من أي دعم غربي لأوكرانيا ولماذا بالأساس عارضوا أي تقارب بين أوكرانيا والناتو فأوكرانيا بالنسبة لهم كانت حرب مؤجلة تنتظر البدء لإعادة احتلالها واي تقارب مع الناتو يعني إيقاف هذه الفانتازيا العسكرية التي لطالما حلم الروس بتحقيقها.

لطالما اعتبرت إسرائيل ان قوات المقاومة الفلسطينية تحارب “بالوكالة” عن ايران واعتبرت ايران وروسيا ان الجيش السوري الحر يحارب “بالوكالة” عن تركيا واعتبر السوفييت ان الأفغان يحاربون “بالوكالة” عن الغرب! كل هذا لا قيمة له اذ ان الشعوب من حقها ان تحارب من يحتلها حتى لو كان السلاح يأتي من الخارج! فالمحتل يبقى محتلاً وطرده واجب وشرف.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *